تقارير وتحقيقات | 30 05 2025
أدرج الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، شخصين وثلاثة كيانات إلى قائمة الأشخاص والكيانات والهيئات المدرجة في قائمة العقوبات الأوروبية، على خلفية "أحداث الساحل" في آذار الماضي، شملت قياديين في الجيش الحالي و"الجيش الوطني السوري" سابقاً، إضافة إلى ثلاثة فصائل أعلنت اندماجها بوزارة الدفاع السورية بعد "مؤتمر النصر".
وشملت قائمة المعقابين أوروبياً أمس الأربعاء، كلاً من محمد الجاسم الملقب بـ"أبو عمشة" مؤسس وقائد فصيل "لواء السلطان سليمان شاه"، وسيف بولاد الملقب بـ"أبو بكر" قائد فصيل "فرقة الحمزة" سابقاً، إضافة للفصيلين ومعهما "فرقة السلطان مراد" التي كانت جزءاً أيضاً من "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، شمالي وشرقي حلب.
بداية.. ما العقوبات التي أردجوا في ملحقها؟
أدرج القياديان والفصائل الثلاثة، في ملحق القرار رقم 1999 الصادر سنة 2020 وهو قرار غير خاص بسوريا بل متعلق بـ"التدابير التقييدية ضد الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان" اتخذه الاتحاد الأوروبي لإرساء تدابير تقييدية في إطار الجهود الأوروبية بـ"ترسيخ ودعم الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان ومبادئ الاتحاد الدولي"، حسب نص البيان.
القرار يتألف من 11 مادة، جاء في الأولى منها التصنيفات التي ينطبق عليها القرار المتعلقة بالانتهاكات والتجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، شملت الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات وتجاوزات وصفت بـ"الخطيرة على حقوق الإنسان"، كالتعذيب والإعدامات والقتل خارج نطاق القضاء والاخفاء القسري والاعتقالات وغيرها.
ويشير القرار إلى أن تعديل الملحق الخاص بقائمة المعاقبين كما حصل أمس، يجب أن يأخذ المجلس الأوروبي بالاعتبار عدة عناصر منها "خطوة و/أو تأثير الانتهاكات"، باعتبار أن تجاوزات حقوق الإنسان حول العالم تشكل "مصدر قلق بالغ، بما في ذلك تورط جهات فاعلة غير حكومية بشكل كبير في انتهاكات حقوق الإنسان (...) فضلاً عن خطورة هذه الأفعال".
لماذا القياديين والفصائل الثلاثة؟
حسب نص القرار 1110 - 2025 الصادر أمس، أدرج الشخصان والكيانات الثلاثة، في سياق "موجة عنف في المنطقة الساحلية السورية (خلّفت) عدداً كبيراً من الضحايا، بينهم العديد من المدنيين"، مشيراً إلى بيان أصدره الممثل السامي الأوروبي في 11 آذار الماضي يدين فيه "الجرائم المروعة المرتكبة ضد المدنيين في سياق ذلك العنف".
وفي أسباب الإدراج المفصلة، أدرج محمد الجاسم "أبو عمشة" بصفته "مسؤول عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في سوريا، بما في ذلك عمليات القتل التعسفي"، متهمة "السلطان سليمان شاه" بقيادة "أبو عمشة" بالمشاركة في "أعمال العنف في المنطقة الساحلية (...) مستهدفة المدنيين وخاصة الطائفة العلوية، بما فيها عمليات قتل تعسفية للمدنيين".
أما سيف بولاد "أبو بكر" فأشار القرار إلى اتهام الفصيل الذي يقوده "فرقة الحمزة" بالمسؤولية عن "أعمال التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لتلك المجموعة، وعن الابتزاز والتهجير القسري للمدنيين، وخاصة في منطقتي عفرين وحلب"، مشيرة إلى ذات الاتهام لـ"الجاسم" حول "أحداث الساحل"، يضاف لهالـ"أبو بكر" اتهام "تعذيب تعسفي" للمدنيين وليس القتل فقط.
وفي أسباب إدراج فصيلي "السلطان سليمان شاه" و"الحمزة" ذكرت ذات الأسباب الخاصة بقائديها "أبو عمشة" و"أبو بكر".
وفي اتهام خصص فقط لـ"فرقة السلطان مراد"، أشار القرار في أسباب الإدارج إلى أنها شاركت في "أحداث العنف في الساحل"، مضيفاً لتهمة القتل التعسفي للمدنيين "ارتكاب معاملة لا إنسانية" إضافة للتعذيب.
أيضاً، أشار في التعريف عن "السلطان مراد" إلى مشاركتها في عمليات عسكرية خارج سوريا، في ليبيا وكاراباخ الأذرية والنيجر، إضافة لـ"التعذيب والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري وإساءة معاملة المعتقلين"، إضافة لعمليات "استهدفت الأكراد السوريين وقوات سوريا الديمقراطية".
وعين قبل أسابيع، قائد فصيل "السلطان مراد" فهيم عيسى قائداً للمنطقة الشمالية في سوريا بالجيش الجديد، معاوناً لوزير الدفاع مرهف أبو قصرة.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي وفي قرار رقم 1096 الصادر أول أمس الثلاثاء حول سوريا، تطرقت إلى قلق الممثلة العليا الأوروبية للشؤون الخارجية في 11 آذار حول "انتشار العنف" في الساحل السوري، وإدانة "الميليشيات الموالية للأسد ضد قوات الأمن والجرائم المروعة المرتكبة ضد المدنيين، بما في ذلك عمليات القتل بإجراءات موجزة".
ماذا يعني إدراجهم بالعقوبات؟
يعني إدراج القياديين والكيانات الثلاثة، منعهم من دخول دول الاتحاد الأوروبي أو عبور أراضيها واتخاذ جميع التدابير اللازمة من الدول الأعضاء لذلك، كما تجمد جميع الأموال والموارد الاقتصادية لهم أو المملوكة من قبلهم أو المحفوظة عندهم أو الخاضعة لسيطرتهم، حسب نص القرار 1999 سنة 2000.
كذلك، ينص القرار على أنه "لا يجوز توفير أي أموال أو موارد اقتصادية بشكل مباشر أو غير مباشر للأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين أو الكيانات أو الهيئات المدرجة في الملحق أو لصالحهم"، كما يدعو في مادته التاسعة إلى تشجيع الاتحاد لدول ثالثة لاعتماد تدابير تقييدية مماثلة منصوص عليها في القرار بغرض "تعظيم تأثير التدابير" التي ينص عليها.
بالمقابل، يمكن للدولة العضو في الاتحاد الأوروبي منح إعفاء خاص بالمرور أو الدخول لأراضيها، في حال كانت ملزمة بموجب القانون الدولي كدولة مضيفة لمنظمة حكومية دولية أو مؤتمر دولي أممي أو تحت رعايتها، إضافة لجواز منح إعفاءات "عندما يكون السفر مبرراً على أساس الحاجة الإنسانية العاجلة" أو "العبور ضرورياً لإتمام عملية قضائية".
وقرر الاتحاد الأوروبي قبل أكثر من أسبوع، رفع العقوبات الأوروبية الاقتصادية بشكل كلي عن سوريا، مع الحفاظ على العقوبات المرتبطة بنظام الأسد وانتهاكات حقوق الإنسان، ليصدر أول أمس تعديلاً رسمياً لقرار العقوبات الصادر في 2013.
"أبو عمشة" و"أبو بكر" معقابان أمريكياً.. لماذا؟
قبل أقل من سنتين، وفي آب 2023، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لـ"وزارة الخزانة الأمريكية" كل من محمد الجاسم "أبو عمشة" وشقيقه الأصغر وليد الجاسم مع سيف بولاد "أبو بكر" على قائمة العقوبات الأمريكية، إضافة لفصيلي "سليمان شاه" الذي يقوده "أبو عمشة" و"الحمزة" بقيادة "أبو بكر" سابقاً، إضافة لشركة سيارات يملكها الأول.
وجاء القرار بموجب الأمر التنفيذي 13894 بعد اتهامهما بـ"التورط في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد سكان منطقة عفرين" عبر استخدام "العنف للسيطرة على حركة البضائع والأشخاص في مناطقها (...) وأعاقت (الفصيلان) تعافي المنطقة بارتكابها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الفئات السكانية الضعيفة"، كما نص البيان.
واتهمت الولايات المتحدة "لواء سليمان شاه" بـ"عمليات الاختطاف والابتزاز" بحق السوريين الأكراد في عفرين "الذين يتعرض الكثير منهم للمضايقة والاختطاف وغيرها من الانتهاكات حتى يُجبروا على ترك منازلهم أو دفع فدية كبيرة لاستعادة ممتلكاتهم أو أفراد عائلاتهم".
أيضاً، اتهمت "فرقة الحمزة" حينها بصفتها "متورطة في عمليات اختطاف وسرقة ممتلكات وتعذيب. كما تدير الفرقة مراكز احتجاز تحتجز فيها من اختطفتهم لفترات طويلة. وخلال فترة احتجازهم، يُحتجز الضحايا مقابل فدية، وغالبًا ما يتعرضون لاعتداءات جنسية على أيدي عناصرها".
وحظرت بموجب القرار "جميع ممتلكات هؤلاء الأشخاص والكيانات ومصالحهم في ممتلكاتهم" داخل الولايات المتحدة كما تحظر تعامل الأشخاص الأمريكيين أو داخل الولايات المتحدة مع المعاقبين.
وعبر "أبو عمشة" حينها بتغريدة على "اكس" أنها لا يعير أي اهتمام للعقوبات الأمريكية، قائلاً: "أولا إننا لا نملك دولاراً واحداً خارج مالية القوة المشتركة، ثانياً لا نملك أي شركة كانت سواء سيارات أو غيرها، ثالثاً: نحن نعلم أن الهدف من هذه العقوبات سياسي بحت".
وأضاف": رابعاً من المتعارف عليه أن السياسة الأميركية بمنطقتنا متناقضة حيث تساوي بين الجلاد والضحية، وتكيل بمكيالين، فهي تصنف الـ PKK على قوائم الإرهاب، ومن جهة أخرى تدعمهم بالمال والسلاح".
ما رد "أبو عمشة" و"أبو بكر"؟
لم يصدر أي تعليق من القياديين محمد الجاسم وسيف بولاد أي بيان بعد العقوبات الأوروبية المفروضة عليهما حتى ساعة نشر المادة.
وسبق أن نفى "أبو عمشة" لصحيفة الغادريان الثلاثاء الماضي، أن تكون مجموعته "قد أذت أي مدنيين، ورفضوا الدخول إلى عمق الساحل السوري عندما رؤوا الانتهاكات تحدث" في آذار الفائت.
وقال "أبو عمشة": "كانت مهمتنا تطهير الطريق السريع والعودة إلى بيت ياشوط. في كل قرية دخلناها، شكرونا على حسن معاملتنا"، كما أشار معد التقرير إلى عرض "أبو عمشة" صوراً لمدنيين يشكرونه ورسائل صوتية لسوريين علويين يشيدون بلواء "السليمان شاه".
وزعم القيادي في تصريحه، أن أياً من مقاتلي الفصيل وعددهم 16 ألف ارتكب انتهاكات في الساحل، بعد إجراء مراجعة داخلية، رافعاً صور لضباطه يحضرون تدريباً في مجال حقوق الإنسان من منظمة سويسرية غير حكومية، وهو يقول: "جميع ضباطي حاصلون على شهادات في القانون الدولي الإنساني".
وبعد سقوط النظام السابق في 8 كانون الثاني 2024، منح "أبو عمشة" في شباط الماضي رتبة عميد في الجيش السوري الجديد، كما عين قائداً للفرقة "62" كما نشر عبر حسابه في "اكس".
سبق ذلك تعيين سيف بولاد في قيادة الفرقة 76 في الجيش السوري بمحافظة حلب.
ولم يصدر أي بيان عن وزارة الدفاع السورية أو تعليق من الحكومة السورية حول العقوبات الأوروبية المفروضة على القياديين الاثنيين في الجيش السوري ومستقبلهما ضمنه، في ظل رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا دون أن تشمل الكيانات المعاقبة ومسؤولي النظام السابق ومرتكبي الانتهاكات بحق السوريين.
ووثقت حينها الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير "مقتل ما لا يقل عن 803 أشخاص، بينهم 39 طفلاً و49 سيدة (أنثى بالغة)، وذلك في الفترة الممتدة من 6 إلى 10 آذار/مارس 2025"، خلال أحداث الساحل التي بدأت بهجوم لمجموعات مرتبطة بالنظام السابق.
ووثق التقرير "مقتل ما لا يقل عن 420 شخصاً من المدنيين والمسلحين منزوعي السلاح، بينهم 39 طفلاً و49 سيدة و27 من الكوادر الطبية، على يد القوى المسلحة المشاركة في العمليات العسكرية (الفصائل والتنظيمات غير المنضبطة التي تتبع شكلياً وزارة الدفاع)".
ووثق أيضاً "مقتل 172 عنصراً على الأقل من قوات الأمن الداخلي ووزارة الدفاع على يد "المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة المرتبطة بنظام الأسد"، التي قتلت أيضاً ما لا يقل عن 211 مدنياً، بينهم أحد العاملين في المجال الإنساني، بإطلاق نار مباشر.