التسويات في الرقة.. الخوف دافع للمصالحة؟

Main Image
Thumbnail 1
Thumbnail 2
Thumbnail 3
Thumbnail 4
Thumbnail 5
Thumbnail 6
Thumbnail 7

تقارير | 21 01 2022

عبد الله الخلف

في بلدة السبخة الخاضعة لسيطرة النظام السوري شرقي الرقة، تتم "عملية التسوية" التي أطلقها النظام في الثاني عشر من الشهر الجاري، والتي تشهد إقبالاً كبيراً بحسب وسائل إعلام رسمية تابعة للنظام، ونشطاء مدنيين من الرقة.


التسوية في السبخة خاصة بأبناء محافظة الرقة، جاءت بعد الانتهاء من التسويات في منطقة الميادين والتوسع باتجاه الريف الغربي لمدينة دير الزور. 

وتشمل المطلوبين للنظام والجنود المنشقين عنه والمطلوبين للخدمة العسكرية باستثناء من "تلطخت" أيديهم بالدماء، وفق ما تم ذكره عبر الوسائل الإعلامية التابعة للنظام.

الخوف من ضياع الأملاك.. سلاح النظام لدفع الأهالي نحو التسوية

كان أبو أحمد "58 سنة، اسم مستعار" أحد أوائل الأشخاص الذين شاركوا في المظاهرات المناهضة للنظام السوري إبان عام 2011، اعتقل وهو وثلاثة من أبنائه بسبب نشاطاتهم المؤيدة للثورة في تلك الفترة، ولكنه اليوم يذهب لإجراء التسوية!

حاول ابنه البكر منعه من ذلك، ولكن لم يستطع ثنيه عن قراره، ذهب للسبخة وأجرى التسوية بالفعل، ليس حباً بالنظام أو تصالحاً معه، ولكن لاستعادة بيته وأراضيه التي صادرتها قوات النظام في قريته التي يسيطر عليها النظام جنوب شرق الرقة.

"روزنة" التقت بأكبر أبناء أبو أحمد، والذي روى ما حدث "نزحنا من قريتنا قبل نحو 4 سنوات ونصف بعد سيطرة النظام عليها، ولكن هنا في مدينة الرقة ساءت ظروفنا المعيشية كثيراً، والنظام صادر أملاكنا في قريتنا، لذلك قرر أبي أن يعود ويجري التسوية".

ويبيّن أحمد بأن والده ما زال هناك ليستعيد الأملاك ويبيعها ومن ثم يعود للرقة، ويضيف "شعرت بأن أبي كان مكسوراً وهو يركب الحافلة المتجهة إلى هناك، حاولت منعه ولكن قال لي ليس باليد حيلة! إذا لم يفعل ذلك ستسوء أوضاعنا أكثر".

اقرأ أيضاً: عملية "تسوية" في الرقة .. وتوقع "إقبال كبير" نتيجة ضغوط النظام

من جانبه يؤكد حازم أبو حذيفة "ناشط إعلامي" أن الكثير من أقاربه الذين ينحدرون من قرى وبلدات ريف الرقة الشرقي الخاضعة لسيطرة النظام ذهبوا لإجراء التسويات بهدف استعادة أملاكهم المستولى عليها.

موضحاً "استخدم النظام أسلوب حجز الأراضي الزراعية والإعلان عنها بالمزادات العلنية للإيجار، بالإضافة لمصادرة بيوت ومحلات، والوضع الاقتصادي الصعب لأصحاب هذه الأملاك الذين نزحوا بعد سيطرة النظام على قراهم يدفعهم للقبول بالمصالحة مع النظام لاستعادة شقاء عمرهم".

ويضيف حازم أسباباً أخرى تدفع الناس نحو المصالحات، وهي ضعف قطاعات التعليم والصحة في مناطق "الإدارة الذاتية"، بالإضافة للحاجة للأوراق الثبوتية الرسمية، مثل الشهادات التعليمية وجوازات السفر وفق ما قال لـ"روزنة"

الخوف من مستقبل المنطقة الغامض.. دافع آخر باتجاه التسوية

تتقاسم القوى الثلاثة الرئيسية في سوريا "النظام السوري، قوات سوريا الديمقراطية(قسد)، الجيش الوطني التابع للمعارضة السورية" السيطرة على محافظة الرقة، حيث تسيطر قسد على النسبة الأكبر المتمثلة بمركز المحافظة ومدينة الطبقة، والريف الشرقي والغربي "شمال نهر الفرات"، بالإضافة لأجزاء واسعة من الريف الشمالي ومناطق أخرى من الريف الجنوبي.

فيما يسيطر النظام السوري على جزء من الريف الشرقي والغربي "جنوب النهر"، وتتولى فصائل الجيش الوطني حكم ناحيتي تل أبيض وسلوك والقرى والبلدات القريبة منها شمالي المحافظة.

ويتخوف البعض في الرقة من عودة النظام السوري لاستلام زمام الأمور في المحافظة من جديد، في حال انسحاب الولايات المتحدة واتفاق قسد مع دمشق على ذلك، وهذا سبب يدفع البعض نحو التسويات كما يرى حمزة الملا وهو ناشط مدني.

يعتقد حمزة أن الدعاية الإعلامية التي ينشرها النظام باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي، أثرت بشكل كبير على الكثيرين، بإجراء التسوية خوفاً من بطش أجهزته الأمنية في حال عاد وسيطر على المدينة،  وفق ما قال.

ويضيف "النظام يريد إيصال رسائل للخارج والداخل بأنه انتصر وسوريا كلها ستكون تحت سيطرته، والناس تعبوا ولم تعد لديهم القدرة على اللجوء للخارج، لذلك نرى البعض يتجه نحو المصالحة".

قد يهمك: فخ التسويات يصطاد اللاجئين العائدين إلى سوريا

موقف الإدارة الذاتية من التسوية

من جانب آخر أفاد مصدر خاص لـ روزنة من قوى الأمن الداخلي التابعة لـ "قسد"، أنهم سيقومون بمنع الراغبين بإجراء التسوية من السفر لبلدة السبخة التي تتم فيها التسويات، وسيتم التحقيق مع كل شخص ثبت إجراءه للتسوية ومحاسبته حسبما قال.

هذا التشديد لم يمنع بعض المدنيين الراغبين بالتسوية أن يسلكوا طرقاً أخرى في حال منعهم من قبل قسد، مثل الادعاء بأنهم ذاهبون باتجاه دمشق وعند الوصول لمناطق النظام يعودون للسبخة، وفق ما ذكر شهود عيان لـ روزنة.

ويقول علي رحمون نائب رئيس مجلس سوريا الديمقراطية، أن عملية التسويات التي يقودها النظام السوري في المنطقة، لن يكون لها تأثير على استقرار مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية، وكذلك على المفاوضات بين مجلس سوريا الديمقراطي والنظام السوري.

ويوضح أنه لا يوجد أي تفاوض مع هذا النظام، هي محاولات للحوار" نحن نبحث عن حوار بنّاء لتحقيق مكاسب لشعبنا، والنظام لا يعترف بما جرى بسوريا ويعتبر ما حدث مشكلة بسيطة يحلها عن طريق التسويات".

دور الزعامات العشائرية

مجتمع الرقة الذي يغلب عليه الطابع العشائري، تختلف الآراء السياسية لأبناء عشائره وزعماؤها، حيث لا وجود لعشيرة موالية بالكامل وأخرى معارضة.

وعمل النظام السوري على استمالة وجهاء عشائر المدينة للتأثير على أبناء عشائرهم، بحسب محمد العواد شيخ عشيرة البو مانع.

يقول الشيخ العواد لـ روزنة إنه تلقى عرضاً من قبل أحد أقاربه في بلدة السبخة بأن يعود لبلدته ويجري المصالحة معززاً مكرماً كما قال له صاحب العرض.

صادر النظام منزل الشيخ العواد وأراضيه منذ أربع سنوات، وأصبح منزله مقراً للأمن السياسي، ويعمل النظام على إقناعه بإجراء التسوية لكي يؤثر على أفراد العشيرة ليعودوا إليه، ولاستعادة أملاكه المصادرة أيضاً، ولكن هذه العروض لاقت الرفض من قبله، بحسب ما أخبرنا.

في الحادي عشر من الشهر الجاري أصدر عدد من شيوخ ووجهاء عشائر الرقة بياناً يؤكدون فيه رفضهم للتسويات مع النظام بالمطلق، معتبرين أن النظام هو من يجب أن يقدم اعتذاره من الشعب حسبما جاء في نص البيان.

في حين تواجد شيوخ ووجهاء آخرون من عشائر المنطقة في بلدة السبخة، لدعم عملية التسوية وتشجيع وطمأنة أبناء العشائر المطلوبين للنظام من أجل تسليم أنفسهم.

وتظاهر العشرات من نشطاء وسكان الرقة في ساحة الشماس وسط المدينة يوم الأربعاء الماضي رفضاً للمصالحات مع النظام السوري، وحمل المتظاهرون لافتات أكدوا فيها على رفضهم المطلق للتسوية، وهتفوا بالشعارات المناصرة للثورة السورية.

وخرجت يوم الجمعة الماضي أيضاً مظاهرة في مدينة الطبقة بريف الرقة الغربي رفضاً للتسويات كذلك، شارك بها العشرات من سكان المدينة وهتفوا ضد المصالحة مع النظام.
 

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض