تقارير | 25 05 2020
بعد أن أعلنت أنقرة رفضها لمقترح أميركي حول وساطة واشنطن لدى تركيا للحوار مع الأكراد السوريين في منطقة شرق الفرات السورية، كشف مصدر دبلوماسي إيراني لـ "روزنة" عن بعض تفاصيل الخطة التي أعدها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فيما يتعلق بإدخال كل من دمشق و أنقرة والأكراد في محادثات لفرض الأمن على الحدود التركية السورية بعد بدء تركيا الأربعاء الفائت عملية عسكرية تستهدف قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
وقال أمير موسوي، الدبلوماسي الإيراني السابق ومدير مرکز الدراسات الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية في طهران؛ أن إيران تبني مقترحها للوساطة بين أنقرة ودمشق ومع الأكراد كطرف ثالث من خلال "اتفاقية أضنة"، حيث أكدت إيران مؤخراً على تركيا بأن "اتفاقية أضنة" هي الحل الأمثل للأزمة الحدودية بين دمشق و أنقرة.
ولفت خلال حديثه لـ "روزنة" إلى أن هذه الاتفاقية يمكن أن تزيل الهواجس الأمنية لدى تركيا عندما تستقر قوات النظام السوري على الحدود بين البلدين؛ بدلاً من تواجد القوات الكردية أو أية قوات أخرى، وأضاف: "الأكراد يمكن لهم أيضاً أن يؤمنوا على استقرار مناطق تواجدهم من خلال نشر الجيش السوري هناك، و لكن هذا الانتشار يحتاج لظروف محددة".
وحدد موسوي 3 نقاط يتوجب على الأكراد الالتزام بها من أجل ضمان تنفيذ التهدئة بعد تواصل طهران مع جميع الأطراف، وتتمثل أولى النقاط التي تسعى إليها طهران في وساطتها؛ بوجوب قبول الأكراد بسيادة حكومة دمشق، فضلاً عن ضرورة اعتبار الأكراد أنفسهم "مواطنون سوريون حقيقيون"، وترتبط هذه النقطة بثالث النقاط التي ذكرها موسوي مشيراً عبرها إلى أن دمشق ستنظر لبعض المطالب الكردية المتعلقة بالاعتراف بلغتهم كلغة رسمية في البلاد؛ بالإضافة إلى بعض إجراءات تسيير الأمور الإدارية في مناطقهم بشكل مباشر لكن من دون إعلان حكم ذاتي أو أية إجراءات انفصالية.
ويعود توقيع اتفاقية أضنة بين دمشق و أنقرة إلى عام 1998، عندما توترت العلاقة بينهما على خلفية دعم دمشق حينها،لزعيم "حزب العمال الكردستاني"، عبد الله أوجلان، ونصت الاتفاقية على 4 بنود، الأول تعاون البلدين في مكافحة الإرهاب عبر الحدود، وإنهاء دمشق جميع أشكال دعمها لحزب "العمال" وإخراج زعيمه أوجلان وإغلاق معسكراته في سوريا ولبنان ومنع تسلل مقاتليه إلى تركيا.
اقرأ أيضاً: هل يتبنى ترامب وساطة أميركية لإيقاف الأعمال العسكرية شرق الفرات؟
ونص البند الثاني على احتفاظ تركيا بحقها في الدفاع عن نفسها، والمطالبة بتعويض عن الخسائر في الأرواح والممتلكات في حال لم توقف دمشق دعمها فورا للحزب، و أعطى البند الثالث تركيا الحق في ملاحقة من تصفهم بـ "الإرهابيين" داخل الأراضي السورية بعمق خمسة كيلومترات، إذا تعرض أمنها القومي للخطر ولم يستطع النظام مكافحة عمليات الحزب الكردستاني.
بينما تسبب البند الرابع، بالتخلي عن لواء اسكندرون، نص على اعتبار الخلافات الحدودية بين البلدين منتهية منذ توقيع الاتفاقية وعدم مطالبة الطرفين بأراضي الطرف الآخر.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أشار يوم أمس السبت إلى اتفاقية أضنة، حيث قال في تغريدة له على موقع "تويتر": "اتفاق أضنة بين تركيا وسوريا، الذي لا يزال ساريا، يمكن أن يشكل سبيلا أفضل لتحقيق الأمن... يمكن لإيران المساعدة في جمع الأكراد السوريين والحكومة السورية وتركيا حتى يتسنى للجيش السوري حراسة الحدود مع تركيا".
و أفاد موسوي خلال حديثه لـ "روزنة" بأن المقترح الإيراني الذي تقدم به ظريف ليس بالمقترح الجديد بحسب وصف موسوي؛ و إنما كانت هناك مساعي إيرانية سابقة من أجل التقريب بين كل من أنقرة و دمشق وحصر نفوذ الأكراد في مناطقهم "بشكل قانوني"، إلا أن التواجد الأميركي في المنطقة هو ما أدى إلى تأجيل طرحه.
وعاد مقترح الوساطة الإيراني مجددا بعد بدء العملية العسكرية التركية، بالإضافة إلى ظهور قرارات واضحة من قبل الجانب الأميركي بسحب قواتهم من شمال شرق سوريا وبشكل نهائي، ما دفع طهران إلى تنشيط المقترح من جديد عبر أذرع وزارة الخارجية والاتصالات الدبلوماسية المكثفة مع الأطراف الثلاثة.
قد يهمك: مقايضة إدلب مقابل شرق الفرات… ما حقيقة ذلك؟
و كشف وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، الأحد، في مقابلة مع شبكة "سي بي اس" الأميركية أن الولايات المتحدة تستعد لإجلاء حوالي ألف من القوات الأميركية من شمال سوريا، وتأتي هذه الخطوة بعد أسبوع من إعلان الرئيس ترامب عن إعادة تنظيم لعشرات القوات الأميركية المتمركزة مع القوات الكردية شمالي سوريا، وفتح الباب لشن هجوم تركي ضد قوات سوريا الديمقراطية، الحليف الرئيسي للولايات الأمريكية في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وقال إسبر في برنامج تلفزيوني إنه في الساعات الـ 24 الماضية، علمت إدارة ترامب أن الأتراك من المرجح أنهم ينوون توسيع هجومهم إلى الجنوب، أكثر مما كان مخططا له في الأصل، وإلى الغرب أيضا".
وأضاف "علمنا أيضا في الساعات الـ24 الماضية أن قوات سوريا الديمقراطية تتطلع إلى عقد صفقة، مع السوريين والروس لشن هجوم مضاد ضد الأتراك في الشمال"، ووصف المسؤول الأميركي الوضع بأنه "هش" بالنسبة للقوات الأميركية، قائلا إنه تحدث مع ترامب الليلة الماضية، وأن الرئيس وجه الجيش الأميركي إلى "بدء انسحاب متعمد للقوات من شمالي سوريا".
موسوي اعتبر أنه و رغم تصريحات فيصل مقداد (نائب وزير الخارجية في حكومة دمشق) التي نفى فيها أي توجه لدمشق في صعيد الحوار مع الأكراد، إلا أنه أكد أن الجانب السوري شجع على الوساطة الإيرانية منذ اقتراحها خلال الفترة السابقة، مشيراً إلى أن المقترح الإيراني مُرحّب به من قبل الأطراف الثلاثة؛ بحسب وصفه.
و زاد بالقول: "الوضع في شرق الفرات يساعد كل من الأكراد والأتراك في الاستفادة من الفرصة الإيرانية التي بامكانها أن تُرطب الأجواء و تُهدأ الأمور هناك من خلال التفاهم مع دمشق.. و يبقى الآن سنرى ماذا سيفعل الأتراك، فلا أفق منتظرة في ظل وجود هذه الأزمة المفتعلة، لأن الحل العسكري لا يكفي".
اقرأ أيضاً: ترامب يتخلى عن حلفائه الأكراد.. ما تأثير ذلك على تقوية نفوذ روسيا؟
وأشار إلى أن ظريف يقوم الآن باتصالات مكثفة مع كل من أنقرة و دمشق، فضلا عن وجود تواصل مع شرق الفرات من أجل إيجاد حل سريع وإنهاء الأزمة من خلال التفاهم مع الحكومة دمشق
وأوضح بأن هناك صفقة غير معلنة بين الجانبين التركي و الإيراني، تقضي أولا بقبول أنقرة إعادة انتشار قوات النظام في كامل المناطق الحدودية السورية-التركية والقبول أيضا في العمل باتفاقية أضنة والتخلي عن الخيار التركي العسكري في شرق الفرات؛ مقابل دخول تركيا بشكل فاعل في عملية إعادة الإعمار بسوريا.
وختم بالقول: "الأتراك لديهم هدفين؛ أولا تأمين الحدود، وثانيا إنعاش اقتصادهم من خلال الدخول في إعادة إعمار سوريا، وإذا ما تعاونوا في هذا المقترح؛ يمكن النظر عند ذلك في طلبهم".
و كانت أعلنت تركيا رفضها مقترح أميركي للتفاوض مع القوات الكردية في شمال شرق سوريا، يهدف إلى إيقاف العملية العسكرية التركية "نبع السلام" على المنطقة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في لقاء مع موقع "دويتشه فيله" الألماني، أمس السبت، إن بلاده ترفض التفاوض مع "وحدات حماية الشعب"الكردية، كما ترفض أي مقترح أميركي محتمل في هذا الإطار، وفق وكالة "الأناضول" التركية، معتبرا أن عملية "نبع السلام" تمس الأمن القومي لبلاده، مضيفاً أنه "لو كانت تركيا تخشى العقوبات الاقتصادية لما أطلقت العملية".