تقارير | 9 11 2020

تقتصر فحوص فيروس "كورونا المستجد" (PCR) داخل مخيمات اللاجئين في لبنان، على حالات قليلة واستثنائية لا يمكن أن تغطّي حجم الخطر الذي قد يسببه انتشار الوباء داخل المخيمات أو حتى انتقال العدوى من خيمة إلى أخرى. فالجمعيات والمنظمات الدولية العاملة في مخيمات اللجوء غير قادرة على تمويل فحوص عشوائية ودورية ضرورية في هذه المخيمات المكتظة بالسكان والتي تفتقد إلى الكثيرة من الحاجات الإنسانية الضرورية.
أما الدولة اللبنانية فهي تؤكد يوماً بعد يوم عدم قدرتها على مواجهة الفيروس لا سيما في موجته الثانية التي أتت شرسة، إذ يسجّل لبنان يومياً أكثر من ألف حالة إصابة بـ"كورونا"، وتتزايد أعداد الوفيات في موازاة ذلك، فيما يؤكد القطاع الصحي في لبنان عدم قدرته على تغطية هذه الزيادات الكبيرة في أعداد المصابين، لناحية تأمين العلاج المناسب أو الحجر داخل المستشفيات، وعدم وجود أجهزة تنفّس كافية للجميع.
خيم متلاصقة
في عرسال، في البقاع الشمالي، يعيش حوالي 70 ألف سوري، يتوزّع 70 في المئة منهم على نحو 10 آلاف خيمة، وبذلك يمكن الحديث عن وجود نحو 5 أو 6 أشخاص في كل خيمة، وهي خيم متلاصقة، ما يؤمّن للفيروس بيئة ممتازة لنقل العدوى والانتشار. هذا في ظل مشكلة في تأمين المياه في الكثير من المخيمات المنتشرة في المناطق اللبنانية وضعف إجراءات النظافة والوقاية الكافية.
قد يهمك: السلطات اللبنانية تعلن فتح الحدود أمام السوريين بشروط
وتزداد الأمور تعقيداً مع صعوبات تجوّل السوريين التي تفرضها عرسال وبلديات أخرى في عكار وغيرها من المناطق اللبنانية، ما يجعل الذهاب من منطقة إلى أخرى لإجراء فحص "كورونا" مسألة شاقة ومشروطة.
وإجراءات حظر التجوّل أو الحد منه رافقت وصول الفيروس إلى لبنان، وذلك في ظل ضعف الإمكانات الوقائية المتاحة، وصعوبات ضبط الأوضاع لا سيما في المناطق الفقيرة المهملة والتي تنتشر فيها غالباً المخيمات.

"كورونا يهدد العالم كله فكيف الحال عندنا نحن المجتمعات الفقيرة المنسية المهملة؟ نحن لا نملك مراكز طبية ولا أجهزة تنفّس كافية، فكيف نحمي أبناءنا؟"، يقول الحجيري، مشيراً إلى أنّ "الوافدين براً أو جواً من السوريين تجرى لهم فحوص كورونا لكنّ المشكلة في تأمين الفحوص داخل المخيمات التي تشكّل بؤرة خطيرة ومناسبة لانتشار الوباء". ويؤكد في هذا الإطار أن "تحقيق التباعد الاجتماعي داخل المخيمات مهمّة مستحيلة".
تراجع مصادر التمويل
"روزنة" اتصلت بأكثر من ناشط في جمعيات مختلفة تعمل على تقديم خدمات للمخيمات، وأجمع هؤلاء على عدم إمكان تمويل فحوص "كورونا" عشوائية بشكل أسبوعي أو شهريّ حتى، نظراً إلى تراجع مصادر التمويل في الفترة الأخيرة. لكنّ هذه الجمعيات تقوم بدور التوعية وتوزّع مطهّرات وأدوات تنظيف للاجئين. أما مراقبة ما يحدث حقاً داخل هذه المخيمات وكيفية تطبيق إجراءات الوقاية، فمسألة صعبة ولا أحد يتحمّل هذه المسؤولية.
سيدة سورية (زينب الأحمد، 26 سنة) تواصلت معها "روزنة" قالت: "لقد نجونا من الحرب، فهل نخشى فيروس يموت بالصابون والماء؟". وأضافت زينب: "أعيش مع عائلتي المؤلفة من 6 أفراد في خيمة صغيرة، نتناوب على دخول الحمام مع عائلتين في خيمتين مجاورتين. كيف يمكن أن أتخذ إجراءات وقاية وتباعد اجتماعي؟".
تعاني زينب التي تقطف في مخيم في البقاع الأوسط، من الربو ومشكلات تنفسية أخرى وهي تعيش في ظروف سيئة في ظل "كورونا"، ولا تستطيع اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية نفسها والحفاظ على صحتها، تقول لـ"روزنة": "نعيش من قلّة الموت"!

قد يهمك: ضحايا سوريون في تفجير بيروت..."خسرت خالي وبيتي وعملي"
محافظة عكّار، شمال لبنان، يعيش فيها أكثر من 400 ألف نازح سوري وفق تقديرات غير رسمية، يتوزّعون على مخيمات عشوائية، أو في بيوت بسيطة في القرى والبلدات.
يقول إيلي وهو ناشط من عكار، إنّ "فحوص الـPCR التي تقدّمها بعض الجمعيات لا تغطي شيئاً من حجم الحاجة والخطر داخل هذه المخيمات التي تفتقد إلى أبسط الظروف المعيشية والإنسانية". ويشير إلى أن "اللاجئين في هذه المنطقة يعيشون في ظروف صعبة وقد زادت الأمور سوءاً في الفترة الأخيرة مع الغلاء وتفشي كورونا". ويتابع: "هناك بلديات منعت خروج اللاجئين من المخيّمات، ربما ساعد هذا الأمر في تخفيف التخالط بين الناس، ولكنه أمر لا يمكن أن يدوم، إذ ليس منطقياً الاستمرار في سجن العائلات داخل المخيمات إلى الأبد".