تقارير | 26 08 2020

يتشابه حال الجولة الثالثة من جلسات اللجنة الدستورية بالجولة التي سبقتها في تشرين الثاني الماضي، فرغم أن الجلسة اليتيمة -حتى الآن- للجولة التي بدأ انعقادها يوم الاثنين الفائت (24 آب) قد تكون بمستوى إيجابي "مقبول" يختلف عن الجولة الثانية "الصفرية" بفعل عراقيل وفد "الحكومة السورية" (بحسب ما تسميه الأمم المتحدة) القادم من دمشق، إلا أن حضور الاستفزازات التي تعمدها وفد دمشق، وحضور فيروس "كورونا المستجد" داخل قاعة الاجتماعات يوم الاثنين في مدينة جنيف السويسرية؛ قد يبخر آمال استمرار هذه الجولة بالشكل الذي كان يرتجيه المبعوث الأممي إلى سوريا (غير بيدرسن) والوفود المشاركة في اللجنة.
التعليقات الواردة حتى الآن من جنيف إلى "روزنة" حول مصير هذه الجولة، تقول أن القرار المتوقع يتمحور حول خيار استكمال الاجتماعات مع غياب المصابين الأربعة بفيروس "كورونا" الذين تم الإعلان عن إصابتهم في وقت لاحق، وبين أن تستمر الاجتماعات بشكل افتراضي. غير أن مصادر "روزنة" من قائمة المجتمع المدني؛ رجّحت بألا يتم اللجوء للخيارين في حال استمرار إيجابية تحاليل الإصابات، على أساس أن وفد دمشق لن يُغيّر من خياره الرافض سابقاً عقد أية اجتماعات افتراضية عبر شبكة الإنترنت، وكذلك قد يستنكر الوفد ذاته استئناف عقد الجولة بغياب ممثليه المصابين، ما يزيد من غموض مصير استمرار الجولة من استكمالها.
محاولة الاستفزاز التي قام بها وفد دمشق بتسمية نفسه "الوفد الوطني"، وأنه لا يمثل الحكومة السورية ولا علاقة له بها، وسعيه لتجاوز التسميات المتفق عليها عند تأسيس اللجنة الدستورية، وبالاتفاق مع الأمم المتحدة، رد عليها الرئيس المشترك للجنة الدستورية، هادي البحرة، في تعليق صحفي لـ "روزنة" بأن أي حركة استفزازية قد تحصل بهدف إعاقة العملية السياسية و تضييع الوقت، لن يلتفت إليها وفد المعارضة السورية، مؤكداً استمرارهم الانخراط في أعمال اللجنة.
الجولة الإيجابية بحسب عضو وفد المعارضة، جمال سليمان، رغم إصرار "وفد الحكومة على أنه لا يمثل الحكومة"، شهدت تقديم الأطراف المشاركة في الجلسة الأولى تصوراتها للمبادئ والأسس الوطنية التي يجب أن يقوم عليها الدستور، ما يعني البدء بالخطوة الأولى لتنفيذ مهمة اللجنة و هي "صياغة إصلاح دستوري" وفق سليمان.
قد يهمك: كورونا يعطل الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية
وأضاف خلال حديث لـ "روزنة" من جنيف، بأن مشكلة تسمية الوفد القادم من دمشق واجهتهم في الجولتين السابقتين، "وفد الحكومة يرفض أن يستخدم التسمية الرسمية التي نص عليها قرار إعلان اللجنة و كذلك قواعدها الإجرائية، حيث تم تسمية ثابتة مجموعات ضمن اللجنة و هي ممثلو حكومة الجمهورية العربية السورية وممثلو هيئة التفاوض السورية وكذلك ممثلو المجتمع المدني".
وتابع "في الجولة الأولى أسمى (وفد الحكومة) نفسه "وفدا مدعوما من الحكومة"، و في الجولة الثانية أسمى نفسه "الوفد الوطني" و هذا طبعا فيه مخالفة صريحة لبيان تشكيل اللجنة وكذلك القواعد الإجرائية الناظمة لعملها و ولايتها".
سليمان اعتبر خلال حديثه بأن اختلاف التسميات التي يعتمدها "وفد الحكومة السورية" يأتي للتعبير عن إصرار النظام على التملص من أي التزام قانوني و رسمي في اللجنة، و بالتالي عدم الاعتراف بنتائج عملها، وفق تعبيره.
وختم بالقول "نحن في كل مرة نسجل اعتراضنا على هذا السلوك، و نُذكّر بأنهم هنا في جنيف بصفتهم ممثلين رسميين للحكومة".
نقطة سلبية وحيدة!
من جانبها، أكدت أيضاً عضوة وفد المعارضة عن القائمة المصغرة، ديما موسى، المتواجدة حالياً بجنيف، على إيجابية الجلسة رغم الظروف المتعلقة باكتشاف إصابات فيروس "كورونا" في الوفود الثلاثة والتي أدت إلى تعليق الاجتماع.
وزادت بالقول خلال حديثها لـ "روزنة" بأن جميع الوفود التزمت خلال جلسة يوم الاثنين بجدول الأعمال المتفق عليه مسبقاً لهذه الجولة، حيث تم طرح نقاط من صلب الدستور، غير أنها وصفت بأن عدم القدرة على الاستمرار في النقاشات بسبب الظروف التي أدت إلى تعليقها كان الأمر السلبي الوحيد.
اقرأ أيضاً: البحرة لـ "روزنة": اللجنة الدستورية بوابة الحل
و كان الرئيس المشترك للجنة الدستورية، هادي البحرة، قال لـ "روزنة" خلال مؤتمر صحفي افتراضي عُقد بعد ظهر أمس الثلاثاء على شبكة الانترنت، بأن وفد المعارضة السورية "دائما يُثبّت ضمن الجلسات؛ شرعية قرار تشكيل اللجنة الدستورية، كما نُثبّت استخدام تسميات الوفود كما وردت في اتفاق تشكيل اللجنة و قواعدها الإجرائية".
و تابع إجابته بالقول أن "الجلسة الأولى يوم الاثنين الفائت شهدت انخراطاً في جدول أعمال اللجنة، والمواضيع التي طرحت هي في صلب جدول الأعمال وفي صلب الدستور السوري، حيث طُرح موضوع الحقوق والواجبات وموضوع الهوية الوطنية السورية وسيادة سوريا".
واعتبر البحرة أن جلسة يوم الاثنين كانت بمثابة "خطوة إيجابية صغيرة إلى الأمام".
حديث البحرة جاء بعد جلسة يتيمة للجولة الثالثة من أعمال اللجنة الدستورية، و بعد محاولة وفد النظام السوري باستفزاز الطرف المعارض، عندما أصر على تسمية نفسه "الوفد الوطني"، وأنه لا يمثل الحكومة السورية ولا علاقة له بها.
هذا وقد أطلقت أسماء عديدة على وفد دمشق المشارك في اللجنة الدستورية فمنذ انطلاق الجولة الأولى من أعمال اللجنة الدستورية في تشرين الأول من العام الماضي؛ استخدم النظام السوري عدة أسماء لوفده المشارك كان أولها "وفد الحكومة السورية"، ثم ما لبث أن قام بإطلاق تسمية الوفد الذي يمثل وجهة نظر "الحكومة السورية"، واستخدمت وسائل إعلام النظام السوري مصطلح أو تسمية "الوفد المدعوم من الحكومة السورية" قبل أن يستقر الحال على المصطلح الحالي وهو "الوفد الوطني".