حلقات | 25 05 2020
ليس بين المستبدين من لا يعتقد بقدرته على تكييف الواقع مع رغباته، وبدل الاعتقاد بان رغباته يجب ان تكون واقعية، اي قابلة للتحقق في شروط عليه تكييف خياراته وقراراته معها.
وبوتين، كاي مستبد، يعتقد انه وضع برنامجا لخطوته السورية، من غير الممكن أن لا يلتزم الواقع الميداني به، مهما تعددت الإرادات الفاعلة فيه وتناقضت مصالحها ومطالبها منه، وجافت بنوده المختلفة العوامل التي تنسج بتفاعلاتها وتعدد رغبات وإرادات الفاعلين فيها الواقع وتحدد صورته ومضمونه النهائىين. حدد بوتين برنامجه: أي المسار الذي على الواقع السير عليه والتقيد به، كما حدد الفترة الزمنية اللازمة لتطبيقه، أي لنجاحه المؤكد، وحدد ما على خصومه فعله : الانصياع لإرادته، ثم اطلق آلته العسكرية القاتلة على السوريات والسوريين، بعد أن ألزم قتلاه جميعهم بأن يكونوا ما ارداه لهم : إرهابيين، وجلس ينتظر انصياع الواقع للأمر الذي اصدره له.
لا يتعلم المستبد من اخطائه لأنه بكل بساطة لا يخطئ. ولا يقبل حيدان الوقائع عن المسار الذي رسمه، لأن إرادته هي الواقع الذي لا يمكن أن يوجد واقع سواه . ولا يقبل المستبد التراجع عن ما يقرره، لتوهمه ان توازن القوى مفهوم لا وجود له، وأن قوته غالبة يخسر لا محالة كل من يتحداها. لذلك، يستهين بغيره في كل ما يقدم عليه، ويستهتر بما قد يتطلبه انتصاره من حسابات صحيحة وخيارات واقعية.
وتتابعون أيضاً: الخلاف الروسي الإيراني ليس على بقاء الأسد، عيون وآذان (مؤتمر فيينا قرر وأمر السوريين بالتنفيذ).