تقارير | 6 01 2024
![](https://cdn.rozana.fm/storage/authors/13395538621415853262.jpg)
"الخرطوم حالياً مدينة أشباح، لا حياة فيها، سوى أصوات القصف التي تسيطر على الأجواء" يقول سامر، أحد الشباب السوريين الصامدين في العاصمة السودانية الخرطوم، رغم استمرار الحرب والقصف والاشتباكات فيها منذ ثمانية شهور.
وتشهد ضواحي الخرطوم، اليوم السبت، غارات مكثّفة من الطيران الحربي للجيش السوداني، مستهدفة مواقع سيطرة "قوات الدعم السريع" بالبراميل المتفجرة، لترد قوات الدعم السريع بالمضادات الأرضية إلى جانب مدافع الهاون، بحسب موقع راديو "دبنقا" السوداني.
فيما شهدت مدينة أم درمان، في ولاية الخرطوم، اشتباكات عنيفة وتبادل للقصف المدفعي بين الطرفين المتنازعين منذ الجمعة وحتى صباح اليوم السبت.
خسرتُ منزلي بالقصف
خسر سامر (33 عاماً) المنزل الذي يقيم فيه ليلة رأس السنة قبل أيام، جراء صاروخ استهدفه، ما أدى إلى دماره، فخرج باحثاً عن منزل جديد.
يقول لروزنة: "اعتدنا حياة الحرب كما في سوريا، قصف ودمار وانعدام للحياة.. قبل أيام قتل سوري بقصف جوي أثناء تواجده في السوق".
ويضيف: "قلة قليلة من بقي في الخرطوم من السوريين، معظمهم من الشباب، أما العائلات خرجوا إلى ولايات أخرى، ومنهم إما عادوا إلى سوريا أو إلى دول أخرى".
ومنذ منتصف نيسان، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" وتوسعت تدريجياً من العاصمة الخرطوم لتشمل ولايات أخرى، وأدت إلى نزوح 7.1 مليون شخصاً، بينهم 1.5 مليون لجؤوا إلى البلدان المجاورة، ومقتل أكثر من 12 ألف آخرين حتى مطلع كانون الأول الفائت، وفق "الأمم المتحدة".
"الحوالات إمداد لمن تبقى"
وعن الحياة في الخرطوم، يوضح سامر: "خسرت ورشة تصليح للسيارات كانت لي بسبب القصف، والآن لا أعمل شيئاً، الكل هنا خسر أعماله وأمواله ومصدر رزقه".
يعيش سامر على الحوالات التي يستلمها من أقاربه خارج السودان يقول: "تتوافر الخضروات والبقاليات، لكن بأعداد قليلة جداً، لا زلنا على قيد الحياة نحمد الله، أما الإيجارات توقفت منذ بداية الحرب، والسكن أصبح متوفراً بشكل مجاني".
ويستبعد الشاب السوري النزوح إلى ولايات أخرى بسبب امتداد الحرب وتوسعها، يقول سامر: "كثيرون خرجوا من الخرطوم هاربين إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، لكونها آمنة وفتحوا أعمالاً جديدة، لكن المدينة لم تسلم من الحرب فعاد المدنيون للنزوح، منهم سوريون أعرفهم".
ورغم كل الحرب والقصف والاشتباكات لكن يفضل سامر البقاء في هنا في الخرطوم بدل العودة إلى سوريا، وهو الذي خرج منها عام 2012: "هنا أفضل من العودة إلى سوريا، لا أستطيع العودة بسبب الخدمة الإلزامية".
اقرأ أيضاً: السوريون في السودان.. نزوح جديد وغياب لرحلات الإجلاء
وتحدثت روزنة مع عدد من السوريين الفارين من مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة مع أولى أيام اتساع الحرب فيها، حيث سيطرت عليها قوات الدعم السريع في الـ 18 من كانون الأول الفائت.
ولجأ السوريون إلى مدن بورتسودان وسنار والقضارف، هرباً من الحرب والقصف المستمر.
أبو أحمد، أمتعته البسيطة بحقيبة يد صغيرة، وبينما الخوف يملأ قلبه نزح من مدينة ود مدني جنوب شرقي السودان التي شهد خلال أول يومين من المعارك فيها أهوالاً كثيرة، متوجّهاً إلى مدينة بورتسودان الساحلية شمال شرقي البلاد، ملاذ الفارين من الحرب منذ اندلاعها في نيسان الماضي.
استغرقت رحلته بين المدينتين ستة أيام، فيما كانت قبل الحرب لا تستغرق سوى نحو 15 ساعة، يقول لروزنة.
لم تكن تلك المرة الأولى التي ينزح فيها أبو أحمد، ففي أواخر نيسان نزح من العاصمة الخرطوم مع عائلته، يقول لروزنة: "خرجت وعائلتي بثيابنا إلى مدينة ود مدني، القصف والاشتباكات دمّرت محلي التجاري، دمرت كل مافي الخرطوم، رائحة الموت عبقت في الشوارع، لم نستطع البقاء".
وبحسب الأمم المتحدة، نزح قرابة نصف مليون سوداني إلى ولاية الجزيرة قبل أن تبدأ قوات الدعم السريع تقدمها نحو القرى المحاذية للطريق السريع بين الخرطوم وود مدني في الـ 18 من الشهر الفائت، وبعد المعارك نزح نحو 300 ألف شخص من الولاية، "كان العديد منهم في حالة ذعر ولم يجدوا وسيلة للفرار سوى السير على الأقدام"، وفق الأمم المتحدة.
وفي أواخر العام الماضي، قام قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان بجولات خارجية تزامنت مع جهود دبلوماسية لإنهاء الحرب التي بدأت قبل ثمانية شهور.
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء انتشار العنف وتدهور الوضع الإنساني في السودان، وأدانت بشدة الهجمات المبلغ عنها ضد المدنيين، وتوسيع نطاق القتال في المناطق التي تستضيف أعدادا كبيرة من النازحين واللاجئين وطالبي اللجوء، بخاصة في ولاية الجزيرة، بحسب تقرير أممي في الـ 23 من الشهر الفائت.