الحدود اللبنانية- السورية تشتعل… هل الحل بنشر قوات دولية؟

الحدود اللبنانية- السورية تشتعل… هل الحل بنشر قوات دولية؟

إدارة العمليات العسكرية في سوريا (قوات وزارة الدفاع السورية لاحقاً) - روزنة

تقارير وتحقيقات | 17 03 2025

باسكال صوما

معركة جديدة اندلعت على الحدود اللبنانية - السورية، وإن كانت ليست الأولى منذ سقوط النظام السوري السابق، وبدء التنازع على المنطقة التي يسيطر عليها "حزب الله" اللبناني وعشائر ومجموعات تحمل السلاح تدور في فلكه.

إلا أن المعارك التي اشتعلت أمس الأحد وامتدت حتى اليوم، قد تكون الأعنف والأكثر جدية، بين عناصر تابعين لـ"حزب الله" والجيش السوري المشكل حديثاً.

بدأت الأحداث بمقتل ثلاثة جنود سوريين الأحد، فاتهمت دمشق "حزب الل"ه بقتلهم، وهو ما نفاه الحزب.

وردًا على ذلك، قصفت القوات المنضوية في وزارة الدفاع السورية، مواقع داخل الأراضي اللبنانية، ما أدى إلى سقوط قذائف على بلدات لبنانية مثل القصر، الكواخ، سهلات الماء، وحوش السيد علي، ما أسفر عن قتلى وجرحى من الطرفين.

بالمقابل، تحدثت مصادر أخرى عن أن الاقتتال عشائري بامتياز ونشرت بعض وسائل الإعلام أن القصة بدأت بإشكال فردي وامتدت لتصبح اشتباكات بين مسلحين، يتولون عمليات التهريب الحدودية ضد الجيش السوري.

وفي هذا السياق، أشارت مديرية الأمن في حمص، إن عناصر من "حزب الله" دخلوا بالفعل إلى الحدود السورية وقتلوا ثلاثة جنود تابعين لوزارة الدفاع، بعد تعذيبهم وبعدها قاموا بسحبهم إلى داخل الحدود اللبنانية.

إلا أن "حزب الله" قد نفى في بيان أصدره أن يكون له علاقة بمقتل الجنود الثلاثة.

واليوم الاثنين، أكد مصدر أمني لبناني، مقتل لبنانيين خطفا من الأراضي اللبنانية وتمت تصفيتهما داخل الأراضي السورية، ما اعتبر "صباً للزيت على النار الحامية أصلاً".

ونشر ناشطون إعلاميون وشبكات إخبارية محلية سورية، مقاطع مصورة ترصد تعزيزات عسكرية وآليات ثقيلة أرسلت، ليل أمس، إلى مناطق الاشتباك والمعارك عند الحدود اللبنانية.

ومع تجدد المعارك وعودة "مشهد الدم"، كان على مشاهد النزوح أن تعود أيضاً، إذ نزحت مئات العائلات اللبنانية من شرق البلاد، بحثاً عن مكان آمن، لا سيما في ظل التخوف من أن تطول المعارك هذه المرة "وتؤدي إلى دم كثير".

وقد أعلن مصدر عسكري لبناني جراء ما يجري على الحدود، أن وحدات من الجيش اللبناني بدأت فجر اليوم بالرد على مواقع القصف في سوريا، بعد صدور أوامر من قيادة الجيش اللبناني بالرد بالمثل.

في هذا الإطار، يرى اسكندر خشاشو كاتب ومحلل سياسي لبناني، أنه "لا يمكن تبني رواية موحدة عن هذه الأحداث فهي منطقة متداخلة ببعضها البعض".

وأوضح عن طبيعة المنطقة: "هناك قرى تقع ضمن الأراضي السورية لكن سكانها لبنانيون يرتبط فيها الاستراتيجي والعسكري بالتهريب والعصابات، وأي حدث عادي يمكن أن يؤدي الى إشتباك كبير".

ويرى "خشاشو" أن التفاصيل المتوفرة حول الاشتباك والروايات المتضاربة لا تحدد إن حصل داخل الأراضي اللبنانية أو السورية، متسائلاً في الوقت ذاته: "إن كانت الشرارة بعد اشتباك على خلفية قضية سرقة أو دخول أراض بالخطأ، فهل يستحق هكذا ردود وفتح معارك؟".

وأشار أيضاً، حسب وجهة نظره "أن ما جرى بعد الحادث يمكن أن يفسر أكثر، فبلحظة توفرت الراجمات والصواريخ الثقيلة والطائرات المسيرة، ما يدل على أن التحضيرات و التحشيدات موجودة وهي بانتظار أي حدث مهما كان صغيراً لإشعال المنطقة".

أمن الحدود: ضبطنا معامل كبتاغون وعملة مزورة على الحدود السورية – اللبنانية

أمن الحدود: ضبطنا معامل كبتاغون وعملة مزورة على الحدود السورية – اللبنانية

ويضيف "خشاشو" أن الحدود خلال الأعوام السابقة كانت "تحت سيطرة (حزب الله) من الناحيتين اللبنانية والسورية ولو اختلفت التسميات، فهو بارع باعتماد توصيفات تبعد عنه الاتهام كـ(العشائر) في البقاع و(الأهالي) في الجنوب".

"وتعتبر هذه المنطقة هي الطريق الأبرز الذي كان يعتمده حزب الله لإدخال الأموال والأسلحة إلى لبنان بالإضافة إلى عمليات تهريب غير شرعية، وذلك لتوفّر البيئة الحاضنة للحزب على الجانب اللبناني بعكس الحدود التي تربط محافظة حمص بعكار شمالاً، أو محافظة دمشق بالبقاع الأوساط حيث لا بيئة حاضنة هناك"، حسب الكاتب.

ويرى "خشاشو" أن "إقفال هذا الشريان من الجانب السوري، أدى إلى تضييق الخناق على (حزب الله) وعلى المجموعات أو العصابات في المنطقة، وهذا ما لم يقبله الحزب فيواصل محاولاته لزعزعة الأوضاع وإبقاء المنطقة بحالة صراع أو فلتان مستمر، وعدم إعطاء فرصة لا للدولة اللبنانية ولا السورية للسيطرة على الحدود واقفالها".

أما عن إمكانية أن تستمر هذه المعارك لفترة طويلة فيقول خشاشو أن "حزب الله" والمتعاملين معه يدركون أن الدولة السورية لا تزال بمرحلة ضعف وهي لن تستطيع بمدة قصيرة السيطرة على الحدود الصعبة والمتداخلة مع لبنان.

لذلك، يستغل "الحزب" حسب الكاتب هذا الأمر حتى النهاية، ولن يعطي فترة راحة للجانب السوري لإقفال حدوده التي تعتبر خاصرة رخوة بإمكانه الاستفادة منها بأي لحظة، خصوصاً أنه لا يزال يمتلك العديد من مخازن الاسلحة المخبأة في سوريا، وما زالت شبكاته تعمل في الداخل السوري وهو بحاجة إلى هذا المنفذ.

"ولكن في المقابل، هناك مجموعات سورية وعصابات ومهربون من الجهة السورية يستغلون ضعف الدولة ويوجهون أعمالهم في تلك المنطقة، فتارة يتفقون مع (حزب الله) و طوراً يختلفون معه، وهذه طبيعة عمل العصابات وتوزيع المغانم"، يضيف.

بينها مواد التجميل.. التهريب من لبنان إلى سوريا في ذروته

التهريب إلى سوريا - sy-24

وبنظر خشاشو "الحل الأمثل والأقل كلفة على البلدين هو نشر قوات تابعة للأمم المتحدة تشبه اليونيفيل، لا تكون قوات فصل، إنما قوات دعم ومساندة لحماية الدولتين".

وطرح إعلاميون وسياسيون في الفترة الأخيرة مسألة إمكانية نشر قوات اليونيفيل على الحدود اللبنانية- السورية، لحل التفلت الحدودي الحاصل، لا سيما بوجود 27 نقطة خلافية على الحدود الشرقية، تمتد من الجنوب إلى الشرق ثم إلى الشمال، ومن بينها 17 نقطة خلافية تقع في محافظة بعلبك الهرمل.

كما أن تداخل الحدود وصعوبتها، يعزز عمل العصابات، علماً أن بعض القرى اللبنانية تقع داخل الحدود السورية ويقطنها لبنانيون منذ سنوات طويلة، وهي عوامل ساهمت في الفلتان الأمني بغياب الدولة، والتحالف الطويل بين "حزب الله" والنظام السوري السابق، والذي حوّل الحدود إلى معبر للسلاح والأشخاص والممنوعات.

بحسب المعطيات المتوفرة، أزمة الحدود اللبنانية- السورية لن تحلّ بالمدى المنظور نظراً لصعوبة ترسيم الحدود في الوقت الحالي، بخاصة أن معظم هذه الحدود هو معبر للتهريب والعصابات المدعومة والمسلّحة.

يبدو أن لبنان الخارج تواً من حرب مع إسرائيل، ليس جاهزاً حسب الوضع الراهن لفرض سطوة الدولة كلياً على الحدود وإبعاد "حزب الله"، فيما لا تزال الدولة السورية تعاني لفرض سيطرتها وحل مشاكلها الداخلية بعد سقوط النظام السابق.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض