تقارير | 25 05 2020
أصدرت السعوديّة قراراً ملكيّاً عمّمته وزارة التعليم وتناقلته وسائل الإعلام مطلع العام الحاليّ (2017-1438)، قضى بإيقاف قبول الطُلاب السوريّين واليمنيّين من حاملي تأشيرة (الزيارة) في مدارس المملكة، إذ نصّ التعميم الذي أصدره حينها وزير التعليم (أحمد العيسى) على: "الاكتفاء بالطُلّاب المُلتحقين حاليّاً من السوريّين واليمنيّين، مع إيقاف العمل بالتعميمين الوزاريّين السابقين، اللذين نصّا على قبول السوريّين واليمنيّين من حاملي تأشيرات الزيارة".. أمّا بالنسبة للطُلّاب المُسجّلين في المدارس الحكوميّة سابقاً، فقد تمّ إنذارهم بأنّ السنة الدراسيّة الحاليّة تُعتَبر الأخيرة لهم في المدرسة، وبعدها لابدّ لهم من تقديم رقم إقامةٍ لتجديد التسجيل للأعوام القادمة، وقد بدأ التنفيذ فعليّاً بمنطقة (القصيم) الشماليّة، حيث تمّ توزيع أوراقٍ من قِبَل إدارات المدارس على طُلّابها تُفيد بذلك.
المدارس الخاصّة مشكلةٌ أخرى
أزمة طرد السوريّين من السِّلْك التعليميّ الحكوميّ تتفاقم مع التوجّه الذي يتبنّاه الرأي العامّ الشعبيّ ويعكسه الإعلام السعوديّ.. (د. مُطلَق سعود المطيري) الكاتب الصحفيّ وأستاذ الإعلام بجامعة (الملك سعود)، رمى أوزار المشكلة على عاتق الحرب في سوريا، فقال: "وطن (بشّار الأسد) هو من يعمل بكلّ وقاحةٍ على حرمان الطفل السوريّ من بناء مستقبله العلميّ، والمعارضة السوريّة عاجزةٌ ماليّاً وتربويّاً عن تشكيل المستقبل لأطفال سوريا، وداعش تريدهم أن يكونوا وقودها في حربها على السوريّين". مُقترِحاً على خجلٍ تسجيل السوريّين في المدارس الخاصّة -رغم تكاليفها الباهظة- وذلك في أحد مقالاته بجريدة (الرياض)، التي عنونها بـ"الطالب السوريّ والمدارس الخاصّة السعوديّة".
اقرأ أيضاً: "السَّعْوَدَة" تغلق أبواب المولات في وجه العمال والموظفين الأجانب
هذه التكاليف الباهظة التي عُرِفت بها المدارس الخاصّة في المملكة، جاءت كردّ فعلٍ ماليٍّ سريعٍ على الأمر الملكيّ الصادر سابقاً منتصف عام (2011)، القاضي بتحديد مبلغ /5000/ ريال (حوالي 1325 دولار) كحدٍّ أدنى لرواتب المُعلّمين والمُعلّمات، يُساهم صندوق الموارد البشريّة بتسديد (50%) من الرواتب لمدة خمس سنواتٍ في المدارس الحكوميّة والأهليّة؛ وبالتالي بقيت رُسومها ضمن الحدّ المناسب لقيمة الخدمات وكلفة التعليم المُقدّمة فيها، في حين لجأتِ المدارس الخاصّة إلى زيادة رُسوم التسجيل فيها بنسبة (30%)، لتغطية أيّ زيادةٍ في النفقات مع المحافظة على كمّية الرِّبح المطلوب بما يتناسب مع مستوى الخدمات المُقدّمة فيها.
حلولٌ بديلةٌ يبحث عنها السوريّون
يلجأ بعض الوافدين للمملكة مُخالفةً أو بزياراتٍ إلى المدارس المصريّة الخاصّة لإتمام تعليم أبنائهم.. (أبو شمس) وليُّ أمر ثلاث فتياتٍ، كان قد وصل المملكة قبل أربع سنواتٍ بتأشيرة حجّ وبقي فيها مُخالفاً، وبالتالي لم يستطِع من قبل صدور القرار تسجيل بناته في المدارس السعوديّة الأهليّة، وظروف معيشته كمُخالفٍ وعمله المُتواضع منعته من التردّد على المدارس الخاصّة، فسجّل بناته منذ حينها في مدرسةٍ مصريّةٍ، وهو يتّفق في جودة التعليم والخدمات المُقدّمة في المدارس المصريّة مع أهالٍ كثيرين، أثاروا اليوم النقاش حول حلولٍ تعليميّةٍ بديلةٍ على مجموعات (الفيس بوك)، فبعض أولياء الطُلّاب منهم قال: "المدراس المصريّة تُقدّم منهاجاً دراسيّاً قويّاً جيّداً مُشابهاً للمدارس السوريّة سابقاً، وكون هذه المدارس خاصّةً يجعلها مؤهّلةً بكادرٍ من المعلّمات حَمَلة الشهادات، وفي النهاية يُمكن للطالب تحصيل شهادةٍ دراسيّةٍ رسميّةٍ بالتقديم على السفارة المصريّة، وذلك مُقابل (2,700) ريالٍ كقسطٍ للسنة الدراسيّة الواحدة، إضافةً إلى سعر الكُتب والمُسلتزَمات".
ما هو نظام (نور) للتسجيل ؟
(نور) نظامٌ إلكترونيٌّ للإدارة التربويّة والتعليميّة بالمملكة، أُسِّس عام (2012)، ليغطّي المدارس المُشرَف عليها وزاريّاً في المرحلة الابتدائيّة، يوفّر خدماته لكلٍّ من (الطالب، المعلّم، وليّ الأمر، المدير، وصانع القرار)؛ فيستقبل طلبات الطُلّاب للتسجيل المدرسيّ، ثمّ يحوّلها إلى المدارس المُفعّلة، لتُحال إلى قبولها أو رفضها.
رُغم التسهيلات الفضفاضة التي يُقدّمها هذا النظام، إلّا أنّه أثار جدَلاً جديداً، حين تمّ إغلاق التسجيل عبر الموقع لدى غالبيّة مُرتاديه من الوافدين حسب ما يدور من نقاشاتٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ؛ فيما عُلّق التسجيل عبر الموقع لآخرين على إدخال رقم إقامةٍ دائمةٍ للطالب، ممّا زاد الصعوبات على أولياء الأمور.
قد يهمك.. السعودية تقدم إغراءات لترحيل المخالفين.. وللسوريين "استثناءات"
ففي الدمّام؛ ترفض المدارس الحكوميّة المُسجّلة في (نور) قبول غير المُقيمين عملاً بالقرار الحكوميّ، وكذلك عند مراجعتهم بآليّة عمل أو إيقاف النظام، يكون الجواب برفض قبول أيّ طلب تسجيلٍ مالم يكُن مُرفقاً برقم إقامةٍ للطالب، وحسب إحدى الأمّهات السوريّات القاطنات في مدينة الدمّام، تقول: "حاولنا الحصول على استثناءٍ ولو لعامٍ واحدٍ، فلجأنا إلى إدارة التعليم هُنا واشتكينا إلى أمير المنطقة، لكن دون جدوى.. قالوا إنّ القرار واضحٌ، ولا بدّ من توافر الإقامة للطالب". كذلك في الرياض حيث تُقيم السيّدة (حنين س.)، قالت: "حاولتُ مع برنامج (نور) دون فائدةٍ، فذهبتُ إلى المدرسة فوراً حيث شرحت لي المديرة أنّ النظام لن يشمل الزيارات، وبعد محاولاتٍ معها، وعدتني بالنظر في أمري حال وجود شاغرٍ للتسجيل، وما زلتُ أنتظر على الوعد بوجود مكانٍ احتياطيّ حال إنهاء تسجيل جميع الطّلاب السعوديّين بعد بدء العام الدراسيّ".
يُذكر أنّ عدد السوريّين المُسجّلين في المدارس السعوديّة حسب إحصائيّةٍ لوزارة التعليم منتصف العامَ الماضي (أيّار-2016)؛ وصل إلى /257/ ألف طالبٍ وطالبةٍ، إلى جانب الطُلّاب اليمنيّين الذين بلغوا /141/ ألفاً آخرين.
يمكنكم الاستماع للبث المباشر عبر الضغط (هنا)