تقارير | 3 09 2020
"الله لا يسامحو حرمني من ولادي" بهذه الكلمات اختتمت ميساء درباس، 33عاماً، آخر أنفاسها في هذه الحياة بعد أن قررت الانتحار، كما تروي أختها الشاهدة على وفاتها، إثر تناولها بضعة حبوب سامة جعلتها تفارق الحياة، أنهت بها معاناة استمرت طويلاً مع زوجها، أحمد إبراهيم درباس، الذي مارس عليها كل أنواع العنف ما أجبرها على اتخاذ قرار الانتحار.
توفيت المعلمة ميساء درباس بتاريخ الثاني من شهر أيلول الحالي وهي نازحة من قرية، ركايا سجنة، بريف إدلب الجنوبي إلى بلدة أطمة شمال إدلب، تاركة وراءها ثلاثة أطفال أكبرهم طفلة تبلغ من العمر ست سنوات وأصغرهم طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف.
صلة القرابة لم تشفع لمنع العنف الممارس عليها من قبل زوجها، صديقتها المقربة قالت لـ"روزنة" : "زوج ميساء كان يعنفها بشكل مستمر، مرة بالضرب، ومرة بالتهديد بأخذ أولادها منها ومنعها من دخول المنزل". صديقتها امتنعت عن ذكر اسمها خوفاً من تلقي أي أذية من زوج ميساء الذي وصفته بالمجرم.
وتتابع: "تصل ميساء يومياً إلى المدرسة وآثار الكدمات على وجهها، قبل عدة أيام تعرضت للضرب بمفك للبراغي، وكانت آثار الضرب عليها واضحة جداً".
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أجبرت من قبل زوجها على الذهاب إلى دوامها في المدرسة مشياً على الأقدام طوال الأسبوع الماضي، واضطرت أن تقطع مسافة طويلة من مخيمات أطمة حتى وسط البلدة مانعاً إياها صعود أي مركبة أو مع أي أحد كان".
اقرأ أيضاً: 4 أسباب تدعو المرأة إلى الانتحار... تعرّف إليها
هذا ما حدث مع ميساء الأسبوع الفائت حسب ماروت لنا صديقتها، والتي كانت على اطلاع بكل تفاصيل حياة ميساء ونسبت إليه الاستيلاء على كامل أجورها الشهرية.
يبدوا أن قرار الانتحار الذي وصلت له ميساء لم تصل إليه بسهولة، وأنه جاء بعد أن استنفذت جميع سبل الاستقرار ولم تجد أحد يقف بجانبها، ولم يكن لديها أي ثقة بمحاكم محافظة إدلب التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، تقول الصديقة.
كما أن أهلها امتنعوا عن الوقوف معها طوال سنوات كثيرة بسبب العادات والتقاليد التي تحتم عليهم السكوت عن ممارسات قريبهم خشية نشوب الخلافات العائلية ضمن العائلة الكبيرة، وأن ميساء لم تحتمل حالة فصلها عن أطفالها وهي الأم الحنون المعروفة بطيب قلبها وأخلاقها وتضحياتها المستمرة من أجل أطفالها.
لم تنته ممارسات الزوج القمعية حتى بعد أن فارقت ميساء الحياة فقد حرم أطفالها من رؤية والدتهم للمرة الأخيرة كما منعهم من حضور عزائها دون أي ردة فعل من الأهل أو المجتمع المحيط بهم.
لم تكن ميساء وحدها المعنفة في العائلة، ابنتها ريناد والبالغة من العمر، 6 سنوات، تعرضت للصفع المبرح على الوجه من قبل والدها بسبب خطأ إملائي وقعت به أثناء الكتابة، وهي لا تزال في الصف الأول ، وذلك حسب ذات الصديقة التي تعمل معلمة في نفس المدرسة التي تعمل بها ميساء، والتي قد أكدت على وجود آثار الضرب على وجه الطفلة بشكل واضح.
قد يهمك: انتحار سيدة في دير الزور بعد اكتشافها خيانة زوجها لها
وكانت منظمة الصحة العالمية أوصت ببضع طرق لمنع حالات الانتحار، وذلك من خلال وضع قوانين تمنع العامة من الوصول إلى الوسائل التي تساعد على الانتحار، موضحة أن القوانين التي نصت على منع تداول المبيدات الحشرية في سريلانكا، قلّلت حالات الانتحار فيها بنسبة 70 في المئة خلال 10 سنوات.
كما أوصت بنشر التوعية حول الانتحار في الإعلام والمدرسة بشكل جيد، وإصدار قوانين لتخفيف استهلاك الكحول، وتقديم الدعم النفسي لذوي الأزمات النفسية الحادة، والكشف المبكر عن الأمراض العقلية وعلاجها.
وزادت حالات العنف وميل النساء للانتحار خلال سنوات الحرب في سوريا، حيث أقدمت، في أواخر الشهر الفائت، سيدة تبلغ من العمر 41 عاماً، في مدينة اللاذقية على الانتحار، حيث كانت في منزل أخيها الذي عثر على ظرف مبيد حشري إلى جانب شقيقته حين وفاتها. وفق تلفزيون "الخبر".
كما انتحرت فتاة في الـ 25 من العمر، في ذات الشهر عبر إلقاء نفسها من أحد الأبنية السكنية في اللاذقية بعد محاولة شاب الاعتداء عليها والتحرش بها، وفق وزارة الداخلية، وفي منتصف تموز توفيت شابة، 23 عاماً بعد تناول مواد سامة "مبيد حشري" في ريف حلب، وقال الطب الشرعي إن الفتاة غالباً انتحرت نتيجة الضغوط النفسية. وفق صحيفة "الوطن".
وقال رئيس الطبابة الشرعية، زاهر حجو، منتصف شهر تموز، إن العام الحالي شهد 87 حالة انتحار حتى نهاية شهر حزيران، في حين شهد عام 2019، 124 حالة انتحار.
وأوضح حجو أن أكثر المحافظات التي شهدت حالات انتحار هي محافظة حلب، 18 حالة، تليها اللاذقية 13 حالة، ومن ثم العاصمة دمشق بـ 10 حالات.