تقارير وتحقيقات | 30 06 2025
روزنة
نشرت وكالة رويترز أمس الاثنين، تحقيقاً صحفياً حول أحداث الساحل في آذار الماضي، وجهت خلاله اتهاماً لفصائل تتبع إلى الحكومة السورية الجديدة بضلوعها في أعمال قتل، في ما قالت إنه تسلل للقيادة يقود إلى دمشق، موثقة بالوقت ذاته مقتل نحو 1500 من السوريين العلويين وعشرات المفقودين.
وتفاعل سوريون عبر مواقع التواصل بشكل واسع مع التحقيق فور نشره، وتلخص لكم روزنة في السطور التالية أبرز النقاط التي أتى على ذكرها تحقيق الصحافية المصرية ماغي ميشيل.
الفصائل المتهمة
اعتمد التحقيق على الشهادات والمعلومات التي حصلت عليها رويترز من خلال 200 عائلات الضحايا خلال زيارات لمواقع المجازر وعبر الهاتف، و40 مسؤولاً أمنياً ومقاتلين وقياديين، بالإضافة إلى محققين ووسطاء عينتهم الحكومة.
أيضاً، اطلعت رويترز على رسائل في تطبيق تلغرام لمسؤول في وزارة الدفاع لتنسيق الرد على "التمرد المؤيد للأسد"، كما فحص صحافيوها عشرات الفيديوهات ولقطات كاميرا مراقبة وراجعوا قوائم مكتوبة بخط اليد بأسماء الضحايا.
واتهم التحقيق فصائل بالتورط في ارتكاب المجازر والانتهاكات، منها لواء عثمان وجهاز الأمن العام والفرقة 400 وهي قوات نخبة تتبع سابقاً لـ"هيئة تحرير الشام"، وفصائل "فرقة السلطان سليمان شاه" و"فرقة الحمزة" و"جيش الإسلام" و"جيش الأحرار" و"جيش العزة" فضلاً عن مقاتلين أجانب من الإيغور والشيشان والأوزبك.
وقال التحقيق إنه "حدد تسلسل قيادة المسؤولين عن أعمال القتل من المهاجمين إلى رجال يعملون جنبا إلى جنب مع حكام سوريا الجدد في دمشق"، وفق تعبيرها.
ولم ترد الحكومة السورية الانتقالية، بما في ذلك وزارة الدفاع ومكتب الرئيس وجهاز الأمن العام، على ملخص مفصل لنتائج هذا التقرير أو على أسئلة ذات صلة من رويترز حول ضلوع قوات حكومية في المجازر المرتكبة بآذار الماضي في الساحل السوري.
"ووفقا لستة مقاتلين وقادة وثلاثة مسؤولين حكوميين فقد ساورت المخاوف الحكومة السورية الجديدة من فقدان السيطرة على منطقة الساحل خلال انتفاضة أنصار الأسد. وأصدرت أوامر قاطعة في السادس من مارس آذار بسحق محاولة انقلاب من "فلول" النظام السابق"، حسب التحقيق.
كذلك، قالت رويترز إنها اطلعت "على رسائل في صفحة مراسلة على تطبيق تيليجرام أنشأها مسؤول في وزارة الدفاع لتنسيق تحرك الحكومة. وفحص صحفيو وكالة رويترز عشرات من مقاطع الفيديو وحصلوا على لقطات من كاميرات المراقبة، وجمعوا قوائم مكتوبة بخط اليد بأسماء القتلى".
وكان بعض المهاجمين من الفصائل "يحملون قوائم بأسماء الرجال الذين يريدون استهدافهم، بما في ذلك أعضاء سابقون في فصائل مؤيدة للأسد حصلوا على عفو مؤقت من الحكومة الجديدة"، وفق الوكالة.
وأوضحت: "ظهرت لاحقا أسماء أفراد عائلات بأكملها في قوائم القتلى التي كتبها شيوخ القرى بخط اليد. ووصف عدد من الناجين كيف تم تشويه جثث ذويهم".
وأظهرت محادثة اطلعت عليها رويترز ععلى تيليجرام، أنه تم إبلاغ المتحدث باسم وزارة الدفاع حسن عبد الغني عن "خروقات" في جبلة، فرد في المحادثة "الله يجزيكم"، قائلة إن مصدرين أكدا أن "عبد الغني" هو صاحب الحساب باسم حركي "أبو عهد الحموي" وأرسل الرسالة لقائد آخر .
ونفى محمد الجاسم "أبو عمشة" مسؤولية فصيله عن ارتكاب انتهاكات في الساحل.
أدرج الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كلاً من محمد الجاسم الملقب بـ"أبو عمشة" مؤسس وقائد فصيل "لواء السلطان سليمان شاه"، وسيف بولاد الملقب بـ"أبو بكر" قائد فصيل "فرقة الحمزة" سابقاً، إضافة للفصيلين ومعهما "فرقة السلطان مراد" التي كانت جزءاً أيضاً من "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، شمالي وشرقي حلب، على خلفية "أحداث الساحل" في آذار الماضي.
رد لجنة التحقيق
وقال ياسر الفرحان، المتحدث باسم لجنة تقصي الحقائق، لرويترز: "أنصح بأن تتريثوا في النشر لحين الاطلاع على تقريرنا النهائي، فقد استمعنا إلى أكثر من ألف شاهد وشاهدة من العائلات، استمعنا أيضا لإحاطات المسؤولين الحكوميين، والمجتمع المدني والوجهاء، استجوبنا عددا من الموقوفين، وجمعنا الكثير من الأدلة، أتوقع أنكم ستجدون في النتائج شيئا مفيدا لاستجلاء الحقيقة من جوانبها ومصادرها المتعددة".
وأضاف: "اللجنة الآن بمرحلة فحص وتحليل المعلومات، لاستخلاص النتائج وكتابة التقرير، ولا نستطيع الإجابة قبل أن ننتهي، حرصا على أمانة الحقيقة ومقتضيات التحقيق".
واعتبر "الفرحان" أيضاً: "أتوقع أنكم ستجدون في النتائج شيئا مفيدا لاستجلاء الحقيقة من جوانبها ومصادرها المتعددة (...) التقرير سيعرض على السيد رئيس الجمهورية بعد أسبوعين تقريبا، والوقت أمامكم ليس بعيد".
وسبق أن صرح رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع خلال زيارته إلى باريس في أيار الماضي، قائلاً إن أحداث الساحل قام بها "فلول النظام السابق وتسببوا بالمقتلة التي حصلت، ونحن شكلنا لجنتين للسلم الأهلي وأخرى لتقصي الحقائق (...) الدولة السورية ملتزمة بمحاسبة ومعاقبة كل من قام بقتل مدني أو الاعتداء على أملاك الناس أو دمائهم أو أرواحهم".
وأضاف حينها أن المحاسبة ستطال كل من تورط بأحداث الساحل "سواء كان من الجهات المنتسبة للدولة أو غير المنتسبين لها أو من فلول النظام السابق. نعم الدولة تتحمل مسؤوليتها أمام كل ما يجري في سوريا، لكن بعد إجراء التحقيقات المناسبة وتحديد من المسؤول عن هذه الأعمال".
توثيق جديد لأعداد الضحايا
تمكن التحقيق من توثيق مقتل 1479 شخص علوي، في 40 موقعاً، قتل 578 منهم في يوم السابع من آذار و828 في الثامن من آذار وانخفضت الحصيلة إلى 74 قتيلاً في أربعة مواقع يوم التاسع من آذار، حسب رويترز.
ونقلت معدة التحقيق شهادات لناجين وذوي ضحايا يصفون فيها تفاصيل مروعة خلال المجازر أو عند دفن عدد من الضحايا أو اكتشاف حالات القتل في الشوارع أو مواقف عند استلام الجثامين في المشافي، في قرية الرصافة والمختارة وصنوبر وغيرها من المناطق في حماة والساحل السوري.
وصرح أحمد الشامي محافظ طرطوس لرويترز بأن العلوييين متسهدفين مقراً بوقوع "انتهاكات" بحق المدنيين العلويين، كما قدر عدد القتلى في المحافظة بنحو 350 شخصاً، قائلاً: "الطائفة العلوية غير موجودة لدينا ضمن أيا قائمة من قوائم لا سوداء ولا خضراء ولا حمراء ليست مصنفة علي أنها طائفة مجرمة ولا بد يتحقق القصاص منها".
تابع: "الطائفة العلوية ظُلمت كما ظُلم عموم الشعب السوري وهذا الأمر أثبته كمحافظ لطرطوس وكذلك الأمر السيد الرئيس في زيارته إلي طرطوس استمع للناس ووقف على حقيقه كثير من المسائل (...) الطائفة في حاجه للأمان وهذا واجب علينا كدولة سنحققه".
ويبين التحقيق أن 40 موقعا مُختلفا شهدت عمليات قتل انتقامية وهجمات وأعمال نهب استهدفت العلويين السوريين.
ومن بين القتلى عائلات بأكملها، بينهم نساء وأطفال وعجائز ومعاقون، في عشرات القرى والأحياء ذات الأغلبية العلوية. وفي أحد الأحياء كانت هناك 46 امرأة بين 253 قتيلا، وفي قرية أخرى كان هناك 10 أطفال ضمن 30 قتيلا، حسب رويترز.
وفي منتصف نيسان الماضي، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 1662 شخص بين السادس والعاشر من آذار، 445 منهم قتلوا على يد فلول النظام، بينهم 231 مدنياً و214 عنصراً من الأمن العام.
أيضاً، وثقت الشبكة مقتل 1217 على يد القوى المشاركة بالعملية ضد "الفلول" (فصائل عسكرية، سكان محليين مسلحين "سوريين وأجانب"، عناصر الأمن العام)، بينهم مدنيون وعناصر من فلول الأسد منزوعي السلاح، ومن بين الضحايا وثقنا مقتل 51 طفل، و63 سيدة، و32 من الكوادر الطبية.
وقالت الشبكة إن "الغالبية العظمى قتلوا (1217 قتيل) على يد الفصائل العسكرية التي انضمت مؤخرا إلى إدارة الأمن العام (...) ومن الصعوبة بمكان التمييز هنا بين المدنيين وفلول نظام الأسد الذين نزع سلاحهم، لأن الفلول كانوا يرتدون ملابس مدنية".
