تقارير | 5 10 2023

كالصاعقة جاءها خبر وفاة حفيدتها وفقدان الثانية في بحر ليبيا ( 2 - 8 سنوات)، بعدما خرج ابنها وزوجته وأطفالهما الثلاثة، في رحلة بحرية، مهاجرين إلى أوروبا بحثاً عن حياة آمنة.
تروي أم قصي ما حدث مع ابنها (33 عاماً) في ليبيا، لروزنة: "لم يخبرني برحلة البحر، تفاجأت من أحد أقاربي وهو يتصل بي ليعلمني أن ابني وزوجتي أنقذهما خفر السواحل الليبي مع ابنهما البالغ من العمر خمس سنوات، فيما ابنتاه إحداهما في مستشفى بمدينة طرابلس والأخرى مفقودة".
"بنته الكبيرة حرقتلي قلبي، ربيتها على إيدي، هي مفقودة اليوم، والثانية بالبراد متوفية"، تقول أم قصي بحزن شديد.
وتناشد أم قصي للمساعدة في الإفراج عن ابنها المحتجز في سجن "جدايم" التابع لسجن "الزاوية" في طرابلس شمالي ليبيا، بينما زوجته محتجزة في سجن "صرمان" بذات المدينة، وفق قولها.
وتُعد ليبيا منطلقاً أساسياً لمهاجرين من عدة دول، بينهم سوريون، يبحرون على متن مراكب متهالكة ومكتظة دون وجود ما يكفي من الطعام والمياه ومن دون أبسط معايير السلامة.
البداية.. مطلوب للخدمة العسكرية
تشرح أم قصي عن دوافع سفر ولدها: "إما الالتحاق مع الميليشيات وحمل السلاح ضد أبناء درعا، أو الالتحاق مع قوات النظام لتأدية الخدمة العسكرية، لكن قصي فضّل السفر إلى ليبيا".
خرج قصي من درعا إلى ليبيا، عام 2021، لكونه مطلوباً للخدمة العسكرية لدى النظام السوري، وعمل هناك في مهنة الطلاء، وبعد عام لحقت به زوجته مع أطفالها الثلاثة (غزل 8 سنوات - تيم 5 سنوات - ساجدة 2 عامان).
توضح السيدة: "ضاقت الدنيا على ابني في ليبيا، قبل أسبوعين من الرحلة البحرية، اشتكى لي من عمليات نصب واحتيال تعرّض لها في عمله، إذ كان يعمل لمدة شهرين أو ثلاثة ولا يعطونه أجراً، لكنه لم يخبرني بنيته في السفر عبر البحر".
اقرأ أيضاً: عن "مخازن التهريب" الليبية.. رحلة سوري: عذاب وانتظار للموت!
مناشدة.. مبالغ كبيرة مقابل إخراجه من السجن
بعد اعتقال قصي في أحد السجون بطرابلس، اتّصل شخص ما من داخل السجن، لم تعرف هويته أم قصي، تقول إنه طالبها بمبلغ مالي يقدر بـ 3 آلاف دولار، مقابل الإفراج عنه "طالبني الشخص بالاستدانة من أجل دفع المبلغ المطلوب، بعدما أخبرته بعدم امتلاكنا لتلك الأموال".
وتضيف: "قال لي حفيدتك بالبراد والأخرى مفقودة وابنك وزوجته في السجن، لذلك عليك دفع هذا المبلغ".
لاتملك أم قصي ولا زوجها أي مبلغ مالي لقاء الإفراج عن ابنها وعائلته، تقول: "ابني عاد إلى تحت الصفر بعد رحلة التهريب تلك، ولا أموال لدينا".
ويعاني أكثر من 90 بالمئة من السوريين من الفقر المدقع، ووفق "برنامج الغذاء العالمي": "هناك 12 مليون سوري لا يعرفون من أين ستأتيهم الوجبة التالية من الغذاء، و2.9 مليون آخرين معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع".
وتحدثت روزنة في وقت سابق عن معاناة أحد السوريين بعد عدة محاولات للهجرة عبر البحر، لينتهي به المطاف في أحد السجون بمدينة بنغازي، ولم يخرج إلا بعد دفع 1500 دولار أميركي.
وفي تحقيق لموقع "مهاجر نيوز" حول وضع المهاجرين في السجون ومراكز الاحتجاز الليبية، نشر عام 2019، أكد مهاجرون في سجن الزاوية تعرضهما للتعذيب، و مطالبات بدفع مبالغ مالية تصل إلى 1700 يورو من أجل إطلاق سراحهم.
وذكر التحقيق أن الأشخاص غير القادرين على دفع المبلغ في السجن يسلم إلى مهربي البشر "لاستغلالهم جنسيا أو في الأعمال الشاقة، أو لقتلهم".
حادقة غرق إم إغراق؟
وفي أواخر أيلول الفائت، وثّقت مقطع فيديو، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي لحظة غرق قارب يحمل على متنه عدداً من المهاجرين غير الشرعيين قبالة سواحل ليبيا.
وحسب وسائل إعلامية دولية، كان هناك قارب يتبع لخفر السواحل الليبي اصطدم بزورق مطاطي يحمل نحو 50 مهاجراً قرب الساحل، ما أدى إلى غرقه.
وقالت منظمة الإنقاذ الألمانية "سي ووتش Sea-Watch" المختصة في تنفيذ عمليات الإنقاذ وسط البحر المتوسط، "إن خفر السواحل الليبي حاول قتل المهاجرين في البحر المتوسط، لا يمكننا معرفة عدد الأشخاص الذين فقدوا حياتهم وعددهم، ومع ذلك، فإن الناجين، الذين تمكنوا من الوصول على متن سفينة الدورية الليبية، أُجبروا بشكل غير قانوني على العودة إلى ليبيا.
وأضافت: "اصطدم خفر السواحل الليبي بقارب مطاطي ودمره، وعلى متنه 50 مهاجراً".
⚠️Attempted murder today in the Mediterranean by the so-called Libyan coastguard! We cannot know if and how many people lost their lives. However, the survivors, who made it aboard the libyan patrol vessel are now illegally forced back to #Libya. [1/2] pic.twitter.com/awLOjYDEF1
— Sea-Watch International (@seawatch_intl) September 29, 2023
ويُظهر مقطع الفيديو، الذي نشرته منظمة "سي ووتش" معظم من كانوا على متن السفينة وهم يسقطون في الماء ويُشاهدون وهم يسبحون يائسين إلى سفينة ليبية قريبة بحثاً عن الأمان، وقالت " سي ووتش" إن العشرات كانوا على متن الزورق عندما أصيب.
وبعد وقت قصير من إصابة القارب، شوهد زورق دورية أكبر وهو يلقي سترات النجاة على الناس في الماء.
ونقلت قناة "الجزيرة" عن المسؤول في منظمة "سي ووتش"، فليكس فايس، قوله إن "ما رأيناه هو سياسة الهجرة الوحشية واليومية المثيرة للاشمئزاز التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي الذي يعمل على تمكين خفر السواحل، بهدف ضمان وصول عدد أقل من الأشخاص إلى الشواطئ الأوروبية".
وابتداء من عام 2016 قدّم الاتحاد الأوروبي الدعم المالي لخفر السواحل الليبي، كجزء من خطته للحد من هجرة الأشخاص إلى أوروبا انتقالاً من سواحل شمال أفريقيا، وفق موقع "مهاجر نيوز".
ووفق للمنظمة الدولية للهجرة، وُثّق أكثر من 1800 شخص في عداد المفقودين أو المتوفين على طريق وسط البحر الأبيض المتوسط في عام 2023،وسقط على هذا الطريق وحده أكثر من ثلاثة أرباع إجمالي الضحايا في منطقة البحر الأبيض المتوسط، على مدى العقد الماضي.
في حزيران الماضي، غرق مركب صيد انطلق من ليبيا وعلى متنه 750 شخصاً بينهم 141 سورياً على الأقل، قبالة شواطئ اليونان، لكن خفر السواحل أنقذ 104 ركاب منهم فقط.