تحتجز هيئة تحرير الشام الناشطة الاعلامية نور الشلو منذ نحو شهرين في انتهاك قانوني لحقوق الإنسان دون المثول أمام قضاء عادل تتمكن من خلاله تفنيد التهم الموجهة إليها والتي لم تعلن عنها صراحة من قبل الهيئة.
وفيما تؤكد والدة نور أن أساس الاعتقال هو مشكلة عائلية، يتناقل المجتمع المحلي بحق نور تهم "التخابر مع التحالف الدولي، وابتزاز النساء بصورهن".
واعتقلت"هيئة تحرير الشام" الشلو، منتصف شهر أيلول الماضي، في محافظة إدلب، وسط صمت محلي امتد أكثر من شهرين حتى يوم أمس الثلاثاء، حيث ضجت مواقع التواصل الإجتماعي بخبر مفاده "صدور حكم الإعدام بحق الشلو من قبل الهيئة"، إلا أنه لم يتم التصريح بذلك علناً من قبل الهيئة ما زاد من تنوع الروايات حول القضية وأسباب الاعتقال.
والدة الشابة المعتقلة، البالغة من العمر 28 عاماً، قالت لـ"روزنة"، إنهم لا يعلمون السبب وراء هذا "الاعتقال التعسفي"، حيث لم تصلهم أي مذكرة إيقاف أو طلب مراجعة.
وأوضحت أن ابنتها ذهبت إلى المحكمة التابعة إلى "هيئة تحرير الشام" شمالي إدلب، للمطالبة بحق حضانة أطفالها الثلاثة بعد أن أخذهم منها والد زوجها المتوفى منذ 8 سنوات، رغماً عنها، لكن اعتقالها جاء إثر شكوى قدمت ضدها.
ما صحة الاتّهامات؟
ونفت الوالدة لـ"روزنة" صحة الاتهامات الموجهة إلى ابنتها الشلو، بالتعامل مع جهات مثل التحالف الدولي أو النظام السوري، وتنفيذ عمليات تفجير، وغير ذلك من الاتهامات.
وتداول ناشطون ومدنيون العديد من الإشاعات حول قضية اعتقال الشلو، حيث تم الحديث عن تهم متعددة، وجهت إليها مثل "التخابر مع التحالف الدولي، وابتزاز نساء بصور غير لائقة لأخذ مبالغ مالية منهن، وتعاطي مخدرات، وغيرها من التهم غير المرفقة بأدلة".
وذكرت والدة الشلو، أنه تم اعتقال ابنتها في الـ 15 من أيلول ، إثر إرسالها في لحظة غضب تسجيلاً صوتياً إلى "سلفتها" بعد سلبها أطفالها منها، وجاء فيه: "عمي ما بدو يحل عني لحتى فجر هالسيارة فيه"، وحينما وصل التسجيل إلى والد زوجها استخدمه ضدها، وقام بإلصاق التهم المتعلقة بذلك، وتقديمها إلى "تحرير الشام"، ما أدى إلى اعتقالها من أمام باب المحكمة حينما ذهبت إليها.
ولم تتوصل عائلة الشلو إلى معرفة مكان اعتقالها، وفق ما قالت الوالدة لـ"روزنة"، حيث طالبوا من "تحرير الشام" مقابلة ابنتهم، دون استجابة تذكر، مهددين الوالد بالاعتقال في حال القيام بالسؤال عن ابنته مجدداً.
اقرأ أيضاً: زيادة التصعيد ضد حراس الدين و وجه جديد لـ "تحرير الشام"!

كيف ردت الهيئة على اعتقالها؟
وقالت "هيئة تحرير الشام" في بيان، إن اعتقال الشلو تم منذ شهرين بسبب رفع ادعاءات ضدها، والتحقيقات تثبت تورطها في عدة قضايا أخلاقية وجنائية، منها ابتزاز النساء بصورهن، وإرسالها إلى الرجال، وقضايا أخرى لا تزال قيد التحقيق، بحسب "شبكة إباء" التابعة للهيئة.
وذكر بيان المكتب الإعلامي أنّ الادعاء المرفوع ضدها موثق بعدة شهادات، واطلع عليه بشكل كامل بعض إعلاميي الداخل، المتابعين للقضية، لافتاً إلى أن قضية المعتقلة لاعلاقة لها بعملها الإعلامي.
وفي سياق متصل تحدث رئيس اتحاد إعلاميي حلب، إسماعيل الرج، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أمس الثلاثاء، بأنه فصل نور الشلو، من الاتحاد في أواخر شهر أيار العام الحالي، على خلفية اختراقها لصفحة إحدى عضوات الاتحاد، وسحب صور غير لائقة وابتزازها بهن، إضافة إلى اطلاعه على أكثر من 7 تهم موجهة إلى الشلو من قبل الهيئة لن تمكنها من الإفلات من حكومة الإعدام، على حد قوله.

ماذا عن حكم الإعدام؟
وعن قرار حكم الإعدام، قال مصدر مقرب من الشلو، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لـ"روزنة"، إنّ "الهيئة أصدرت حكم الإعدام شفهياً بحق الشلو، يوم الجمعة المقبل، دون إصدار قرار مكتوب بذلك، وهو شيء متعارف عن الهيئة حيث سبق وأن أصدرت قرارات إعدام شفهية، ونفذتها دون إصدار قرار مكتوب، ودون وجود أي إثباتات أو دلائل لاعتقال الشخص المتهم".
وأوضح المصدر أنه "قبيل اعتقالها منتصف شهر أيلول الماضي، تم تبليغها بأنها مطلوبة للهيئة، في محكمة شمالي إدلب، وذهبت إلى المحكمة مع معرفتها بكل المتهم الموجهة إليها، وحينما لم يثبت أي شيء ضدها، تقرر إخلاء سبيلها أواخر أيلول، لكن تم تحريك القضية من قبل عمها والد زوجها، ليتم اعتقالها مجدداً إلى الآن".
من هي نور الشلو؟
وتنحدر نور الشلو من مدينة الأتارب غربي حلب، وهي أرملة، وأم لفتاتين تبلغان من العمر 13 و12 عاماً، وصبي يبلغ من العمر 11 عاماً، وعملت الشلو مع العديد من وسائل الإعلام المحلية.

ويتخوّف الناشطون من مصير الشلو في معتقلات "هيئة تحرير الشام" بعد أنباء تداولها ناشطون في الشمال السوري، عن نية الهيئة تنفيذ حكم الإعدام بحقها، وانتشر وسم "الحرية لنور الشلو" على وسائل التواصل الاجتماعي، طالب خلاله الناشطون بالإفراج عنها، كما تم نشر عريضة تطالب بالعدالة للناشطة الإعلامية الشلو.
وطالب حقوقيون وناشطون ومعتقلون سابقون لدى "هيئة تحرير الشام" على وسائل التواصل الاجتماعي، بمحاكمة علنية للشلو، تضمن وجود محامين وحقوقيين، حتى ولو كانت مذنبة، لأنه من غير الحق محاكمة أي إنسان والحكم عليه بالإعدام دون معرفة السبب.
ويعرف عن هيئة تحرير الشام انتهاكاتها المستمرة بحق المدنيين وخاصة الناشطين والإعلاميين، حيث سبق وأن اعتقلت الكثير من الإعلاميين والموظفين في المنظمات الإغاثية والإنسانية والكوادر الطبية.
وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أصدرت في كانون الثاني عام 2020 تقريراً وثقت خلاله أبرز الانتهاكات على يد أطراف النزاع الفاعلة في سوريا لعام 2019، وقالت إنه قتل 49 مدنياً على يد التنظيمات الإسلامية المتشددة، 45 منهم قتلوا على يد "هيئة تحرير الشام"، بينهم 6 أطفال وسيدتان، وقضى 4 أشخاص نحبهم تحت التعذيب على يد "تحرير الشام".
وبلغت حصيلة حالات الاعتقال التعسفي في عام 2019، 4671 حالة، بينها 303 حالات على يد "هيئة تحرير الشام"، بينهم 8 أطفال و4 سيدات.