تقارير | 25 05 2020
يعاني اللاجئون السوريون في لبنان من تصاعد مستوى الخطاب العنصري والعدائي ضدهم، حيث ترافق ذلك مع بدء تسجيل أولى حالات الإصابة بفيروس "كورونا" والذي كان من نصيب مواطنة لبنانية قادمة جوا من إيران .
وليست هذه المرة الاولى التي يتعرض فيها اللاجئون السوريون لهذه المعاملة العنصرية واللاإنسانية، فمع كل أزمة أو مشكلة يمر بها لبنان بدءاً من الكهرباء والمياه والنفايات وتلوث الهواء والإفلاس الاقتصادي و السياسي، مروراً بالأزمات الصحية كانتشار السرطان، وصولاً إلى فيروس "كورونا" المستجد، كان السوريون هم الشماعة الوحيدة التي تعلّق عليها كل هذه الأزمات.
وتحول الفيروس المستجد الذي يوصف حالياً بالجائحة العالمية،حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، إلى حجة ومبرر لرفع مستوى العنصرية والتنمر تجاه اللاجئين السوريين، ولاسيما في المخيمات.
تحت طائلة المحاسبة
و ضمن هذا السياق أصدرت عدة بلديات لبنانية ولا سيما بلدية “بعلول” في البقاع الغربي إعلانات تحذيرية خاصة بالسوريين دون سواهم تطالبهم بموجبها بالحجر على أنفسهم والبقاء ضمن الخيام، و عدم الاختلاط مع أهالي البلدة، وضرورة التبليغ الفوري عن كل وافد جديد من الأراضي السورية، وذلك تحت طائلة المساءلة والمحاسبة .
يؤكد المحامي اللبناني طارق شندب لـ"روزنة أن "هناك جهات معروفة أو بالأحرى فريق سياسي معين يكيدون المكائد ويتحينون الفرص عند أي أزمة يمر بها لبنان لاستغلالها من أجل بث الشائعات والحملات التحريضية والعنصرية ضد اللاجئين السوريين، وهذا ما نعاينه اليوم من خطاب الكراهية والتنمر مع بدء انتشار فيروس كورونا المستجد، والذي في الأساس تمّ انتقاله عبر مواطنة لبنانية قادمة من إيران و ليس من سوريا"
ويتابع شندب إن " الخطاب العنصري والمعاملة اللاأخلاقية للسوريين لم تبدأ مع ظهور فيروس كورونا، و إنما كانت موجودة وتزداد عند أي طارئ يتعرض له المجتمع اللبناني، وتجد لها من يغذيها على الصعيد السياسي والإعلامي والاجتماعي وذلك لتحقيق مآرب معينة، و تبرير الفشل الحكومي والسياسي والاقتصادي والخدماتي وحتى الصحي، لتكون الحجة الجاهزة دائما هي اللاجئون السوريون "
اقرأ أيضاً: هل أثّرت المظاهرات اللبنانية على العمال السوريين؟
عنصرية الكورونا
"محمد سعد" لاجئ سوري في لبنان ويعمل بائع على عربة ذرة صفراء يقول لـ"روزنة ": "من بعد ما بدأت قصة كورونا صار الكل هون يعاملنا بطريقة سيئة، لا تخلو من الاحتقار، فكل ما إجا شخص ليشتري عرانيس الذرة من عندي، بصرخ عليه شب لبناني وهو جاري وصاحب محل لبيع الموبايلات و بقلو : ديربالك تشتري منو شي هاد الزلمة معو كورونا، وهيك صاروا أغلب الزبائن اللبنانيين عم يهربو بسبب الخوف من العدوى، وأنا عم تنقطع رزقتي بسبب هالعمل العنصري والكراهية لكل شي سوري في لبنان".
يتابع سعد : "أنا طلبت من الشب اللبناني وترجيتو أنو يحل عني و خبرتو أنو عندي عيال بدي عيشهن وصرلي 3 سنوات عم أشتغل بنفس المكان، برد علي وبقلي لا بقى تبيع بهالمكان ،ما عاد إلك رزقة عنا، أنتو السوريين خربتوا البلد ، وجبتوا الكورونا على لبنان".
أم عبدالله لاجئة سورية في لبنان، و تعيش في منطقة برج حمود تقول لـ "روزنة " : "السوري هون ما عاد إلو أي قيمة، عيشتنا كلها ذل بذل الكبير قبل الصغير، جارنا حاج صالح، زلمة ختيار كل ما يطلع ليشتري غرض من السوبر ماركت بلحقو ولاد جيراننا اللبنانيين، وبرمو بالوسخ والحجارة، و بصرخو عليه كورونا، كورونا والزلمة ما بيقدر يعمل شي، يخاف من أهاليهن، بالعكس بيضحك بوجههن وبكمل طريقو ".
تربية عنصرية
ليلى عوض لاجئة سورية في لبنان وتعمل كناشطة اجتماعية تؤكد لـ"روزنة أنّ "هؤلاء الأطفال لا يمكن أن يتصرفوا بهذه الطريقة مع رجل مسن من تلقاء أنفسهم، وإنما يتم تربيتهم من قبل أهاليهم بطريقة عنصرية تجعلهم يكرهون السوريين".
وتختم بالقول بأنّه "من الممكن في أي وقت أن يجدوا لقاحاً أو دواءً لفيروس كورونا المستجد، لكن من الصعب أن نجد علاجاً لداء العنصرية المنتشرة لدى الكثير من اللبنانيين تجاه اللاجئين السوريين في المدى القريب".
ويتعرض اللاجئون السوريون في لبنان إلى العنصرية وخطاب الكراهية، وبخاصة من الأحزاب السياسية، والمسؤولين البارزين كالرئيس ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، واللذان طالبا مراراً وتكراراً برحيل السوريين، بحجة أن لبنان لم يعد قادراًَ على تحمل اللاجئين، الذين يهددون اقتصاده.
وتقدر الأمم المتحدة عدد اللاجئين السوريين في لبنان بنحو مليون لاجئ، ويعيش عدد كبير منهم في مخيمات قريبة من الحدود السورية، وسط ظروف معيشية متردية.