آثار الرقة... كنوز عبثت بها داعش وحضارة شوهتها الحرب

Main Image
Thumbnail 1
Thumbnail 2
Thumbnail 3
Thumbnail 4
Thumbnail 5

تقارير | 25 05 2020


تعرضت العديد من المواقع الأثرية في الرقة للقصف والنهب والتخريب خلال سنوات الحرب وحكم تنظيم "داعش"، وبعضها أصبحت مقابراً جماعية تحتضن جثث جيرانها الذين قتلوا في القصف، وأخرى باتت مكبات نفايات أو بؤراً لتعاطي المخدرات.

وأطلق مؤخراً؛ مكتب الآثار في مجلس الرقة المدني حملة لترميم سور الرقة الأثري، أو ما يعرف بـ سور الرافقة، والذي انهارت عدة أقسام منه خلال القصف الجوي العنيف الذي نفذته طائرات التحالف الدولي على الرقة لطرد تنظيم "داعش" منها.

ووفقاً لـ ياسر المحرب؛ مدير مكتب الآثار فقد تم الانتهاء من العمل على ترميم الجزء الجنوبي من السور الواقع قرب باب بغداد، وسيتم خلال الفترة المقبلة إكمال ترميم المواقع المنهارة في السور، ويضيف المحرب لـ "روزنة": "بعد تحرير مدينة الرقة من قبضة تنظيم داعش تم تفعيل مكتب خاص للآثار من أجل متابعة وضع المواقع الأثرية، والعمل على إعادة إحيائها من جديد بعد سنوات من تعرضها للتخريب والدمار، في البداية توجهنا إلى متحف المدينة، ووجدناه في حالة يرثى لها نتيجة المعارك والتخريب من قبل عناصر داعش". 

ويتابع: "لم نجد سوى عدد قليل من القطع الأثرية ما تزال صامدة هناك، ما يقارب 5 بالمئة من القطع التي كانت موجودة في المتحف ظلت صامدة والبقية تعرضت للتخريب من قبل التنظيم أو السرقة، وبعد ذلك قمنا بجولات ميدانية على المواقع الأثرية في مدينة الرقة وريفها، حيث أزلنا المخالفات ضمن تلك المواقع، ثم أطلقنا مشروع لتنظيفها من الألغام التي زرعها تنظيم داعش والنفايات، حيث أصبحت تلك المواقع مركزاً للتفخيخ خلال سنوات حكم داعش ومكباً للنفايات مع الأسف، وبعد ذلك وضعنا دراسات فنية ومالية لهذه المواقع من أجل إعادة تأهيلها وترميمها".

ويردف المحرب: "طبعاً تأثرت المواقع الأثرية بعمليات القصف التي كانت تشهدها الرقة أثناء الحرب، ما أدى لتضرر أجزاء من سور الرقة الأثري وقصر البنات والجامع العتيق ضمن المدينة، حالياً بدأنا بمشروع لترميم السور الأثري، قمنا بإتمام ترميم الجزء الجنوبي من السور الواقع قرب باب بغداد، واستخدمنا المواد المناسبة للترميم من مادة اللبن المجفف والآجر المشوي والجص الأسمر وتم العمل وفق الشروط العالمية لترميم المواقع الأثرية، وفيما يخص المتحف كنا قد نسقنا مع منظمات المجتمع المدني التي ترغب بالمشاركة في إحياء آثار الرقة، وتولت منظمة رؤية مشروع ترميم المتحف، ولكنها توقفت عن العمل بعد إتمام 25% من أعمال إعادة تأهيله بسبب توقف الدعم المادي للمنظمة من قبل داعميها، وحالياً هناك وعود من قبل المنظمات من أجل دعم مشاريع إعادة إحياء المواقع الأثرية في الرقة خلال الفترة المقبلة ونأمل أن تتحقق في المدى القريب".

ويعود تشييد أبرز المواقع الأثرية ضمن مدينة الرقة للحقبة العباسية، ومنها باب بغداد شرقي المدينة والذي بني على زمن الخليفة المنصور عام 772م، وفي جوار باب بغداد يقع سور الرافقة المحيط بالمدينة القديمة ويبلغ طوله قرابة خمسة كيلومترات والذي تعرضت أجزاء منه للانهيار نتيجة المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وتنظيم "داعش"، كما تحولت حديقة السور إلى مقبرة جماعية حوت جثث 9 من جيران السور الذين قتلوا في القصف، وبالإضافة إلى باب بغداد والسور هناك الجامع العتيق وسط المدينة، وهو مسجد أثري بني بالتزامن مع بناء سور الرافقة وباب بغداد، وتبلغ أبعاده 100 متر طولاً و98 متراً عرضاً، ولم يتبق منه سوى السور الخارجي وواجهة الحرم والمئذنة المبنية في عهد الدولة الزنكية. 

اقرأ أيضاً: مبادرة لإعادة إعمار كنائس الرقة التي دمرتها الحرب

وخلال الحرب تحولت ساحة الجامع العتيق لمقبرة جماعية أيضاً، وبعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على المدينة قام البعض باتخاذ الموقع الأثري الهام بؤرةً لتعاطي الحبوب المخدرة والحشيش، قبل أن تقوم قوات "الأساييش" التابعة لـ "قسد" بطردهم من الموقع مؤخراً، أما متحف المدينة الذي بنته الدولة العثمانية كمخفر للرقة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وفي عام 1926م تم هدمه من قبل سلطات الانتداب الفرنسي وتجديده في نفس العام ليصبح مقراً للحاكم الفرنسي حتى عهد الاستقلال، وفي عام 1981م أصبح متحفاً لمدينة الرقة يحوي أكثر من 6000 آلاف قطعة أثرية ولوحات فسيفسائية ومخطوطات أثرية تعرضت غالبيتها للسرقة والتخريب خلال حكم داعش.

ويعرب الباحث الأثري محمد العزو "أبو آثار" عن أسفه إلى ما آلت إليه المواقع الأثرية في مدينته، ويشير في حديثه لـ "روزنة" إلى أن حضارة مدينة الرقة تمتد إلى قرابة سبعة آلاف عام قبل الميلاد، ويقول العزو: "في البداية عندما نتحدث عن آثار الرقة، علينا أن نميز بين الرقة كمركز مدينة، والرقة كمحافظة بشكل عام، والأخيرة هي التي قامت عليها ثورة العصر الحجري الحديث، أي أن أول بيت في المعمورة قاطبةً أقيم فيها، وتحديداً في تل مريبط الواقع في ريف الرقة الغربي، والذي غمرته مياه البحيرة بعد إنشاء سد الفرات في ستينيات القرن الماضي، وتدجين الزراعة حدث لأول مرة في تل مريبط أيضاً، فهذه الثورة الحضارية التي قامت بالرقة هي الإلهام لحضارتنا المعاصرة، ولكن للأسف تعرضت للتشويه والتدمير خلال السنوات الماضية".
 
 

 
ويتابع العزو "أول موقع أقيمت عليه حضارة مدنية بمدينة الرقة هو تل زيدان والذي يبعد خمس كيلو مترات شرق مركز المدينة، ويحتوي على قطع أثرية هامة وكانت هناك بعثة أمريكية تنقب عن الآثار هناك ولكن للأسف مع اندلاع الحرب في سوريا توقفت أعمال التنقيب، وهناك عدة تلال تحتوي على قطع أثرية هامة مثل تل حمام التركمان وتل الصبي الأبيض وتل أسود وتل البيعة والذي كان يسمى مملكة توتول، وهذه المواقع مع الأسف الشديد أغلبها نهبت، أما متحف الرقة فقد كان (لؤلؤة المدينة)، وأنا كنت أمين المتحف لسنوات طويلة، ولكن مع سيطرة الفصائل المتشددة نهبت الآثار من المتحف، وخلال حكم داعش قام التنظيم بتأجير صالة اللوحات الفسيفسائية في المتحف لبائع مشاوي، هل لك أن تتخيل هول المصيبة ؟". 

ويكمل "لقد قام داعش بتشويه اللوحات الفسيفسائية وتحطيم العديد من القطع الأثرية بالإضافة لأعمال التنقيب السري التي كانت تقوم بها العصابات في عدة مواقع بالرقة وريفها وتمت سرقة الكثير من الكنوز الأثرية الموغلة في القدم، وحالياً هناك مساعي لترميم آثار الرقة ولكنها بطيئة للغاية وغير كافية، نأمل أن يتم العمل بجدية من قبل الجهات المعنية أو المنظمات على إعادة إحياء المتحف والمواقع الأثرية".

وبالقرب من سور الرقة الأثري من الجهة الشمالية وضعت مولدة كهربائية "أمبيرات"، وعلقت أسلاكها وشبكتها على جسم السور، وبات لونه أسوداً من الدخان المنبعث من المولدة، والبعض قام بكتابة ذكرياته بواسطة البخاخ على السور، ويشتكي إسماعيل الحسين وهو جار السور من هذا التصرف وغيره من التصرفات المؤذية لآثار وحضارة مدينة الرقة، ويقول إسماعيل: "كان بإمكان صاحب المولدة إبعادها عن السور إلى ساحة قريبة وطلبنا منه ذلك ولكنه رفض، وبدورها البلدية لم تلزم صاحب المولدة بإبعادها عن السور رغم أننا قمنا بتقديم شكوى، نتمنى من الجهات المعنية أن تولي مزيداً من العناية بالسور وباقي آثار الرقة، فهي حضارتنا وذكرياتنا وحكايات الطفولة".

وكانت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أقرت "قانون الآثار"، والذي يتضمن أهداف ومهام مكاتب الآثار في المناطق التي تسيطر عليها قوات قسد، والأحكام المتعلقة بالتنقيب والآثار المنقولة والعقوبات، ويتألف القانون من "58" مادة صادق عليها المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية في الثلاثين من تموز الماضي، وتعمل هيئة الآثار في الإدارة على توثيق المواقع الأثرية في مناطق شمال شرق سوريا بالوقت الحالي، من أجل العمل في الفترة المقبلة على حملة لترميم وحماية آثار مناطق شمال شرق سوريا.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض