تقارير | 25 05 2020
يبدو أن نعمة النسيان لدينا باتت أقوى من أي حاسة ونعمة أخرى هذه الأيام، ولاسيما أننا بدأنا ننسى حادثة اغتصاب الفتاة السورية اللاجئة في إقليم كردستان العراق والتي أثارت الكثير من الشجن والسخط، بعد أن تمكنت مديرية أمن تابعة لشرطة أربيل من القبض على ستة شباب متهمين باغتصاب ياسمين؛ الفتاة الكردية، لاجئة قاصر (16 سنة)، لتخرج تظاهرات في مخيمات للسوريين هناك، مطالبةً بإيقاظ الضمير الإنساني على جريمة بشعة تناوب من خلالها هؤلاء الستة على اغتصابها.
في وقت طالبت فيه منظمات إنسانية في الإقليم بتنظيم وقفة احتجاج لإدانة العملية انتهت باعتقال الأمن الكردي في عاصمة الإقليم للجناة وتقديمهم إلى العدالة، مع إدانة مجلس المنظمات المدنية في إقليم كردستان الجريمة بشدة معتبراً "عملية تعرّض فتاة كردية سورية لاجئة للاغتصاب من قبل ستة شبان كرد من سكان مدينة أربيل جريمة بعيدة عن القيم والأخلاق الإنسانية والدينية".
هذه الحادثة التي أشعلت إقليم كردستان العراق الشهر الفائت، يبدو أنها أوقفت الشباب الكردي والسوري للتعبير عن غضبه، سواء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أو بالتنديد والتظاهر أو الإعلام، مطالبين بضرورة تنفيذ عقوبة الإعدام شنقاً بهؤلاء الستة، وخاصة يتبارد إلى ذهني الآن تقرير فضائية كردستان تي في الكردية وعرضها لقاءً مع الفتاة الضحية، قبل عرض الصور الأولية للمتهمين مقيدين ومخفيي الأعين، بينما ظهر حينها العميد عبد الخالق طلعت، مدير أسايش أربيل (هولير)، معلناً "تقديم الجناة للمحكمة وفقاً للمادة رقم (423) المنصوص عليها في القضاء العراقي، والتي من خلالها ستتم محاسبتهم".
ووقتها تم التكتم على اسم الضحية لفترة طويلة، وعملها في أحد مراكز التسوق بأربيل، وأثناء عودتها إلى منزلها تمام الساعة السابعة مساءً، اعترضتها سيارة هونداي بيضاء بداخلها ثلاثة شباب اقتادوها بقوة إلى أطراف المدينة بعد تعصيب عينيها وربط قدميها والاعتداء عليها جنسياً، ليكمل عملية الاغتصاب ثلاثة آخرون، ثم تركها منهارة نفسياً، لتعثر عليها عائلة كردية وهي عارية، فتسليمها إلى الشرطة وبعدها المستشفى ليتأكد من إتمام عملية اغتصابها.
أجل، بكل هذه السهولة حدث ما حدث، لكن ما يثير الغضب في هذه القضية وجود ثلاثة شباب أخوة من بين الستة، الأمر الذي يزرع مخاوف كبيرة على حياة الأسر نفسها، ما يحتم ضرورة أخذ الجناة لجزائهم التي ستقرره المحكمة قريباً.. عن أي قرب نتحدث ولا حكم على ما حدث إلى الآن، والفتاة بحاجة إلى الدعم النفسي، لأنها ستعيش في حالة لا وعي كامل وفراغ نفسي ومجتمعي؟
لا تذهبوا بعيداً، فتقارير حقوقية عدة أشارت إلى تعرض عدد لابأس به من اللاجئات السوريات للاستغلال الجنسي في إقليم كردستان خلال الفترة الماضية، بعد أن تجاوز عدد اللاجئين السوريين هناك 250 ألف لاجئ، متوزعين على عدة مخيمات في كلٍّ من أربيل ودهوك والسليمانية، قبل فتح معبر "سيمالكا" مجدداً بين الطرفين، حيث كان مغلقاً على خلفية خلافات حزبية وجدت طريقها إلى التصالح في اتفاقية هولير 2، وإغلاقه مجدداً.
مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي "روزنة"