تقارير | 3 08 2020

قبل الأزمة المزدوجة التي يعاني منها لبنان لناحية الانهيار الاقتصادي والظروف التي فرضها "كورونا"، كان 73 في المئة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر، في حين كان 55 في المئة يعيشون تحت خط الفقر المدقع. أما اليوم فحوالى ثلاثة أرباع اللاجئين في لبنان كحد أدنى يعيشون تحت خط الفقر المدقع، فجميع اللاجئين تقريباً يعانون من الضعف الشديد.
هذه الأرقام حصلت عليها "روزنة" من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي أكدت صعوبة الأوضاع التي يمرّ بها اللاجئون السوريون في لبنان، المقدر عددهم بـ892 ألف لاجئ مسجلين لدى المفوضية، فيما تشير تقديرات الحكومة اللبنانية إلى وجود حوالى 1.5 مليون لاجئ سوري في البلاد، بما في ذلك أولئك غير المسجلين لدى المفوضية.
وعلى رغم الزيادات في المساعدات التي قدمتها مفوضية اللاجئين، إلا أن هذه المساعدات ما زالت أقل بكثير من المطلوب وغير قادرة على تغطية الحاجات المتزايدة، مع الأزمة الاقتصادية وأزمة وباء "كورونا" وصعوبات الوقاية داخل المخيمات المكتظة. ويترافق ذلك مع قيود وإجراءات مصرفية تطبّق على اللبنانيين واللاجئين، الذين يتقاضون المساعدات المالية بالليرة اللبنانية.
تقول ليزا أبو خالد، المتحدثة الإعلامية باسم المفوضية: "في أيار، بدأت المفوضيّة بدعم 11500 أسرة لاجئة إضافيّة لمدة 3 أشهر بمساعدة نقديّة قدرها 320000 ليرة لكل أسرة في الشهر. وواظبنا على جهودنا في شهر حزيران لتشمل 30000 أسرة إضافيّة وتأمين المساعدات النقديّة لها من المفوّضيّة وبرنامج الأغذية العالمي والمنظمّات غير الحكوميّة. وبهذا شملت المساعدات مجموع 98000 أسرة حزيران. إضافة إلى 57730 أسرة استمرّت في الاستفادة من بطاقات الطعام من برنامج الأغذية العالمي (WFP)، التي يتم استبدالها في المتاجر".
مبلغ 320 ألف ليرة، الذي تحصل عليه كل أسرة يساوي نحو 40 دولاراً وفق سعر السوق، وذلك في ظل ارتفاع الأسعار الذي شمل معظم المنتجات، لا سيما الأساسية منها، التي ارتفع سعرها أكثر من 100 في المئة.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تُحذر مجدداً: المجاعة السورية تقترب!
في هذا الإطار، تؤكد أبو خالد، أن هذه المساعدات غير كافية مع انهيار سعر الصرف، واستمرار عدم ثباته، إذ وصل في بعض الأيام إلى 10 آلاف ليرة في السوق السوداء، علماً أن سعر الصرف الرسمي هو 1515 ليرة مقابل الدولار.
وتقول أبو خالد: "وفي ظلّ تدهور سعر صرف الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار الأميركي، تمّت زيادة المبالغ المحوّلة للمساعدة النقديّة للتعويض جزئياًّ عن التضخّم وانخفاض قيمة العملة غير الرسمي. لا سيّما أن الإجراءات والقيود المصرفية التي استحدثت على عمليات سحب الدولار الأميركي، التي تسري على اللبنانيين والمقيمين، تنطبق هي نفسها أيضاً على اللاجئين".
وفي أيّار أيضاً، قامت المفوضيّة وبرنامج الأغذية العالمي بزيادة مبلغ المساعدة النقدية الشهريّة وقيمته 260000 ليرة لبنانيّة بمقدار 60000 ليرة لبنانية، ليصبح إجمالي المبلغ المستحدث 320000 ليرة لبنانية لكل أسرة في الشهر. ثم رفعت المساعدة من جديد ليصبح 400000 ليرة لكل أسرة في الشهر.
يتمّ تحميل هذا المبلغ كل شهر لسحبه من الصرّافات الآليّة. وقام برنامج الأغذية العالمي بتعديل القيمة التحويليّة للمساعدة الغذائيّة من 40500 ليرة لبنانية إلى 50000 ليرة لبنانية للفرد في الشهر. وتمّت زيادتها من جديد لتصل إلى 60000 ليرة لبنانية في حزيران ومن ثمّ 70000 ليرة لبنانية اعتباراً من تمّوز 2020.
وعلى رغم هذه الجهود، ووفقاً لرصد برنامج الأغذية العالمي لأسعار الغذاء، فإن هذه التعديلات لا تسمح بالتعويض الكامل عن تضخّم أسعار المواد الغذائية.
نفضّل الإصابة بـ"كورونا" على التعرّض للعنف!
"سمعت هذه الجملة كثيراً بخاصة من نساء (نفضّل الإصابة بكورونا بدل التعرّض للعنف). إنه واقع مؤلم يعيشه اللاجئون واللاجئات، فبسبب كورونا والوضع الاقتصادي الذي أدى إلى توقف معظمهم عن العمل، زاد العنف اللفظي والنفسي والجسدي"، توضح جويل (رفضت ذكر اسمها كاملاً لأسباب شخصية) وهي مرشدة اجتماعية عاملة في مخيمات اللاجئين في لبنان.
وتضيف: "وفق أبحاث أجريت تبيّن أن 80 في المئة من اللاجئات يفضّلن التعرّض لكورونا خارج البيت على العنف المنزلي. في هذه الفترة تلقيت اتصالات كثيرة من نساء ورجال أيضاً بحاجة إلى دعم، يقولون لي (بس بدنا نحكي)". وتتابع جويل: "صحيح أنه تم توزيع حصص غذائية كثيرة، لكنّ الوضع الاقتصادي السيئ ينسحب بشكل كبير على اللاجئين، فالكثير من المتاجر أو المؤسسات التي كانوا يعملون فيها أقفلت، وباتوا بلا عمل".
قد يهمك: للعالقين خارج سوريا... السماح بالدخول عبر الحدود اللبنانية بشروط
وكانت المؤسسة الدولية للمعلومات، حذّرت من وصول عدد العاطلين من العمل في لبنان إلى مليون شخص، لا سيما في حال عدم اتخاذ المعنيين الخطوات اللازمة للحد من الانهيار.
وكانت مفوضية اللاجئين وجمعيات عدة ساعدت في تأمين مستلزمات الوقاية والعزل الذاتي في المخيمات، إضافة إلى التوعية حول المرض، والمساعدات الغذائية خصوصاً في فترة "كورونا"، لكن الحاجة أكبر بكثير، والمأساة أوسع مما يظنّ أحد. ما زال أطفال المخيمات حفاة، ما زال الشتاء قريباً ويتهددهم بإغراق مخيماتهم، وحيواتهم العائمة على سطح القهر. وما زال الاكتظاظ سمة مخيمات اللاجئين الأكثر بروزاً.
هل يعودون يوماً؟
الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين في لبنان يريدون العودة إلى ديارهم في نهاية المطاف. تقول المتحدثة الإعلامية باسم المفوضية ليزا أبو خالد "أبلغنا أكثر من 80 في المئة من اللاجئين السورييّين المقيمين هنا بأنهم يرغبون بالعودة إلى سوريا. بدأت المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بملاحظة عودة اللاجئين منذ عام 2016، وتتزايد الأعداد على مر السنين.
وكما قال المفوّض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، فبنظر المفوضيّة على الناس أن يكونوا المحفّز الاساسي لعودتهم وليس السياسة".
وفي حين اتخذ البعض قرار العودة، قد تبقى لدى آخرين اعتبارات قد تؤخّر عودتهم.
في هذا الإطار، تواجه عائلات سورية عدة في لبنان خطر التشرّد، بسبب عدم القدرة على دفع إيجارات البيوت، في ظل البطالة والغلاء المعيشي.