تقارير | 30 06 2020
مالك الحافظ - روزنة|| يعكف المصرف المركزي السوري مؤخراً؛ على التوجه صوب عدد من الإجراءات التي يسعى من خلالها لتخفيض سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة السورية، غير أن أي منها لم يفلح، لضعف التدخل الحاصل مقابل حلول أمنية كانت نتائجها هزيلة في سوق الصرف السورية.
ومن أجل تقليل اعتماد الناس على "السوق السوداء"، أعلن المصرف المركزي السوري، اليوم الأربعاء، عن تخفيض قيمة الليرة السورية، و تقليص الفارق بين السعر الحقيقي للدولار والسعر الرسمي، ما أدى إلى زيادة سعر الحوالات بنسبة تزيد عن الـ 75 بالمئة.
هذا ويفترض بعد قرار قبل المركزي أن ترتفع أسعار البضائع المستوردة التي كان يتم تمويل استيرادها من المصرف المركزي، ما يعني زيادة متوقعة في أسعار سلع عديدة.
وحدَّد المصرف في نشرة الصرافة اليومية سعر الليرة السورية بـ1256 ليرة أمام الدولار الواحد، بعد أن كانت 704 ليرات يوم أمس الثلاثاء، كما رفع سعر تسليم الحوالات من 700 إلى 1250. رغم أن سعر الصرف المحدد يشكل أقل من نصف السعر الواقعي في السوق المحلية الذي كسر حاجز الـ 3 آلاف ليرة مع دخول "قانون قيصر" حيز التنفيذ تزامناً مع قرار المركزي.
تحسن وهمي؟
الخبير الاقتصادي عبد الرحمن أنيس، أشار خلال حديثه لـ "روزنة" إلى أن التعافي الذي شهدته الليرة السورية خلال الأيام القليلة الماضية كان مؤقتا بسبب استجرار بعض الأموال من لبنان، "هذا بدى جليا في الانكسار المتسارع لليرة اللبنانية، (كذلك كان هناك) فرض إجراءات ورقابة مشددة على شركات الصرافة والحوالات الخارجية التي كان أعلن عنها مصرف سوريا المركزي قبل أيام، وتشديد الإجراءات حيال شركات الصرافة".
وتابع بالقول أن ذلك التحسن كان "تحسناً وهمياً، أي تحسين دفتري فقط، بمعنى آخر إذا أراد أي شخص شراء دولار فلن يجد الدولار متوفر في الأسواق بهذه الاسعار وانما ستجده بصعوبة بمبلغ يتجاوز ال2500 ليصل الى 3500 وربما 4000 ليرة للدولار الواحد؛ لذلك واستباقا لقانون قيصر ومحاولة من المركزي لتقليل الهوة بين السعر الرسمي وسعر السوق، ومن أجل المحافظة على مخزونه المتناقص من الدولار قام بتعديل سعر النشرة الرسمية".
اقرأ أيضاً: البنك المركزي يضخ كتلة ضخمة من الليرة السورية لهذه الأسباب
وتوقع أنيس قيام المركزي بعدة إجراءات لاحقة لتفادي تدهور الليرة، حيث قال "ربما في الأيام القادمة إذا تابعت الليرة السورية الهبوط أكثر، فسيقوم المركزي بإجراءات تخفف عليه وطأة هبوط الليرة؛ ليوازن بين مكتسبات النظام وتوازن السوق المحلية، من أجل تحقيق بعض الاستقرار في أسعار السلع والخدمات".
وبلغ سعر صرف الدولار اليوم الأربعاء، 3 آلاف ليرة للمبيع، و2800 للشراء بحسب موقع "الليرة اليوم"، بعد تحسن ملحوظ خلال الأيام القليلة الماضية، حيث اقترب سعر الصرف من ألفي ليرة.
ما علاقة المنظمات الدولية برفع سعر الدولار؟
من جانبه اعتبر الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، أن النظام السوري يحاول إجراء تقليص الفجوة الكبيرة بين سعر صرف المركزي وسعر صرف السوق السوداء، بعد نداءات من كل الطبقات السورية من أجل معالجة الانهيار المتلاحق لليرة السورية، والذي تسبب بارتفاع غير مسبوق في الأسعار و أدخل البلاد في حالة تضخم اقتصادي خانق.
و أوضح قضيماتي في سياق ذي صلة، بأنه وبعد نقل العديد من المنظمات الدولية مراكزها إلى داخل مناطق النظام السوري؛ فإنها لن تقبل بالتسعير السابق عند 704 ليرات لكل دولار، وزاد بالقول "لذلك من الممكن أن تكون المنظمات والهيئات الإغاثية؛ ضغطت على النظام السوري لتصحيح سعر الصرف من خلال أدواتها الدولية".
و أشار إلى أن الأسباب التي أدت إلى أن تكون قيمة الليرة السورية أقل بكثير من سعر السوق السوداء، نتيجة لما تعرض له الاقتصاد السوري من دمار وإرهاق خلال الـ 10 سنوات الماضية.
قد يهمك: تحذيرات من خطر مجاعة في سوريا… هذه احتمالات حدوثها
وختم حديثه بالقول بأن "النظام يحاول من خلال أسلوبه الواضح بالتلاعب بالسوق السوداء ليخلق فجوة كبيرة بين السعر الرسمي والسوق السوداء، ومن ثم يعدل على سعر المركزي بدون إحراج، ورغم كل محاولات النظام في ضبط سعر الصرف إلا أن الخط البياني للدولار يتجه صعوداً على المدى الطويل فما هذه الإجراءات سوى إجراءات مؤقتة لاتسمن ولا تغني من جوع، فالاقتصاد السوري يحتاج إلى إعادة هيكلة جذرية".
وفي أواخر شهر آذار الماضي أعلن النظام السوري اعتماد سعر صرف الدولار بـ 700 ليرة سورية، في جميع تعاملات المصارف ومؤسسات الصرافة، بما فيها تسليم الحوالات الخارجية وحوالات المنظمات الأممية، وذلك بعد أربع سنوات من تحديده بـ436 ليرة.
ولم يسبق للمصرف المركزي السوري أن كشف عن قيمة الحوالات المالية الواردة إلى سوريا، في حين كانت صحيفة "الوطن" المحلية، ذكرت منتصف عام 2017، أن قيمة الحوالات من خارج سوريا قد تصل إلى خمسة ملايين دولار يوميا.