تقارير | 26 08 2020
مالك الحافظ
بعد تكرار استهداف الدوريات المشتركة الروسية-التركية على الطريق الدولي "M4" (حلب-اللاذقية الدولي) جنوبي إدلب، يرتفع مؤشر التوقعات بقرب تصعيد عسكري في المنطقة قد يستهدف التنظيمات الجهادية الخارجة عن السيطرة التركية في منطقة إدلب لخفض التصعيد.
ولعل التصعيد العسكري فيما إذا وقع سيؤدي إلى انهيار مسار الدوريات المشتركة في المنطقة، ما يعني أن طريق تصاعد الخلافات سيفتح من جديد بين الجانبين الروسي والتركي في الملف السوري.
وفشلت القوات التركية و الروسية للمرة الثانية في أقل من 10 أيام، في تسيير الدورية المشتركة رقم 26 على طريق حلب - اللاذقية، بعد تعرضها لهجوم يوم الثلاثاء، حيث استُهدفت آلية روسية بالقرب من قرية أورم الجوز في ريف إدلب الجنوبي. وهو الاستهداف الذي تبنته "كتائب خطّاب الشيشاني"، عبر قناتها الرسمية على "تيليغرام"، وهي ليست المرة الأولى التي يتبنّى فيها هذا الفصيل استهداف الدوريات المشتركة. بالمقابل أعلن مركز المصالحة الروسي في سوريا التابع لوزارة الدفاع الروسية عن "تعرض دورية روسية - تركية في إدلب لإطلاق نار من قاذفة قنابل، ما أدّى إلى إصابة جنديَّين روسيَّين بارتجاجات خفيفة في الدماغ"، مؤكداً أنه "تم الآن إيقاف الدوريات، وعاد الجيش الروسي إلى القاعدة".
احتواء تركي
المحلل السياسي حسام نجار، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أنه ورغم ضآلة تأثير عمليات الاستهداف على الدوريات المشتركة، غير أنها تبقى مؤشر هام، وترقى لأن تكون محركاً لتحركات روسية عنيفة.
وتابع بالقول "الأتراك يأخذون منحى الجدية بمنع تلك العمليات، و يسعون لإيقافها بمختلف الطرق والوسائل حتى لو كانت على حساب قواتهم، ويعاملون الروس بالمثل، بمعنى أنه لو عدنا بالذاكرة لطلب الروس للأتراك بالدوريات المشتركة على M5 و حول النقاط التركية والتي رفض الأتراك حينها تلك الدوريات فتبرأ الروس من عمليات النظام على النقاط التركية كي يجبرون الأتراك على الموافقة هنا يعمل الأتراك بنفس الأسلوب".
قد يهمك: تعهدات تركيّة بمنع التصعيد في إدلب… هل تستجيب روسيا؟
ورأى نجار أن عملية احتواء أي تصعيد هو أمر وارد، مستبعداً بذلك حدوث أي تطورات خارج المتوقع وبخاصة مع بدء اجتماع اللجنة الدستورية، بالتزامن مع التطورات الدولية وإصرار الولايات المتحدة على الحل بحسب رغبتها.
وأضاف بأنه و رغم محاولة النظام السوري اختراق المنطقة من عدة جهات؛ و كذلك الطلعات الروسية الجوية، إلا أن التصعيد الكبير يبقى في نهاية المطاف غير وارد الحدوث وفق تقديره.
وزاد بالقول "الروس و الأتراك سيعملوا على تثبيت الحالة كما هي، مع العلم أن جاهزية الفصائل جيدة وتقوم بصد محاولات الاختراق و تقتل من النظام العديد من العناصر… المضي بالعملية السياسية في صالح الطرفين و هما بالتأكيد بغنى عن تصعيد جديد لن يؤدي لفقدان إدلب؛ بل على العكس الروس يحاولون تلبية رغبة الأتراك بالعودة لنقاط المراقبة القديمة".
مؤشر تصعيد؟
الباحث السياسي، عبد الوهاب عاصي، كان أشار خلال حديث لـ "روزنة" أن استمرار استهداف الدوريات مؤشر على استمرار أنشطة التعطيل لتنفيذ الممر الأمني بموجب مذكرة موسكو (2020)، وبالتالي الإبقاء على حالة الثقة المتزعزعة بين تركيا وروسيا التي ستُحمّل الأولى مسؤولية حماية العسكريين التابعين لها.
كذلك اعتبر بأن روسيا ما تزال مصرّة على استخدام السبل العسكرية للضغط على تركيا من أجل تنفيذ التزاماتها وفق تفاهمات إدلب، ومع أنّ الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيّب أردوغان يلجآن دوماً إلى الدبلوماسية الشخصية لضمان العمل المشترك، لكن في حال عجز الطرفان عن دفع آلية التعاون المشترك في إدلب قدماً وبما يستجيب لمصالح كل منهما من قبيل استئناف الحركة التجارية بعد إقامة نقاط التفتيش وضمان عدم استهداف الدوريات، وفق وصف الباحث السياسي السوري.
اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب تزيد تركيا من تعزيزاتها العسكرية في إدلب
بينما رجح عاصي في سياق آخر أن يكون الانزلاق إلى التصعيد وارداً جداً، وهو أمر قد يُعززه تعثّر قدرة الطرفين على تجزئة الخلافات المتفاقمة في القضايا المشتركة.
وختم بالقول أنه "وفي حال الانزلاق لخيار التصعيد فإنّ المواجهات قد تأخذ شكلاً مختلفاً، من ناحية عدم القدرة على الانخراط السريع في معركة واسعة؛ لا سيما في ظل اعتماد تركيا على الطائرات المسيرة واستهداف النقاط المتقدمة لقوات النظام، وتشكيل خطوط صد عبر النقاط العسكرية وآخرها التي أقامتها في تل الأرقم بجبل الأكراد بريف اللاذقية".
استهدفت غرفة عمليات “الفتح المبين” منصات إطلاق الصواريخ والمدفعية في ست مناطق واقعة تحت سيطرة قوات النظام في ريف إدلب وسهل الغاب، حيث طال الاستهداف معسكر جورين شمال غربي حماة، وقرى البحصة ومحيط قريتي الدانا والجرادة وحرش خان السبل، بحسب ما أعلنته عبر معرفاتها في مواقع التواصل.
وتضم غرفة عمليات “الفتح المبين” كل من “الجبهة الوطنية للتحرير” المنضوية ضمن “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من تركيا، و”هيئة تحرير الشام”، و”جيش العزة”.
