تقارير | 11 09 2020
مالك الحافظتزداد التوقعات المرجحة بحدوث أزمة غذائية يتصدرها تراجع في إنتاج مادة الخبز، بعد تخفيض مخصصات الخبز عبر البطاقة الذكية التي اعتمدها النظام لتوزيع المواد الغذائية الأساسية إلى النصف، قبل أن تلغى صفقتين لاستيراد القمح منذ حوالي 9 أشهر، في حين كان عرض الأكراد في شرق الفرات تسديد ثمن القمح للمزارعين في تلك المناطق بالدولار بدل الليرة السورية المنهارة، ما يعني شح مادة القمح الواردة إلى دمشق.
الخبير الاقتصادي، سمير خراط قال خلال حديث لـ "روزنة" أن النظام لم يعد يملك أي سلطة على أمنه الغذائي حيث المحاصيل الزراعية للقمح تراجعت بنسبة مخيفة بعد أن كانت سوريا من الدول المصدرة لتلك السلعة الزراعية.
وأضاف بالقول "تتوضح لنا الأسباب بهجرة الفلاح لأرضه الزراعية من جهة، ومن بقي يعمل بها إما تتعرض محاصيله للحرق بموجب الاشتباكات بالمنطقة، أو بالجفاف لشح الماء الناتج عن غياب المازوت لاستخراج المياه والقيام بالري، نضيف إلى ذلك هيمنة تماسيح السوق على الأسمدة والبذار مما يجعل أسعارها خارج إمكانات المزارع، علما أن المحاصيل تشتريها الدولة بأسعار لا تغطي أكلاف المزارع بالأساس؛ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه تتلاعب تماسيح السوق المقربة من النظام بمتطلبات الزراعة لكي تشح المواسم وتستطيع إدخال البديل عبر الاستيراد الذي تهيمن على كل قنواته وتتحكم بذلك بلقمة عيش المواطن".
قد يهمك: ارتفاع أسعار المواد الغذائية "المدعومة" إلى الضعف
وتابع في سياق بأن "عملية إدخال الخبز على البطاقة الذكية كعملية تقنية استثمارية فهي أسلوب من أساليب مشاركة المواطن بلقمة عيشه وكلنا يعرف من هم مالكي الشركة المسؤولة عنها (شقيق أسماء الأسد) وكم تحصل على كل مرة يتم استعمالها من قبل المواطن، حيث تحصل الشركة على مبلغ 100 ليرة لكل استعمال انطلاقاً من الرز والزيت والسكر والبنزين والمازوت ونضيف اليوم الخبز برسم خمسة ليرات عن كل استعمال، بخاصة أنهم لا يوزعون المواد بمرة واحدة بل كل يومين أو ثلاث يوزعون سلعة وبذلك يحققون مبلغ الـ 100 ليرة من كل مرة".
النظام السوري كان قد برر إجراءات إدخال مادة الخبز على البطاقة الذكية بأنها عملية ترشيد الإستهلاك للمادة وتخفيف الهدر بها، إضافة إلى أن الحصار الذي فرض على النظام ينعكس على إمكانية الحصول على مادة الطحين والقمح، علماً أن العقوبات والحصار غير مطبق على المواد الغذائية والطبية، وفق خراط.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن "غياب الدولة بهذا الموضوع ناتج عن غياب السيولة بالقطع الأجنبي لاستيراد تلك المواد، ما يفتح الباب للقطاع الخاص (رجال الظل) بالاستيراد الذي يمتلك أغلبية القطع الأجنبي لتغطية أثمان المواد، وهذا ما فعلوه أيضا بالبيض والدجاج، مما خلق أيضا أزمة غلاء والغريب أن النظام مازال يبرر ذلك بأن الحصار والعقوبات هي وراء ذلك وكأن المواطن ليس بصورة الحقائق".
وقررت وزارة التموين لدى حكومة النظام السوري، تخفيض مخصصات الخبز للعائلة الواحدة في مناطق سيطرتها، بحجة تخفيف اﻻزدحام عن اﻷفران.
وأكد معاون وزير التموين رفعت سليمان، أنه سيتم اتباع آلية جديدة لبيع مادة الخبز على البطاقة الإلكترونية "البطاقة الذكية" اعتبارا من يوم غد الجمعة. حيث سيتم منح المخصصات كل يومين بدلا من كل يوم، وسيتم توزيع 4 ربطات لكل عائلة بغرض تخفيف الازدحام على الأفران.
يذكر أنه بتاريخ 15 نيسان الماضي، بدأ بيع الخبز عبر البطاقة الذكية بدمشق وريفها، بسقف 4 ربطات يومياً للعائلة، وبالنسبة للحالات الخاصة كالعازب؛ فيتم البيع عبر بطاقات الماستر، وتباع الربطة من الفرن بـ50 ليرة، ومن المعتمدين بـ60 ليرة متضمنة أجور النقل والخدمة.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تُحذر مجدداً: المجاعة السورية تقترب!
وكان مسؤولون في الأمم المتحدة حذروا من أن تواجه سوريا نقصا حادا في الخبز للمرة الأولى منذ عام 2011، مما يمثل تحديا جديدا للنظام السوري، وهو الذي يواجه تراجعا اقتصاديا وعقوبات أميركية جديدة.
هذا وتضعف أي اضطرابات كبيرة في نظام دعم الخبز المعمول به في سوريا وضع حكومة النظام، كما تهدد السوريين المعتمدين اعتمادا كبيرا على القمح، في وقت يدفع فيه التضخم الجامح أسعار المواد الغذائية للارتفاع.
وقال ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في سوريا مايك روبسون "ثمة أدلة بالفعل على أن الناس بدؤوا يستغنون عن وجبات"، وأضاف "إذا ظلت العملة تحت ضغط فسيكون من الصعب الحصول على الواردات وربما تشهد الشهور التي تسبق محصول القمح لعام 2021 نقصا حقيقيا".
وخلال الأشهر الستة الأخيرة وحدها تشير بيانات برنامج الأغذية العالمي إلى أن عدد الذين يقدر أنهم "لا يشعرون بالأمن الغذائي" في سوريا ارتفع من 7.9 ملايين فرد إلى 9.3 ملايين.
قد يهمك: المصرف المركزي السوري يلتف على "قيصر" برفع أسعار المواد الغذائية
و فقدت سوريا خلال سنوات الحرب أكثر من 60 في المئة من قدرتها على إنتاج القمح وتحولت من دولة مكتفية ذاتياً إلى دولة غير قادرة على دفع ثمن حاجه مواطنيها من القمح، حيث يعتبر محصول القمح أهم المحاصيل الاستراتيجية المدعومة في سوريا وذلك لاستخدامه في إنتاج طحين الخبز، المادة الغذائية الأساسية للسكان.
و خلال العقدين السابقين للحرب، وضع السوريون ملف القمح كأحد أهم الأولويات، وعملت مراكز الأبحاث الحكومية والإقليمية على تطوير أنواع مختلفة من البذور القادرة على الإنتاج العالي رغم قلة المياه، وطورت معامل الأسمدة منتجاتها مستفيدة من مخزون الفوسفات السوري الذي يعتبر ضمن الأعلى عالمياً، كما عملت البنوك الوطنية على تأمين القروض للمزارعين لدعم إنتاج وحصاد القمح.