تقارير | 25 05 2020
في مسعى يشي إلى تغير في المزاج الأميركي تجاه إنشاء المنطقة الآمنة في الشمال السوري بالتوافق مع تركيا، أكدت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" اعتماد استراتيجيتها العسكرية القادمة في المنطقة بتشكيلها عدة مجالس عسكرية في كل من مدن الطبقة والقامشلي وتل أبيض وعين العرب.
و أعلنت "قسد"، يوم الاربعاء، تشكيل مجلسين عسكريين في مدينتي الطبقة وقامشلي، بعد أيام على تأسيس مجلسين عسكريين بمدينتي تل أبيض وعين العرب.
وفي حين تشير مصادر كردية أن الهدف من تشكيل المجالس يأتي لتوحيد الصف والرأي في مواجهة "التحديات وحماية الحدود والشعوب من أي خطر" حتى الوصول إلى حل سياسي في المنطقة؛ فضلا عن إشراك القيادات المحليّة في آليّة اتخاذ القرار بشكل أكبر وأكثر فعالية.
ولا يمكن إغفال المناورة التي تجريها القيادة السياسية الكردية هناك من خلال الإعلان عن تشكيل المجالس العسكرية والتي اعتبرت وجودها غاية لإشراك القيادات المحلية، في رسالة ترد على مطالب التظاهرات الشعبية التي حصلت في دير الزور خلال الآونة الأخيرة.
قد يهمك: مفاوضات شرق الفرات تنتقل من دمشق إلى أنقرة؟
هذه الخطوة ترد من خلالها الإدارة الكردية على أكثر من ذريعة كانت تطالب من خلالها تركيا ضرورة تشكيل المنطقة الآمنة بالتوازي مع إبعاد "قسد" من المنطقة بحجة هيمنتهم على المنطقة فضلا عن تشكيل التهديد على الأمن القومي لتركيا؛ والذي يبدو أن زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان بمرافقة وفد أميركي رفيع المستوى خلال الأسبوع الفائت قد بددت ذلك التهديد.
و رغم تصريحات المبعوث الأميركي إلى سوريا لصحيفة "حؤييت" التركية مؤخراً؛ حينما أشار من خلالها إلى تقدم المفاوضات بين واشنطن وأنقرة حول طبيعة تشكيل المنطقة الآمنة؛ إلا أن الخطوة الكردية الأخيرة تعني بشكل من الأشكال أن الخصم الخليجي (السعودية) لتركيا نجح في تأجيل تنفيذ المطامح التركية على الحدود مع سوريا؛ مقابل الدفع بتجديد الدعم للقوات الكردية.
المحلل السياسي أسامة بشير؛ قال في حديث لـ "راديو روزنة" أنه و بعد أن أوقفت تركيا عمليتها التي كانت مزمعة في شرقي الفرات بعد تفاهم مع واشنطن، أدى الاستقرار الحاصل نتيجة ذلك إلى تشكيل هذه المجالس.
وتابع: "ربما نراها مستقبلا إدارة ذاتية بدعم مادي سعودي، ويبدو أن السعودية مصرة على عدائها مع تركيا وبكل الأحوال الدعم السعودي ليس إلا بموافقة أميركية، والتقارب السعودي (مع قسد) هو تحت المظلة الأميركية".
وكان عُقد في حقل العمر النفطي في دير الزور نهاية الأسبوع الفائت؛ اجتماعا ضم كل من وزير الدولة السعودي ثامر السبهان، ونائب وزير الخارجية الأميركي جويل رابيون، والسفير الأميركي ويليام روباك، وعددا من شيوخ ووجهاء وإداريين من قبائل ومجالس دير الزور، وناقش الاجتماع بحسب موقع قناة "العربية" السعودية آلية مكافحة داعش وضمان عدم عودته، إضافة إلى دعم المجلس المدني في المحافظة، وتقديم الخدمات لمنطقة شرق الفرات، فضلا عن مناقشة دعم اقتصاد المنطقة عن طريق دعم المشاريع و القطاعين الصحي والتعليمي.
و بخصوص ذلك اعتبر بشير أن مثل هذه الاجتماعات تأتي "بعد تواصلات وربما كان هناك لقاءات سرية، نلاحظ أن غطرسة قسد تجاه العرب زادت كثيرا ولم نسمع اي صوت أميركي او دولي تجاه ما تفعله قسد مع العرب،( وما) هذه المجالس العسكرية (إلا) لوضع عرب المنطقة تحت أمر واقع سلطة قسد العسكرية أولا؛ ومن ثم بعدها الإدارة الذاتية وبدعم أميركي كامل ودعم مادي سعودي".
وكانت "قسد" أعلنت نهاية الشهر الفائت عن تشكيل "مجلس كوباني العسكري" ضمن خطة شاملة لإعادة هيكلة قواتها بدعم وإشراف من التحالف الدولي والذي حسم مسألة تواجده الطويل الأمد في سوريا ضمن استراتيجة ما بعد داعش.
هذا ومن المتوقع أن يتم تشكيل المزيد من المجالس في الفترة المقبلة والتي تدار من قبل مجلس عسكري تابع للقيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية التي تتخذ من منطقة عين عيسى مقرا لها.
اقرأ أيضاً: مساعٍ أميركية لدفع الأكراد إلى مفاوضات مع أنقرة... ما هي الدوافع؟
وتشمل خطة تشكيل مجالس عسكرية جديدة في المناطق الرئيسية لـ "قسد" في منطقة شرق الفرات توسيع انتشار هذه القوات بعدما كان انتشارها مقتصرا في منطقة الرقة ودير الزور ومنبج، فيما كانت وحدات حماية الشعب هي المسيطرة على ثلاث مناطق رئيسية وهي إقليم الفرات الذي يضم مقاطعتي عين العرب وتل أبيض، واقليم الجزيرة الذي يضم مقاطعة الحسكة ومقاطعة الجزيرة، و اقليم عفرين، فيما اقتصر انتشار "قسد" على اقليم الرقة وديرالزور ومناطق محدودة في ريف الحسكة ومنطقة منبج.
وكشف القائد العام لـ "قسد" مظلوم عبدي أن قواته بصدد إعادة هيكلية القوات، "قرارنا هو إعادة هيكلية قوات سوريا الديمقراطية وهو مشروع كبير، لكي تتمكن قسد أداء دورها في الأزمة السورية بشكل عام، وعليه فإننا أمام أعمال ومشاريع كبيرة، سوف يتم إنجازها من خلال المجالس العسكرية في المناطق".