"ذاكرتنا مثقلة بالمآسي".. أهالٍ في إدلب يخشون على أطفالهم أثناء الدوام المدرسي

تقارير | 28 10 2023

نور الدين الإسماعيل

"بيبقى قلبي على نار ليوصلوا البيت، لأيمت رح نبقى هيك"؟! بأسى شديد تحدثت حسناء عن حالتها التي تنطبق على معظم أهالي مدينة إدلب، أثناء حملات القصف التي تشنها قوات النظام السوري على المنطقة، أو تحليق الطيران الحربي الروسي، بالتزامن مع وجود أطفالها في المدرسة.


تسبب القصف المدفعي والصاروخي على مدينة إدلب خلال الأيام الماضية بحالة من الخوف لدى الأهالي من استهداف أطفالهم في المدارس، الأمر الذي دفع عدداً قليلاً منهم لعدم إرسال الأطفال إلى المدارس ريثما تهدأ الأوضاع، بينما يرسل الغالبية أطفالهم في ظل خوف شديد.

وفي 4 تشرين الأول الجاري، ذكرت مصادر محلية لـ"روزنة" أن صاروخاً أطلقته راجمة لقوات النظام استهدف سوراً لإحدى المدارس في مدينة سرمين، بالتزامن مع دوام الطلاب في تلك المدرسة، تسبب بمقتل الطفلة.
 


قصف صاروخي ومدفعي


تتعرض مدينة إدلب ومدن أخرى في شمالي غربي سوريا منها أريحا وجسر الشغور، لقصف صاروخي ومدفعي، بشكل متقطع، منذ بداية شهر تشرين الأول الجاري.

اقرأ أيضاً: مقتل طفلة وإصابة آخرين بقصف صاروخي على مدرسة في سرمين

 وقال "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) إن حملة القصف التي بدأت مطلع الشهر الجاري تسببت بمقتل أكثر من 60 مدنياً، بينهم 22 طفلاً، وإصابة 255 شخصاً آخرين.

وذكر "الدفاع المدني" أن القصف استهدف الأحياء السكنية والمدارس والمرافق العامة بالقذائف المدفعية والصاروخية، وبأسلحة عنقودية وحارقة محرمة دولياً.

ويترافق القصف المدفعي والصاروخي مع غارات جوية يشنها الطيران الحربي الروسي على مناطق مختلفة من شمالي غربي سوريا، آخرها 4 غارات شنها صباح اليوم على الأطراف الغربية لمدينة إدلب، دون ورود أنباء عن إصابات في صفوف المدنيين.


"قلبي على نار"


تقول حسناء لـ"روزنة" إنها منذ بدء حملة القصف الأخيرة التي تعرضت لها مدينة إدلب، تمضي الوقت في الانتظار ريثما يعود أطفالها من مدارسهم، وهي تترقب وتتابع غرف الأخبار، خوفاً من تجدد القصف.

وتضيف السيدة التي لديها 4 أطفال يتلقون تعليمهم في مدرستين: "من بيطلعوا لوقت يرجعوا وأنا قلبي على نار.. لأن ما منعرف أيمت ممكن يضربوا أو يقصفوا".

وتوضح أن خوفها يزيد عندما تسمع أصوات تحليق للطائرات الحربية الروسية في أجواء مدينة إدلب، فهي لا تعرف أين سيكون هدف الطائرات، على حد قولها.


متماسك أمام العائلة


بالرغم من شعور أنور بالخوف على أطفاله، إلا أنه يحاول أن لا يخيف عائلته، وغالباً ما يطمئن أطفاله ووالدتهم بأن القصف انتهى، "لكنه في كل مرة يعود".

تحدث أنور لـ"روزنة"، قائلاً: "لا يمكن أن نترك الأطفال بدون تعليم، وفي نفس الوقت يحس ولي الأمر بأنه يرسل أطفاله إلى الموت، فالنظام السوري لا يعرف مدرسة ولا مسجداً ولا سوقاً، كل ما هو مدني هو هدف له، وذاكرتنا مثقلة بالمآسي".

وبجملة قصيرة برر حسام، الذي يعيش في مدينة إدلب، قراره بعدم إرسال أطفاله إلى المدرسة، اليوم السبت، قائلاً لـ"روزنة": "لست مضطراً لخسارة أحدهم، فسلامتهم عندي أولى من كل شيء".

وكانت مديرية التربية في إدلب أوقفت الدوام المدرسي، خلال وقت سابق، في عدد من المناطق التي تعرضت للقصف، قبل أن يعود الدوام إلى طبيعته، رغم تجدد القصف المدفعي والصاروخي والجوي على عدة مناطق خلال الأيام الماضية.
 

خوف لم يأتِ من فراغ

 
تخوّف حسناء وأنور وحسام وسواهم من أهالي إدلب لم يأت من فراغ، فالكثير من حالات القصف للمدارس وثقت خلال السنوات الماضية، ما تسبب بمقتل عدد كبير من الطلاب والمعلمين.

في الـ26 من تشرين الأول عام 2016، شنت طائرات حربية تابعة للنظام السوري غارات جوية على مجمع للمدارس في بلدة حاس جنوبي إدلب، متسببة بمقتل أكثر من 40 شخصاً، بينهم 18 طفلاً، ومعلمتان.

وبحسب المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإن منظمة اليونيسيف وصفت تلك المجزرة بأنها "الأكثر دموية منذ نيسان 2014".

ونقل المركز عن بيل فان إسفلد، باحث أول في قسم حقوق الطفل في "هيومن رايتس ووتش"، قوله: "هاجمت طائرات حربية مجمع مدارس كبير أثناء دوام التلاميذ، في صباح صاف، واستمرت في القصف خلال محاولة الأطفال والمدرسين الفرار. الفظاعة الشديدة لهذا الهجوم على أطفال المدارس دليل على عدم كفاية الاستجابة الدولية لجرائم الحرب الجارية في سوريا".


                                                                        نصب تذكاري يضم أسماء قتلى "مجزرة الأقلام" في بلدة حاس

وعن الذكرى السابعة للمجزرة، قالت لـ"روزنة" المعلمة فاطمة، وهي من بلدة حاس، وكانت شاهدة عليها: "إلى اليوم، كلما أسمع دوي طائرة حربية أحس بالهلع، وتعود بي الذاكرة إلى اللحظات المرعبة التي عشناها يوم مجزرة الأقلام".

"وعلى الرغم من وجودي مع عائلتي في مخيم بالقرب من الحدود التركية، كلما سمعت صوت الطائرة أفقد تركيزي، ولا أستطيع تمالك نفسي أمام الطالبات، فالخوف يسيطر عليّ، لقد كانت القيامة"، أضافت فاطمة. 


"الجرائم مستمرة في غياب المحاسبة"


المعلمة والناشطة في مجال حقوق الإنسان، فيحاء الشواش، كانت شاهدة على "مجزرة الأقلام"، تعبر عن غضبها مما وصفته "مواصلة النظام السوري على ارتكاب الجرائم، رغم مضي 7 سنوات على مجزرة المدارس".

قد يهمّك: إدلب: قتلى بقصف جديد للنظام السوري ووفد أممي يغادر سرمين

وأضافت الشواش في حديث لـ"روزنة": "كانوا أطفالاً يتلقون تعليمهم في مدارسهم، قتلتهم طائرات النظام السوري بدم بارد".

وتابعت حديثها: "لم تكن المرة الأولى التي يستهدف فيها النظام السوري المدارس والأطفال، ولم تكن الأخيرة، فعدم محاسبة النظام السوري على جريمته بحق الضحايا الأطفال وعائلاتهم هي جريمة أخرى، لأنها رسالة له بالاستمرار في جرائمه".

وطالبت بتحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي المجزرة، وكل المجرمين الذين ارتكبوا جرائم بحق السوريين، مشيرة إلى أن دور النشطاء هو التذكير بتلك المجازر، "حتى ينال الضحايا حقهم عبر المحاسبة والمساءلة وتحقيق العدالة".

وبحسب تقرير صادر عن فريق "منسقو استجابة سوريا"، الثلاثاء الماضي، فإن حملة القصف التي شنتها قوات النظام السوري منذ مطلع تشرين الثاني الجاري، استهدفت أكثر من 88 منشأة حيوية تقدم خدماتها للمدنيين، وتشمل المدارس والأسواق الشعبية والمخيمات والمستشفيات والنقاط الطبية ،إضافة إلى دور العبادة.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض