تقارير | 25 05 2020
ما يزال يلقى حدث إعادة افتتاح سفارتي الإمارات والبحرين في دمشق؛ كثير من التعليقات المتفاجئة والتساؤلات التي تفتح الطريق لـ احتمالات تغيير عدد من الأنظمة العربية والخليجية بشكل أخص موقفها من التعامل من النظام السوري.
وأعلنت وزارة الخارجية البحرينية، يوم أمس الجمعة، استمرار عمل سفارة البحرين في سوريا، وأضافت الوزارة في بيان على موقعها الرسمي، أن "سفارة سوريا لدى البحرين تقوم بعملها، وأن الرحلات الجوية بين البلدين قائمة دون انقطاع".
وكانت الخارجية الإماراتية سبقت التوجه البحريني بإعادة عمل سفارتها بدمشق؛ حينما أعلنت الوزارة الإماراتية؛ يوم الخميس الفائت، إعادة افتتاح سفارة الإمارات العربية المتحدة في العاصمة السورية دمشق، مؤكدة مباشرتها للعمل، وقالت الوزارة في بيان لها، إن القائم بأعمال النيابة باشر مهام عمله من مقر السفارة بدمشق.
وأضافت الوزارة أن "هذه الخطوة تؤكد حرص حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على إعادة العلاقات بين البلدين إلى مسارها الطبيعي؛ بما يعزز ويفعل الدور العربي في دعم واستقلال وسيادة سوريا".
في حين برّر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، إعادة فتح سفارة بلاده في دمشق، بعد سنوات من إغلاقها، وقال قرقاش في تغريدات عبر "تويتر" إن القرار "يأتي بعد قراءة متأنية للتطورات، ووليد قناعة أن المرحلة القادمة تتطلب الحضور والتواصل العربي مع الملف السوري حرصا على سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها".
بينما علّق بدوره قال وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد، إن بلاده تقف مع سوريا في "حماية سيادتها وأراضيها من أي انتهاك"، وإنها "بلد عربي رئيسي في المنطقة".
اقرأ أيضاً:محلل سياسي تونسي لروزنة: العلاقات بين تونس ودمشق تعود بهدوء!
وحول التحركات الدبلوماسية الخليجية يشير الباحث في العلاقات الدولية؛ جلال سلمي، في حديثه لـ "راديو روزنة" إلى الأهمية الكبيرة لهذه الخطوة التي تُمهد الطريق أمام النظام السوري لرفع الحصار الاقتصادي عنه؛ من خلال استكمال مشروع التطبيع الاقتصادي مع الدول العربية عبر فتح الطرق الدولية.
مضيفاً بأنه و لإتمام المُعاملات الاقتصادية؛ فإن النظام بحاجة ماسة لتمثيل دبلوماسي ولو مُنخفض في البداية؛ ويلفت في ذلك إلى التمثيل الدبلوماسي المنخفض التي أعلنت عنه كل من الإمارات والبحرين في سفارتها بدمشق، ويعتقد بأنه وبعد التطبيع الاقتصادي؛ سيتجه النظام نحو التطبيع الدبلوماسي عبر رفع التمثيل الدبلوماسي للدول العربية "رويداً رويداً".
ويلفت سلمي في حديثه لـ "روزنة" إلى أن التمثيل الدبلوماسي الأجنبي في دمشق سيعود على النظام بترسيخ قاعدة تمثيله الشرعي في المحافل الدولية لسوريا؛ الأمر الذي يؤهله وفق رأيه إلى عقد مؤتمر بخصوص تمويل عملية إعادة الإعمار، ومن ثم التمهيد لعملية إعادة اللاجئين إلى سوريا.
ويعتبر الباحث في العلاقات الدولية بأن المسار الخليجي الحالي؛ والقائم على ترتيب العلاقات مع النظام السوري؛ يسير بشكل متناسق.
ويُذّكر بأنه ومنذ لقاء وزير الخارجية البحرين مع نظيره السوري (بأيلول الماضي؛ في أروقة الأمم المتحدة بنيويورك)، والرسالة كانت واضحة بأن السعودية هي من تحرك الأمور من خلف الكواليس؛ حسب تعبيره.
ويضيف بالقول: "الجميع يعلم وضع البحرين كدولة تسير وفقاً للنهج السعودي، انطلاقاً من الارتباطات الاقتصادية والسياسية والأمنية فيما بينهما، ويبدو أن الدول الخليجية، السعودية، الإمارات، البحرين، الكويت، تحاول فعلاً إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تحرك النظام المُشترك مع إيران".
لافتاً إلى أن الدول الخليجية تسعى للاستفادة من الشراكة النفطية مع روسيا، من خلال المصالحة مع النظام، وبالتالي إغلاق الطريق؛ "ولو نسبياً" أمام إيران.
من جانبه يشير الباحث السياسي؛ سعد الشارع خلال حديثه لـ "روزنة" إلى أن إعادة افتتاح السفارة الإمارتية بدمشق لا يتعلق بعودة العلاقات بين البلدين، معتبراً أن العلاقات لم تنقطع بالأساس خلال السنوات الماضية؛ بل إنها كانت على قدر عالٍ من التنسيق المتبادل والدعم السياسي والمالي الذي قدمته الإمارات للنظام السوري.
ويضيف بالقول: "الإمارات مولت جزء كبير من الحملات الروسية، وقدمت سيارات الدفع الرباعي للنظام، وحافظت على التبادل المالي، فكانت بنوك الإمارات تشكل مخرجاً حقيقياً للأزمة المالية والاقتصادية التي تعرض لها النظام، رغم إنها أجبرت في وقت سابق على التماشي مع المناخ العربي والدولي الذي فرض شبه عزلة دولية على (النظام السوري)، واختارت مع باقي عواصم الدول الخليجية سحب سفيرها في دمشق في شباط عام 2012، رداً على المجازر التي قام بها النظام آنذاك".
اقرأ أيضاً:صفقة تركيّة كبيرة في سوريا..هل تتوافق واشنطن وموسكو عليها؟
ويلفت الشارع إلى أن تعالي الأصوات بشكل متكرر لإعادة تفعيل كرسي سوريا لدى جامعة الدول العربية، هي من ذات الإرهاصات العربية تحديداً لإعادة تأهيل النظام.
مبيناً بوجوب عدم التغافل عن أن كثير من الأنظمة العربية ومن بينها الإمارات لم يكن قرارها يوماً قطع العلاقات مع النظام السوري، إلا أنها أُجبرت وفق رأيه؛ على التعاطي مع المنحى الدولي القاضي بفرض العزلة على هذا النظام.
ويشير الباحث السياسي في حديثه لـ روزنة بأن إظهار العلاقات مع النظام السوري بعد أن كانت مستترة؛ يأخذ طابعاً دولياً أو إقليمياً على أقل تقدير، منوهاً إلى لعبة جديدة قد تكون بانت معالمها الأولية؛ تتمثل بتثبيت النظام السوري على الأقل في المرحلة الحالية، ويرى بأن الوقائع الظرفية في المنطقة تنفي الحجج الإماراتية بأن هذا التدافع الديبلوماسي يأتي كحاجة ملحة "لقطع" أذرع إيران في المنطقة.
ويتابع: "إذا كانت حجة الإمارات (بإعادة فتح سفارتها في دمشق) هو لعدم تفرد إيران بسوريا؛ فلماذا لا يتم إعادة العلاقات مع الدوحة وفك الحصار المفروض، كون اتهامهم كان واضحاً لقطر بتآمرها مع طهران على دول الخليج".
معتقداً أن من الأهداف الرامية لإعادة فتح السفارة يبرز في المحاولة لتشكيل تحالف "غير رسمي" ربما يجمع عواصم عربية في وقت لاحق ضد تركيا، "أعتقد إن الدول التالية التي ستحذو وراء الإمارات ستكون البحرين ومصر".
وفي زيارة كانت مفاجئة بتوقيتها ورمزيتها، وصل الرئيس السوداني عمر حسن البشير، يوم الـ 16 من كانون الأول الجاري، حيث التقى رئيس النظام السوري بشار الأسد، ليكون البشير؛ أول رئيس عربي يزور دمشق منذ آذار 2011.
هذه الزيارة التي تأتي ضمن إطار يشير لترتيب يدور تحت الطاولة لعودة دمشق إلى الجامعة العربية، وإعادة تفعيل العلاقات السياسية والدبلوماسية الكاملة مع الدول العربية.
بعدما اتخذت جامعة الدول العربية في تشرين الثاني 2011، قراراً يقضي بتعليق عضوية سوريا وفرض عقوبات سياسية واقتصادية على النظام السوري، كما طالبت بوقف العنف الذي يمارسه النظام السوري ضد المعارضين له آنذاك.
قد يهمك:هل تطوي الجامعة العربية "صفحة الماضي" مع الأسد؟
حضور الرئيس السوداني إلى دمشق؛ تبعه تطور آخر كانت فيه دمشق المبادرة هذه المرة تمثلت بزيارة رئيس مكتب الأمن القومي لدى النظام السوري، علي مملوك، للعاصمة المصرية؛ يوم السبت الفائت؛ وبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل، قضايا أمنية وسياسية.
وذكرت وكالة "سانا"، أن "مملوك قام بزيارة إلى مصر يوم السبت الماضي، تلبيةً لدعوة من عباس كامل، وبحثا خلال اللقاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك القضايا السياسية والأمنية وجهود مكافحة الإرهاب".
في حين ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، يوم الاثنين، أنها لديها معلومات تكشف أن السلطات المصرية طلبت من جميع وسائل الإعلام المحلية عدم التطرق إلى الزيارة، التي فُرضت عليها أجواء من السرّية الكاملة، وأضافت الصحيفة، أن ملف الزيارة يدار من قبل مدير المخابرات العامة بإشراف مباشر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وكان مملوك زار القاهرة في تشرين الأول 2016، وذكرت وكالة "فرانس برس" في حينه نقلاً عن مصدر سياسي في النظام السوري، قوله إن تلك الزيارة ليست الأولى إلى القاهرة، إلا أنها كانت أول زيارة معلنة.
وحول ذلك يعتبر المعارض السياسي السوري؛ إدوار حشوة، بأن زيارة شخصية أمنية مهما كانت أهميتها لا تحصل لأسباب سياسية؛ ويضيف " ربما تكون لأسباب أمنية وهو ما أرجحه؛ ولا استغرب إذا كانت سياسية"، لافتاً إلى أن ما يجمع حكم مصر وسوريا هو نظامهما المتماثل عسكرياً؛ وعدوهما المشترك (الإخوان المسلمون).
ويتابع بالقول: "العلاقات بين النظامين أثناء الثورة السورية كانت ضبابية وحذرة بسبب وجود الإخوان ضمنها، ومصر حاولت رغم عطفها على النظام أن تبدو في حالة أقرب إلى الحياد؛ احتراما لتحالفها مع السعودية التي تسعى لتغيير النظام في سورية متحالفة مع المعارضة".
اقرأ أيضاً:دول عربية "تدين" تدخل إيران وتركيا في الملف السوري!
فيما يربط حشوة بين توقيت زيارة الرئيس السوداني وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب قواته من سوريا.
حيث يعتبر بأنه و بعد إعلان ترامب سحب قواته من سوريا وفق تخطيط يهدف إلى تمكين تركيا بالسيطرة على شمال سوريا وشرق الفرات؛ لتكون شبيهة بالوجود الروسي؛ بالإضافة إلى سوء العلاقة بين تركيا والسعودية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، فإن كل هذه العوامل جعلت تركيا لاعباً قوياً ليس في الأزمة السورية فحسب؛ بل و في إدارة المنطقة، مخولة من الشريك التحالفي الأميركي والمنهزم من المستنقع السوري؛ حسب تعبيره.
وينوه حول ذلك بالقول: "هذا الوضع سيؤدي إلى تحرك سعودي يعيد التوازن الدولي الإقليمي عبر وقف الحرب في اليمن، وعبر تكليف سعودي للسودان حليفها المهم؛ للقيام بزيارة البشير إلى سوريا لاستطلاع رأيها بمصالحة توقف التدخل التركي عند حده".
معتبراً أن زيارة البشير إلى دمشق وزيارة مملوك إلى مصر؛ يعكس الرغبة السعودية في إعادة العمل في تحالف "مصري سوري سعودي"؛ والذي حكم المنطقة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي "بنجاح"، والذي انهار بعد وفاة حافظ الأسد؛ وفق وصفه.
من يزور دمشق بعد الرئيس السوداني؟
تقارير إعلامية عربية كانت قد لفتت إلى أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، سيقوم بزيارة رسمية إلى سوريا للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد، في ثاني زيارة لرئيس عربي لسوريا، منذ عام 2011.
وقالت صحيفة "الجواهر" الموريتانية في تقرير نشرته قبل أيام، نقلا عن "مصادر خاصة بأن الرئيس محمد ولد عبد العزيز قرر الاستجابة لدعوة من الرئيس السوري بشار الأسد لزيارة سوريا مقدمة منذ فترة حيث حدد لها بداية الشهر القادم".
في حين كشفت مصادر خاصة من موريتانيا لـ "راديو روزنة"؛ أن زيارة الرئيس الموريتاني باتت قريبة جداً إلا أنها قد تحصل في شهر شباط (أي قبل شهر من اجتماعات القمة العربية في تونس المقررة في آذار القادم)، مشيرة إلى ترتيبات سياسية سينقل فحواها الرئيس الموريتاني للأسد.
اقرأ أيضاً:هل أصبحت عَمّان مُجبرة على إعادة العلاقات مع دمشق؟
وسبق زيارة الرئيس السوداني؛ عمر البشير، خطوات تدلل على إعادة دمشق إلى مسار العلاقات العربية المشتركة؛ حينما أثار اللقاء الصحفي الذي أجرته صحيفة كويتية مع رئيس النظام السوري، الكثير من التكهنات حول مجالات عودة العلاقة بين دمشق وعدد من الدول الخليجية.
وجاءت هذه التكهنات على إثر زيارة وفد إعلامي كويتي؛ مطلع تشرين الأول الماضي، على رأسهم أحد أفراد العائلة الحاكمة في الكويت وهو صباح المحمد الصباح.
وكانت قد سبقت هذه الزيارة الخليجية، لقاء سريع في أروقة الأمم المتحدة بنيويورك، جمع وزير الخارجية البحريني خالد بن حمد آل خليفة ونظيره السوري وليد المعلم؛ نهاية شهر أيلول، حيث رصدت عدسات المصورين، لقاء هو الأول من نوعه مع المعلم منذ أكثر من 7 سنوات.
من جانبه قال الباحث السياسي في مركز الشرق للدراسات؛ سعد الشارع، خلال حديث سابق لـ "راديو روزنة" أن لقاء المعلم مع نظيره البحريني كان لجس نبض الرأي العام وردود الأفعال الدولية والمحلية على اللقاء.
ويضيف حول ذلك: "عندما ننظر إلى الوضع في سوريا حيث تمكن النظام السوري من تحقيق مكتسبات عسكرية مؤخراً، وبات أن روسيا قد استطاعت من إعادة فرض النظام السوري وإن كانت عودة النظام إلى الواجهة بشكل تدريجي، حيث تم فتح ملفات لم يتوقع أحد أن يتم الحديث عنها في ظل وجود الأسد مثل ملف إعادة الإعمار وملف إعادة اللاجئين".
ويعتبر الشارع بأن هناك ميلا دوليا خاصة من الدول الإقليمية لترطيب الأجواء السياسية مع دمشق، ويتابع "ربما هذه الدول لم تعد تريد مشاكل من الملف السوري، وربما هي اكتفت بما تم تحقيقه خلال الفترة الماضية، وربما تعاني بعض الدول من أزمات اقتصادية وكذلك وجود اللاجئين فيها بات بالفعل يشكل ضغط عليهم مثل الأردن ولبنان".
قد يهمك:معبر نصيب.. أهلاً وسهلاً ب"الدينار الأردني" فقط!
وتسعى كل من دول العراق ومصر و الجزائر وتونس لإعادة عضوية دمشق في الجامعة العربية، حيث كشف مسؤول عراقي في تصريحات صحفية سابقة لوكالة المعلومة العراقية أن الدول الأربعة يدعمون عودة عضوية دمشق إلى وضعها الطبيعي في الجامعة العربية، مشيراً بأن مصر هي اللاعب الأبرز في هذا الملف كونها حليف قوي مع روسيا وهي من تسيطر إداريا على الجامعة العربية.
بينما تسعى روسيا منذ العام الفائت إلى إنهاء تجميد عضوية دمشق في الجامعة، مبررة على حد تعبير وزير خارجيتها آنذاك إلى أن إبقاء دمشق بنظامها الحالي خارج هذه المنظومة "لا يساعد" جهود إحلال السلام.
وكانت صحيفة الأخبار اللبنانية أشارت في نهاية شهر آب الماضي؛ إلى مساعي روسية تدفع باتجاه عقد لقاء خاص يجمع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوري بشار الأسد.
ولم يستبعد الكاتب الصحفي المصري معتز صلاح الدين في حديث لـ "راديو روزنة"؛ إمكانية عقد اللقاء، على مبدأ ترحيب مصر بأي مسعى على طريق حل الأزمة السورية، وحول ضرورة موافقة السعودية على عقد اللقاء، قال صلاح الدين أن القرار السياسي لمصر هو قرار مستقل ولا يوجد أي وصاية على القرار المصري.
من جانبه أفاد الباحث السياسي المصري محمود كمال لـ "روزنة" أن لقاء الرئيس المصري مع نظيره السوري؛ واردا وليس مستبعدا، مدللا بأن مصر تبذل كل ما بوسعها لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أن مصر سعت بشكل كبير للتقريب بين سوريا والسعودية والإمارات.