الخارجية السورية تستحدث "الأمانة العامة للشؤون السياسية" وسط جدل قانوني

الخارجية السورية تستحدث

تقارير وتحقيقات | 29 03 2025

روزنة

أعلنت وزارة الخارجية لدى حكومة تصريف الأعمال السورية، إحداث قسم جديد ضمن هيكلية الوزارة تحت مسمى "الأمانة العامة للشؤون السياسية".

ويأتي ذلك وفق القرار "بناء على مقتضيات العمل السياسي ومتطلبات المصلحة الوطنية العليا وتحقيقاً لأعلى معايير التنظيم، في إطار عملية تطوير وتحديث هيكلية العمل والكفاءة السياسية في المرحلة الجديدة وتعزيز دور المؤسسات الرسمية".

وتسرّب القرار قبل يومين وتداوله ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي وسط سيل من الانتقادات، وحتى الآن لم يعلن عنه عبر المعرفات الرسمية لوزارة الخارجية، لتؤكد وكالة "سانا" أمس الجمعة القرار.

ما مهام "الأمانة العامة للشؤون السياسية"؟

ووفق القرار الصادر بتاريخ 27 آذار الجاري، فإن "الأمانة العامة" ستتولى الإشراف على إدارة النشاطات والفعاليات السياسية داخل سوريا، وتنظيمها وفقاً للوائح والقوانين الناظمة، إضافة للمشاركة في صياغة ورسم السياسات والخطط العامة المتعلقة بالشأن السياسي.

كذلك ستعمل الأمانة، وفق القرار، على إعادة توظيف أصول "حزب البعث العربي الاشتراكي" وأحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" وما يتبع لها من منظمات ولجان منحلة، بما يخدم المهام والمسؤوليات السياسية والوطنية.

وتتمتع الأمانة العامة بموازنة مستقلة، ضمن الموازنة العامة للوزارة الخارجية، وتخضع لإشراف الجهات الرقابية المختصة، وفق القرار.

انتقادات واسعة

انتقد سوريون القرار الصادر عن وزارة الخارجية معتبرين أنه "أغلق باب النشاط العام السياسي" وجعله محصوراً فقط بيد "الأمانة العامة"، فيما تحدث محامون بأنه "لا علاقة لوزارة الخارجية بالشأن الداخلي".

المحامي حسان الأسود، قال لروزنة إن القرار "يشكل سابقة قانونية خطيرة، فهو يخالف النص القانوني الناظم لعمل الوزارة بما يعطيه الوزير لنفسه من صلاحية استحداث مؤسسات خارج إطار التكليف القانوني".

كما أن القرار يخالف طبيعة العمل المنوط بوزارة الخارجية باعتبارها الأداة التنفيدية التي تظهر سياسة الدولة مع المجتمعات الخارجية من دول ومنظمات دولية، وفق الأسود.

ويوضح أنه ليس من طبيعة عمل وزارة الخارجية النشاط ضمن مساحات العمل السياسي الداخلي الذي تقوم به عادة الأحزاب بشكل مباشر، وتشارك به هيئات أخرى من المجتمع المدني مثل النقابات والاتحادات والجمعيات بأشكال مختلفة أغلبها غير مباشر.

وتابع المحامي أن "من شأن هذا التغوّل على السياسة الداخلية من قبل وزارة الخارجية أن يضع قيوداً على الحريات السياسية والحريات العامة، لأن مؤدى ذلك العودة إلى نهج سابق كان يضبط فيه النظام البائد العمل بالشأن العام من خلال أدواته التسلطية كحزب البعث المنحل" وفق قوله.

كذلك اعتبر المحامي عارف الشعال، أنّ "قرار وزير الخارجية أسعد الشيباني بإنشاء هيكل سياسي يخضع لوزارته ويستخدم الأموال المصادرة لأحزاب الجبهة التي باتت من أملاك الدولة، يخالف المصلحة العامة التي تقتضي أن يتبع هذا الهيكل لجهة داخلية عليا كرئاسة الجمهورية، لا علاقة لوزارة الخارجية بها".

من جهته رأى المحامي ميشال شماس، "استحداث أمانة للشؤون السياسية داخل وزارة الخارجية أمر طبيعي لأجل تطوير العلاقات الدولية والسياسات الخارجية للدولة".

وتابع، لكن ليس من مهام الأمانة "التدخل في صياغة السياسات والخطط العامة المتعلقة بالشأن السياسي الداخلي و الإشراف على إدارة النشاطات والفعاليات السياسية وفقاً للوائح والقوانين الناظمة، فهذه الأمور تخضع للدستور والقانون هو الذي يحددها".

كذلك ليس من صلاحيات وزارة الخارجية التدخل في كيفية صرف الأموال العامة المصادرة من "حزب البعث" فهذا الأمر تحدده الحكومة، يضيف شماس.

وانتقد القانوني محمد صبرا، القرار واصفاً إياه بأنه "عبث قانوني يعيق بناء الدولة بسبب مخالفته ليس للقوانين النافذة، بل ولمخالفته للإعلان الدستوري المؤقت".

وأوضح صبرا أن القرار يخرج عن صلاحيات وزارة الخارجية المحددة في القانون رقم (20) للعام 2016 والذي لا يزال نافذاً بسبب عدم تعديله أو إلغائه.

وتابع أنّ "القرار تجاهل الإعلان الدستوري بالكامل، وتجاهل المرسوم 20 الذي يفترض أنه ينظم عمل وصلاحيات واختصاصات وزارة الخارجية والمحصورة طبقا للقانون بالشؤون الخارجية، وبتنظيم العلاقات مع الدول الأخرى وبرعاية مصالح السوريين في الخارج، وبالمساهمة برسم السياسة الخارجية للدولة".

وشدد المحامي أنّ "المصلحة العامة التي بنى الوزير قراره عليها، لا تتحقق إلا من خلال تنفيذ القانون وليس تجاهله.

أما المحامي أمير إبراهيم تريسي، قال إنه كان من "الأجدى على وزارة الخارجية بحسب اسمها ونطاق عملها أن تقوم بإنشاء هيئة عامة استشارية مهمتها تقديم المشورة والتوصيات لرسم السياسات الخارجية ووضع الاستراتيجيات الخاصة بالعلاقات الإقليمية و الدولية.

واعتبر تريسي أنّ "القرار صادر عن جهة لا تملك حق إصداره أصلاً وهو يمثل خروجاً صارخاً على قواعد الاختصاص والصلاحية و تعدياً فاضحاً على مبدأ الفصل بين الصلاحيات، و بالتالي فهو باطل بطلان مطلق ينحدر به الى درجة الانعدام" وفق قوله.

اقرأ أيضاً: أحمد الشرع يعين أسامة الرفاعي مفتياً عاماً لسوريا

‏وقال ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي إنّ الأساس القانوني للقرار و تأسيس الأمانة هو "مقتضيات العمل السياسي" و "متطلبات المصلحة الوطنية العليا" و هي مصطلحات مطاطة اعتاد عليها السوريون أيام "حزب البعث" وعلى استخدامها كحجّة للقمع والاستبداد.

الكاتبة السورية ريما فليحان، استنكرت عبر فيسبوك، القرار قائلة: الخارجية تشرف على العمل السياسي لماذا ؟! سوريا لا تحتاج فرع أمن سياسي مقنع تحت عنوان إداري، سوريا تحتاج حريات سياسية، حرية تشكيل الأحزاب وإقامة المنتديات".

ما مهام وزارة الخارجية السورية؟

حدّد المرسوم رقم (20) للعام 2016، مهام وزارة الخارجية والمغتربين.

وأولى مهام وزارة الخارجية السورية، تنسيق وتنفيذ السياسة العامة للدولة وتوجهاتها في شؤون السياسة الخارجية.

وممارسة جميع الشؤون والصلاحيات التي تتصل بالعلاقات الثنائية والدولية، ومعالجة القضايا العائدة للمواطنين السوريين والمصالح السورية في البلدات العربية والأجنبية.

أيضاً من ضمن مهام وزارة الخارجية، تنظيم تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي مع الدول العربية والأجنبية، وتمثيل الجمهورية العربية السورية في المنظمات والمؤتمرات والاجتماعات السياسية الدولية وإبداء الرأي في تمثيلها في الفعاليات الدولية غير السياسية .

والاشتراك في المباحثات والمفاوضات ذات الطبيعة السياسية والدبلوماسية لعقد المعاهدات والاتفاقيات الدولية واتخاذ جميع الإجراءات المؤدية إلى إبرامها وتنفيذها وإبداء الرأي في المعاهدات والاتفاقيات ذات الطبيعة الفنية أو الاقتصادية قبل تصديقها من قبل حكومة الجمهورية العربية السورية .

ووفق المرسوم رقم (20) تتولى الوزارة بصورة عامة ممارسة جميع الصلاحيات والاختصاصات التي تعود إلى علاقات الجمهورية العربية السورية بالدولة العربية والأجنبية .

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض