تقارير | 27 08 2020

قبل كتابة هذا التقرير بدقائق، كانت عائلة حسين لا تزال تتمسّك بأمل ضئيل بأن يكون عامر أحمد حسين على قيد الحياة. قالت ابنة خاله هنية لـ"روزنة": "ربّما فقد الذاكرة لذلك لم يعرف طريقه إلينا، لكننا هنا بانتظاره في سوريا، منذ يوم تفجير مرفأ بيروت".
إلا أن الخبر السيئ كان أسرع من الكتابة، فقد أثبت التحليل الذي أجراه والد عامر أنّ الأخير فارق الحياة، وأصبح من عداد ضحايا تفجير مرفأ بيروت.

الخطيبة سارة، التي كانت تتأمّل بأن ترى حبيبها وإن كان مصاباً أو مجروحاً، سيكون عليها أن تبكي فوق جثمانه مرّةً أخيرة، وتحمّله حبّها، وأشواقها وتتحمّل ألم فراقه.
عامر (25 سنة) وهو من قرية بيت جناد بمنطقة ضهر صفرا التابعة لبانياس في محافظة طرطوس، يسكن في لبنان منذ سنوات، يعمل في إحدى البواخر على مرفأ بيروت، ويزور عائلته في سوريا كل 9 أشهر، مطمئناً على صحتهم، وأحوالهم.
اقرأ أيضاً: حملت طفلها من طرابلس لمستشفى الكرنتينا... فمات في الانفجار
تقول ابنة خاله هنية: "باخرته أماديو 2 كانت توزّع النفط على البواخر الأخرى، وهي كانت راسية على الرصيف يوم التفجير، لقد رأيناها على الشاشات تحترق واحترق قلبنا معها".

أيام طويلة من الانتظار عاشتها العائلة مع الأخبار غير الدقيقة، بين من يؤكد أنه رآه وبين من يرجّح أنّه في هذا المستشفى أو ذاك أو أنه فقد ذاكرته.
"عامر إيدو فيها سياخ وإيدو التانية معطوبة من الولادة، عندو زند أتخن من زند"، كانت تردد ابنة العم المفجوعة، قبل أن يصل خبر سقوط العامل النشيط، ويتأكّد خبر رحيله عن العالم.
قد يهمك: تركت لعبها وسافرت... بيسان طيباتي من ضحايا تفجير بيروت
عادت هنية لتراسل "روزنة" بتلك الجملة الرهيبة "طابق تحليل أبوه مع جثة في المستشفى". وكان والد عامر سافر من سوريا إلى لبنان، بحثاً عن ولده، متأمّلاً أن يستطيع إعادته معه، لكنّ التفجير الهائل أخذ عامر كما أخذ معه أكثر من 170 شخصاً وحلماً وقصّة.

قصص كثيرة ملقاة الآن على طرق بيروت، بين لبنانيين وسوريين وغيرهم من الذين فقدوا أحباءً أو بيتاً أو سيارةً أو متجراً أو مستقبلاً، تعجّ شوارع بيروت بالقصص الحزينة المؤلمة.
الـ 2750 طن من نترات الأمونيوم، التي كانت في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، انفجرت في وسط المدينة، بين الناس، بين أماكن عملهم وسكنهم ومدارسهم وجامعاتهم. ويمكن تخيّل حجم المأساة واتّساعه وتلك القصص ستمتدّ مأساتهم إلى سنوات طويلة وربما أجيال، فما قبل 4 آب 2020 ليس كما بعده.
ووفق سفارة النظام السوري في بيروت، سقط 43 سورياً في التفجير الذي أدى إلى مقتل أكثر من 150 شخص، وإصابة حوالى 5000 آخرين بجروح، إضافة إلى عشرات المفقودين.