تقارير وتحقيقات | 11 03 2025

ترافق ارتفاع العنف والجرائم المرتكبة في الساحل السوري خلال الأيام الأخيرة، بموجة كبيرة من خطاب الكراهية، على أرض الواقع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
علت أصوات كثيرة رافضة لـ"الخطاب التحريضي وخطاب الكراهية" ضد الطوائف أو ضد فئة محددة، معتبرين أنه "يهدّد السلم الأهلي"، في ظل تصاعد خطاب الكراهية مع تبرير أعمال العنف المرتكبة لدى نسبة من السوريين ورواد مواقع التواصل.
جاء ذلك، بعد مقتل عناصر الأمن العام ومدنيين في هجمات عناصر مرتبطين بالنظام السابق "الفلول"، تبعها ارتكاب جرائم وانتهاكات. ووفق تقارير إنّ الدوافع "انتقامية وطائفية" ضد المدنيين في قرى وبلدات الساحل، على يد عناصر يتبعون لوزارتي الدفاع والداخلية.
مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أشار إلى وجود تقارير عن "عمليات إعدام بإجراءات موجزة على أساس طائفي" من قبل جناة مجهولي الهوية، وعناصر من الأمن بحكومة تصريف الأعمال، إضافة لعناصر مرتبطين بالنظام السابق، في الساحل.
سوريون ينبذون خطاب الكراهية
طالب سوريون عبر استطلاع أجرته روزنة باتباع مجموعة إجراءات لمواجهة خطاب الكراهية والتحريض الذي زادت حدته مؤخراً.
تتلخص الحلول التي دعا إليها عدد من السوريين، عبر روزنة، في التوعية على أهمية العيش المشترك وكيفية التعامل مع الأطراف الأخرى المختلفة في المجتمع، من قبل منظمات المجتمع المدني، إضافة إلى تقبّل الاختلاف بين أفراد المجتمع السوري وأطيافه.
كذلك تقاطعت آراء الفئة المستهدفة في الاستطلاع، على ضرورة وجود قانون يجرّم خطاب الكراهية، مع الإسراع إلى اتخاذ خطوات من أجل البدء في ملف العدالة الانتقالية.
مشكلات عميقة
أحمد (اسم مستعار) دعا منظمات المجتمع المدني للتوجه إلى السوريين وتنظيم فعاليات توعوية حول كيفية تقبل الآخر وتحقيق العيش المشترك.
يقول لروزنة: "منذ 14 عاماً معظم السوريين لديه مشكلات نفسية، وما حدث مؤخراً هو ردود أفعال على أحداث جرت خلال السنوات الماضية".
ويضيف: "لذلك على المنظمات التوجه لتوعية كل من عاش أزمات نفسية لفترة طويلة حول كيفية التعامل مع الأطراف الأخرى المختلفة عنه" مؤكداً أنّ الوضع السوري حالياً "لا يسمح لأي شرخ جديد".
من جهته طالب سعيد (اسم مستعار) بالإسراع في بدء إجراءات العدالة الانتقالية وبكامل الشفافية، بهدف تخفيف الاحتقان الشعبي.
يقول لروزنة: "خطاب الكراهية متفشٍ بشكل كبير في سوريا، وهناك أسباب لذلك أحدها طبيعة حكم النظام السوري السابق لمدة تتجاوز الخمسين عاماً".
وبرأيه أنّ الحل لمواجهة خطاب الكراهية هو "الإسراع بإجراءات العدالة الانتقالية وعملية شفافة لمحاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات، بالتزامن مع إجراء تسويات ومصالحات داخل المجتمع السوري".
وطالبت الأمم المتحدة في تقريرها الصادر قبل يومين، بالإسراع في "عملية عدالة انتقالية شاملة مملوكة وطنياً، تشمل الجميع وتركز على الحقيقة والعدالة والمساءلة"، في ظل الارتفاع المستمر في خطاب الكراهية على شبكة الإنترنت وخارجها.
كذلك طالب سعيد بقانون رادع وعقوبة مشددة لكل من "ينتهك السلم الأهلي"، موضحاً أنّ هناك "تساهلاً بتناول خطاب الكراهية من كل فئات الشعب" وفق رأيه، والحل الوحيد "قانون يجرّم خطاب الكراهية ويطبق بشكل صارم".
ودعت أصوات سورية خلال الأيام الماضية إلى ضرورة تجريم الخطاب الطائفي وملاحقة جميع المحرضين على العنف وارتكاب الجريمة "في سوريا الجديدة".
وفي القانون السوري بالمادة رقم "216" يعد محرضاً من "حمل أو حاول أن يحمل شخصاً آخر بأي وسيلة كانت على ارتكاب جريمة"، إضافة لما جاء في المادة "217" أن "المحرض يتعرض لعقوبة الجريمة التي أراد أن تقترف سواء كانت الجريمة ناجزة أم مشروعاً فيها أم ناقصة".
ويشدد القانون السوري على أن التدابير الاحترازية تنزل بالمحرّض "كما لو كان فاعل الجريمة".
قد يهمك: "لنكن صوتاً للوئام لا للكراهية".. سوريون بمواجهة التحريض على العنف
الكلمة مهمة ومؤثرة
أما لمى (اسم مستعار) برأيها أن تكون التوعية بأهمية الكلمة وتأثيرها هي الأساس في مواجهة خطاب الكراهية، تقول لروزنة: "يجب أنّ يعلم الناس أنّ الهدف ليس الانتقام أوالتصعيد".
بينما دعت هيا (اسم مستعار) إلى "تقبل اختلافات بعضنا البعض" لنبذ خطاب الكراهية، قائلة: "نحن بحاجة لأن نتعرف على بعض ونعرف اختلافاتنا ونتقبّلها (...) يجب أن نعيش بطريقة صحية في دولة مدنية، بحيث يكون لكل شخص حقوق وواجبات واضحة".
وتتابع: "يجب أن نوحد رسالتنا وأهدافنا، على مبدأ الشعب السوري واحد".
وخلال الأيام الماضية، انتشرت شهادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول روح الوطنية والتعاون بين المدنيين السوريين أو عناصربـ"الأمن العام" والجيش في بانياس وجبلة وقرى وبلدات في اللاذقية، دون تأثر بالخطاب الطائفي والتحريضي الحاضر منذ عقود في البلاد.