تقارير | 26 08 2020

قبل أن يُشفى من المرض، الذي في كبده، وقبل أن يبلغ شهره السادس في هذه الحياة، وقبل أن يخطو خطوته الأولى على هذه الأرض، وقبل أن ينطق كلمته الأولى ويسمع صداها، حمل الطفل السوري قصي رمضان، ضحكته وغادر بعيداً.
تروي سارة جاسم محمد حكاية رحيل ابنها قصي يوم انفجار مرفأ بيروت بغصة كبيرة: "أتينا به من المنية في طرابلس إلى مستشفى الكرنتينا في بيروت، لأن قصي كان بحاجة إلى متابعة علاجه بسبب مشكلة في الكبد، ومعاناته من نسبة حديد عالية في الدم. تركته هناك حتى آخذ استراحة صغيرة، قبل ساعتين من الانفجار اتصلت بأختي وطلبت منها أن تبقى معه حتى عودتي".
تضيف سارة لـ"روزنة": "بعد ذلك دوّى الانفجار ووقعت الكارثة في بيروت، بقيت على أعصابي لساعات، لا أعرف ماذا أفعل ولا إلى أين أذهب".
اقرأ أيضاً: تركت لعبها وسافرت... بيسان طيباتي من ضحايا تفجير بيروت
حين عادت سارة إلى مستشفى الكرنتينا لتسأل عن ابنها وأختها، وافاها الخبر الحزين، ابن الـ5 أشهر وبضعة أيام أغلق عينيه الملائكيتين وعاد إلى السماء، أما خالته فتعرضت لإصابة ثم تعافت بعد حين.
بعد أسابيع من الانفجار الذي ألحق أضراراً بعدة مناطق في بيروت، لا يزال مستشفى الكرنتينا الحكومي يعاني من الدمار. ويقع هذا...
Publiée par World Health Organization (Eastern Mediterranean Regional Office) sur Lundi 24 août 2020
سارة أتت من حمص إلى لبنان قبل 8 سنوات تقريباً، تزوجت وسكنت في خيمة في المنية بطرابلس قبل 4 سنوات، ولها ابن آخر عمره سنتان... تروي لـ"روزنة" الوضع المزري الذي تعيشه عائلتها، من فقر وعوز، والآن رحيل قصي.
لم تصل المساعدات إلى سارة، فلا أحد يتوقع أن تصل فجيعة ذاك الانفجار إلى مدينة طرابلس.
فيما كان الجميع يداوي جرح بيروت وأهلها، كان قصي يُدفن في طرابلس، بصمت تام، ولم يعلم بموته أحد، لم يتوقف العالم ولا حتى دقيقة واحدة، ما زالت الأرض تدور، لكن قصي نائم الآن.
قد يهمك: انفجار مرفأ بيروت يلم شمل شقيقين سوريين للأبد!
قصص كثيرة ملقاة الآن على طرق بيروت، بين لبنانيين وسوريين وغيرهم من الذين فقدوا أحباءً أو بيتاً أو سيارةً أو متجراً أو مستقبلاً، تعجّ شوارع بيروت بالقصص الحزينة المؤلمة.
الـ 2750 طن من نترات الأمونيوم، التي كانت في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، انفجرت في وسط المدينة، بين الناس، بين أماكن عملهم وسكنهم ومدارسهم وجامعاتهم. ويمكن تخيّل حجم المأساة واتّساعه وتلك القصص ستمتدّ مأساتهم إلى سنوات طويلة وربما أجيال، فما قبل 4 آب 2020 ليس كما بعده.
ووفق سفارة النظام السوري في بيروت، سقط 43 سورياً في التفجير، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 150 شخص، وإصابة حوالى 5000 آخرين بجروح، إضافة إلى عشرات المفقودين.