تقارير | 25 05 2020
قصف طيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء يوم الثلاثاء، مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام السوري، في ريف دمشق الغربي.
وقالت وكالة (سانا) للأنباء السورية، نقلاً عن مصدر في قوات النظام، أن "وسائط الدفاع الجوي تصدت لصواريخ معادية أطلقها الطيران الحربي الإسرائيلي من فوق الأراضي اللبنانية، وتمكنت من إسقاط معظم الصواريخ قبل الوصول إلى أهدافها".
من جهته، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان له، أن "منظومة الدفاع الجوي التابعة له، تصدت لصاروخ مضاد للطيران أطلق من سوريا"، لافتاً إلى أنه "لم تقع أية إصابات، أو أضرار نتيجة الصاروخ المضاد".
وحول التصعيد العسكري الأخير؛ أفاد الباحث في الشأن السوري؛ صلاح ملكاوي؛ أن ذلك يأتي في وقت وصل وفد من حزب الله اللبناني؛ إلى دمشق يوم الثلاثاء عند الرابعة عصراً؛ من أجل التوجه لاحقاً إلى طهران للمشاركة بجنازة آية الله هاشمي شاهرودي.
وتوفي رجل الدين الإيراني البارز، آية الله شاهرودي؛ يوم الثلاثاء عن عمر يناهز 70 عاما بعد صراع طويل مع المرض، وكان شاهرودي رئيسا لمجمع تشخيص مصلحة النظام، الهيئة المختصة بالفصل في النزاعات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور، وهو المنصب الذي عُيّن فيه العام الماضي.
وكذلك كان شاهرودي حليفا وثيقا لآية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى في إيران، وكان ينظر إليه كخليفة محتمل له.
ولفت ملكاوي إلى أن الطائرة الإيرانية تم استهدافها في المدرج، في القسم العسكري من مطار دمشق، كما يشير إلى موجتين من القصف الإسرائيلي الذي استهدف المواقع العسكرية، مبيناً وفق معلومات وصلت إليه؛ بأن طائرات "إف 16" إسرائيلية اعترضتها صواريخ دفاع جوي سوري نوع "S 200 " من فوج 16 في منطقة الضمير، وصواريخ "بانتسير Ss".
في حين يوضح أن "الموجة" الثانية من القصف الإسرائيلي كانت عبر طائرات " اف 35" انطلقت من مطار نيفاتيم، استخدمت صواريخ دقيقة بنظام "جاليّوس" المرتبط بالأقمار الصناعية.
اقرأ أيضاً:موسكو تتوسط إسرائيل لإخراج القوات الأميركية من سوريا
وحول النقاط العسكرية التي قام الطيران الإسرائيلي باستهدافها مساء الثلاثاء؛ تركزت الأهداف بحسب ملكاوي على "الفوج 555 " الذي يقع بالقرب من كراج السومرية، وكذلك مستودع الكيمياء في منطقة عدرا، كما تم أيضاً استهداف المشفى الوطني في داريا؛ حيث كان يتواجد في أسفله مستودع أسلحة لحزب الله اللبناني، والفوج "137" التابع للفرقة السابعة بمنطقة خان الشيح.
فضلا عن استهداف مدرسة السياقة العسكرية بالديماس؛ حيث تعتبر مركزا لتجمع وتدريب مقاتلين تابعين لحزب الله اللبناني ومجموعات مسلحة تتبع لإيران، بالإضافة إلى قصف الفرقة العاشرة بمنطقة قطنا، وكذلك استهداف شحنة أسلحة في مطار دمشق.
وكان مركز البحوث العلمية في جمرايا؛ وفق ملكاوي أهم هدف في قائمة التصعيد الإسرائيلية؛ حيث تواجد بداخله إسطوانات الأمونيوم التي سلمها فصيل "جيش الإسلام" للنظام السوري وحليفه الروسي؛ بعد اتفاق التسوية الذي جرى تنفيذه في نيسان الماضي.
هل يستمر الاستهداف الإسرائيلي لسوريا؟
إسرائيل كان قد أبلغت موسكو، أنها ستواصل قصف أهداف في سوريا، رغم قرار موسكو تسليح النظام السوري بمنظومة صواريخ "إس-300" المتطورة للدفاع الجوي، في تشرين الأول الماضي.
حينما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف؛ أن عملية تسليم نظام الدفاع الصاروخي "إس-300" الروسية لسوريا بدأت بالفعل رغم اعتراضات من إسرائيل.
ويأتي تسليم موسكو صواريخ "اس-300" لنظام الرئيس السوري بشار الأسد ضمن جدل وسجالات مع إسرائيل على خلفية إسقاط الدفاعات السورية طائرة روسية على متنها 15 عسكريا روسيا قتلوا جميعهم؛ حينما كانت مقاتلات إسرائيلية تشن غارة على ما قالت إنها أهداف إيرانية في سوريا؛ منتصف شهر أيلول الماضي.
وحملت موسكو تل أبيب المسؤولية عن إسقاط الطائرة لأن الجيش الإسرائيلي لم يبلغ موسكو بالغارة إلا قبل دقيقة من إقلاع الطائرة الروسية في أجواء الساحل السوري؛ في الوقت الذي كانت فيه الدفاعات السورية تتصدى للمقاتلات الإسرائيلية، وأثار القرار الروسي في حينه غضب الولايات المتحدة وإسرائيل؛ حيث اعتبرتا الخطوة الروسية تصعيدا خطيرا.
هذا وتستمر الاستهدافات الإسرائيلية لسوريا ضمن سلسلة هجمات تشير إليها إسرائيل؛ بأنها تأتي ضمن استهداف النفوذ الإيراني والتواجد العسكري لطهران في سوريا.
القصف الإسرائيلي على سوريا لم يتوقف رغم انتشار منظومة الصواريخ الروسية المتطورة؛ حيث تعرضت مواقع عسكرية تابعة للنظام السوري في منطقة الكسوة بريف دمشق لقصف صاروخي إسرائيلي في الـ 28 من تشرين الثاني الماضي.
قد يهمك:تصعيد روسي "لافت" تجاه شرق الفرات..ما رد واشنطن؟
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، اعترف في أول تصريح نادر له؛ مطلع شهر أيلول، بأن سلاحه الجوي نفذ 200 غارة، خلال العامين الماضيين، على أهداف داخل سوريا، وذلك في إطار حربه على التمركز العسكري الإيراني هناك.
وأشار جيش الاحتلال، في بيان له، إلى أنه استخدم في غاراته نحو 800 صاروخ وقنبلة استهدفت مواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني ومستودعات أسلحة وشحنات صواريخ متطورة، كانت في طريقها لحزب الله في لبنان، كما شن هجمات إلكترونية لم يفصح عن ماهيتها.
المختص في الشؤون الإسرائيلية؛ حسن مرهج؛ قال في حديث لـ "راديو روزنة"، أن هدف إسرائيل من تصعيدها العسكري المستمر في سوريا، يعود لإصرارها على مواجهة التواجد الإيراني في سوريا.
وأضاف مرهج أن إسرائيل تهدف أيضاً من هجومها الجوي إلى جر دمشق وطهران لرد فعل، يجعل أمريكا أمام واقع يجبرها على شن حرب، على حزب الله وإيران في الأراضي اللبنانية والسورية.
من ناحيته أشار المحلل الاستراتيجي؛ العميد إبراهيم الجباوي؛ في حديثه لـ "راديو روزنة" إلى أن إضعاف النفوذ الإيراني هو من صلب الاتفاقات والتفاهمات الروسية-الأمريكية، ولكن روسيا لا تستطيع أن تستبعد إيران بشكل مباشر وهي تعمل على ذلك بشكل تدريجي من خلال أطراف أخرى وليس بشكل مباشر، وفق قوله.
وأضاف بأن "إسرائيل ستستمر باستهداف مواقع في سوريا والتي تشمل قوات إيرانية وليست قوات النظام، فإسرائيل هي التي حمت النظام لثمان سنوات ولا تستهدف مواقع للنظام؛ وإنما مواقع مخازن ومراكز عسكرية يتواجد بها إيرانيون، وروسيا تصمت لأنها مستفيدة من ذلك فهي تريد إضعاف إيران في سوريا كيلا تكون منافسة لها في التواجد بسوريا".
وفي إشارة لافتة على زيادة التنسيق الروسي-الإسرائيلي؛ اتفق مسؤولون عسكريون من روسيا وإسرائيل؛ منتصف الشهر الجاري على إنشاء قناة اتصال مباشرة فيما بينهم، يأتي هدفها لتعزيز التنسيق العسكري وتحسين آلية منع الاحتكاك بين الجيشين.
ما احتمالات خروج إيران من سوريا؟
رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كشف في منتصف تشرين الثاني؛ عن تلقيهم عرضاً روسيّاً، يظهر نوايا موسكو بعقد صفقة مع تل أبيب وواشنطن بإبرام صفقة تتعلق بخروج القوات الإيرانية من سوريا.
ووفقا لما نقلت القناة الإسرائيلية العاشرة، فإن نتنياهو قدم تقريرا في جلسة مغلقة بلجنة الخارجية والأمن البرلمانية، أفاد خلالها بأن روسيا قدمت مقترحا للولايات المتحدة وإسرائيل تنص على خروج القوات الإيرانية من سوريا مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران.
اقرأ أيضاً:لماذا حذفت وكالة "سانا" خبر إستهداف مطار دمشق؟
الكاتب المتخصص في الشؤون الروسية؛ طه عبد الواحد؛ أشار في حديث لـ "راديو روزنة" بأن هناك اجماع حول مسائل عدة بشأن روسيا والوجود الإيراني في سوريا، حيث اعتبر أن روسيا ليست مستفيدة من بقاء إيران في سوريا، وهناك تضارب مصالح بينهما.
ويتابع بالقول: "حتى وإن تمكن الطرفان حتى الآن من تنظيم علاقاتهما في سوريا بما يضمن تماسك "حلف القوى الداعمة للأسد"، فإن الخلافات الموجودة في واقع الأمر ستظهر مع مرور الوقت".
ومع تزايد المساحات التي استعاد النظام السيطرة عليها، برز التنافس بين الروس والإيرانيين على النفوذ في تلك المناطق.
وينوه عبد الواحد إلى أن كلاً من موسكو وطهران يعملان على تسخير "العلاقة الطيبة" مع الآخر لخدمة مصالحه الذاتية، "بالنسبة لروسيا الوجود الإيراني في سوريا واقع يزيد من النفوذ الروسي في المنطقة، لكن ليس بمعنى أن إيران تساهم في تعزيز النفوذ، بل لأنه ونتيجة التعقيدات حول إيران، بوسع روسيا أن تلعب دور المفاوض أو الوسيط في مفاوضات خروج إيران من سوريا وتنفيذ قضايا أخرى قد يطالب بها الغرب".
وفي سياق آخر نقلت صحيفة إسرائيلية (نهاية تشرين الثاني الماضي)؛ عن معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط "ميمري"، ما كشفه حول سعي النظام السوري لإخفاء النفوذ الإيراني المتوسع على الأرض السورية.
وقالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، في تقرير لها ترجمه راديو روزنة، أن النظام السوري نجح في تجنيس الآلاف أو حتى عشرات الآلاف من الإيرانيين، بما في ذلك أعضاء في الحرس الثوري الإيراني، والقوات المدعومة من إيران، مثل حزب الله اللبناني، المنتشرة في جنوب سوريا على طول الحدود مع إسرائيل، وفق ما نقلته الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن العمل الممنهج من قبل النظام السوري في تجنيس الإيرانيين يعود لسبيين رئيسيين، ويتمثلان في إخفاء حضور المقاتل غير السوريين والذين يواجهون اعتراضاً أمريكياً ودولياً على تواجدهم في سوريا، فضلاً عن الذهاب باتجاه تغيير الديموغرافية السورية.