تقرير لرويترز: فقدان واختطاف نساء علويات في سوريا.. "لا تنتظروها. لن تعود"

تقرير لرويترز: فقدان واختطاف نساء علويات في سوريا..

تقارير وتحقيقات | 27 06 2025

روزنة

كشفت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، عن فقدان نساء وفتيات سوريات من الطائفة العلوية خلال العام الحالي في محافظات طرطوس واللاذقية وحماة، معتمدة على مقابلات تفصيلية لعائلات مفقودات ومختطفات، مع عدم ورود أنباء عن بعضهن وعودة أخريات ورسائل عن نقل ثلاث إلى خارج البلاد.

وأجرت "رويترز" مقابلات تفصيلية مع 16 عائلة لامرأة وفتاة فقدن، يعتقد حسب ما خصلت إليه أن سبعاً منهن قد اختطفن، حيث تلقى أقاربهن مطالب بفدية تتراوح بين 1500 إلى 100 ألف دولار أمريكي، كما أرسل ثلاثة من المختطفين رسائل إلى العائلات يقولون فيها إن الفتيات نقلن إلى خارج البلاد.

ولم ترد، أي أنباء عن مصير التسع الأخريات، بينما أشارت عائلات المفقودات الستة عشرة إن ثمانية منهن دون سن الثامنة عشرة.

ويأتي تقرير رويترز في ظل نشر دوري عبر مواقع التواصل، لبلاغات فقدان نساء علويات، تصاعدت بعد "أحداث الساحل" الدامية في آذار الماضي، التي راح ضحيتها المئات من المدنيين وعناصر الأمن العام (الداخلي حالياً)، على يد عناصر مجموعات محسوبة على وزارتي الدفاع والداخلية أو "فلول النظام".

"لا تنتظروها.. لن تعود"

بعد ساعات من اختفائها من شوارع مدينة صافيتا في طرطوس، تلقت عائلة الفتاة عبير سليمان (29 عاماً) اتصالاً عبر واتساب في 21 أيار الماضي، يقول المتصل فيه: "لا تنتظروها. لن تعود".

وتحدث تقرير "رويترز" أن خاطف الفتاة ورجل آخر عرف عن نفسه كوسيط، بمكالمات ورسائل لاحقة، قال إن عبير "ستقتل أو تباع كعبدة ما لم يدفع أقاربها فدية قدرها 15 ألف دولار أمريكي".

تتصل الشابة بعد ثمانية أيام من ذات الرقم الذي استخدمه الخاطف، ويحمل رمزاً عراقياً، وأخبرت عائلتها: "أنا لست في سوريا. جميع اللهجات من حولي غريبة"، كما راجعت رويترز المكالمة التي سجلتها العائلة، ونحو 12 مكالمة ورسالة أرسلها الخاطف والوسيط، الذي كان يحمل رقم هاتفاً برمز سوري.

ويتابع التقرير في سرد قضية الشابة المختطفة، حيث اقترضت عائلة "سليمان" قيمة الفدية، وحولتها إلى ثلاثة حسابات تحويل في مدينة إزمير التركية يومي 27 و28 أيار في 30 عملية تحويل تتراوح بين 300 و700 دولار، حسب شهادة أحد أقاربها المقربين لروتيرز، مشاركاً إيصالات عمليات التحويل.

وأكد القريب "إنه بمجرد تسليم جميع الأموال وفقًا للتعليمات، أوقف الخاطف والوسيط جميع الاتصالات، وأغلقت هواتفهم. ولا تزال عائلة سليمان تجهل مصيرها".

وطالبت ناشطات وناشطون سوريون على مدار الأسابيع الماضية، بفتح تحقيقات شفافة حول نداءات عائلات فتيات وسيدات من الطائفة العلوية، أبلغت عائلاتهن عن فقدانهن أو اختطافهن، دون أي تعليق رسمي من وزارة الداخلية حتى الآن.

عودة النصف.. دون تعليق

عبير سليمان من بين 33 امرأة وفتاة من الطائفة العلوية، أعمارهن بين 16 و39 عامًا، اختطفن أو فقدن هذا العام بعد سقوط النظام السابق، وفقًا لعائلاتهن جميعًا.

"راجعت رويترز حوالي 20 رسالة نصية ومكالمة وفيديو من المختطفات وخاطفيهن المزعومين، بالإضافة إلى إيصالات تحويل بعض الفدية، إلا أنها لم تتمكن من التحقق من جميع أجزاء روايات العائلات أو تحديد من استهدف النساء أو دوافعهنّ"، يقول التقرير.

وأكدت الوكالة إن النساء الـ33 اختفين في محافظات طرطوس واللاذقية وحماة، وعاد نصفهن إلى منازلهن، في ظل رفض جميعهن وعائلاتهن التعليق على الظروف "حيث أشار معظمهن لمخاوف أمنية".

وأبلغت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في سوريا، رويترز، أنها تحقق في حالات فقدان واختطاف مزعومة للنساء العلويات بعد ارتفاع حاد في التقارير هذا العام، فيما قال متحدث باسم اللجنة، إنها سترفع تقريرها لمجلس الأمن مع انتهاء التحقيقات.

ومن المقرر أن تنتهي المدة الممددة لعمل لجنة تقصي الحقائق بأحداث الساحل في العاشر من تموز القادم، لتعرض نتائج التحقيق على رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع.

ما الرد الرسمي؟

وحول تعامل أجهزة الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية، قالت معظم العائلات التي قابلتها رويترز إنها شعرت أن الأمن "لم تأخذ قضاياها على محمل الجد عندما أبلغت عن اختفاء أو اختطاف أحبائها، وأن السلطات لم تُجرِ تحقيقًا شاملًا".

لم تستجب الحكومة السورية لطلب التعليق على التقرير،حسب الوكالة.

من جانبه، نفى أحمد محمد خير، المسؤول الإعلامي في محافظة طرطوس "أي تلميح إلى استهداف العلويين، وقال إن معظم حالات اختفاء النساء تعود إلى خلافات عائلية أو أسباب شخصية وليست اختطافًا، دون تقديم أدلة تدعم ذلك".

وأضاف: "إما أن تُجبر النساء على الزواج من شخص لا يرغبن به فيهربن، أو أحيانًا يرغبن في لفت الانتباه بالاختفاء". وحذّر من أن "الادعاءات غير المؤكدة" قد تُثير الذعر والفتنة وتُزعزع الأمن".

بدوره، أكد مسؤول إعلامي في "محافظة اللاذقية" تصريحات زميله، قائلاً "إنه في كثير من الحالات، تهرب النساء مع عشاقهن، وتلفّق عائلاتهن قصص اختطاف لتجنب وصمة العار الاجتماعية"، بينما رفض المسؤول الإعلامي في "محافظة حماة" التعليق، وفق ما نقل التقرير.

كذلك، رفض عضو في لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل، التعليق على حالات اختفاء النساء من الطائفة العلوية، ولم تشر الوكالة لاسمه.

هويات ودوافع مجهولة

قال يامن حسين، المدافع عن حقوق الإنسان السوري، والذي يتابع حالات اختفاء النساء هذا العام، بأن معظمها وقع في أعقاب أحداث مارس/آذار، مضيفاً "أنه على حد علمه، لم يُستهدف سوى العلويين، وأن هويات الجناة ودوافعهم لا تزال مجهولة".

وتنقل الوكالة وصف "حسين" لشعور "واسع النطاق بالخوف بين العلويين"، لافتاً إلى أن "بعض النساء والفتيات في طرطوس واللاذقية وحماة يتجنبن الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة خوفًا من الاستهداف".

وأضاف: "بالتأكيد، لدينا مشكلة حقيقية هنا، حيث تُستهدف النساء العلويات بالاختطاف"ن معتبراً وفق تعبيره أن "استهداف نساء الطرف المهزوم هو أسلوب إذلال استخدمه نظام الأسد سابقًا".

وأظهرت المقابلات التي أجرتها رويترز مع عائلات النساء المفقودات أن معظمهن اختفين في وضح النهار، أثناء قضاء بعض المهمات أو استخدام وسائل النقل العام.

تحذير من نشر صور على الإنترنت

أيضاً، يعرض التقرير رواية أحد أفراد عائلة طفلة عمرها 17 عاماً، قال إنها اختطفت وهي في طريقها إلى مدرسة في بلدة الهنادي باللاذقية في شباط الماضي، إذ أرسل لهم خاطفها المشتبه رسالة نصية "لتحذيرهم من نشر صور الفتاة على الإنترنت".

وجاء في الرسالة المرسلة في يوم الاختفاء: "لا أريد أن أرى صورة واحدة، وإلا، والله، سأرسل لكم دمها"، ولاحقاً أجرت الفتاة المراهقة مكالمة قصيرة، قائلة إنها "لا تعرف إلى أين أخذت وإنها تعاني من ألم في المعدة، قبل أن ينقطع الخط، وفقًا لأحد أقاربها. ولا تعرف الأسرة ما حدث لها"، حسب ما نقلت الوكالة.

وفي حادثة أخرى، يسلط التقرير الضوء على اختطاف خزامى نايف (35 عاماً) في 18 آذار بريف حماة "على يد مجموعة من خمسة رجال خدّروها لإغمائها لبضع ساعات قبل أن يختطفوها، وفقًا لأحد أقاربها المقربين، مستشهدًا بشهادة الأم لخمسة أطفال عند عودتها".

وأمضت "نايف" 15 يومًا في مكان الاختطاف، في ظل مفاوضات مع خاطفيها انتخت بدفع العائلة لمبلغ 1500 دولار أمريكي لإطلاق سراحها، لتصاب بمجرد عودتها إلى المنزل بانهيار عصبي، وفق أحد أفراد العائلة.

بعد أيام، اختطفت دعاء عباس (29 عامًا)، من عتبة منزلها في بلدة سلحب بحماة "على يد مجموعة من المهاجمين الذين جروها إلى سيارة كانت تنتظر في الخارج وانطلقوا مسرعين، وفقًا لأحد أفراد الأسرة الذي شهد عملية الاختطاف".

وقال قريب الشابة، إنه حاول اللحاق بهم على دراجته النارية لكنهم غابوا عن ناظريه، مؤكداً أنه لم ير عدد الخاطفين أو ما إذا كانوا مسلحين.

"نترك الأمر لله"

وأشار التقرير إلى أن "ثلاثة علويين أبلغت عائلاتهم عن اختفائهم على مواقع التواصل الاجتماعي هذا العام، وهم غير مشمولين في الحالات الـ 33 التي حددتها رويترز، عادوا للظهور ونفوا علنًا اختطافهم".

إحداهن، فتاة من اللاذقية (16 عاماً)، نشرت مقطعاً مصوراً على الإنترنت تتحدث فيه إنها "هربت طوعًا للزواج من رجل سني". إلا أن عائلتها نفت روايتها بقولها إنها "اختطفت وأُجبرت على الزواج من الرجل (...) وأن السلطات الأمنية أمرتها بالقول إنها ذهبت طوعًا لحماية خاطفيها".

وتقول رويترز، إنها لم تتمكن من التحقق من أي من الروايتين، ولم يرد متحدث باسم الحكومة السورية (لم تحدد اسمه. ملاحظة محرر: لا يوجد متحدث حأعلن عنه رسمياً حتى الآن") ولا السلطات في اللاذقية على استفسارات حول هذا الموضوع.

وأشار التقرير إلى شابة وطفلة علويتين ظهرتا من جديد عبر قنوات تلفزيونية عربية، للتأكيد على أنهن "سافرتا بمحض إرادتهما إلى مدينتي حلب ودمشق على التوالي، على الرغم من أن الأولى قالت إنها انتهى بها الأمر إلى التعرض للضرب من قبل رجل في شقة قبل أن تتمكن من الهروب".

ونقل التقرير عن العديد من عائلات النساء المفقودات "إنهم وكثيرون غيرهم في مجتمعهم يخشون سيناريو كابوسيًا يعاني فيه العلويون من مصير مماثل لما لحق بالأقلية الدينية الإيزيدية على يد تنظيم الدولة الإسلامية قبل نحو عقد من الزمان"، على حد وصف ما نقلت الوكالة.

وختم التقرير بشهادة لوالد المختطفة من الطائفة العلوية، نغم شادي، عبر فيها عن انتظاره المؤلم لأي خبر عن مصير ابنته البالغة من العمر 23 عاماً، والتي لم تعد أبداً منذ مغادرتها المنزل في قرية البياضية بريف حماة في الثاني من حزيران الجاري، قائلاً: "ماذا نفعل؟ نترك الأمر لله".

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض