تقارير وتحقيقات | 5 06 2025

يستقبل السوريون المسلمون عيد الأضحى يوم غد الجمعة، بظروف معيشية لم تشهد تغييراً كبيراً وأسعاراً منخفضة نسبياً مقارنة بالأعوام السابقة، وسط تفاؤل نسبة منهم بالقادم وتحسن قدرتهم الشرائية، فيما عبر البعض عن فرحتهم بحلول العيد هذه المرة دون النظام السابق والقصف والموت.
رصد مراسلونا في عدد من المحافظات أحوال الناس وحركة الأسواق، وقدموا لنا إحاطات عامة تتقاطع فيما بينها بضعف القدرة الشرائية لدى نسبة واسعة من السوريين رغم الازدحام في بعض الأسواق، إلا أن كثر يأتون فقط لـ"الفرجة والتعرف على الأسعار، والبحث مطولاً عن ما يناسب ميزانيتهم المنخفضة".
في دمشق وريفها
شهدت الأسواق الرئيسية في العاصمة والمدن والبلدات في ريف دمشق، ازدحاماً "شديداً" بحركة الأهالي، وسط ضعف بالقدرة الشرائية لدى نسبة واسعة، حسب رصد مراسلنا محمد سليمان.
يقول محمد، إن سائق التكسي الذي أقله في جولته الميدانية، أخبره أنه اضطر لبيع اسطوانة الغاز المنزلية المعبأ نصفها تقريباً، كي يتدبر أمره وأمر عائلته خلال فترة العيد، من شراء المستلزمات كالثياب والحلويات، وفق المتاح.
وأضاف أن البضائع متوفرة في الأسواق لكن الأسعار لا تناسب السيولة المتوفرة لدى نسبة من الأهالي، لافتاً في الوقت ذاته أن بعض الموظفين لم يستملوا مرتباتهم بعد أو "المنحة" التي أعلن عنها رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، في ظل ازدحام على الصرافات المتاحة.
وأشار "سليمان" إلى أن الازدحام وضيق الوقت، قد يؤدي إلى استلام بعض الموظفين لـ"المنح" والمرتبات بعد انقضاء فترة العيد.
التقط بعدسته خلال الجولة الميدانية، صوراً من بلدتي يلدا وببيلا جنوبي العاصمة دمشق.
الرقة
"الوضع اعتيادي"، هكذا اختصر عبد الله الخلف مراسل روزنة معاينته لحركة الأسواق قبيل عيد الأضحى في مدينة الرقة.
وقال إن ازدحاماً شديداً شهدته الأسواق الرئيسية في المدينة، كشارع تل أبيض والأماسي والمنصور، إذ لاحظ أن بعض العائلات تفضل التسوق من "البسطات" المنتشرة بأسعار منخفضة نسبياً، فيما يفضل آخرون شراء الألبسة والأحذية والحلويات من المحلات التي تختلف الأسعار فيها حسب الجودة.
ويرى "الخلف" إن دخل العائلة هو ما يحدد قدرتها الشرائية "كل شيء موجود ومتوفر، والأسعار تختلف حسب الجودة والمكان الذي يريد الشخص الشراء منه، يوجد الغالي ويوجد الرخيص، لكن الأسعار بشكل عام يمكن وصفها بالمعقولة (غير مبالغ بها)".
عبدالله قرر إعداد مراسلته المصورة من نهر الفرات، حيث انشغلت عائلات بالترفيه عن نفسها قبل التوجه إلى الأسواق أو بعيداً عن ضجيجها.
ماذا عن إدلب؟
يقسم بشار الفارس مراسل روزنة ما رصده في محافظة إدلب، إلى القرى والبلدات التي قرر أهلها العودة إليها رغم الدمار في إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي المجاور، إضافة إلى جولة له في أسواق إدلب المدينة وبلدات رئيسية كالدانا وسرمدا وكلّلي التي التقط فيها صوراً لحركة الأسواق.
تحدث بشار أن القرى والبلدات التي شهدت عودة للنازحين والمهجرين بعد سقوط النظام، لا يوجد فيها مظاهر لتجهيز العيد شراء الألبسة والحلويات وتحضير كعك العيد "لا يوجد أي حركة، فالمناطق مدمرة والأعداد قليلة والقدرة الشرائية ضعيفة".
بالمقابل، رصد المراسل ازدحاماً "شديداً" بالأسواق "ككل سنة"، لكن مع اختلاف هذه السنة بوجود شعور نسبي أكبر بالأمان، حيث غابت طائرات النظام وروسيا ومدفعيته وراجماته التي كانت تقصف المنطقة أو يمكن أن تقصفها بأي لحظة سابقاً "البعض جاء للفرجة فقط أو للتنزه. كثر لم يشتروا شيء".
وشرح بشار: "الأسعار مرتفعة بشكل عام، ما يضطر بعض العائلات إلى المشي لمسافات طويلة في الأسواق والبحث في المحلات والبسطات للمقارنة بين الأسعار وشراء الأنسب من حيث الجودة والسعر، حتى إن البعض قد يتجه إلى سوق مدينة أو بلدة أخرى للعثور على ما يناسب ميزانيته".
الأمر ذاته، ينطبق على محال بيع الحلويات التي اعتاد السوريون شراءها في فترة الأعياد، في ظل ارتفاع أسعار يقدره "الفارس" بنحو دولار إلى دولارين أمريكي مقارنة بالسنة السابقة، موضحاً: "الأسعار ارتفعت بشكل عام، وهناك فرق بالتصريف بين الدولار الذي يطلبه الباعة والليرة التركية التي يتعامل بها الأهالي".
مراسلنا التقى خلال جولته في كلّلي مع بائع ومشتر، عبروا عن فرحتهما بالعيد المضاعفة بسبب سقوط النظام ورحيل بشار الأسد، مشيرين في الوقت ذاته إلى غلاء الأسعار و"فوضى التعامل بالعملات" الحاصل في السوق.
في القامشلي.. ما الوضع؟
قال حسن حسين مراسل روزنة في القامشلي، إن الإقبال "طبيعي" على الأسواق في يوم الوقفة وأمس الأربعاء، رافقه ارتفاع في الأسعار لا تتناسب مع دخل الفرد رغم هبوط سعر صرف الدولار مقارنة بالعام السابق، إذ وصل الآن لنحو 9300 بالسوق المحلية "لكن الأسعار بقيت على حالها".
ويرى المراسل حسب رصده، إن أكبر المتضررين هم فئة العمال بالمياومة والموظفين لدى الحكومة الذين لم يستلم غالبيتهم المرتبات إلى الآن منذ أشهر، مضيفاً: "من لديه في العائلة خمسة أو ستة أطفال، قد يحتاج لدفع مرتبه كاملاً لكسوة العيد للجميع أو بعضهم حتى، يوجد معاناة بشكل عام".
لكن رغم الظروف الصعبة، يقول حسن إن هناك من يشتري ويحاول أن يوازن بين ميزانيته وقائمة المشتريات، فالبعض يشتري من الألبسة المستعملة "البالة" أو لبعض الأطفال وإعادة استخدام ألبسة عيد الفطر لآخرين، كما خضعت ضيافة العيد لتفكير وفق أولويات العائلة حسب الدخل والميزانية.
ولفت "حسين" إلى اعتماد نسبة واسعة من العائلات على حوالات أبنائهم المغتربين أو اللاجئين في أوروبا "هذا يخفف قليلاً من المعاناة ويمكّن البعض من الاحتفال بالعيد، فلولا الحوالات لما استطاعوا التجهيز له"، يقول.
مراسلنا التقط صوراً من سوق مدينة القامشلي، كما رصد في جولة بسوق الأضاحي حركة أقل من الأعوام السابقة، حسب ملاحظته.
ما سعر "الأضاحي"؟
رصدت روزنة في تقرير مصور أسواق الأغنام (تعرف محلياً في بعض المناطق بـ"الماكَف") في حلب وحمص والسويداء وحماة ودرعا واللاذقية وريف دمشق، إذ تباين الإقبال على شراء الأضاحي بين محافظة وأخرى، في ظل انخفاض أسعار كبير مقارنة بالعيد السابق.
وقال تجار ماشية أو أصحاب محلات بيع اللحم "القصابة" في حلب، إن سعر الخاروف الواحد سابقاً يعادل سعر خاروفين في العيد الحالي "انخفضت الأسعار للنصف تقريباً، مثلاً، لم يعد هناك حواجز أمنية وعسكرية تطلب منا نقود على حمل المواشي".
في اللاذقية هناك حركة إقبال إذ يتراوح سعر الكيلو الواحد بين 47 و52 ألف ليرة سورية، في ظل شكاوى عدد من تجار الماشية ومربيها من ارتفاع أسعار العلف، في ظل الجفاف الشديد، ويقول تاجر ماشية في سوق حماة: "الثروة الحيوانية إن لم تدعم السنة، فقد انتهت! الأرض قاحلة والعلف غالي".
ويضيف آخر: "المربي خسران. والغنّام خسران. لا أحد يستفيد إلا السمسار".
وعبر مدنيون في حمص عن اختلاف الوضع هذا العيد مقارنة بالأعياد السابقة، إذ أصبح بمقدورهم شراء الأضاحي لانخفاض أسعارها إلى النصف وأصبح الإقبال على الشراء "الضعف" حسب تقديراتهم الشخصية، كما لفت أحدهم إلى تأثير غياب الحواجز الأمنية والعسكرية التي كانت تطلب مبالغاً من تجار المواشي.
وتحدث مربو ماشية وتجار في درعا والسويداء عن حركة إقبال ضعيفة وأسعار منخفضة وارتفاع بالعلف وخسارات متوقعة.