سوريون نزحوا داخلياً من الجنوب اللبناني.. "ضياع ومستقبل مجهول"

سوريون نزحوا داخلياً من الجنوب اللبناني..

تقارير | 25 10 2023

إيمان حمراوي

في بلدة الوزانة على الحدود اللبنانية قرب إسرائيل، تدوي صافرات الإنذار بشكل متكرر منذ أسبوعين، يهرع الأطفال للبكاء، فيمتزج صوت صراخهم وبكائهم مع أصوات القذائف والصواريخ الآتية من إسرائيل.


"هربنا من تحت القصف، تركنا منزلنا بما فيه حفاظاً على أرواحنا وأرواح أطفالنا"، يتحدّث اللاجئ السوري نصر (45 عاماً) لروزنة عن نزوحه من الوزانة إلى شمالي لبنان في بلدة سعد نايل، بعد إقامته جنوباً لمدة ثلاث سنوات.

وتشهد الحدود اللبنانية الجنوبية، منذ أكثر من أسبوعين، قصفاً متبادلاً بين قوات الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله" اللبناني، بعد بدء حرب غزة في السابع من الشهر الجاري على خلفية إطلاق حركة "حماس" عملية "طوفان الأقصى"، تبعها قصف إسرائيلي مكثف على القطاع المحاصر.

نزوح وعقبات 

نزح نصر وزوجته مع ستة أطفال إلى أحد أقاربه في بلدة سعد نايل، بعدما طال القصف بلدة الوزانة.

عن الدوافع لاتخاذه القرار، يشرح لروزنة: "ابني ذو الخمس سنوات ينهار بالبكاء كلما دوت صفارة الإنذار التي تنذر بقصف إسرائيلي أو تسلّل، أردت حماية عائلتي لا أكثر".
 

مضت أيام على النزوح، واليوم، يبحث نصر على منزل يأويه وعائلته، لكن عقبة جديدة تعترضه وهي غلاء الإيجارات التي ارتفعت مع موجة النزوح الجديدة جراء الحرب.

يقول: "هنا (سعد نايل) آجار المنازل 300 دولار أميركي وما فوق، إن وجدت، هي مبالغ ليست قليلة على عامل يومية"، مضيفاً: "حتى وإن أردت نقل فرش منزلي بالوزانة إلى منزل آخر، لا أستطيع بسبب القصف!".

أما حول خيار العودة إلى سوريا، يحدثنا: "ابني مطلوب للجيش وبيتي بريف حلب مدمّر (...) وين بدنا نرجع؟".

وسبق أن لجأ نصر مع عائلته إلى لبنان عام 2013، هرباً من القصف والحرب في سوريا، إذ تعرضت مناطق واسعة في ريف حلب لقصف من قوات النظام السوري.

وتقدر الحكومة اللبنانية عدد اللاجئين السوريين بمليون ونصف المليون، فيما توثق مفوضية اللاجئين حتى نهاية عام 2020 حوالي 865 ألف لاجئاً سورياً مسجلاً لدى لديها.

ويشهد الجنوب اللبناني قصفاً متقطعاً من قبل القوات الإسرائيلية، مثل بلدات وقرى مركبا وطلوسة وبني حيان وحولا وصور وبنت جبيل ورامية والقوزح غيرها من المناطق.

"بدنا نضل عايشين"

وقبل أيام طال القصف الإسرائيلي قرية مركبا بمحافظة النبطية جنوبي لبنان، وهو ما دفع السورية سمر (31 عاماً) وزوجها وطفلها للنزوح إلى طرابلس عند شقيقها.

تقول لروزنة: "بدنا نضل عايشين، حتى ما النا نفس للأكل، المهم أرواحنا".

وتتابع: "قبل أيام سقطت قذيفة قرب منزلنا، وهو ما أكد لنا أن الحرب قادمة لا محالة، والأمور ليست على مايرام".

أعاد القصف الإسرائيلي إلى سمر ذكريات الحرب المريرة، عندما خرجت من إدلب، قبل سبع سنوات جراء المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين هناك من قبل النظام السوري وروسيا، لذلك لا تفكر بالعودة إلى سوريا بشكل قطعي.

توضح: "أنا من إدلب ولا أستطيع العودة إليها، هناك حرب أخرى لم تنتهِ بعد (…) ضاقت بنا الدنيا".

ولا يوجد لدى سمر وزوجها سوى القليل من الأموال التي تعينهم لأيام قليلة، وعليهم إيجاد عمل جديد يستطيعون من خلاله تأمين المعيشة، تتساءل والقلق بادٍ عليها: "هنا أهالي طرابلس يشتكون من البطالة، فكيف نجد نحن الوافدون حديثاً عملاً؟".

ويتبادل "حزب الله" اللبناني وإسرائيل إطلاق النار بشكل متكرر على طول الحدود في أسوأ تصعيد بينهما منذ حرب عام 2006، حيث ارتفعت حصيلة قتلى "حزب الله" في الاشتباكات مع إسرائيل حتى اليوم، إلى 37 قتيلاً منذ السابع من تشرين الأول الجاري.

اقرأ أيضاً: خيارات مريرة أمام سوريين في لبنان: "نخاف الحرب ولا ندري أين نهرب؟"

أصوات القصف "كالمفرقعات".. وطفلي: ما هي الحرب؟

لجأ السوري زاهر (35 عاماً) مع زوجته إلى لبنان مطلع 2017 قادماً من حلب بعد حملة تهجير النظام السوري، على أمل بناء حياة مستقر بعيداً عن الحرب، لكنه لم يظن يوماً أن يعود لأيام النزوح.

في قضاء بنت جبيل جنوبي لبنان، ظن طفلا زاهر القصف الإسرائيلي على المنطقة، وكأنه "حفلة ومفرقعات نارية"، فقرر النزوح للحفاظ على ذكريات طفليه (3 - 5 سنوات) دون شوائب، وحماية عائلته، وفق وصفه، فكان المستقر في أطراف بيروت عند أحد الأقارب.

"عندما بدأ القصف على المنطقة سألني طفلي ذو الخمس سنوات: هل هناك حفلة ما؟" يقول زاهر لروزنة، متابعاً: "لا أريد أن يعيش أولادي مثل ما عشناه نحن، ولا أريد أن يعرفوا معنى الحرب".

ويتحدث معنا بأسى:"حياتنا تتلخص بين قهر ونزوح، مستقبلنا مدمر وماضينا مدمر".

ولا تتوقف معاناة زاهر هنا فقط، حيث يعاني حالياً من أزمة إيجاد منزل يأويه وعائلته هنا في أطراف بيروت، في ظل ارتفاع الأسعار، والحرب التي تركته بلا عمل "الغرفة الواحدة ارتفع سعرها من 50 إلى مئة دولار شهرياً، أما المنزل 200 دولار"، يقول لروزنة.

ويشير زاهر إلى بقاء الكثير من العائلات السورية في الجنوب اللبناني بسبب عدم قدرتهم على تحمل بدل الإيجار.

حسن، شاب سوري مقيم في بيروت، يخبرنا أنّه شاهد العديد من العائلات السورية التي نزحت من الجنوب إلى العاصمة، يباتون عند أقاربهم ومعارفهم لحين إيجاد منازل للإيجار.

ويضيف: "حال بعضهم يرثى لها، جاؤوا بثيابهم، لا شيء معهم سوى بضع دولارات، ينتظرون أياماً مجهولة المصير".

نزوح  20 ألف شخص من الجنوب 

وثّقت "المنظمة الدولية للهجرة" الإثنين الفائت، نزوح نحو 20 ألف شخص داخلياً من جنوب لبنان وأماكن أخرى، منذ أوائل تشرين الأول، في ظل تصاعد القصف المتبادل ما بين الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله" اللبناني على الحدود اللبنانية.

وذكرت المنظمة أنّ 19 ألفاَ و646 شخصاً نزحوا داخل لبنان، بعد اليوم التالي لهجوم حركة "حماس" ضد إسرائيل.

وأوضحت: "معظم النازحين من جنوب لبنان لكن بعض عمليات النزوح حدثت أيضا في أماكن أخرى"، وفق وكالة "فرانس برس".

في المقابل أخلت إسرائيل عشرات البلدات والتجمعات السكانية في شمالها.

ووفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، تشهد مناطق لبنانية جنوبية مثل قضائي صور وبنت جبيل، قصفا إسرائيليا أدى لحركة نزوح كثيفة باتجاه العاصمة بيروت شمالاً، ومناطق أخرى. 

وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية، الأحد الفائت، أنّ الرقعة الجغرافية للعمليات الإسرائيلية اتسعت لتتعدى عمق خمسة كيلومترات داخل لبنان، وأدى بذلك بدوره إلى حركة نزوح للسكان باتجاه المناطق الأكثر أمناً.

ويتواجد في مدينة صور أكثر من 1500 عائلة لبنانية وسورية، توزعوا على عدد من مراكز الإيواء في المدارس الرسمية والخاصة أعدتها للغاية نفسها وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات صور التي أعلنت أكثر من مرة عن ضعف الإمكانيات لتأمين حاجات النازحين، وفق الوكالة اللبنانية.

إصابة عمال سوريين بقصف إسرائيلي

واستهدفت القوات الإسرائيلية سيارة في قرية عيترون، جنوبي لبنان قرب الحدود، كانت تقل عمالاً سوريين ذهبوا ليتفقدوا مزرعة الدجاج التي يعملون فيها، وفق موقع "النشرة اللبناني".

وذكر الموقع أنهم أصيبوا بجروح طفيفة وحوصروا بالقصف، حيث عمل الصليب الأحمر اللبناني بالتعاون مع اليونيفيل "قوات الأمم المتحدة في لبنان" على سحبهم.

ويعمل نسبة كبيرة من السوريين في لبنان، إما بالأراضي الزراعية أو في مجال البناء، ولا سيما في الجنوب اللبناني.

ووصل مطلع الأسبوع الجاري نحو 264 سورياً إلى قبرص بعد انطلاقهم من سواحل لبنان، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية القبرصي، وتلقت قبرص أكثر من سبعة آلاف طلب لجوء من وافدين جدد منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر آب الفائت،  وفق موقع "independentarabia". 

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض