تقارير وتحقيقات | 21 06 2025
في عملية أمنية محكمة، نجح جهاز الاستخبارات العامة، بالتعاون مع الجهات المختصة في وزارة الداخلية، في استدراج وإلقاء القبض على وسيم بديع الأسد، أحد أبرز الأسماء المتورطة في شبكات المخدرات العابرة للحدود، والمُصنّف دولياً ضمن قائمة الشخصيات المرتبطة بتجارة "الكبتاغون" وتمويل ميليشيات موالية للنظام السوري.
وحسب منشور وزارة الداخلية عبر فيسبوك قد جرت العملية عبر كمين نفذته إحدى فرق إدارة المهام الخاصة التابعة لوزارة الداخلية، وأسفر عن توقيفه دون مقاومة، بعد تتبع حركته لفترة طويلة في منطقة تلكلخ.
ويُعدّ وسيم الأسد، المولود في بلدة القرداحة عام 1980، ابن عم رأس النظام السوري بشار الأسد، وأحد رموز التحالف بين السلطة والمال والسلاح في سوريا، حيث لعب دوراً محورياً في دعم ميليشيات النظام السوري السابق أبرزها "كتائب البعث"، التي تورطت في انتهاكات ممنهجة بحق المدنيين خلال سنوات النزاع.
كما تشير تقارير أوروبية وأمريكية إلى تورطه في إدارة وتنسيق عمليات تهريب المخدرات، خاصة الكبتاغون، التي أصبحت مصدر تمويل رئيسي للنظام، ما جعله هدفاً لعقوبات أمريكية وأوروبية، باعتباره جزءاً من شبكة تستغل نفوذها العائلي والعسكري للإثراء غير المشروع وتغذية العنف.
ماهي العقوبات المفروضة على وسيم بديع الأسد؟
عقوبات أمريكية (OFAC/Treasury)
في 28 مارس 2023، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية وسيم بديع الأسد على القائمة السوداء (SDN List) بموجب أمر تنفيذي رئاسي 13582. وسبب هذا التعيين هو "دوره القيادي في ميلشيات موالية للنظام ودعمه للجيش السوري، علاوة على مشاركته في شبكات إنتاج وتوزيع مخدرات الكبتاغون".
عقوبات أوروبية (الاتحاد الأوروبي)
في 24 أبريل 2023، أدرجت المجلس الأوروبي وسيم ضمن قائمة الأفراد المستهدفين بالعقوبات في إطار القرار 2013/255/CFSP. ورد في التفسير الرسمي أن "تجارة الأمفيتامين أصبحت نموذجاً استثمارياً يقوده النظام، يثرّي الدائرة المقربة من السلطة ويسهم بتمويل القمع" يشمل ذلك تجميد الأصول ومنع إمكانية دخوله أو تنقله داخل الاتحاد. وتمنع هذه العقوبات التعامل المالي أو التجاري معه، يرافقها تجميد أصوله وتقييد قدرته على السفر.
عقوبات بريطانية (UK)
أدرجت الحكومة البريطانية وسيم تحت لوائح Sanctions (EU Exit) Regulations 2019، ما يشمل تجميد أصوله في المملكة المتحدة ومنعه من الاستفادة من الموارد الاقتصادية، وقال القرار " توجد أسباب معقولة للاشتباه في أنهم من الأشخاص المتورطين بموجب لوائح العقوبات المفروضة على سوريا (انسحاب الاتحاد الأوروبي) لعام 2019، وذلك بسبب تورطهم الحالي أو السابق في أنشطة نُفذت نيابة عن نظام الأسد، أو في تنفيذ سياسات القمع التابعة لذلك النظام، و/أو بسبب دعمهم أو استفادتهم من نظام الأسد".
وسيم بديع الأسد وشبكات الكبتاغون:
بحسب تقارير رسمية بريطانية وأمريكية، يُعد وسيم بديع الأسد – ابن عم رئيس النظام السوري – أحد أبرز الأسماء المرتبطة بشبكات تهريب المخدرات، وتحديدًا الكبتاغون، والتي باتت تشكل تهديدًا متزايدًا على الأمن القومي لدول الجوار.
تشير بيانات مركز الدراسات الأوروبية لمكافحة الإرهاب إلى أن وسيم الأسد استغل مكانته العائلية والعسكرية لتأمين الحماية اللوجستية لشحنات الكبتاغون المنطلقة من مناطق الساحل السوري نحو الحدود اللبنانية، ومن ثم تصديرها إلى الخليج العربي عبر الأردن. كما نقل تقرير لصحيفة The Guardian (2023) أن "موانئ اللاذقية وطرطوس باتت منصات رئيسية لشحنات ضخمة يديرها مقربون من النظام، من بينهم وسيم الأسد".
من جهتها، أعلنت السلطات الأردنية في أكثر من مناسبة عن إحباط محاولات تهريب كميات ضخمة من المخدرات عبر الحدود الشمالية، وأشارت إلى أن بعضها كان مدعومًا بتكتيكات قتالية، ما يعكس تطور هذه الشبكات إلى ما يشبه ميليشيات منظمة. وقد وصف مسؤول أمني أردني – في تصريح لقناة CNN Arabic – الكبتاغون السوري بأنه "سلاح ناعم بيد النظام وحلفائه لزعزعة استقرار المنطقة".
وشوهد وسيم الأسد في أكثر من مناسبة مع نوح زعيتر أحد أكبر تجار المخدارت في لبنان.
تشير تقارير مرموقة إلى أن تجارة "الكبتاغون" كانت تجارة بالمليارات، تُستغل من قبل النظام السوري لتأمين مصادر دخل بديلة. بحسب معهد New Lines، على سبيل المثال، بلغ حجم تجارة الكبتاغون في الشرق الأوسط البحر الأبيض المتوسط أكثر من 5.7 مليار دولار عام 2021، فقط من قيمة المضبوطات الشهيرة، هذه الأرقام تعكس قيمة سوق حققتها تجارة الكبتاغون في مناطق نفوذ النظام السوري سابقاً.
ويقول مركز COAR إن حجم المضبوطات (2.8 إلى 4.2 مليار دولار) هو جزء من سوق أكبر بكثير، نظريًا قد يصل إلى 5.7 مليار دولار سنويًا، خاصة أن معظم الإنتاج يذهب إلى السعودية ودول الخليج عبر الأردن ولبنان.
وفقًا لـمركز الشرق الأوسط المعني بالنزاهة والإرهاب، فإن الأموال الناتجة أنعشت اقتصاد النظام السوري، واستخدمت لتمويل فصائل مسلحة تابعة له، وتشغيل أولئك الضالعين بتجارة المخدرات لحماية مواقعهم داخل النظام .