تقارير | 25 05 2020
روزنةزاد تفشي فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد – 19) من معاناة النساء السوريات في تركيا، اللواتي لا معيل لديهن، كالمطلقات والأرامل، وأجبرهن على مواجهة تحديات جديدة في ظل توقف الكثير من الأعمال بسبب تفشي الفيروس التاجي، في سبيل الاستمرار بالحياة لإعالة أبنائهنّ.
لا عمل ولا معيل
"لا حيلة لدي الآن سوى فرج الله" تقول مريم الحمصي، 33 عاماً، لـ"روزنة" وهي مطلقة سورية ومعيلة لطفلين، بعدما خسرت عملها في أحد المعامل في تركيا منذ شهرين بعد تفشي "كورونا".
تضيف الحمصي "لدي مبلغ صغير أقتات منه الآن أنا وأطفالي كنت ادّخرته من عملي، لكن القلق يحرمني النوم لقلة حيلتي.. أبحث عن عمل بشكل يومي عسى أن أُرزق بعمل جديد أستطيع من خلاله الاستمرار في الحياة أنا وأطفالي، ولا سيما أنّه لا أهل لدي هنا في الغربة، لا أحد لي إلا الله ورحمته".
تقول الحمصي إن الظروف التي مرّت عليها كانت قاسية وعلّمتها كيف تعيش، لكن الوضع في ظل كورونا أزّم الأمور وجعلها تزداد سوءاً، حيث أنها بعد طلاقها اضطرت أن تستأجر غرفة تسعها وطفليها البالغة أعمارهم 8 و10 سنوات بعدما تخلّى عنهم زوجها وعن تقديم النفقة.
مخالفون لقرار الحظر "مجبر أخاك لا بطل"
حلا السالم، 27 عاماً، تعيش أوضاعاً صعبة مع طفليها ( 8 و9) سنوات وأخيها، بعد طلاقها منذ 5 سنوات، ربما تشبه قصتها قصة مريم لكن مع فارق إضافي، تقول لـ"روزنة"، إنها تعمل في تسويق الألبسة عبر الانترنت، لكن عملها لا يكفيهم بسبب مردوده القليل وغير الثابت وبخاصة في ظل كورونا.
اقرأ أيضاً: في مواجهة كورونا...لاجئون سوريون يدافعون عن حق الانسانية بالحياة
وتضيف: "عشنا بلا عمل لمدة شهرين بعد توقف الأعمال والأسواق عن العمل بسبب كورونا، وبخاصة أن الناس أصبح همها تأمين لقمة العيش كأولوية، أما همنا أصبح تسديد بدل إيجار المنزل لكي لا نبقى بلا مأوى، ما اضطر أخي، 19 عاماً، للعمل في ورشة خياطة للمساعدة في مصروف المنزل رغم أنه ممنوع من الخروج بسبب القرار التركي الذي يحظر من هم دون سن الـ 20 ".
على قد بساطك مد رجليك
أما ربا السيد، 30 عاماً، اضطرت تحت ضغط الظروف للعمل كسكرتيرة في إحدى المؤسسات، لإعالة طفليها (15 و3 سنوات) بعد انفصالها منذ عام عن زوجها، تقول لـ"روزنة":رغم الخطر والخوف من انتقال العدوى بكورونا إلا أنه لا حل لديّ سوى العمل لإعالة طفلي".
وتضيف: والد الأطفال ليس مسؤولاً عن شيء، لكن "راتبي الذي يبلغ 1200 ليرة تركية أي ما يعادل 200 دولار، هو ما أعتاش عليه مع طفلي، لافتة إلى أنّ أكثر من النصف يذهب للإيجار، إضافة إلى 600 ليرة من كرت الهلال الأحمر التركي"، وتردف : "أختصر شراء الكثير من الأشياء، تحت الحكمة القائلة على قد بساطك مد رجليك".
وكانت السلطات التركية اتخذت مجموعة من القرارات في إطار مكافحة فيروس "كورونا" كإغلاق بعض المهن والمؤسسات، ما أدى لتوقف عمل عدد كبير من السوريين في تركيا وبلدان اللجوء، الأمر الذي ساهم بتردي الأوضاع الاقتصادية للاجئين، ولا سيما النساء اللواتي بقين بلا معيل.
وأدى توقف الأعمال في تركيا إلى ارتفاع المعيشة بشكل عام، وبشكل أساسي المواد الغذائية بسبب توقف التجارة وإغلاق المدن، ما انعكس سلباً على المواطنين واللاجئين السوريين في ظل توقف أعمالهم.
قد يهمك: لاجئون سوريون: كورونا ألمانيا غير سوريا
الحجر المنزلي أوقف عملي
أم محمد، 45 عاماً، أرملة سورية تعيش في تركيا، وهي معيلة لـ 4 أطفال، تقول لـ"روزنة": "توفى والد الأطفال في سوريا بسبب الحرب منذ 7 سنوات، ومنذ ذلك الوقت أصبحت أنا المعيل الوحيد لهم، أحياناً تأتيني مبالغ إضافية من أعمام الأطفال، لكنها مبالغ لا يعتمد عليها مع ارتفاع الأسعار في الأسواق".
تعمل أم محمد في تنظيف المنازل وبيع المونة المنزلية التي تحقّق لها مدخولاً لا بأس به يعينها على حياتها وأطفالها في بلد غريب، لكن مع تفشي الفيروس، وازدياد حرص الناس على الطبخ المنزلي، وتطبيق نظام التباعد الاجتماعي ومنع الزيارات، خفّ عملها وطلب زبائنها الذين اعتادت على العمل معهم ما أدى إلى تردي وضعها المادي، واضطرارها في بعض الأحيان على الاستدانة لتأمين لقمة العيش.
لم يحرم كورونا فقط النساء السوريات من حق الحياة بالشكل الطبيعي، وإنما حرم عائلات ورجال بأكملها، حرمهم من العمل منعاً لانتقال العدوى، هو شكل الحياة الجديد الذي فرضه الفيروس المستجد، والذي بات اللاجئون السوريون في كل مكان مجبرين على التأقلم عليه مع مرارة حياة اللجوء.
وأصيب بفيروس "كورونا" في تركيا، حتى أمس الإثنين، 112 ألف و261 شخصاً، فيما بلغ عدد الوفيات بالفيروس ألفين و900 حالة، وفق وزارة الصحة التركية.