تقارير | 17 03 2023

وصل الأرجنتيني هيكتور كوبر رفقة جهازه الفني المساعد إلى سوريا، لتولي مهمة قيادة المنتخب الأول، وقدم للجمهور خلال مؤتمر صحفي، أمس الخميس، نظمه الاتحاد السوري لكرة القدم في فندق شيراتون بالعاصمة دمشق.
ويرجح أن الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 شباط الماضي، أخر مباشرة كوبر مهامه التدريبية، ذلك بعد كشف اتحاد الكرة التعاقد معه رسمياً قبل أربعة أيام من الكارثة، والإعلان حينها عن وصوله إلى دمشق بعد أيام قليلة.
كوبر الملقب بـ"العبقري المنحوس" الذي يعتبره صحفيون ونقاد رياضيون بأنه المدرب صاحب السجل التدريبي الأبرز في تاريخ المنتخب السوري، بدأ مهمته استعداداً للاستحقاقات القادمة، وأهمها كأس آسيا الذي تستضيفه قطر العام المقبل، والتصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2026 في أمريكا الشمالية.
وديتان.. وحديث مبكر عن إمكانية الرحيل!
أعلن كوبر عن قائمة مكونة من 25 لاعباً لخوض مباراتين وديتين بعد نحو أسبوع فقط، الأولى أمام تايلاند في 25 آذار الحالي في الإمارات، تليها بعد ثلاثة أيام مباراة مع المنتخب البحريني، في العاصمة المنامة.
وكشف المدرب الأرجنتيني عن قائمة المنتخب، التي شهدت عودة حارس المرمى إبراهيم عالمة وضمت لاعبين محليين ومحترفين، أبرزهم عمر السومة وعمر خريبين ومحمود المواس وكامل حميشة ومحمد ريحانية.
وأكد هيكتور كوبر في المؤتمر الصحفي أنه سيبذل قصارى جهده رفقة المنتخب خلال الفترة المقبلة، وقال: "عقدي ممتد حتى بطولة كأس آسيا، وعندما أجد أني لست مقتنع في عملي من الممكن أن أرحل".
وفي إشارة أخرى مبكرة عن إمكانية المغادرة، أضاف: "من الممكن أن أعتذر من تلقاء نفسي، عندما لا تسير الأمور بشكل جيد، ننتظر تكاتف الجميع في الفترة المقبلة، ويجب أن نكون على قدر المسؤولية".
وأبدى المدرب الأرجنتيني خلال المؤتمر إعجابه بشخصية اللاعب السوري والعربي بشكل عام، مطالباً اللاعبين ببذل كل جهدهم من أجل المنتخب "هدفنا في هذه المرحلة مشاهدة اللاعبين المحليين للوقوف على مستوى كل لاعب وتحديد سبل الاستفادة منه".
من جانبه أعرب صلاح رمضان رئيس اتحاد كرة القدم عن تفاؤله بشأن قدرة كوبر على تحضير جيل يستطيع صناعة الفارق بالمستقبل، ولفت في المؤتمر الصحفي: "تسلمنا اتحاداً يعاني من الديون، نحن نعمل لمستقبل بلد وجيل، نحضّر منتخباً لعام 2026".
وأردف: "ليس لدينا عصا سحرية لنغير كل شيء في أشهر، ونتمنى أن ترتقي كرة القدم السورية وتلحق بالبلدان المجاورة، والمدرب الأجنبي لا يقبل بالضغوط، وسوف ينتقي اللاعبين بحرية، والتطور بحاجة إلى وقت وسيتم معالجة جميع المشاكل".
ويساعد كوبر في مهمته جهاز تدريبي من مصر والأرجنتين واليونان، أبرزهم نجم الكرة المصرية السابق عصام الحضري الذي سيتولى تدريب حراس المنتخب السوري، ومواطنه محمود فايز مدرب مساعد، والأرجنتيني خوسيه فانتاغوزي مدرب مساعد ومحلل أداء، واليوناني أنطونيو ساريوغلو مدرب لياقة.
الوصول لكأس العالم.. هل أصبح ممكناً؟
التأهل للمونديال هو الحلم الكبير للمنتخب السوري الذي لم ينجح في تحقيقه من قبل، ومع وصول مدرب ذو سجل جيد للغاية ترتفع آمال الفريق للوصول إلى كأس العالم 2026.
ويرى الصحفي نورس يكن في حديثه مع روزنة أن زيادة عدد مقاعد القارة الآسيوية لـ 8،5 في المونديال، يفترض أن يزيد من حظوظ المنتخب السوري للتأهل بغض النظر عن تواجد هيكتور كوبر.
ويوضح: "في تصفيات مونديال 2018 كان المنتخب قريب من الملحق النهائي، وبتصفيات 2022 تأهل للمرحلة الثانية، وبالإمكان اعتبار المنتخب السوري فعلياً ضمن أفضل 20 منتخب بآسيا ولديه فرص كبيرة مع النظام الجديد للتصفيات".
لكن "يكن" يشير إلى أن قيادة منتخب سوريا ليست فقط قيادة فنية، إذ أن "هناك عوامل أخرى، مثل إدارة الصراعات داخل المنتخب، وأن ينجح في فرض وجهة نظره على وجهات نظر المسؤولين واللاعبين الذين يمتلكون (واسطات) والأحزاب والشلل".
ويتساءل الصحافي السوري باستغراب عن كيفية قبول كوبر والحضري التدريب في سوريا، نظراً لطبيعة الرياضة فيها والمستوى الاحترافي لمنتخبها، مذكراً بعدم دفع المستحقات للمدرب التونسي السابق نبيل معلول "لم يأخذ مستحقاته في النهاية، نستطيع القول أنهم (اتحاد الكرة) نصبوا عليه!".
ولفت "يكن" إلى أن الاتحاد السوري لكرة القدم قد يقدم تسهيلات أكبر لكوبر من المدربين الذين سبقوه، باعتبار أن "المنظومة الرياضية والمنظومة السياسية بحاجة لوصول المنتخب لكأس العالم، وهذا الأمر سوف يستفيدون منه كثيراً على أصعدة رياضية وغير رياضية".
كأس العالم ونهائي "شامبيونز ليغ".. سجل تدريبي مميز
لعل قيادة هيكتور كوبر للمنتخب المصري للتأهل إلى مونديال روسيا 2018 للمرة الثالثة في تاريخ الفراعنة، يعتبر أبرز إنجازاته التدريبية، بالإضافة لقيادته نادي فالنسيا الإسباني للمباراة النهائية في دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين عامي 2000 و2001، وخسارته للقب حينها في اللحظات الأخيرة.
الأرجنتيني-الإيطالي هيكتور راؤول كوبر المولود عام 1955، بدأ مسيرته التدريبية صيف 1993 مع فريق هوراكان الأرجنتيني، انتقل بعدها إلى مواطنه لانوس، قبل أن يرحل إلى الملاعب الإسبانية، التي سطع نجمه فيها، حيث درب ريال مايوركا ومن ثم فالنسيا، محرزاً كأس السوبر الإسباني مرتين مع كلا الفريقين.
ووصل كوبر مع فالنسيا لنهائي دوري الأبطال مرتين، خسر الأول أمام ريال مدريد بثلاثة، والثاني أمام بايرن ميونيخ بالركلات الترجيحية، بالإضافة لوصافة كأس الكؤوس الأوروبية عام 99 ووصافة كأس ملك إسبانيا 98 مع مايوركا.
ومن إسبانيا انتقل كوبر لتدريب الكبير الإيطالي إنتر ميلان بين عامي 2001 و2003.
ومرة أخرى يكون فريقه وصيفاً ولا يتوج بلقب الدوري الإيطالي 2003، ليتم وصفه بـ"العبقري المنحوس" من الصحافة الأوروبية، بسبب نجاحه في قيادة الأندية التي يدربها للنهائيات ولكنه يخسرها في الأمتار الأخيرة.
ومن الإنتر عاد لمايوركا ومن بعده ريال بيتيس الإسباني وبارما الإيطالي، في حقبة لم تشهد أي إنجازات.
وتولى تدريب منتخب وطني للمرة الأولى في مسيرته عام 2008 مع منتخب جورجيا، ولم يحرز معهم أي فوز رسمي في تصفيات مونديال جنوب إفريقيا، واكتفى بـ 3 تعادلات و7 هزائم.
من بعدها ذهب لليونان ليدرب فريق آريس سالونيكا، ويحصل على الوصافة مجدداً بنهائي كأس اليونان لتستمر عقدته مع النهايات، ومن اليونان عاد إلى إسبانيا مع نادي راسينغ سانتاندير، ومن بعده أوردو سبور التركي، والوصل الإماراتي، ولم يحقق معهم أي نتائج بارزة.
ولكن محطته الأبرز كانت مع منتخب مصر، عندما تولى تدريبهم عام 2015، وتمكن من قيادتهم لمونديال روسيا، بعد غياب الفراعنة عن كأس العالم لـ 28 عاماً، إلا أن عقدة الوصافة ظلت تلاحقه، إثر خسارته لنهائي كأس الأمم الإفريقية 2017 أمام الكاميرون بهدفين لهدف.
وبعد مصر درّب منتخبي أوزبكستان والكونغو الديمقراطية، وفشل مع كلا المنتخبين في التأهل للمونديال، ليصل أخيراً إلى سوريا، كـ أول مدرب من أميركا الجنوبية يتولى تدريب منتخب كرة القدم.
كوبر والاستثناء اللاتيني في تدريب سوريا
يعتبر كوبر المدرب الأمريكي الجنوبي "اللاتيني" الأول لمنتخب سوريا، الذي لم يعرف سابقاً أي مدرب من خارج أوروبا أو المنطقة العربية والآسيوية، إذ يعتمد الاتحاد غالباً على المدربين المحليين، مع تدريب27 مدرباً أجنبياً لمنتخب الرجال، معظمهم من أوروبا الشرقية.
ومن أبرز المدربين الأجانب، السوفييتي أناتولي أزارنيكوف، والروماني تيتا فاليريو والمصري أحمد رفعت، والألماني شتينغه والتونسي معلول، كما تولى تدريب المنتخب أسماء معروفة أخرى مثل الفرنسي كلود لو روا الذي تم تعيينه عام 2011 عقب كأس آسيا، ولكن مهمته لم تستمر طويلاً، حيث استقال بعد اندلاع الثورة السورية وتأزم الوضع في البلاد على كافة المستويات.
أبرز من حقق الإنجازات كان "أزارنيكوف" الذي قاد المنتخب للفوز بذهبية المتوسط عام 87، والسوري حسام السيد الذي حقق كأس غرب آسيا 2012، والذي عاد لتدريب المنتخب مؤخراً، ليعين كوبر خلفاً له.
وفي الحديث عن المدربين المحليين، يذكر اسم المدرب أيمن حكيم الذي قاد المنتخب للملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم 2018، وخسر أمام المنتخب الأسترالي، بعد مباراتين تعادلا فيها إيجاباً بهدف لمثله في كلا المواجهتين، ليتم تمديد مباراة الإياب لأشواط إضافية وتتمكن أستراليا من خطف الفوز برأسية تيم كاهيل.
يذكر أن المنتخب السوري يحتل حالياً المرتبة 90 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA للمنتخبات الوطنية، والـ 14 على مستوى القارة الآسيوية.