تدهور الليرة السورية أسقط تنبؤات المنجمين 

تدهور الليرة السورية أسقط تنبؤات المنجمين 

تقارير | 25 05 2020

كعادتها في كل عام، تستقطب قنوات تلفزيونية في ليلة رأس السنة الميلادية عدة متنبئين فلكيين بغرض تقديم توقعاتهم للسنة الجديدة، والتي غالباً ما تكون فقرة دسمة للمتابعين بالتندر أو التسلية، وكما هو معتاد خلال السنوات الماضية فإن الوضع السوري بات يأخذ الحيز الأكبر لهذه التوقعات عند أولئك المتنبئين أو المنجمون. 

نستعرض معكم في السطور التالية، أهم التوقعات التي تحدث عنها المنجمون وتوقعوا أن تحصل في سوريا خلال العام 2019 

فخ الليرة السورية 

لعل أبرز توقع استطاع من خلاله المتنبئ اللبناني سمير طنب أن ينجح فيه، وهو ما ذهب إليه حول مصير زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي، حينما ذكر طنب نهاية العام الفائت بأن أبو بكر البغدادي سيتم العثور على عليه "حياً أو ميتاً"، وهو ما تم فعلياً في نهاية شهر تشرين الأول الماضي، على يد قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. 

كذلك فإن طنب استبعد مغادرة الأسد للسلطة في سوريا، إلا أنه سقط في المقابل في عدة أمور كان أبرزها تنبؤه بعودة دمشق إلى الجامعة العربية، وكذلك منح الأكراد حكماّ ذاتياً بعد التوافق مع النظام السوري وهو أمر بات مستبعداً بشكل كبير بعد أن تعطلت قنوات الحوار بين الطرفين. 

واعتبر -آنذاك- أن خطوة منح الحكم الذاتي للأكراد ستليها إنتخابات نيابية جديدة يُشكّل بعدها حكومة "وفاق وطني" يرأسها شخصية "سنية" من المعارضة، وكل ذلك لم يذكر طيلة 2019. 

وأما مايك فغالي وهو أكثر المتنبئين جدلاً بين أوساط السوريين، والذي كان توقع في العام الماضي بأن سعر صرف الليرة السورية سيتحسن ويصل إلى 300 مقابل الدولار الواحد، وهو الأمر الذي كان ضرباً من الخيال، فما حصل خلال هذا العام من تدهور قياسي لليرة السورية لم يحصل طيلة تاريخ سوريا الحديث، حيث قاربت الليرة من حاجز الألف مقابل الدولار الواحد. 

التوقع الذي سقط فيه فغالي، اضطره مساء أمس خلال ظهوره على قناة سورية محلية، أن يرد على تندر السوريين على فشل توقعه المدوي، حيث قال "أنا قلت إن الدولار سيتراجع إلى حدود 300 ليرة وهذا ما حدث في شهر آذار، لكن الشعب لن يصدق ولن يوقف تداوله للدولار فسيحدث تحطيم للأرقام مجدداً، وعلى المنتقدين أن يتابعوا الحلقة التي تحدثت فيها عن الدولار ومن ثم يتوجهوا بالانتقادات".

ولم يقف فشل فغالي في التوقعات عند حدود سعر الصرف فقط، فقد توقع أيضاً أن يقوم الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين بزيارة سوريا خلال عام 2019 للوقوف على آخر المستجدات فيها، وتوقع أيضاً عودة السفارات السورية للعمل بكل طاقتها مرة اخرى في معظم بلدان العالم، وهي توقعات أثبت عام 2019 فشلها. 

وكذلك فقد فشل فغالي على صعيد التطورات الميدانية حينما ادعى توقعه سيطرة قوات النظام السوري على كامل محافظة إدلب خلال عام 2019.

وتشارك المتنبئ  ميشال حايك مع مايك فغالي في فشل التوقعات حول استقرار الاقتصاد السوري، حيث اعتبر حايك أن عام 2019 سيشهد استقراراً للعملة السورية أمام العملات الأجنبية. 

نجاح في شرق الفرات وفشل في باقي التوقعات 

ميشال حايك استطاع كما سمير طنب، تحقيق توقّع صائب العام الفائت، حينما قال أن الرئيس التركي سيدخل شرق الفرات، وهو ما تم في شهر تشرين الأول إثر عملية "نبع السلام" التركية ضد مناطق شرق الفرات، وسيطرة القوات التركية وقوات سورية مدعومة من قبل أنقرة، على كل من منطقتي رأس العين وتل أبيض. 

بينما فشل في توقعه حول مغادرة إيران لكامل الأراضي السورية، بل إن واقع ما جرى خلال عام 2019 يعاكس توقعات حايك، حيث اندفعت لإيران لتعميق نفوذها أكثر في الشرق السوري مع الحفاظ على تواجدها أيضاً في مناطق عدة، أبرزها كان جنوب البلاد. 

وفشل أيضاً حايك في توقعه بعودة شخصية سورية بارزة من المنفى إلى الحكم، فيما نجح بشكل طفيف في توقعه بتشكيل اللجنة الدستورية والتي قال عنها "ورشة دستورية إصلاحية واسعة"، فيما فشل في الجزئية الأكبر من التوقع حينما اعتبر أن بشار الأسد سيظهر ليونة كبيرة حيال اللجنة الدستورية، وهو ما عاكسه الأسد فعلياً حينما هاجم اللجنة وأعضاءها وقلل من أهمية تشكيلها. 

وكذلك فشل أيضاً في توقعه بـ "عودة فاروق الشرع إلى الواجهة من جديد".

وبخلاف العام الماضي، فقد قام معظم المنجمين بتأجيل توقعاتهم حتى منتصف ليلة الثلاثاء، على عكس السنة الفائتة حينما صدرت توقعات العديد منهم قبل نهاية العام بأيام قليلة، و وحده مايك فغالي هو من أعلن توقعاته مساء أمس الإثنين (30 كانون الأول)، وتركزت أبرز توقعاته على الاقتصاد هذا العام مجدداً، حيث اعتبر أن عام 2020 سيعود بسوريا إلى أعوام الثمانينات، في إشارة منه إلى أن الاقتصاد السوري سيكون بخير أفضل بكثير.

وقال فغالي إن لواء إسكندورن سيعود إلى سوريا، ملمحاً إلى أن النظام قد يخوض حرباً كبيرة من أجل استعادة اللواء، وكذلك عاد ليؤكد سيطرة قوات النظام السوري على محافظة إدلب خلال أشهر قليلة من العام المقبل، بينما نوه إلى تنظيم "داعش" لم ينتهي بعد.

ما حقيقة هذه التوقعات؟

الاختصاصي في الفيزياء الفلكية؛ د.حنا صابات، قال في حديث لـ "راديو روزنة" أن التوقعات السنوية للمنجمين يعود ظهورها وانتشارها على الفضائيات المتعددة لأسباب اقتصادية بحتة في المقام الأول.

وأوضح أنه وبسبب أن موضوع التنبؤات يعنى بالمستقبل؛ فإن الناس بطبيعتها ومن دوافع نفسية واجتماعية تميل لمعرفة شيء من المستقبل، معتبراً أن التنبؤات والتوقعات ما هي إلا تجارة رائجة للمتنبئين ولأصحاب القنوات التلفزيونية الفضائية؛ فضلاً عن الناحية التسويقية التي يسعون لها من خلال التوقعات.

ومن الناحية العلمية أشار صابات إلى أنه لا يمكن الاعتراف بمصداقية التنبؤات وما يصدر عن المنجمين الذين يطلقون على أنفسهم صفة "عالم فلك".

وعاد في حديثه لتوضيح حقيقة التوقعات ومصادرها؛ إلى الجذور التاريخية للتنجيم لافتاً إلى أنه (التنجيم) يرجع ظهوره لبلاد ما بين النهرين في المرحلة البابلية والكلدانية والآشورية؛ حيث كان المنجمون يقومون بعمليات رصد للسماء وللظواهر الفلكية.

وأضاف بالقول: "لاحظوا في ذلك الزمن أن هناك أجرام سماوية لها حركات خاصة؛ وتتحرك بطريقة منفصلة عن الأجرام الأخرى، وتلك الأجرام التي تمتلك حركات خاصة تم تقديسها وتأليهها في تلك الفترة، وكانت هي الشمس والقمر وعطارد والزهرة والمريخ والمشتري و زحل"، وتابع: "في ذلك الوقت لم يكونوا يعلموا أنها كواكب تدور حول الشمس؛ لذلك كانوا يعتبرون أن حركتها لها تأثير على البشر؛ والمنظور لها يختلف بين كل فترة و أخرى بسبب تحركها".

ولفت في ختام حديثه إلى أن أن المُنجّم كان يقوم بعملية رصد فلكي للكواكب وعملية حساب لتوقع مواقع تلك الأجرام والهدف كان تنجيمي؛ من أجل ربط مواقع تلك الأجرام بما يحدث على الأرض.  

بودكاست

شباب كاست

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض