تقارير | 25 05 2020
إيمان حمراوي - روزنة || تؤثر وضعية الحجر المنزلي نفسياً على البالغين والصغار في آن معاً، لكن ربما يكون الأثر الأكبر على الأطفال أكثر منه على الكبار، لعدم وعيهم بضرورة ومعنى الحجر الذي يخضعون له مرغمين، وبخاصة في الدول التي أصدرت قرارات تحد من الحركة بشكل شبه كلي، أو الدول التي أصدرت قرارات خاصة بمنع الأطفال من الخروج، في إطار الجهود لمكافحة فيروس "كورونا المستجد" (كوفيد – 19).
وقد يولّد الحجر المنزلي مشاكل عديدة لدى الأهل خلال تعاملهم مع الأطفال، تتمثّل بسلوكيات ربما تكاد عدوانية، أ ومثل كثر الحركة، أو طرح أسئلة كثيرة بسبب الخوف والقلق من الوضع الراهن الناتج عن تفشي الفيروس حول العالم.
وهنا تُلقى على كاهل الأهل مهمة جديدة تضاف إلى قائمة المهام السابقة، ألا وهي مساندة الأطفال لكي يتجاوزوا تلك المحنة بسلام.
وأبرز المشاكل التي يعاني منها الأهل مع الأطفال، كما اشتكت لـ"روزنة" عدد من الأمهات السوريات، هي النشاط والطاقة الزائدة فترة الحجر الصحي، فما هو سبب هذا النشاط غير المعتاد، وكيف يتم التعامل معه.
اقرأ أيضاً:كيف نخبر أطفالنا بوفاة أحد أفراد العائلة بكورونا؟
أم سمر، سيدة سورية، مقيمة في تركيا، تقول لـ"روزنة": "منذ إصدار الحكومة التركية قراراً بمنع خروج الأطفال من المنازل أو اصطحابهم لأي مكان، بدأ سلوك ابنتي يتغيّر، إذ أصبحت أكثر عدوانية وتوتراً وأكثر طاقة وحركة، لم أعد أستطع السيطرة عليها".
وتضيف: "منذ أشهر كانت ابنتي تلعب مع أقرانها في الروضة، الآن لا ترى أحداً سواي أنا وأباها، إنها بحاجة لأطفال تقابلهم وتلعب معهم، إني أشعر بها وحزينة عليها بذات الوقت".
تقني الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في منظمة "إحياء الأمل" صلاح الدين لكه، يقول لـ"روزنة": من أجل دعم الأطفال في ظل هذه الظروف يجب علينا بداية أن نتذكر أن الطفل لايدرك ولايستوعب مايحدث في العالم كالكبار، وعليه لانتوقع أنه سيتخلى عن حاجته للعب والحركة والاكتشاف . ومن المنطقي أن نتوقع أن الأهل هم القادرون على التعامل مع الضغوط والانزعاج الذي يمرون به بشكل أكبر ، ولكن من الصعب توقع ذلك من الأطفال .
ويؤكد لكه أنّ الأطفال لديهم احتياجات بصرف النظر عن الوضع المحيط بهم ،حرب أم وباء أو أي أزمة أخرى، موضحاً أنه يجب معرفة الاحتياجات الأساسية للأطفال لكي نعرف ما الذي يفتقدونه في ظل هذه الأزمة ، وما الاحتياجات غير الملباة بالنسبة لهم .
الاحتياجات الأساسية لدى الأطفال هي:
- احتياجات مادية
- الانتماء إلى أسرة
- خبرات جديدة
- الشعور بالمسؤولية
- الحاجة إلى الثناء والتقدير
يحتاج الأطفال إلى جو عائلي جيد، وهم يكتسبون الثقة والأمان من خلال اتصالهم ولعبهم مع الأشخاص المقربين منهم. والتربية داخل الأسرة تسهم في التطور الاجتماعي للطفل ، وتمر الأسر وأفرادها حالياً بظروف صعبة قد تؤثر على قيام أفرادها بتقديم العناية الكافية للأطفال .
-الخبرات الجديدة
لا يستطيع الأطفال تنمية قدراتهم ومعرفتهم بدون إثارة أو خبرات جديدة. وإن التعلم عملية نشطة تفاعلية، لذلك لا يتعلم الأطفال دون تجربة جسدية ومن خلال الاتصال أو اللعب مع الآخرين.
مثلا حتى يتعلم الأطفال الكلام وإغناء لغتهم فهم يحتاجون إلى التحدث والاتصال مع أشخاص يحبونهم ويشجعونهم على ذلك، وخلال الانقطاع عن المدرسة والأنشطة الخارجية والبقاء بالبيت تتراجع فرصة اكتساب الخبرات الجديدة ويبقى عالم الطفل هو البيت وسيقوم بإكمال رحلة البحث والتعلم والإكتشاف واللعب فيه .
-المسؤولية
على الأسرة أن تسند لطفلها، تدريجيا ً، مسؤوليات داخل البيت وخارجه. فهذا يعطيه الشعور بالأهمية ويكسبه الثقة بالنفس. وبذلك تتطور عنده روح المبادرة.
-الثناء والتقدير
الإنسان مخلوق اجتماعي. والطفل يتطور في أسرة وبيئة تقبله وتمنحه الثناء والتقدير. فإذا تقبل الأهل طفلهم على ما هو عليه رغم أخطائه وأدركوا قدراته فهذا ينمي ثقته في نفسه ويشعره بأن له قيمة.
وتزداد أهمية الثناء والتقدير للأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة ويعانون من التمييز. لذا على مقدم الرعاية أن يظهر أنه لا يقبل أي تمييز بين الأطفال وأن كل الأطفال متساوون في الأهمية .
ومن الجدير بالذكر أنه خلال الظروف الصعبة والأزمات ينشغل الأهل أو ينصرفون إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للأسرة أو يكونون متأثرين بالأزمة أو الحدث مما يشغلهم عن أطفالهم، ولا ننسى أنه في ظل الأزمة الحالية لايذهب الأطفال إلى المدرسة أو الروضة أو الحديقة إنما يقضون كل وقتهم في المنزل كما هو حال جميع أفراد الأسرة.
فيبدو الطفل نشيطاً أكثر من السابق أو أكثر حركة، ولكن الواقع أن الطفل في ظل الحجر الصحي والبقاء في المنزل محروم من الكثير من الأنشطة المعتادة، ومساحات وأماكن اللعب والنشاط والحركة محصورة في هذه الفترة في المنزل، الأمر الذي يجعل الأهل يشعرون أن الطفل أكثر نشاطاً وحركة من السابق.
كما أنّ تأثر الأهل بالأزمة والبقاء في المنزل وشعورهم بالضغط، يجعل تأثرهم بحركة ولعب الطفل في المنزل أكبر كما يجعل صبرهم أقل.
وهنا نتعرف على بعض أشيع أثار الأزمات على الأطفال :
- نقص أو غياب الاحتياجات المادية
- نقص عاطفي
- تقطع الحياة الاعتيادية
- نقص أو انعدام التجارب والخبرات الجديدة (اللعب)
- المسؤوليات لا تناسب الأعمار
- افتقاد الثناء والتقدير بسبب إنشغال وتوتر الأهل
فاللعب للأطفال لايهدف فقط إلى التسلية وتمضية الوقت وهو هدف مهم ، إنما يستطيع الطفل من خلال اللعب اكتساب المهارت والخبرات والتعبير عما يمر به وشعر به وتعويض غياب بعض الموارد والأحتياجات.
ووفق توصيات منظمة الصحة العالمية فإن الأطفال غالباً ما يبحثون في أوقات التوتر عن المزيد من المودة ويطلبون المزيد من والديهم، وقد يتشبثون بهم أكثر من اللازم لعدم قدرتهم على التعبير عن التوتر.
المراجع :
-دليل الدعم النفسي الاجتماعي القائم على المجتمع المحلي، دليل تدريب الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر .
-كتيب سلام، إرشادات عامة للتعامل مع الأطفال خلال الحروب ، مجموعة من المؤلفين .
-مواقع انترنت أهمها اليونيسف .