تقارير | 25 05 2020
كشفت قناة "CBS" الأمريكية اليوم أن دولاً أوروبية حليفة للولايات المتحدة أثارت مسألة "إجلاء عناصر منظمة الخوذ البيضاء" مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على هامش قمة الناتو التي عُقدت الأسبوع الماضي في "بروكسل".
إنقاذ المُنقذين
وذكرت الشبكة على موقعها الرسمي، أنه وبالتزامن يهاجم رئيس النظام السوري "بشار الأسد" المناطق الجنوبية في سوريا، والتي كانت الولايات المتحدة إحدى ضامني وقف إطلاق النار فيها، فإن أعضاء المنظمة التطوعية، باتوا يتعرضون لخطر الاغتيال.
ومن المتوقع أن يتم اعتبار عناصر الدفاع المدني، أهدافاً، والتعرض لهم من قبل قوات النظام السوري، المدعومة إيرانياً وروسياً، حيث قال مسؤول كبير للشبكة الإخبارية، "إنهم يعدون بعدم الانتقام من أي شخص في الجنوب الغربي من سوريا، ولكن لا أحد يثق، أو يصدق ذلك".
وعلمت الشبكة، أن دولاً بينها المملكة المتحدة، وهولندا وفرنسا وكندا وألمانيا، يتدافعن لإيجاد طريقة يتم خلالها إنقاذ أرواح ما يُقدر بنحو 1000 متطوع في الدفاع المدني السوري، مع أفراد أُسرهم، مشيرةً إلى أن المعلومات أشارت، إلى أن حوالي 300 منهم، باتوا في خطر وشيك.
موقف موسكو
ونقلت "CBS" نيوز عن مصادر خاصة قولها، أن هذه القضية العاجلة، قد "يُعاد مناقشتها" عندما يلتقي الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بنظيره الروسي "فلاديمير بوتين" غدا الأثنين في العاصمة الفنلندية "هلسنكي".
وبحسب الشبكة، فإن مسؤولون أميركيون ودبلوماسيون غربيون يقولون إنه لم يتم إضفاء الطابع الرسمي على مناقشة عملية "الإخلاء" هذه في جدول الأعمال، لأنهم غير متأكدين، مما إذا كان من الممكن الوثوق بالروس لتقديم المساعدة.
وتعتبر "موسكو" منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) جماعة إرهابية، كما قادت حملة تضليل ضدهم وصلت حدَّ زعمها أن الأدلة المصورة الخاصة بهم التي تؤكدُ وقوع هجمات بأسلحة كيميائية وأسلحة أخرى نفذها الأسد، بأنها مزورة.
كيف سيتم إجلاء عناصر "الدفاع المدني"؟
وفي الحالة المثالية، ستجد الدول الغربية، طريقة لتسهيل هروب عناصر "الدفاع المدني" دون الحاجة لطلب المساعدة من "بوتين"، حيث قال دبلوماسي غربي للشبكة، إنه يجري النظر في العشرات من طرق الهروب البرية في الوقت الحالي.
وأضاف الديبلوماسي، "أن الحواجز ونقاط التفتيش تنتشر عند كل منعطف، خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار سرعة وتيرة هجمات النظام السوري. إذا لم يكن بالإمكان إجلائهم عبر البر، فسوف تحتاج روسيا إلى المشاركة في عملية إجلاء عبر الجو".
لكن "بوتين"، الحليف المقرب للأسد، لا يمتلك سجلاً جديراً بالثقة حيال متابعة الاتفاقيات الدبلوماسية في سوريا، ولهذا السبب، لم يقرر الدبلوماسيون، الذين يدرسون خطة الإجلاء المُعقدة، ما إذا كان الموضوع سيناقش خلال القمة الرئاسية غداً.
وقال دبلوماسي غربي، "لم نُبَّلغ بعد على الإطلاق حول تأكيد ضرورة إجراء مناقشة مع بوتين"، مضيفاً، "إذا استنفذنا الخيارات، ولم يعد لدينا سوى خيار وحيد المتبقي، وهو الروس، فإن الأمر يستحق المتابعة".
ليس هناك ما يضمن أن "الكرملين" لن يستخدم معلومات عن مكان وجود ذوي الخوذ البيضاء بالضبط ليتمكنوا من اغتيالهم، بدلاً من إنقاذهم، بحسب الشبكة.
الوجهة المرجحة؟
وتندرج قضية الوجهة التالية التي سيتوجه إليها العناصر الذين سيتم إجلاؤهم من سوريا، تحت قسم التعقيدات، حيث حظرَت إدارة ترامب دخول المواطنين السوريين إلى الولايات المتحدة، في قرار تنفيذي وافقت عليه المحكمة العليا قبل أيام.
وبحسب الشبكة، إن إدارة الرئيس "ترامب" عرضت تقديم المساعدة المالية إلى الذي سيتم إجلاؤهم، لكنها رفضت السماح لأي منهم، بالبحث عن ملاذ آمن على الأراضي الأمريكية.
من جهة أخرى، فقد قيلَ بحسب الشبكة، إن كندا، من الممكن أن تعتبر مكاناً مناسباً لإعادة توطينهم، كما أنه من المرجح أن تلعب الدول المجاور لسوريا من الجنوب، أي الأردن وإسرائيل، واللتين أغلقتا حدوديهما أمام اللاجئين الفارين، دوراً في هذه العملية.
وعلى الرغم من توصل الولايات المتحدة وروسيا والأردن لاتفاق العام الماضي، يقضي باعتبار المنطقة الجنوبية "منطقة آمنة"، فقد قررت إدارة "ترامب" عدم اتخاذ أي إجراء خلال الأسابيع الماضية، بهدف وقف الهجوم العسكري الشرس الذي بدأته قوات النظام على المنطقة في 19 من حزيران الماضي.
كما تم إعلان هذا الاتفاق، كثمرة جهود تم التوصل إليها بين ترامب وبوتين شخصياً عندما التقيا على هامش قمة مجموعة العشرين في "هامبورغ" بألمانيا.
ورغم خرق روسيا لبنود هذا الاتفاق عبر تمكين هجوم نظام الأسد العسكري المتزايد في تلك المنطقة، لم تتخذ الولايات المتحدة أي إجراء لوقف الهجوم، الذي أسفر عن ترك 320 ألف لاجئ مشرد، وعرض حياة 750 ألف شخص للخطر، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
جهود الإخلاء تتماشى مع خطة الانسحاب الأمريكي
وكان "ترامب" أعلن رغبته في تنفيذ انسحاب سريع لقواته من سوريا (حوالي 2 ألفي جندي يقدمون المساعدة والمشورة للمقاتلين المحليين)، كما جمدّ في وقت سابق هذا العام، ملايين الدولارات المخصصة لدعم جهود الإنعاش في سوريا، ليعود لاحقاً ويأذن بصرف 6.6 مليون منها للدفاع المدني.
وتعتبر جهود المبذولة لإخلاء عناصر الدفاع المدني من سوريا، متماشية مع خطة الإدارة الأمريكية، الانسحاب بشكل كامل من البلاد، بحسب الشبكة.
هذا، وقال مسؤول في الحكومة الأمريكية للشبكة، "هذا الجهد يشير إلى أننا في مرحلة الإخلاء، كما يعترف بأن النظام سيستعيد السيطرة على البلاد، وأن الدفاع المدني لا يمكن لها البقاء، وإلا فإن النظام، سينتقم منهم".
ماذا يقول المعارضون السوريون في ذلك؟
حتى لو نجح هذا الجهد، فإن قادة المعارضة السورية على الأرض يشعرون بالقلق حيال إراقة المزيد من الدماء في سوريا، ويقولون إن إجلاء متطوعي الخوذ البيضاء سيكون له تأثير على بعض السوريين، ولكن بشكل محدود، كما يعتقدون أنه لا توجد وسيلة لإنقاذ السوريين من نظام الأسد.
وقال الصحفي والناشط في سوريا "رائد فارس" لشبكة سي بي إس نيوز، "درعا هي مهد الثورة. حيث بدأت الاحتجاجات. هناك، لا يتواجد فقط عناصر الخوذ البيضاء وحسب، وإنما أكثر من مليون شخص يقيمُ هناك، وجميعهم أهداف للنظام".
ويشعر فارس والعديد من السوريين بالقلق من انسحاب إدارة ترامب عن دعم المجتمع المدني في سوريا، حيث ستحذو الدول الأخرى حذوها. لكن فارس يقول إنه سيبقى، وسيواصل قتال الأسد.
وقال "فارس" بإشارة إلى مدينة إدلب، "ستتحول إلى مجزرة مرة أخرى. ربما ستكون أسوأ من السابق. الأسد سيأتي إلى إدلب بعد ذلك"، مشدداً، "لكنني لن أغادر. حتى لو لم يكن معي نقود، لن أتوقف."