تقارير | 10 11 2023

"تم تعطيل الحماية المؤقتة الخاصة بك"، جزء من رسالة هاتفية وصلت لعشرات حملة الإقامة المؤقتة السوريين من قبل دائرة الهجرة في مختلف الولايات التركية خلال اليومين الفائتين، مهدّدة مستقبلهم ووجودهم في تركيا، وتاركة إياهم بمشكلة قانونية.
وجاء في نص الرسالة أنه "نظراً لأن التحقق من عنوانك سلبي، تم تعطيل نظام الحماية الخاصة بك، تقدم بطلب إلى المديرية الإقليمية لإدارة الهجرة"، دون وجود أي توضيح من دائرة الهجرة حول ماهية تلك الرسائل.
واشتكى سوريون في ولايات عديدة مثل إسطنبول وغازي عنتاب وأنقرة وهاتاي وغيرها من الولايات، من توقف قيود بطاقة الحماية المؤقتة "كيمليك" وهو ما يظهر على تطبيق الحكومة الإلكتروني "e-devlet"، رغم أن عناوين منازلهم مقيدة في النفوس التركية، فيما البعض وصلتهم الرسالة، لكن قيودهم على التطبيق الحكومي سارية ولم تتوقف.

توقف الكمليك وحسابين بنكيين
محمد، سوري مقيم في ولاية غازي عنتاب، وصلته رسالة قبل يومين تفيد بإيقاف قيود الكمليك، يقول لروزنة، "تأكدت من تجميد قيود الكمليك الخاص بي على تطبيق الحكومة الإلكتروني، إضافة لذلك أصبحت غير قادراًعلى الوصول إلى حسابين بنكيين لي، بسبب تجميدهما، جراء إيقاف قيود الكمليك، رغم أني مثبت لنفوس منزلي ولا يوجد مشكلة".
وتدعو دائرة الهجرة التركية السوريين بشكل متكرر إلى تثبيت عناوينهم في دوائر النفوس في الولايات المسجلين بها، محذرةً من إبطال بطاقة الكمليك بعد إجراءات تدريجية منها التحقق الفيزيائي من عنوان السكن، وإعطاء مهلة لتسجيل العنوان.
ووصلت الرسالة إلى محمد دوناً عن زوجته وأطفاله، يقول بغضب ممزوج بالأسى: "لا قيمة لنا هنا، ولا حقوق لدينا، دائماَ نواجه التقييد، ولا حل لدينا من أجل الاستمرار في الحياة هنا غير التقيد بأوامر السلطات".
راجع محمد دائرة الهجرة في الولاية، فأخبروه أنّ عليه تثبيت النفوس، يتساءل: "كيف لي أن أثبّت النفوس، ولم أغيّر المنزل؟ إن منزلي مقيد لدى الحكومة".
اقرأ أيضاً: ليلة إبطال الكمليك تشل حياة السوريين في تركيا
ويضيف محمد: "أخبرتهم أنّي ثبتت في وقت سابق عنوان منزلي، فأخبروني أن علي إحضار مالك المنزل، وهو متوفٍ، وابنته في ألمانيا!!".
وعن الحلول يقول: "حالياً السماسرة ربما لديهم الحل، لكن لا أثق بهم، عندما سألت لإعادة تفعيل الكمليك، طُلب مني مبلغ بقيمة 10 آلاف ليرة تركية أي 350 دولاراً".
ويفكر محمد بأمر العودة الطوعية إلى سوريا في حال ضاقت عليه الأمور أكثر: "لا حلول أمامي، سأعمل أولاً على إخراج أطفالي من المدارس ومن ثم العودة للشمال السوري رغم أنه أصبح مكتظاً بالناس مع عدم توفر الأعمال، ربما هذا قدرنا" يقول.
إيقاف قيود بطاقات الحماية المؤقتة يعني حرمان الأطفال السوريين من التعليم ومن الطبابة والعلاج في المستشفيات الحكومية وحرمان رب العائلة من مزاولة عمله، والكثير من الخدمات المقدّمة للسوريين عبر الكمليك، وفق "مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تركيا".
كذلك زاهر، مقيم في كيليس، ثبت نفوس منزله قبل شهر بعد استئجاره منزلاً، يقول لروزنة: "فعلت كل ما طلب مني لتثبيت النفوس، جعلت كل شيء متعلق بالكهرباء والمياه باسمي، لأتفاجأ البارحة بوصول رسالة من دائرة الهجرة مضمونها أن العنوان غير الموجود غير صحيح، وجاءت الشرطة وتحققت من الأمر، لذلك تم إيقاف الحماية المؤقتة الخاصة بك".
لكن على تطبيق الحكومة الإلكتروني، لا يوجد أي تغيير بخصوص الكمليك الخاص بزاهر، وفق قوله، وهنا حجز موعداً لتحديث البيانات، تحسّباً من أي مشكلة قد تواجهه.
خطأ مؤقت!
وتواصلت روزنة مع "اللجنة السورية التركية المشتركة" المهتمة بأوضاع السوريين والتي تكون على تواصل دائم مع دائرة الهجرة التركية، للوقوف على أسباب وصول تلك الرسائل والحصول على توضيح.
وقالت إناس النجار المتحدثة باسم اللجنة، لروزنة: "إن ما حدث من إيقاف لقيود بطاقات الحماية المؤقتة، هو عبارة عن خطأ بالنظام (السيستم)"، مضيفة: "حالياً يتوجب على كل من وصلته الرسالة مراجعة دائرة الهجرة لكي لا يواجه أي مشكلة".
وأشارت النجار إلى أن اللجنة طلبت من دائرة الهجرة تعميم ما حدث (الخطأ بالسيستم) على مراكز الشرطة، لكي يكونوا على معرفة بإيقاف قيود بطاقات الحماية المؤقتة للسوريين، وبالتالي عدم تعريضهم لأي محاسبة ومساءلة.
وتابعت: "عندما يحصل اللاجئ على موعد تحديث بيانات، يكون الموعد بمثابة ضمان وحماية له من أي موقف قد يتعرض له، لحين حل تلك المشكلة المؤقتة".
خوف من الترحيل
ويتخوف الكثير ممن وصلتهم الرسالة من الترحيل بعد إيقاف قيود الكمليك "بطاقة الحماية المؤقتة"، إذ يعني إيقاف "الكمليك" بشكل فعلي بأنهم بلا وجود قانوني، وبالتالي قد يتعرّضون للترحيل في أي وقت.
أم محمد، كتبت على فيسبوك: "وصلتني الرسالة، وعندما دخلت على تطبيق الاي دولت، كان كل شيء نظامياً، لا نخاف سوى من الترحيل، إن واجهتنا المشكلة بشكل فعلي".
تجميد سابق للقيود
الرسائل التي تفيد بإيقاف قيود الكمليك، هذه المرة، وفق سوريين، وصلتهم رغم أن كثيرين ثبتوا عناوين منازلهم سابقاً، فيما رجّح البعض أن تكون المشكلة خطأ في "السيستم" الحكومي، كما حدث في بعض الأحيان.
والعام الفائت، جمّدت السلطات التركية بطاقات الكمليك لآلاف السوريين، وطالبتهم بتثبيت عناوين سكنهم في الولايات التي يقيمون بها، وبعد تثبيت العنوان، تجري عملية إعادة تفعيل الكمليك.
طه الغازي، الناشط الحقوقي، والمعني بمتابعة أوضاع اللاجئين، أشار إلى أنّ ما حدث من إلغاء مؤقت لقيود آلاف اللاجئين السوريين من نظام الحماية المؤقتة لم يكن الحدث الأول من نوعه، ففي آذار العام الفائت، حدث نفس الشيء.
وأضاف: آنذاك قالت رئاسة الهجرة بأنّ الأمر برمته هو خطأ في المنظومة التقنية لدى مديريات الهجرة (السيستم).
ولفت الغازي إلى أنّ تلك الأخطاء باتت تتواتر بعد تغيّر سياسة و رؤية الحكومة التركية اتجاه واقع اللاجئين السوريين، والإعلان عن مشروع إعادة مليون لاجئ إلى الشمال السوري.
ويأتي ذلك في ظل حملات الترحيل الجماعية إلى الشمال السوري، في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية، بشكل مستمر، وبشكل خاص منذ مطلع تموز الفائت، بما فيها أشخاص حاملين لبطاقة الحماية المؤقتة، وفق تقارير إعلامية.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في تركيا حتى الـ 19 من تشرين الأول الفائت، 3 مليون و264 ألف، منخفضاَ بمقدار 24 ألف لاجئ مقارنة بشهر أيلول، وفق منظمة "اللاجئين".
ويوجد السوريون بشكل كثيف في المدن الكبرى، مثل ولاية إسطنبول حيث يبلغ عددهم 531 ألف شخص، يليها ولاية غازي عنتاب (46 ألف ) ، وبعدها ولاية شانلي اورفة (305 آلاف)، وهاتاي (287 ألف ) وأضنة (239 ألف) و بورصة (170 ألف) وأزمير (129 ألف) وقونية (120 ألف) وأنقرة (91 ألف) ومرعش (90 ألف).