الحوار الكردي… تقسيم ومحاصصة أم إرساء للاستقرار في الشرق السوري؟

الحوار الكردي… تقسيم ومحاصصة أم إرساء للاستقرار في الشرق السوري؟

تقارير | 30 06 2020

مالك الحافظ|

انطلاقاً من "اتفاقية دهوك" أنهى يوم الأربعاء الفائت (17 حزيران الحالي) كل من "أحزاب الوحدة الوطنية الكردية" و "المجلس الوطني الكردي" المرحلة الأولى من التفاوض بينهما، معلنين التوصل إلى "رؤية مشتركة" يلتزم بها الطرفين، على أن يلحقها مرحلة ثانية تؤسس مرجعية سياسية قد تساهم في تثبيت أولى دعائم الاستقرار في مناطق شمال شرقي سوريا التي تسيطر عليها "الإدارة الذاتية"، بحسب المتفائلين في هذا الاتفاق. 


غير أن أصوات أخرى كانت على النقيض من ذلك، حيث أبدت تخوفها من هذه الخطوة بالانطلاق من أنها قد تكون تأسيساً للمحاصصة الطائفية والتمهيد للتقسيم بحجة اعتماد النظام الاتحادي الفيدرالي، من خلال خلال اقتسام للسلطة والإدارة هناك بين الطرفين، على اعتبار توزيع الحصص التمثيلية بينهما المستند على "اتفاقية دهوك" هو مجموع ما نسبته 40 بالمئة لكل طرف، وتذهب الـ 20 بالمئة للقوى الكردية الأخرى، وهي الجزئية التي أثارت الكثير من اللغط حول الاتفاق، والتي تفسح المجال للتأويل بأن القوى الكردية هيمنت من وراء حوارها على إدارة المنطقة الشرقية ككل مستبعدين باقي المكونات وعلى رأسها المكون العربي بمنحهم فقط 20 بالمئة. 

ما حقيقة نسبة التمثيل الكردي في "الإدارة الذاتية"؟


الصحفي ارين شيخموس، من القامشلي ومطلع على تفاصيل الاتفاق الكردي، فسّر لـ "روزنة" نسبة تقاسم الحصص السياسية المذكورة، مشيراً إلى أن النسبة المذكورة تتعلق فقط بـ "الكوتا الكردية" التي ستمثل المكون الكردي في مناطق "الإدارة الذاتية" لاحقاً، بمعنى أن "ما نسبته 40 بالمئة لأحزاب الوحدة الوطنية الكردية، و 40 بالمئة لمصلحة تمثيل كوادر المجلس الوطني الكردي، بينما تذهب الـ 20 بالمئة إلى أحزاب كردية أخرى غير منضوية تحت هذين الإطارين وهما الحزب التقدمي الكردي (الذي كان يترأسه الراحل عبد الحميد درويش)، وحزب الوحدة الديمقراطي الكردي (الذي يترأسه محي الدين شيخ آلي)، بينما نسبة العرب محفوظة في الإدارة الذاتية". 

وتابع أن المشاركة في إدارة المنطقة خلال الفترة المقبلة ستكون بين كل المكونات عبر "الإدارة الذاتية التي ستكون إدارة جغرافية و إدارة مكونات وليست إدارة قومية خاصة بعرقية معينة… الإدارة الذاتية مشكلة من 3 قوميات أساسية (العربية، الكردية، السريانية الآشورية الكلدانية) ولكل منها كوتا خاصة بها على مستوى مناطق شمال شرق سوريا". 

اقرأ أيضاً: واشنطن تُعيد بناء قواعدها في شرق الفرات… ما الأسباب؟

وأضاف "الأكراد يناقشون القضايا الخاصة بهم فقط الآن، وفي مرحلة لاحقة عند إتمام الاتفاق الكردي-الكردي؛ سيكون هناك حوار عربي-كردي، و حوار كردي-سرياني آشوري كلداني، لمناقشة المرحلة المقبلة وتوسعة الإدارة الذاتية من أجل انضمام تنظيمات عربية وسريانية أخرى". 
 
شيخموس نفى أي سعي من قبل الأطراف الكردية لإنشاء فيدرالية خاصة بهم، و أردف حول ذلك بالقول "99 بالمئة من الأحزاب الكردية في سوريا بما فيها حزب الاتحاد الديمقراطي وأحزاب الإدارة الذاتية هدفهم الأساسي هو نظام لا مركزي في سوريا (أو إدارة محلية موسعة) والمطالبة بالحقوق الدستورية للأكراد؛ ولكن ذلك لا يعني المطالبة بالانفصال أو التقسيم، والإدارة الذاتية تعتمد على نظام اللامركزية".

مخاوف سابقة لأوانها؟ 

وكانت مجموعة من مثقفي الشرق السوري في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، انتقدت الاتفاق الكردي، عبر بيانات حذرت فيها من المحاصصة الطائفية والتمهيد للتقسيم، حيث رفضوا أن يمثل حزب "الاتحاد الديمقراطي" و"قسد" العرب من أبناء دير الزور والجزيرة في أي مفاوضات محتملة مع النظام، وفق تعبيرهم، معتمدين في ذلك على توضيحات بعض القادة السياسيين والعسكريين في المعارضة. 

وقالوا إن لديهم "تساؤلات كثيرة حول ماهيّة الاتفاق والجهات الراعية له وتوقيته مع دخول قانون العقوبات الأمريكية على النظام "قيصر "حيز التنفيذ"، ما يدلل على أن الاتفاق الكردي – الكردي، هو جزء من خطة شاملة وضعتها الدولة الراعية (أمريكا) وشركاؤها لإنهاء النزاع السوري على حساب أبناء المنطقة الشرقية، بحسب وصفهم. 

الكاتب والمحلل السياسي، حسن النيفي، اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة"، أن أي حوار جديّ و هادف بين السوريين هو مفيد وضروري، لافتاً إلى أن "حوار الأطراف الكردية من أجل إيجاد مرجعية سياسية للكورد السوريين هو أمر في غاية الإيجابية، شريطة أن يأخذ بعين الاعتبار أن القضية الكردية هي جزء من القضية الوطنية السورية". 

و زاد بالقول "فضلاً عن أن أي حل لقضية الكورد هو مرهون بالحل الشامل للقضية السورية التي لا يمكن أن تأخذ سياقها الصحيح؛ إلا باتفاق كافة القوى الوطنية على تغيير نظام الاستبداد والانتقال الى دولة القانون والديمقراطية".

قد يهمك: شرق الفرات: هل يتوقف وصول النفط لدمشق بعد عقوبات "قيصر"؟

ورأى النيفي أن جميع ردات الفعل على الحوار الكردي-الكردي بما فيها البيان المشار إليه -آنفاً- هي ردات فعل متسرعة، وتحمل الكثير من "النزق" أكثر مما تحمل من النقد السياسي. وأشار الكاتب السوري إلى أن الموقف الحقيقي من الحوار الكردي يجب أن يُبنى على ضوء نتائج هذا الحوار وليس على النوايا والتسريبات، وفق قوله. 

وأضاف "هذا الحوار سيكون شاقاً ومليئاً بالتحديات نظراً لمواقف وارتباطات حزب الاتحاد الديمقراطي وعلاقته العضوية مع حزب العمال الكردستاني من جهة وكذلك هل سيقبل البيدا (حزب الاتحاد الديمقراطي) مبدأ الشراكة في الإدارة وتقاسم السلطة مع أقرانه الكورد… أما من جهة استبعاد الكورد للمكونات الأخرى فأعتقد أنه من السابق لأوانه القول بذلك، وعلينا انتظار ما ستسفر عنه الحوارات الكردية أيضا".

هل يستمر الحوار مع النظام السوري بعد الاتفاق الكردي؟ 


وتتجه الأنظار إلى ما بعد انتهاء المسائل التفصيلية للاتفاق الكردي؛ فيما إذا كانت المرحلة المقبلة ستلغي أي احتمال لعودة الحوار بين أكراد الإدارة الذاتية و النظام السوري، على ضوء التدخل الأميركي-الفرنسي الذي أتم الاتفاق الأولي بين الفرقاء الأكراد؛ ما سيعطل أو يخفف أي دور روسي كـ "صلة وصل" بين دمشق و "الإدارة الذاتية"، و عزل الجهة الأخيرة عن الطرف المركزي (النظام الحالي) في إدارة مؤسسات الدولة السورية وثرواتها، مع توارد أنباء مؤخراً ادعت بتكليف النظام لـ نواف البشير، كوسيط لفتح باب الحوار مجددا بين الطرفين.

عضو هيئة العلاقات الخارجية في حزب "الإتحاد الديمقراطي الكردي-PYD" في أوروبا، دارا مصطفى، قال لـ "روزنة" حول هذا الشأن، إنه "رغم تغير لهجة النظام تجاه إعادة الحوار مع الإدارة الذاتية بعد  تجميد مسبق، إلا أن أنباء تكليف نواف البشير بتلك المهمة غير صحيح، و النظام السوري ليس بحاجة لوساطة أشخاص للقيام بذلك، و طريق المباحثات و الحوار من قبل الإدارة الذاتية مع كافة القوى و التوجهات السورية مفتوحة على الدوام إن كان ذلك سيساهم في إنهاء الأزمة، و سيحقن الدماء و سيغير من الواقع السياسي و الاجتماعي السوري نحو الأفضل و على أسس ديمقراطية توافقية".

اقرأ أيضاً: رسائل أميركية إلى روسيا بشأن شرق الفرات… هل ترد موسكو؟

في حين لفت مصطفى إلى أن تأثير التقارب الكردي - الكردي، سيكون "كبيراً على الأرض السورية؛ فهو سيقلل من التشرذم السياسي السابق و سيوحد القوى و سيعطي دفعاً جديداً لمشروع الإدارة الذاتية لتكون مثالاً للتعايش السوري المشترك و مثالاً للنجاح الإداري الذي تفتقده باقي القوى السورية بما فيه النظام".

كذلك رأى القيادي في "حزب الاتحاد الديمقراطي" أن إمكانات نجاح المرحلة المقبلة من مبادرة التقارب الكردي-الكردي، تعتمد على إرادة جميع الأطراف و صدق نواياهم و الابتعاد عن الحسابات الحزبية الضيقة، و عن سياسة المحاور الاقليمية، التي ينخرط فيها البعض و جعل مصلحة الشعب هي العليا و انتهاز هذه الفرصة التاريخية لتغيير الواقع المرير الذي كان يعيشه الشعب السوري عموماً و الكردي خصوصاً، وفق تعبيره. 

وختم بالقول "نحن نأمل أن يكون هذا التوافق الأولي نموذجاً لكل القوى السورية، التي لم تتوافق في أستانا سوى على مصالح الأمن القومي التركي و الإيراني متناسية مصالح الشعب و شعارات الحرية و الكرامة، التي خرج من أجلها ملايين السوريين".

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض