تقارير | 25 05 2020
باسكال صوما - روزنة|| ليس ملف التهريب بين لبنان وسوريا جديداً، فهو يعود إلى سنوات طويلة، فُتحت خلالها معابر "غير شرعية" لتمرير البضائع من مواد غذائية وعينية وغيرها.
لكنّ الملف الذي لم يُطوَ، ضجّ من جديد في الآونة الأخيرة في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلدين المتجاورين، وتحديداً لجهة تهريب المحروقات والطحين من لبنان إلى سوريا، في ظل شح هذه المواد في الأخيرة والحصار الاقتصادي الذي تعاني منه. و كذلك شحنات المازوت والغاز والطحين تسلك طريقها عبر المعابر غير الشرعية بتغطية سياسية واضحة من الحلفاء اللبنانيين للنظام السوري المأزوم.
تقارير عدة وثّقت تهريب ملايين الليترات من المازوت يومياً إلى سوريا عبر الحدود المتداخلة، خصوصاً في مناطق تقع قرب السلسلة الشرقية في البقاع، ما يعني استنزاف قدرة لبنان على توفير السلع الأساسية للسوق المحلية وتكبيدها خسائر بمليارات الدولارات الأميركية، في وقت يُعاني الاقتصاد اللبناني من أزمة غير مسبوقة منذ عقود، فاقمها شح الدولار.
المحلل السياسي والصحافي اللبناني آلان سركيس يوضح لـ "روزنة" أن "ملف ضبط الحدود بين لبنان وسوريا مطروح منذ عشرات السنين، وهذه الحدود لم تكن بعمرها خاضعة للقانون، وقد شهدت عبر مراحل تاريخية عدّة تمرير السلاح لأكثر من جهة، والآن حزب الله يستخدم هذه الحدود لتنفيذ أجنداته... حالياً انفجرت القضية بعد ثورة 17 تشرين الأول في لبنان". ويضيف: "كانت مليارات الدولارات تذهب سنوياً إلى سوريا، وبحسب حاكم مصرف لبنان تم تهريب نحو 20 مليار دولار في السنوات الأخيرة إلى سوريا التي ترزح تحت الحصار والحرب... الخطورة اليوم أن لبنان منهار وهو غير قادر على إنقاذ نفسه، فالدولة ما زالت تدعم المازوت والطحين في لبنان فيما يتم تهريب هذه السلع إلى سوريا عبر عصابات تغطيها جهات سياسات موالية للنظام السوري وعلى رأسها حزب الله، ما يشكّل خطراً كبيراً على الخزينة اللبنانية التي أيضاً تواجه عقوبات دولية وإن بشكل غير مباشر، وهي ستكون أمام عقوبات جديدة في حال استمر الأمر".
اللاجئات في المخيمات اللبنانية... عنف واعتداءات جنسية وتزويج مبكر
ويعتبر ضبط المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، من شروط صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان، ما يعاني مواجهة الأخير لكارثة حقيقية، لا تخدم إلا رئيس النظام السوري وحلفائه.
ونشرت وسائل إعلام أخباراً عن دور شركة مملوكة لرامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد في مجال تجارة المشتقات النفطية وتهريبها من لبنان إلى سوريا.
قصة قديمة
محمد.ي وهو سائق أجرة لبناني، يعمل على خط لبنان- سوريا، يضحك طويلاً حين سألته "روزنة" عن ملفّ تهريب البضائع، ثم يقول: "القصة قديمة، هناك بضائع تنقل من سوريا إلى لبنان بسيارات الأجرة، وهي غالباً مواد غذائية، يمرّرها السائقون على أساس أنها لهم أي لاستهلاكهم الشخصي، ولكن في الحقيقة يتجهون إلى بيعها إلى الدكاكين أو إلى الأفراد، لأنها غير خاضعة للرسوم الجمركية وهي بالتالي أرخص من البضائع اللبنانية أو المستوردة بشكل قانوني".
هديل.ت التي تسكن في منطقة الهرمل البقاعية المحاذية للحدود اللبنانية- السورية تروي لـ "روزنة" أنها "تشتري منتجات سورية من الأسواق اللبنانية منذ وقت طويل لأنها أرخص من تلك اللبنانية، الزبدة، الأجبان والألبان، الدجاج وغيرها". وتضيف: "أحياناً ألاحظ أنّ هناك منتجات عالمية معروفة تباع بأسعار زهيدة في لبنان، ربما تكون مُقلّدة، يتم تهريبها أو ربما استيرادها إلى لبنان لبيعها ومنافسة المنتج الأصلي".
لبنان وسوريا... انهيار اقتصادي واحد والفقراء يدفعون ثمن "التفليسة"
فراس.ص، وهو من منطقة عكار الشمالية القريبة من الحدود الشمالية مع سوريا يقول: "نحن نشتري المنتجات السورية ومنها الخضار والفاكهة لأنها أرخص، لا سيما أنّ الوضع الاقتصادي في لبنان صعب جداً، لكننا لا نعرف إن كانت هذه السلع والمنتجات تصل بطريقة شرعية أو عبر المعابر المفتوحة على التهريب، فأسعارها المتدنية تثير الشكوك". ويضيف: "لولا البضائع السورية لمتنا جوعاً!".
"قيصر" بين لبنان وسوريا
يؤكد المحلل السياسي آلان سركيس أن "استمرار تهريب المازوت والطحين إلى سوريا وتفلّت الحدود، من شأنه أن يفرض على لبنان عقوبات إضافية، لا سيما في ظل اقتراب تنفيذ قانون قيصر الذي من شأنه محاسبة كل من يساعد النظام السوري من قريب أو من بعيد، وبما أنّ حزب الله أصبح خارج النظام المصرفي وله شبكاته المالية الخاصة، فلا أحد سيتحمّل ثقل العقوبات الجديدة في حال إقرارها، إلا الدولة اللبنانية وشعبها".
وإلى جانب هذا القانون، قُدِم في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يختص بفرض عقوبات على لبنان، وهو يوازي قانون قيصر في سوريا. وهذا القانون في حال إقراره، سيفرض عقوبات قاسية جداً على لبنان وحكومته، ووقف كل أشكال دعم الولايات المتحدة الأميركية ومساعدتها لبنان، طالما أن حكومته على صلة، ولو بسيطة، بحزب الله، حليف الأسد.
وكان أمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله تناول ملف المعابر غير الشرعية، مؤكداً أن "لبنان وحده لا يمكنه أن يعالج هذه المشكلة"، داعياً إلى "تعاون بين الدولتين، بين الجيشين، بين المؤسسات الأمنية في البلدين"، وتابع: "هذا الأمر طريقه الوحيد هو التعاون الثنائي بين لبنان وسوريا، والأخيرة جاهزة بدرجة كبيرة جداً وعالية جداً، التأخير والتعطيل والتأجيل والمماطلة هي لبنانية". وبذلك برر حليفه الأسد، رامياً الحكومة اللبنانية في نار التفكير بتعبيد جسور مع النظام السوري لحل مشكلة المعابر غير الشرعية، في ظل عقوبات جديدة تلوح في الأفق.
لكنّ الملف الذي لم يُطوَ، ضجّ من جديد في الآونة الأخيرة في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلدين المتجاورين، وتحديداً لجهة تهريب المحروقات والطحين من لبنان إلى سوريا، في ظل شح هذه المواد في الأخيرة والحصار الاقتصادي الذي تعاني منه. و كذلك شحنات المازوت والغاز والطحين تسلك طريقها عبر المعابر غير الشرعية بتغطية سياسية واضحة من الحلفاء اللبنانيين للنظام السوري المأزوم.
تقارير عدة وثّقت تهريب ملايين الليترات من المازوت يومياً إلى سوريا عبر الحدود المتداخلة، خصوصاً في مناطق تقع قرب السلسلة الشرقية في البقاع، ما يعني استنزاف قدرة لبنان على توفير السلع الأساسية للسوق المحلية وتكبيدها خسائر بمليارات الدولارات الأميركية، في وقت يُعاني الاقتصاد اللبناني من أزمة غير مسبوقة منذ عقود، فاقمها شح الدولار.
المحلل السياسي والصحافي اللبناني آلان سركيس يوضح لـ "روزنة" أن "ملف ضبط الحدود بين لبنان وسوريا مطروح منذ عشرات السنين، وهذه الحدود لم تكن بعمرها خاضعة للقانون، وقد شهدت عبر مراحل تاريخية عدّة تمرير السلاح لأكثر من جهة، والآن حزب الله يستخدم هذه الحدود لتنفيذ أجنداته... حالياً انفجرت القضية بعد ثورة 17 تشرين الأول في لبنان". ويضيف: "كانت مليارات الدولارات تذهب سنوياً إلى سوريا، وبحسب حاكم مصرف لبنان تم تهريب نحو 20 مليار دولار في السنوات الأخيرة إلى سوريا التي ترزح تحت الحصار والحرب... الخطورة اليوم أن لبنان منهار وهو غير قادر على إنقاذ نفسه، فالدولة ما زالت تدعم المازوت والطحين في لبنان فيما يتم تهريب هذه السلع إلى سوريا عبر عصابات تغطيها جهات سياسات موالية للنظام السوري وعلى رأسها حزب الله، ما يشكّل خطراً كبيراً على الخزينة اللبنانية التي أيضاً تواجه عقوبات دولية وإن بشكل غير مباشر، وهي ستكون أمام عقوبات جديدة في حال استمر الأمر".
اللاجئات في المخيمات اللبنانية... عنف واعتداءات جنسية وتزويج مبكر
ويعتبر ضبط المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، من شروط صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان، ما يعاني مواجهة الأخير لكارثة حقيقية، لا تخدم إلا رئيس النظام السوري وحلفائه.
ونشرت وسائل إعلام أخباراً عن دور شركة مملوكة لرامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد في مجال تجارة المشتقات النفطية وتهريبها من لبنان إلى سوريا.
قصة قديمة
محمد.ي وهو سائق أجرة لبناني، يعمل على خط لبنان- سوريا، يضحك طويلاً حين سألته "روزنة" عن ملفّ تهريب البضائع، ثم يقول: "القصة قديمة، هناك بضائع تنقل من سوريا إلى لبنان بسيارات الأجرة، وهي غالباً مواد غذائية، يمرّرها السائقون على أساس أنها لهم أي لاستهلاكهم الشخصي، ولكن في الحقيقة يتجهون إلى بيعها إلى الدكاكين أو إلى الأفراد، لأنها غير خاضعة للرسوم الجمركية وهي بالتالي أرخص من البضائع اللبنانية أو المستوردة بشكل قانوني".
هديل.ت التي تسكن في منطقة الهرمل البقاعية المحاذية للحدود اللبنانية- السورية تروي لـ "روزنة" أنها "تشتري منتجات سورية من الأسواق اللبنانية منذ وقت طويل لأنها أرخص من تلك اللبنانية، الزبدة، الأجبان والألبان، الدجاج وغيرها". وتضيف: "أحياناً ألاحظ أنّ هناك منتجات عالمية معروفة تباع بأسعار زهيدة في لبنان، ربما تكون مُقلّدة، يتم تهريبها أو ربما استيرادها إلى لبنان لبيعها ومنافسة المنتج الأصلي".
لبنان وسوريا... انهيار اقتصادي واحد والفقراء يدفعون ثمن "التفليسة"
فراس.ص، وهو من منطقة عكار الشمالية القريبة من الحدود الشمالية مع سوريا يقول: "نحن نشتري المنتجات السورية ومنها الخضار والفاكهة لأنها أرخص، لا سيما أنّ الوضع الاقتصادي في لبنان صعب جداً، لكننا لا نعرف إن كانت هذه السلع والمنتجات تصل بطريقة شرعية أو عبر المعابر المفتوحة على التهريب، فأسعارها المتدنية تثير الشكوك". ويضيف: "لولا البضائع السورية لمتنا جوعاً!".
"قيصر" بين لبنان وسوريا
يؤكد المحلل السياسي آلان سركيس أن "استمرار تهريب المازوت والطحين إلى سوريا وتفلّت الحدود، من شأنه أن يفرض على لبنان عقوبات إضافية، لا سيما في ظل اقتراب تنفيذ قانون قيصر الذي من شأنه محاسبة كل من يساعد النظام السوري من قريب أو من بعيد، وبما أنّ حزب الله أصبح خارج النظام المصرفي وله شبكاته المالية الخاصة، فلا أحد سيتحمّل ثقل العقوبات الجديدة في حال إقرارها، إلا الدولة اللبنانية وشعبها".
وإلى جانب هذا القانون، قُدِم في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يختص بفرض عقوبات على لبنان، وهو يوازي قانون قيصر في سوريا. وهذا القانون في حال إقراره، سيفرض عقوبات قاسية جداً على لبنان وحكومته، ووقف كل أشكال دعم الولايات المتحدة الأميركية ومساعدتها لبنان، طالما أن حكومته على صلة، ولو بسيطة، بحزب الله، حليف الأسد.
وكان أمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله تناول ملف المعابر غير الشرعية، مؤكداً أن "لبنان وحده لا يمكنه أن يعالج هذه المشكلة"، داعياً إلى "تعاون بين الدولتين، بين الجيشين، بين المؤسسات الأمنية في البلدين"، وتابع: "هذا الأمر طريقه الوحيد هو التعاون الثنائي بين لبنان وسوريا، والأخيرة جاهزة بدرجة كبيرة جداً وعالية جداً، التأخير والتعطيل والتأجيل والمماطلة هي لبنانية". وبذلك برر حليفه الأسد، رامياً الحكومة اللبنانية في نار التفكير بتعبيد جسور مع النظام السوري لحل مشكلة المعابر غير الشرعية، في ظل عقوبات جديدة تلوح في الأفق.