بعد اندثارها... "البونات" تعود إلى سوريا هذه المرة إلكترونياً

بعد اندثارها...

تقارير | 25 05 2020

احتكرت حكومة النظام السوري عبر قرارها الأخير توزيع المواد الأساسية عبر مؤسساتها عن طريق "البطاقة الذكية"، في احتكار للسلع الأساسية ووقوف على الدور طوابير لساعات طويلة، ما يعيد للذاكرة أزمة الثمانينات الاقتصادية، حيث لجأت الحكومة آنذاك إلى توزيع المواد الأساسية عبر قسائم "البونات". 

 
محمد، 33 عاماً، من ريف دمشق يقول لـ"روزنة":  "إذا لم تستح فافعل ما شئت، الحكومة توفّر على المواطن 200 ليرة بسعر السكّر، وبالمقابل الأسعار ترتفع أضعاف مع انخفاض الليرة ووصولها إلى ألف ليرة للدولار، يجب أن نشتري كل شيء في هذه الحالة على البطاقة الذكية، وإلا ما الفائدة". ويتابع محمد "أسعار المواصلات فقط تساوي راتب الموظف، ما هذه المسخرة".
 
وذكرت "رئاسة مجلس الوزراء" على موقعها الرسمي الإلكتروني أمس الأحد، أنّ "مجلس الوزراء قرّر توزيع المواد الأساسية المدعومة عبر البطاقة الذكية في صالات المؤسسة السورية للتجارة، وبعض مراكز البيع الخاصة وعبر السيارات الجوالة"، دون تحديد المواد التي يشملها التوزيع عبر البطاقة.
 
وأشار مجلس الوزراء إلى أنه يعتزم توسيع دائرة المواد المدعومة بشكل تدريجي.
 
أبو إبراهيم، 45 عاماً، من دمشق يقول لـ"روزنة": إنّ "ما تم توفيره عبر البطاقة الذكية سيتم وضعه مواصلات للوصول إلى المؤسسة الاستهلاكية، هذا عدا عن الانتظار للحصول على كيلو سكر أو كيلو رز، وفي الآخر سيقول لنا الموظف أنه لا يوجد اليوم توزيع".
 
يردف أبو ابراهيم "هو ذل جديد لنا، يا عيب الشوم، الغلاء في كل مكان، لن تعيننا هذه الـ200 أو 300 ليرة التي توفرها علينا الحكومة، مقابل كيلوات قليلة من السكر والرز، هل يستطيع الوزير أن يعيش بكيلو سكر طيلة الشهر؟".
 
من جهته أوضح معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السوري، رفعت سليمان، أنه يحق لكل مواطن الحصول على كيلو سكر، وكيلو رز، و200 غرام شاي شهرياً عبر البطاقة الذكية، لافتاً إلى أن هذه السياسة قد تتغير بعد ذلك حسب توفر الكميات في السوق ولدى السورية للتجارة.
 
وقال سليمان خلال حديثه لإذاعة "شام إف أم" إن التوزيع سيبدأ اعتباراً من مطلع شهر شباط المقبل، ولفت إلى أنّ الوزارة وضعت سقفاً للكميات المتاحة لكل عائلة، مهما بلغ عدد أفرادها، بحيث لا تتجاوز الكميات الحاصلة عليها عبر البطاقة 4 كيلو سكر، و3 كيلو رز، وواحد كيلو شاي.
 
وأضاف سليمان أن الهدف من "البطاقة الذكية" الدقة في التنفيذ في توزيع المواد المراد التدخل بها، وتحقيق ذلك بشفافية تضمن إيصال كافة السلع المطلوبة للمستهلك بالعدل.
 
منى المحمد، سيدة سورية مقيمة في دمشق قالت لـ"روزنة": إن 3 كيلو من الأرز شهرياً لا يكفي عائلتها المكونة من 5 أفراد، لكون استهلاك الأرز يشبه استهلاك الخبز، وبخاصة إن وجد أطفال، حيث يتم استخدامه كأرز مطحون للأطفال، وإلى جانب المأكولات اليومية"، معتبرة أن نقصه في المنزل يشكل كارثة بكل معنى الكلمة.
 
اقرأ أيضاً: توقعات بارتفاع أسعار السلع في سوريا بسبب رفع الدعم عنها
 
الخبير والباحث الاقتصادي يونس الكريم، قال لـ "روزنة" إن  السلع الأساسية تتطلب دولار بشكل دائم، وهو الأمر الذي دفع حكومة النظام إلى إدخال هذه السلع وشرائها من خلال البطاقة الذكية؛ وذلك من أجل تخفيف الضغط على الدولار من جهة الاستيراد، وكذلك تخفيف الضغط على وجود الفئات النقدية الصغيرة عند شرائها من الناس، بخاصة أنها باتت غير متوفرة، وفق قوله.
 
وأكمل "السلع الأساسية ميزتها بأن طلبها دائم ومحدد مسبقاً والنظام يعرف كم هو الطلب على هذه السلع… السلع الاساسية لا تخضع للظروف الاقتصادية والاجتماعية، والطلب عليها ثابت… من خلال السياسة النقدية الحالية يحاول النظام تقييد الطلب على الفئات الصغيرة من العملة، و تقييد الطلب على الدولار".

وترتبط البونات في الذاكرة السورية، بالمعاناة جرّاء الوقوف ساعات طويلة على أبواب المؤسسات الاستهلاكية في الثمانينات، من أجل الحصول على المواد الأساسية كالسكر والأرز وغيرها من المواد.
 
وتعرف "البونات" بأنها قسائم شهرية مرقمة بشكل تسلسلي تحصل بموجبها الأسرة على المواد الغذائية، ،حيث يخصص رقم عن كل شهر يتم من خلاله شراء المواد بأسعار مخفضة مثل (السكر، والرز، والشاي، والزيت، والسمنة)، تباع عن طريق "المؤسسات الاستهلاكية" التي تعود إداراتها إلى وزارة التموين.
 
 
ويتم استلام دفتر "البونات" بإبراز دفتر العائلة، فيحصل رب الأسرة على الدفتر الخاص بعائلته، وفقاً لعدد أفراد أسرته.
 
وكان النظام السوري بدأ باعتماد نظام "البطاقة الذكية" الذي تشرف عليه شركة "تكامل"، منذ آب عام 2018، لتوزيع المخصصات من مادة البنزين كأولى المواد التي أُلحقت بالبطاقة، تبعتها مادتي المازوت والغاز وتحديد مخصصات العائلة السورية منها بشكل شهري.

 

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض