حياة | 4 03 2025

"في سبيل المجد والأوطان"، نشيد عزفت موسيقاه وردده اللاعبون واللاعبات في أول ظهور رسمي لمنتخبات كرة القدم والسلة السورية بعد سقوط النظام السوري السابق، إضافة إلى رفع راية "الثورة السورية" (علم الاستقلال) واعتماد اللون الأخضر لزي اللاعبين.
وعزف النشيد في مشاركة سوريا ببطولة كأس آسيا للشباب لكرة القدم في الصين، ومشاركة منتخب الناشئات في بطولة غرب آسيا بالمملكة العربية السعودية، ومباريات منتخب كرة السلة في الدوحة بإطار التصفيات المؤهلة لكأس آسيا في جدة.
لاقت المقاطع المصوّرة المتداولة لعزف نشيد "في سبيل المجد" بمباريات كرة القدم والسلّة، تفاعلاً واسعاً مع رفع العلم ذو النجمات الثلاث، فيما اعتبره معلقون بأنها "تمثيل لسوريا الجديدة بعد انتصار الثورة وإسقاط النظام".
وعبّر أحد لاعبي منتخب كرة السلة بعد التأهل إلى نهائيات كأس آسيا في جدة، عن أن روحاً جديدة تسيطر على أجواء المنتخب لأنهم يشعرون بـ"تمثيل الوطن وليس خدمة الوطن"، وفق تعبيره.
وسط هذه الحفاوة والاستحسان خاصة مع فرحة ناشئات الكرة بوصافة بطولة غرب آسيا التي أقيمت في المملكة العربية السعودية، طرحت تساؤلات من سوريين حول اعتماد نشيد "في سبيل المجد" وعن الآليات المتبعة لاعتماده من اتحادي الكرة والسلة الدوليين.
روزنة توجهت بالسؤال لمسؤولين حول هذه النقطة التي أثيرت، وتقدم لكم الأجوبة التي وصلتها في المادة التالية.
اعتماد مؤقت
قال رئيس مكتب الألعاب الجماعية في الاتحاد الرياضي العام، فراس تيت، عند استضافته في برنامج سمعني سبورت " لقد تم اعتماد النشيد بشكل مؤقت حتى يكون بديلاً عن نشيد حماة الديار ومن كانوا يقدمون أنفسهم على أنهم حماة الديار فقاموا بتدمير الديار".
وأضاف: "النشيد الجديد (في سبيل المجد) تم استخدامه لفترة مؤقتة حتى تقرر الحكومة الجديدة نشيد وعلم البلاد الجديد في الفترة القادمة".
وحول الخطوات وآليات اعتماده رسميا، أوضح تيت بأن زملاءه في اتحاد الكرة لم يواجهوا صعوبات كبيرة في التواصل مع الاتحادات والمؤسسات المختصة من أجل تغيير النشيد والعلم "وكان هناك تعاون من قبلهم لتحقيق المطلوب".
طلب كتاب رسمي
توجهنا أيضاً بالسؤال إلى عضو اللجنة الستشارية في اتحاد كرة القدم، ابراهيم ياسين، فأكد أن أول تغيير للعلم كان على معرفات الاتحاد الدولي لكرة القدم من خلال اجتماع " اون لاين " جرى بين ممثل الاتحاد السوري لكرة القدم والاتحاد الدولي.
واتهم من سماهم "بعض أركان النظام رياضياً" بإجراء مراسلات وتدخلات و"نكوشات" حول العلم وتغييره واعتماده على المعرفات، ليخاطب الفيفا بعدها اتحاد الكرة عن طريق الأمين العام طالباً كتابا ًرسمياً من أجل العلم والنشيد ليعتمدا في كأس آسيا للشباب في الصين.
وأكد "ياسين" أن أمين اتحاد الكرة محمد مازن دقوري "عاد إلى الاتحاد الرياضي العام بما تم طلبه من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، وبدورهم السادة في الاتحاد الرياضي العام خاطبوا الإدارة السياسية (الجديدة) وحصلوا على الموافقة وتمت المراسلات بشكل مريح".
ماذا نعرف عن "في سبيل المجد"؟
يعود نسج كلمات "في سبيل المجد والأوطان" إلى العشرينيات من القرن الماضي في فترة الاستعمار الفرنسي على سوريا، حيث اشتهرت تلك السنوات بإنجاز العديد من الأغاني والأناشيد الوطنية منها موطني وبلاد العرب أوطاني.
وكتب كلمات "في سبيل المجد" الشاعر عمر أبو ريشة وقام بتلحينها الأخوين محمد وأحمد فليفل اللذين لحنا أغلب الأناشيد والأغاني الوطنية السورية في تلك الفترة.
عمر أبو ريشة من مواليد العام 1908 في عكا الفلسطينية موطن والدته، وكان والده السيد شافع أبو ريشة قائم مقام حلب، عاش طفولته في مدينة منبج في ريف محافظة حلب.
"أبو ريشة"، من أكبر شعراء وأدباء العصر الحديث، عمل سفيراً لسوريا في عدة دول أبرزها تشيلي واليابان والولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين ، توفي في المملكة العربية السعودية عام 1990 ومن ثم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه في حلب.
وماذا عن "حماة الديار"؟
قبل سقوط النظام السابق كان نشيد "حماة الديار عليكم سلام" هو النشيد المعتمد لدى المؤسسات الرياضية الرسمية والدولية بالإضافة إلى العلم الذي يتوسطه نجمتين خضراوتين.
وكان نشيد "حماة الديار" رسمياً للبلاد منذ العام 1938 وهو من تأليف الشاعر خليل مردم بك وتلحين الأخوين فليفل، تخللها فترة عدم اعتماد في سنة 1958 بفترة الوحدة مع مصر، ليعود نشيداً لسوريا في سنة 1961 بعد الانفصال عن الاتحاد.
ولم يعزف أي مرة حتى الآن، نشيد لسوريا في الزيارات الخارجية لرئيسها في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، كما لم نرصد أي عزف في مناسبات سياسية رسمية بعد سقوط النظام السابق وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ويبقى تحديد العلم هو أمر دستوري واعتماد النشيد وشعار الجمهورية لقانون، إذ ورد في دستور 1950 أن العلم السوري هو ما يعرف بعلم الاستقلال "علم الثورة" ذو النجمات الثلاث الحمر، لكن ترك تبيان شعار الجمهورية ونشيدها الوطني بقانون منفصل.
وفي دستور 2012 أيضاً حدد العلم السوري بأنه ذو النجمتين الخضر وختمت المادة أيضاً بعبارة "يبين القانون شعار الدولة ونشيدها الوطني والأحكام الخاصة بكل منهما".
ويبقى اعتماد العلم والنشيد مؤقتاً، إلى حين اعتماد الأول دستورياً وإصدار قانون حول النشيد، وسط حالة جدل متعلقة بالنشيد وإن كان يمثل النظام السابق ويجب تغييره "لأنه ارتبط بقواته وجرائمها المرتكبة"، أم أنه معتمد منذ الثلاثينات لسوريا ولا علاقة له بالأسد.