كورونا يتحالف مع الدولار ويدفع باللاجئين السوريين العودة من لبنان

كورونا يتحالف مع الدولار ويدفع باللاجئين السوريين العودة من لبنان

تقارير | 25 05 2020

"الوضع سيء جداً، لم يعد لدينا أي خيار سوى العودة إلى سوريا بعدما انقطعت المساعدات وتوقفت الأعمال إثر تفشّي كورونا وارتفاع الدولار"، تقول أم سلام 45 عاماً من ريف دمشق مقيمة في بيروت لـ"روزنة".

 
هو ما دفع أبو سلام  للعودة مؤخراً إلى دمشق، لتجهيز منزل صغير لتلحق به عائلته فيما بعد، "هذا خيارنا الأخير" تضيف أم سلام.
 
وتردف" عاش زوجي في ضيقة ما بعدها ضيقة، 3 أشهر أمضاها من دون عمل، استدان خلالها من معارفه أوطلب مساعدات من الناس، ووصل إلى حال صعبة للغاية، بدا مكسوراً ومخنوقاً، وخفت عليه من جلطة قد تصيبه، فاقترحت عليه أن نصفّي أمورنا في لبنان ونعود نهائياً إلى سوريا مهما حصل، كآخر خيار لنا".
 
أكثر من ألفي سوري يرغبون بالعودة
 
مدير المؤسسة العامة للطيران المدني التابع لحكومة النظام السوري، قال لإذاعة "المدينة اف ام" المحلية، أمس الأربعاء، إنّ القوائم الخاصة بالسوريين الراغبين بالعودة عبر السفارات السورية في الخارج وصلت، وبلغ عدد السوريين الراغبين بالعودة من لبنان ألفين و132 شخصاً.
 
فيما يبدو أن الرقم أكبر بكثير، كما يقول سوريون لـ"روزنة"،  بالنظر إلى حجم المعاناة الكبيرة التي يمرّ بها اللاجئون السوريون مع ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخل واشتعال لبنان بمظاهرات مطالبة بالتغيير منذ أشهر وحتى الآن.
 
ووصل سعر صرف الدولار في لبنان في حالة فريدة من نوعها لم تسجل سابقاً إلى 4 آلاف ليرة لبنانية، في الوقت الذي يبلغ السعر الرسمي وفق النشرة اليومية في بيروت 1500 ليرة لبنانية.
 
يقول محمد كريم، 33 عاماً ، مقيم في بيروت لـ"روزنة": لم يعد لما نتقاضاه لقاء أعمالنا أي قيمة، حيث أن الألف الدولار التي نقبضها وفق السعر الرسمي (1500 ليرة لبنانية) تنخفض قيمتها عملياً إلى أقل من النصف بسبب ارتفاع الأسعار التي يتم حسابها وفقاً لسعر الدولار الجديد، أي 4 آلاف ليرة مقابل كل دولار، وهو ما يؤدي تلقائياً إلى استنفاذ طاقاتنا وتدهور حياتنا مع قلة الأعمال.
 
من جهته يقول أحمد الحموي، 33 عاماًَ، مقيم في مدينة صيدا ويعمل في البناء، لـ"روزنة": "منذ اندلاع المظاهرات في لبنان توقفت أعمالنا، وما زاد الوضع سوءاً انتشار كورونا، لا أملك القدرة على تسديد إيجار المنزل منذ شهرين" ويضيف" بعض العائلات اضطرت لبيع آخر قطعة ذهب مما تملكه لتعيش، كانت تخبئه لغدرات الزمن كما يقولون، الآن لم يبق لدى السوريين إلا رحمة الله".
 
ويعاني آلاف اللاجئين السوريين من أوضاع معيشية واجتماعية صعبة جداً في لبنان لا سيما في المخيمات، إضافةً إلى ظروف الحياة غير الإنسانية والمجحفة بحق هؤلاء أتى "كورونا"  ليزيد الطينة بلة.
 
تردي الأوضاع يدفع للانتحار
 
في بداية الشهر الحالي في بلدة تلعبايا بالبقاع اللبناني، أضرم اللاجئ السوري بسام الحلاق، 52 عاماً، النار في نفسه، وتوفي متأثراً بحروق أصيب بها، بسبب تردي الأوضاع المعيشية، وعدم قدرته على سداد الديون المتراكمة عليه، ولا سيما إيجار المنزل.
 
وقال مراسل "روزنة" في لبنان نقلاً عن أحد المقربين من المتوفي، إن الضحية سكب مادة البنزين على جسده و أشعل النار فيه بسبب معاناته المادية الطويلة وعجزه عن دفع أجرة الغرفة التي يقيم فيها مع زوجته وولديه في بلدة تعلبايا.

 اقرأ أيضاً: سوري يحرق نفسه في لبنان.... وعائلته: "لو غيّرنا المستشفى ما كان مات"

يقول عبد الله الحداد، 43 عاماً، وهو سوري عائد حديثاً من لبنان لـ"روزنة": "الوضع ليس جيداً في سوريا، هنالك فقر وحالة جمود اقتصادي رهيب، لكن على الأقل الإجراءات مخفّفة بالنسبة لكورونا نوعاً ما، ويمكننا العمل ولو لثلاثة أيام في الأسبوع، لكن وصل الحال في لبنان إلى عدم توفّر عمل ولو ليوم واحد في الأسبوع، مع وجود إيجار كبير مرتفع".
 
يعمل عبدلله في مجال التمديدات الصحّية، ويستطيع وفقاً لما يقول العمل كل أيام الأسبوع حتى لو كان هنالك حظر لكن في المناطق البعيدة عن قلب العاصمة، لكن يستطيع كما يوضّح توفير معيشته الأسبوعية بحدّها الأدنى من العمل لـ 3 أو 4  أو أيام في الأسبوع.
 
فيما يخالفه رضوان، 36 عاماً، مقيم في لبنان إذ يقول لـ"روزنة": "الوضع في سوريا صعب للغاية، أنا في اتصال يومي مع معارفي هناك، لا أحد ينصحني بالقدوم، وخصوصاً كون ليس لدي أقارب يمكن الاعتماد عليهم مثلاً، وبالتالي الوضع مشابه بالنسبة لي في لبنان وفي سوريا، بكل الأحوال سأستأجر منزل وسأعمل، لا مفر من ذلك".
 
عنصرية ضد اللاجئين
 
منظمة "هيومن رايتس ووتش" ذكرت في بيان سابق، أن "21 بلدية لبنانية على الأقل فرضت قيوداً تمييزية على اللاجئين السوريين ولا تُطبق على السكان اللبنانيين، كجزء من جهودها لمكافحة الفيروس المتفشي في البلاد".
 
فيما يفرض "كورونا" المزيد من التضييق على الأوضاع المعيشية عموماً، وقد خسر الآلاف وظائفهم وأجّلوا حيواتهم ونشاطاتهم إلى وقت آخر، ويبدو الأمر أكثر قساوةً على السوريين الذين يعملون أصلاً مقابل أجور زهيدة وبظروف عمل مجهدة.
 
وفي إحدى المناطق الزراعية في محافظة جبل لبنان، طُردت عائلتان سوريتان من ضمن تجمع يضم 50 عائلة، بسبب شرائهم دواء "بنادول"، بعد أن اشتبه أهالي المنطقة بإصابتهم بفيروس كورونا، فقرروا على إثر ذلك طردهم حيث يقيمون، ليلجؤوا إلى عكار حاملين أمتعتهم وهمومهم.
 
كما اعتدى عدد من شباب بلدة غزة البقاعية على لاجئين سوريين مقيمين في مخيم "عبدو كلينتون"، بعد منع حاجز لفتاة سورية من أهالي المخيم من الدخول إليه بحجة مخالفتها لقرار حظر التجول وقيامها بالتسوق والتجهيز لليلة زفافها.

 قد يهمك: لبنان… طرد عائلتين سوريتين من مخيم للنازحين بسبب علبة "بنادول"

كورونا أوقف حياة الجميع
 
سليم الإبراهيم، وهو ناشط اجتماعي سابق في مجال اللاجئين يقول لـ"روزنة": "الآن الوضع مشابه في كل مكان تقريباً، إن كان في سوريا أو لبنان أو تركيا، فالجميع يعاني من هذه الجائحة، ومن تبعاتها وقرارات الحظر المرافقة لها، والمطلوب من الجميع الصبر والتحمّل إلى أن تنتهي الأزمة، لا أن تكون قراراتهم متسرّعة قد يندمون عليها لاحقاً".
 
ويتابع الإبراهيم "في حال كان هنالك وضع مؤمّن لمن يريد العودة إلى سوريا، فيمكنه ذلك، أما لو لم يكن مؤمناً، فتلك مشكلة، أي سيعيش في سوريا كما يعيش الآن في البلد الذي هو موجود فيه" مردفاً "سوريا التي في السابق لم تعد موجودة، ولم تعد الإيجارات رخيصة والأسعار رخيصة، كل شيء تقريباً مشابه لدول الجوار، إلا الرواتب والأجور، وبالتالي سيعيش الفقير في الخارج فقراً آخر ربما أصعب في الداخل".
 
ويختم "الموضوع بحاجة إلى صبر، وبحث عن بدائل للعمل، وبكل تأكيد لن يخذل الله من يبحث عن رزقه بجد، وفي النهاية ستمر هذه الجائحة وسيتحسّن الحال، فدوام الحال من المحال".
 
وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، أجرت دراسة نهاية عام 2019، تبيّن فيها أنّ 73 في المائة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر، بأقلّ من 3.8 دولار في اليوم الواحد، و55 في المائة منهم يعيشون تحت خط الفقر المدقع أي بـِ 2.9 دولار في اليوم الواحد.
 
ويلقي سوريون باللوم على مفوضية الأمم المتحدة، لما آلت إليه الأمور من تدني في المعيشة، ولا سيما حينما فصلت عدداً كبيراً من اللاجئين من المساعدات المقدمة إليهم، والتي تقدّر لكل شخص بقيمة 40 ألف ليرة لبنانية ( 26 دولار)، وبالتالي لم يعد بالإمكان تأمين الطعام والشراب، وبدل إيجار المنزل بالنسبة لعشرات السوريين بعد توقف أعمالهم.
 
وتقدر الأمم المتحدة عدد اللاجئين السوريين في لبنان بنحو مليون لاجئ، ويعيش عدد كبير منهم في مخيمات قريبة من الحدود السورية، وسط ظروف معيشية متردية.
 

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض