وحدهم وسط هول الكارثة.. كيف مر الزلزال على اللاذقية؟

وحدهم وسط هول الكارثة.. كيف مر الزلزال على اللاذقية؟

تقارير | 8 02 2023

إيمان حمراوي - باسكال صوما

تمر الساعات طويلة على أهالي اللاذقية أمس الثلاثاء في اليوم الثاني بعد الزلزال الذي ضرب البلاد، ولا شيء اعتيادي في المحافظة سوى تعاطي المسؤولين الحكوميين مع الكارثة، من ناحية العجز عن تلبية الاحتياجات الإنسانية للأهالي الذين فقدوا أقرباءهم وأصدقاءهم وأبناءهم، وبات قسم كبير منهم دون مأوى.


يخيم الحزن على المحافظة الساحلية التي بلغ عدد ضحايا الزلزال فيها حتى اللحظة، 389 شخصا، وأكثر من 740 إصابة، في حصيلة غير نهائية، ذكرها مصدر طبي لقناة الإخبارية السورية.

تجولنا في شوارع المدينة بعد أن انقشع الليل وكأنها خرجت لتوّها من ساحة معركة، حيث ينتشر دمار واسع في أربعة مواقع رئيسية وهي المشروع العاشر والأحياء المخالفة في المدينة، إضافة لمدينة جبلة وقرية إسطامو التابعة لناحية القرداحة.

كل شيء حصل بدقائق

يروي عبد الواحد 52 عاماً، كيف خرج مع أبنائه وزوجته حفاة الأقدام، من منزلهم تحت المطر فجر الإثنين، وكيف أن البناء تهدم بعد خروجهم بدقائق معدودة، لم تكن كافية لنجاة السكان في الطوابق الأعلى.

"كل شيء حدث بدقائق أو أقل"، يضيف الرجل الخمسيني، الذي فقد 6 من جيرانه، بينما مايزال كثير منهم تحت الأنقاض في محاولة انتشال يائسة، يشارك فيها الجميع بأيديهم العارية، مع تأخر وصول المعدات والآليات اللازمة للمساعدة في إزالة الأنقاض.

نزل كل سكان المدينة تقريباً إلى الشوارع فجر الإثنين بالتزامن مع ذروة العاصفة وتساقط الأمطار وحبات البرد، إذ لم يجد الأهالي ما يحتمون به “الجميع خرجوا بملابس النوم حتى حفاة، بينما كان صراخ الأطفال يملأ المكان ذعراً وخوفا، يضيف “عبد الواحد”.

عائلات بأكملها قضت بالزلزال

تداول سوريون عبر صفحات التواصل الاجتماعي، نعوة عائلات كاملة قضت في الزلزال، خصوصاً في منطقة توسع العاشر ومدينة جبلة، الأب والأم والأطفال، أو الأم وأطفالها، بينما كان الوالد في محافظة أخرى بقصد العمل.

ليليان 28 عاماً، والتي نجت من انهيار المبنى، ماتزال لا تستطيع تصديق أن جارتها وزوجها وطفلاها الثلاث وأكبرهم لا يتجاوز من العمر 8 سنوات، قد قضوا، إضافة للعديد من جيرانها الآخرين.

وبلغ عدد الأبنية المنهارة بشكل كامل على مستوى محافظة اللاذقية، وفق تصريحات رسمية، 102 منزلاً وبناء، وفي حلب 51 بناء، وحماة 4 أبنية، وفي طرطوس 18 بناء.

اقرأ أيضا: استخراج العالقين تحت أنقاض المباني في حماة جراء الزلزال

وماتزال عمليات إزالة الأنقاض والبحث عن ضحايا أو ناجين محتملين مستمرة، مقابل حالة من اليأس بالعثور على أي ناجين مع مرور كل هذا الوقت على الحادثة
طالبات جامعة تشرين سجينات في سكنهم.

ماتزال رهام 23 عاماً طالبة جامعية في جامعة تشرين بمدينة اللاذقية، تحت تأثير الصدمة، حيث تجمعت عشرات الطالبات على مدخل باب الوحدة السكنية في المدينة الجامعية، دون أن يستطعنّ الخروج.

 قوانين السكن الجامعي تقتضي قفل الباب الرئيسي عند الساعة الـ9 مساء ولا يفتح قبل صباح اليوم التالي، ويمنع الدخول والخروج منه إلا للحالات الطارئة.

تقول رهام  لروزنة: “الحراس  هربوا على الأغلب ذعراً من الزلزال، ونسيوا فتح الباب للطالبات، ما أدى لذعر كبير بينهنّ وظللن يناشدنّ حتى فتح الباب أخيراً وتمت الاستجابة، لكن بعد انقضاء الزلزال بوقت كثير لا تذكره".

الدمار يضرب الأبنية حديثة الإنشاء!

برصد سريع للأبنية المدمرة، يلاحظ أنها كلها من البناء الحديث الذي بنيّ في فترة ما بعد 2011، بينما بقيت الأبنية القديمة على حالها دون انهيار أو أذى كبير، ففي منطقة توسع المشروع العاشر التي تعتبر منطقة بناء حديثة، انهارت غالبية الأبنية.

 في الوقت الذي لم يشهد فيه حي الزراعة في المدينة أي حادثة انهيار بالكامل، والأمر ذاته ينسحب على مدينة جبلة التي تركزت الانهيارات فيها بمناطق الرميلة والفيض وهي بمعظمها حديثة العهد أو قيد الإنشاء.

نزوح.. وضخ كبير للشائعات

وتشهد محافظة اللاذقية حتى اللحظة حركة نزوح كبيرة من المدينة إلى الريف، مع تداول شائعات عن احتمال تعرض المدينة لتسونامي كنتيجة على الزلزال، دون أن يقابلها أي تطمينات أو حتى تحذيرات على مستوى الإعلام واللقاء مع مختصين أو خبراء.

 ومع استمرار التقنين الكهربائي القاسي، ينهل غالبية السوريين معلوماتهم من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت لدرجة كبيرة في بث الرعب بعد تداول أخبار قرب حدوث زلزال مدمر آخر وتسونامي أيضاً.

اقرأ أيضا: هل يمكن أن نتوقع الزلازل؟

السبب الآخر لحركة النزوح القوية، الخوف من انهيار المباني المتصدعة نتيجة الزلزال، والتي من غير الممكن إحصاء عددها اليوم، والغالبية لا تجرؤ على دخول منازلها نتيجة هذا الأمر.

من بين هؤلاء، علي 45 عاماً، الذي اشترى منزله بعدة ملايين من الليرات قبل 4 أعوام، وهو اليوم قرر بشكل حاسم عدم دخوله مجدداً والعودة لمنزل أهله في ريف اللاذقية.

وقال علي لروزنة: "لو كانت الجهات الرسمية تحترم نفسها ومواطنيها، لفتحت تحقيقاً على الفور وزجت بكل متعهدي تلك الأبنية في السجن، لكنها بالتأكيد طرف فيها ونالت حصتها من رشاوى المخالفات.

اللاذقية اليوم يعتبرها قسم من الأهالي “مدينة منكوبة” وإن لم يعلن ذلك رسمياً من السلطات المحلية العاجزة تماماً عن تقديم المساعدة الكاملة، ففي الساعات الأولى التي تلت الزلزال، كان الأهالي يعملون بمفردهم دون وجود أي آلية لإزالة الأنقاض ومحاولة الوصول إلى الجثث أو الناجين.

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض