تقارير وتحقيقات | 8 05 2025

عقد رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، مؤتمراً صحافياً مشتركاً في قصر الاليزيه بالعاصمة الفرنسية باريس، عقب مباحثات مغلقة ضمن زيارة "الشرع" إلى فرنسا.
وحضرت روزنة المؤتمر الصحافي ووجهت سؤالين عبر موفدها إلى كل من الرئيسين "الشرع" و"ماكرون"، حول ملف العقوبات الأوروبية على سوريا ومستقبل عائلات عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مخيمات محافظة الحسكة.
وحظي الاستقبال بحضور عدد كبير من الصحافيين الفرنسيين والعرب والأجانب والسوريين، كما استمرت المباحثات المغلقة بين الوفدين لمدة ساعتين بعد تمديدها لساعة كاملة وتأجيل المؤتمر الصحافي عن موعده المقرر.
وضم الوفد السوري كل من وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الكوارث والطوارئ رائد الصالح ورئيس جهاز الاستخبارات المعين حديثاً حسين سلامة، وكل من إبراهيم علبي ورزان سفور من فريق وزير الخارجية، إضافة لموظفين من وزراتي الخارجية والإعلام رافقوا الوفد الرئاسي من دمشق.
"الشرع": نأمل أن يكون بشائر جيدة للشعب السوري
وفي رد على سؤال روزنة للرئيس أحمد الشرع، حول ملف العقوبات الأوروبية على سوريا، وإن كانت الزيارة تمثل مفتاحاً حقيقياً لرفعها بشكل كامل وليس بشكل جزئي أو تعليقها.
قال "الشرع" إنه يأمل أن يكون هناك بشائر جيدة للشعب السوري بعد اجتماعه مع "ماكرون"، مؤكداً أن الأخير تكلم أنه سيبذل كل ما في وسعه لرفع العقوبات عن الشعب السوري.
وأوضح أن استقرار سوريا الأمني مرتبط بالاقتصاد والنمو الاقتصادي مرتبط بالاستقرار الأمني في ذات الوقت، وهذه التحديات تعوقها العقوبات (الأوروبية) بشكل مباشر.
وأضاف الرئيس أحمد الشرع في معرض رده على سؤالنا: "تحدثنا بشكل مطول أنا والرئيس ماكرون حول موضوع العقوبات، وأخذ حقه الوافر بالنقاش خلال الجلسة، وشرحنا كل تداعيات استمرار العقوبات على سوريا وأنها وضعت على النظام السابق بسبب الجرائم التي ارتكبها، وهو زال".
وتابع: "مع زوال النظام السابق، يجب أن تزول العقوبات وليس هناك أي مبرر لبقائها، لأنها ستكون على الشعب"، معتبراً أيضاً أن "السيد ماكرون متفهم لهذا الأمور (التحديات وأثر استمرار العقوبات)، وهناك أمور تقنية يتدارسونها في الاتحاد الأوروبي".
وتجاهل الرئيس "الشرع" الإجابة على سؤال روزنة حول نقاط الالتقاء الحاصلة في المباحثات المغلقة حول "شروط المجتمع الدولي" لرفع العقوبات.
ومن جانبه، اعتبر الرئيس ماكرون لاحقاً خلال المؤتمر، أن من مصلحة الجميع بما فيهم الأمريكيين أن يفكروا في المساعدة على رفع العقوبات عن الشعب السوري، وتمكينه من استعادة بلاده بسرعة أكبر وإعادة البناء بسرعة أكبر، وعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
وأوضح: "الآن أعتقد أنه علينا أن نعمل سريعاً لرفع العقوبات بطريقة استباقية أن ننظر على ما يحصل خلال الستة أشهر القادمة (...)".
وفي نهاية كانون الثاني الماضي، اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على خارطة طريق لـ"تخفيف العقوبات" عن سوريا، بهدف تنشيط عملية التعافي، مؤكدين في الوقت ذاته إصرارهم على إعادة فرض الإجراءات "إذا رؤوا أي انتهاكا من جانب الحكام الجدد للبلاد".
"ماكرون": فرنسا شريك موثوق لتحقيق العدالة
وفي رد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على سؤال موفد روزنة خلال المؤتمر الصحافي، حول ملف استعادة باريس ودول الاتحاد الأوروبي لعائلات عناصر تنظيم "الدولة" من مخيمات شمالي شرقي سوريا، وإمكانية اتخاذ خطوات جدية بهذا الشأن.
قال "ماكرون": "بخصوص المقاتلين الأجانب المحتجزين حالياً في سوريا، الأولوية بالبداية هي تحقيق الاستقرار في سوريا وضمان الأمن في هذه السجون، ونحن نعمل على هذه المسألة، واتفاق 10 آذار (الشرع-عبدي) مهم جداً لضمان الاستقرار".
وأكد الرئيس الفرنسي أن بلاده هي شريك موثوق لتحقيق العدالة (في سوريا)، ولضمان أمن الفرنسيين والفرنسيات والسوريين والسوريات على طول عملية التقدم بملف المقاتلين الأجانب المحتجزين وعائلاتهم.
وأضاف في رده على سؤال موفدنا: "العديد من المقاتلين الأجانب سيحاكمون في سوريا والبعض سابقاً حوكم في العراق والبعض سيحاكم في فرنسا. هذه عملية ستكون مطولة وسندخل لاحقاً في تفاصيلها (...) سيكون هناك لاحقاً، سلسلة نقاشات فنية وتعاون قضائي وأمني بين البلدين".
وتجاهل الرئيس "ماكرون" الإجابة بشكل مباشر حول الخطوات الفعلية لعائلات عناصر التنظيم من نساء وأطفال في مخيمات الحسكة، كما جاءت في سؤالنا، وتحدث فقط عن العناصر الأجانب المحتجزين في السجون شمالي شرقي سوريا.
في سياق متصل، قال "الشرع" رداً على سؤال لاحق خلال المؤتمر، إن من بقي "في صفنا حتى التحرير" قدمت "الدولة السورية ضمانات لجميع الدول التزام هؤلاء المقاتلين الأجانب بالقانون السوري وأن لا يعرضوا بلادنهم أو البلدان المجاورة لأي تهديدات".
قال الرئيس "الشرع" إن أحداث الساحل قام بها "فلول النظام السابق وتسببوا بالمقتلة التي حصلت، ونحن شكلنا لجنتين للسلم الأهلي وأخرى لتقصي الحقائق (...) الدولة السورية ملتزمة بمحاسبة ومعاقبة كل من قام بقتل مدني أو الاعتداء على أملاك الناس أو دمائهم أو أرواحهم".
مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل
وفي رد على أسئلة أخرى، أكد الشرع أن المحاسبة ستطال كل من تورط بأحداث الساحل "سواء كان من الجهات المنتسبة للدولة أو غير المنتسبين لها أو من فلول النظام السابق. نعم الدولة تتحمل مسؤوليتها أمام كل ما يجري في سوريا، لكن بعد إجراء التحقيقات المناسبة وتحديد من المسؤول عن هذه الأعمال".
من جانب آخر، قال الرئيس الفرنسي أن بلاده لم تبتعد أبداً عن الكرد في سوريا ومن قاتل من الرجال والنساء ضد التنظيمات الإرهابية دفاعاً عن مصالحهم ومصالح فرنسا.
أكد الرئيس "الشرع": "هناك مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل تجري عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع ومحاولة امتصاص الوضع لكي لا تصل الأمور لحد يفقد السيطرة عليه كلا الطرفين، التدخلات الإسرائيلية عشوائية وكسرت اتفاق 1974 وسوريا ملتزمة بالاتفاق وعلى قوات الأندوف أن تعود للخط الفاصل".
واعتبر "ماكرون" أن القصف الإسرائيلي والاجتياح هي "ممارسات سيئة" لا يمكن ضمان أي بلد من خلال تقويض سيادة بلاد أخرى، متمنياً أن تكون هناك محادثات وثيقة بين إسرائيل وسوريا.
وحول العلاقة مع "قوات سوريا الديمقراطية"، قال الرئيس الفرنسي أن بلاده لم تبتعد أبداً عن الكرد في سوريا ومن قاتل من الرجال والنساء ضد التنظيمات الإرهابية دفاعاً عن مصالحهم ومصالح فرنسا.
وفي سؤال حول ثقة الفرنسيين بالرئيس "الشرع" باعتباره قائد فصيل جهادي سابق، في ظل تعرض فرنسا سابقاً لهجمات إرهابية قام بها تنظيم "داعش"، قال إن سوريا أكثر من تعرض للإرهاب هي سوريا، ولا علاقة لهم (النصرة أو لاحقاً هيئة تحرير الشام) في أي عمل إجرامي حصل في أوروبا أو خارج سوريا.
وتابع: "نحن مارسنا كل أعمالنا القتالية بشرف وأمانة حتى تحررت سوريا، وأنقذنا المنطقة بأسرها من إرهاب محتم (...) وأثر الإرهاب الذي كان يمارسه النظام كان يصل أوروبا حتماً ومن ضمنها ما أصاب فرنسا بالسابق".
وفي رد على سؤال حول "شروط رفع العقوبات" أجاب "ماكرون" أن الدبلوماسية هي قوة أوروبا ولكن ما الذي تبدو عليه إن تشاركنا مع ذات المصالح، وما فعالية الدبلوماسية في فرنسا إن قلنا هؤلاء الأشخاص سيئين وهناك مباعث قلق أمنية وعليهم أن يكافحوا النفوذ الإيراني ولا يتعاونوا مع روسيا.
وأكد: "لا يمكننا العمل بهذا النهج من الدبلوماسية. هناك أطراف سياسية تريد قول أشياء لإرضاء ناخبيهم (...) نحن نعمل لتحقيق مصالحنا في هذا العالم غير الكامل. فهل المرحلة الحالية مثالية وهذا ما تحدثنا به مع الرئيس (الشرع)".
وأضاف متسائلاً: "هل ستحل كل المشاكل في سوريا خلال ال15 أيام القادمة أو الأشهر او السنوات القادمة، كلا! هناك دول مرت بحروب وثورات لكن المسألة تتطلب مسألة طويلة للتعافي خاصة بعد 15 سنة من الحرب حرب، وهناك قائد أتى ووضع حد لهذا النظام (...) وهو مستعد بهذه المسألة".
ورأى الرئيس الفرنسي أن هناك إجراءات سابقة اتخذتها الإدارة السورية الجديدة وأدت لنتائج والتزامات، كالنقاش مع لبنان وإعادة ترسيم الحدود وإجراءات لمنع تسليح "حزب الله" ومكافحة تنظيم "الدولة"، إضافة لتراجع بإنتاج الكبتاغون بحوالي 80 بالمئة، وتوقيع اتفاق مع "قسد".
وأردف: "إذاً كان هناك إجراءات اتخذت بالأشهر الماضية (من قبل الإدارة)، وهي ملموسة وخلال الأسابيع القادمة سنرى المسار الجديد"، مؤكداً أن لفرنسا لديها مصالح في سوريا متعلقة بأمنها بالمقاتلين الأجانب ومكافحة "داعش" و"حزب الله" و"لذلك هذا الحوار ضروري وبناء".
وأكد أنه ينتظر ما الذي سيحصل خلال الستة أشهر القادمة إذا تراجعت الأمور يمكننا إعادة تقييم الأوضاع، لكن من الأفضل أن نبقى إلى جانبهم لأنها تصب في مصلحة فرنسا".
وتعتبر زيارة "الشرع" إلى فرنسا هي الأولى إلى أوروبا بعد تعيينه رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية بعد "مؤتمر النصر" لفصائل معارضة سورية بعد سيطرة فصائل عملية "ردع العدوان" على العاصمة دمشق.