تقارير | 25 05 2020
يستمر تدفق النازحين السوريين الفارين من القصف والمعارك في حلب وريفها، إلى الحدود السورية - التركية. أكثر من 75 ألف سوري، قرب معبر باب السلامة، ينتظرون قراراً من أنقرة، يدخلهم إلى تركيا.
الطفلة رنا التي لم تتخط العشر سنوات، وصلت الحدود السورية - التركية، بعد هروب عائلتها من مدينة الباب الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، عبر طرقات زراعية خطرة، ساروا لساعات متواصلة ليلاً، حتى وصلوا.
تقول الطفلة لروزنة: "هربنا من داعش ومن قصف الطيران الروسي لمدينتنا، ونحن الآن عند الحدود التركية، حاولنا جاهدين الدخول لتركيا لكن محاولاتنا باءت جميعها بالفشل".
أهل مدينة الباب مسجونون!
من بقي داخل مدينة الباب بريف حلب الشرقي، حاله ليس بأفضل من عائلة الطفلة رنا، فتنظيم داعش أجبرهم على البقاء داخل المدينة، رغم أنهم يتعرضون لقصف الطيران الروسي بشكل يومي، ومن يحاول الهرب يتم الاستيلاء على جميع ممتلكاته لصالح أفراد التنظيم.
كما يمنع داعش حافلات الأجرة، من نقل أي راكب خارج مناطق سيطرته بريف حلب الشرقي، خاصةً إذا كانت الوجهة مناطق المعارضة أو تركيا التي يصفها "ببلاد الكفر".
"يفرض التنظيم علينا خناقاً شديداً، ويجبرنا على البقاء داخل المدينة" يؤكد أحد سكان الباب لروزنة، مضيفاً: "كما أن التنظيم نشر الكثير من الحواجز قرب مدينة الراعي الحدودية التي كنا نعبر منها سابقاً للأراضي التركية، كي يتم منع أي محاولة للجوء نحو تركيا".
لا خروج إلا وفق قوانين داعش
منذ العام الماضي، حدد التنظيم أعمار الشبان أو النساء الذين يمنع خروجهم من مدينة الباب، بين الأربعة عشر عاماً والأربعين عاماً، ووزع القرار على جدران المدينة، ومن يريد الخروج، عليه مرجعه قيادة الحسبة والشرطة الإسلامية التابعة لولاية حلب، والتي تقع في مدينة منبج.
ويخدم القرار كما يرى الناشط عدنان الحسين مصالح التنظيم لأسباب عديدة، منها كي ينضم هؤلاء الشباب لصفوفه عبر التجنيد الإجباري، أو وضعهم كدروع بشرية حتى لا يتمكن الطيران الحربي من استهدافهم.
في المقابل، يتخوف الأهالي من التقدم المستمر لقوات النظام، خاصة بعد سيطرتها على قرية عيشة التي لا تبعد سوى سبعة كيلو مترات عن مدينة الباب، لتصبح قرى البيرة وأبو طلطل والبطوشية، هي الوحيدة التي تفصل بين قوات النظام، وبلدة تادف القريبة من مدينة الباب.
ويبدو أنّ تقدَّم هذه القوات وسيطرتها على تلك القرى الصغيرة، مجرد مسألة وقت، في ظل الانهيار الميداني الكامل لخطوط قوات تنظيم "داعش" الدفاعية في المنطقة.
ويرى الناشط الإعلامي براء الحلبي، أن تنظيم داعش يسلم المناطق للنظام دون أي معارك حقيقة بين الطرفين، موضحاً: "التنظيم يضع حواجز ضخمة على أطراف المدينة، ويمنع جميع السكان من الخروج منها، إلا في حالات الأمراض التي لا يمكن علاجها في المناطق التي تخضع للتنظيم".
قطع الأرزاق والعلم
التنظيم لم يكتف بسجن أهالي الباب فيها، بل حرم قراره منع السفر، الكثير من طلاب الجامعات السورية من تقديم امتحاناتِهم النصفية، كون الجامعات تقع في مناطق سيطرة النظام بحلب وغيرها، كما منع موظفي المؤسسات السورية من قبض رواتبهم التي تعتبر مصدر دخلٍ للكثير من العائلات إلى الآن.
أحد الموظفين المقيمين في الباب يؤكد لروزنة: "لم يبق لدي سوى راتبي الذي أتقاضاه من النظام كل حين، وهو ما أعيل به أسرتي، لكن بسبب إغلاق التنظيم الطريق بين مدينتي الباب وحلب، لم أعد قادراً على إعالة أسرتي، خاصةً وأن العمل منعدم في المدينة".
أما بخصوص سفر النساء خارج مدينة الباب، فالمشكلة أمامهم تبدو أصعب، خاصةً لمن ليس لديها محرم.
"أم عبدو" إحدى النساء اللواتي منعهنَّ التنظيم السفر لتركيا، بحجة عدم وجود زوجها، رغم أن لديها خمسة أطفال، وزوجها مفقود منذ بداية الثورة، وكانت تنوي اللجوء لتركيا والعمل فيها، بعد أن دمر الطيران الروسي مشغلها بقصف جوي، حسب ما تحدثت لروزنة.
تعتبر مدينة الباب من أكبر مدن الريف الشرقي لحلب، وتخضع لتنظيم "داعش" منذ مطلع عام 2014.
وتسعى قوات النظام والمجموعات المسلحة المساندة لها، للسيطرة على الباب بعد فكها الحصار عن مطار كويرس العسكري، وتتعرض المرافق الحيوية في المدينة، من مدارس، ومشافٍ، وأسواقٍ تجارية، للقصف الروسي الذي تقول موسكو إنه يستهدف داعش في الباب التي يقطنها مئة وخمسون ألف نسمة حالياً.