اعتقال بسام ضفدع "الشيخ الذي طعن الغوطة الشرقية".. ما قصته؟

اعتقال بسام ضفدع

تقارير وتحقيقات | 30 01 2025

إيمان حمراوي

اعتقلت "إدارة الأمن العام" في سوريا، الشيخ بسام ضفدع في الغوطة الشرقية بريف دمشق، المتّهم "بخيانة فصائل المعارضة" لصالح قوات النظام السابق عام 2018، متسبّباً باعتقال ومقتل الكثير من معارضي النظام حينها، وفق الاتهامات.

وانتشرت مقاطع مصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أمس الأربعاء، تظهر اعتقال عناصر "الأمن العام" التابع لوزارة الداخلية السورية، للشيخ "ضفدع"، وسط تجمهر الأهالي حوله، ليرد الأخير "نحن أخوة في الله".

و في مقطع مصور يوثق اعتقاله، حاول "ضفدع" شرح موقفه بالقول إنه كان يسعى لحمايتهم عند مصالحته النظام، قبل أن يقاطعه العناصر ويصفعه ما يرجح أنه أحد القياديين ويدعى "أبو أحمد"، بينما ظهر في مقطع آخر في مقر أمني وعناصر تهتف من حوله.


وبعد سنوات من حصار الغوطة الشرقية، بدأ النظام السابق مطلع 2018 بشن حملة عسكرية مكثفة بهدف السيطرة على بعض المناطق ابتداء من حرستا وصولاً إلى كفر بطنا وسط الغوطة، التي كان يوجد فيها "الشيخ ضفدع" ومواليه، وهنا عقد مصالحة مع النظام.

وبرّر الشيخ، في أحد الفيديوهات بعد اعتقاله، مصالحته مع النظام السابق "بهدف حماية أهالي الغوطة"، ليقول له العنصر: "هناك ناس قتلت وماتت واعتقلت، دماؤها برقبتك".

وأبدى بعض أهالي الغوطة الشرقية ممن تواصلت روزنة معهم، ترحيبهم باعتقال "ضفدع"، مؤكدين أنه "طعن بأهالي الغوطة" بخيانته لهم واتفاقه مع النظام السوري السابق ضد المعارضين السوريين والفصائل المعارضة، حسب تعبيرهم.

إحدى صفحات "الغوطة الشرقية" على فيسبوك، علقت على أمر اعتقاله بقولها: "إنه خبر يفرح الكثيرين من أبناء الغوطة الشرقية، وبخاصة بعد سنوات من استغلاله للدين لتبرير الجرائم والفساد".

من هو "الضفدع" وماذا فعل؟

الشيخ بسام ضفدع من أهالي بلدة كفربطنا في الغوطة الشرقية، عاش سنوات الحصار، وفي عام 2018 اتفق مع قوات النظام السابق وساهم بتقدمه في البلدة، كما ساهم باعتقال المناهضين للنظام على جبهة كفر بطنا، وفق اتهامات ناشطين محليين.

حسّان أحد أهالي الغوطة الشرقية، قال لروزنة: "فرحت باعتقال الشيخ الضفدع أكثر مما سرني خبر تعيين أحمد الشرع رئيساً لسوريا في الفترة الانتقالية أمس الأربعاء"، وفق تعبيره.

وعن "خيانة" ضفدع لأهالي كفربطنا والغوطة الشرقية، أوضح حسّان، أنه استغل كونه شيخ جامع في كفربطنا، وله عدد كبير من المريدين والتلاميذ، لينخرط في الحراك المسلح ويشكل فصيلاً، ورغم ذلك، تحولت مسيرته ليصبح أحد أبرز الوجوه المثيرة للجدل في الغوطة.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن ضفدع استقطب 400 عنصراً ممن انشقوا عن فصيل "فيلق الرحمن" للقتال معه بالتزامن مع دخول قوات النظام السابق إلى الغوطة الشرقية. 

عندما استعاد النظام سيطرته على الغوطة الشرقية مطلع عام 2018، أصبح ضفدع "رمزاً لتقسيم المنطقة".

وعن التفاصيل، يشرح حسان: "كانت المنطقة مقسمة إلى ثلاث قطاعات: قطاع حرستا، والقطاع الأوسط (الذي ضم كفربطنا، عربين، سقبا، حمورية، بيت سوا، ومسرابا)، وقطاع دوما".

ويتابع: "في تلك الفترة الحرجة، وبعد خروج المدنيين من قطاع حرستا عبر باصات التهجير في عام 2018، سعى ضفدع إلى منع أهل المنطقة من مغادرة كفربطنا التي تتوسط الغوطة الشرقية".

وتوصلت فصائل المعارضة السورية المسلحة، في آذار عام 2018 لاتفاق مع النظام السابق بضمانات روسية، يقضي بإخراج المقاتلين والمدنيين من مدينة حرستا بالغوطة الشرقية، بهدف استعادة المنطقة المحاصرة منذ سنوات.

ويضيف حسان: "بدلاً من توجيه الضفدع وعناصره السلاح نحو قوات النظام، قام بتوجيهه نحو المدنيين، منعهم من التوجه إلى باصات التهجير، ومن محور وجوده سمح لقوات النظام بالدخول إلى القطاع الأوسط (...) تلك الخطوة اعتبرت طعنة مؤلمة في قلب الغوطة".

ووفق شهادته: "كان سكيناً بقلب الغوطة، ويعتبر أول من رفع علم النظام في أراضي الغوطة".

وفي الـ 18 من آذار 2018 سيطرت قوات النظام السابق على مدينة سقبا وأجزاء من كفربطنا في الغوطة الشرقية، وفق تقارير إعلامية.

"تسبب ضفدع في مقتل واعتقال وموت الكثير من الشباب" يختم حسان حديثه مع روزنة.

وكانت قوات النظام حصرت خروج المدنيين من كفر بطنا إلى العاصمة دمشق، بمهمات أمنية عن طريق الشيخ بسام ضفدع، بحسب تقرير لـ"عنب بلدي" في نيسان 2018. ونقلت عن مصادر محلية أن "ضفدع" هو المسؤول عن تقديم هذه المهمات.

ولاحقاً دخلت قوات النظام السوري مدينة دوما منتصف عام 2018 بعد حصار دام ست سنوات، وحملة عسكرية عنيفة، انتهت بتهجير فصائل المعارضة وسكان المدينة الرافضين لـ"التسوية"، إلى الشمال السوري، ومن رفض التهجير بقي في المدينة.

كان مشهوراً وذو شعبية

بسام ضفدع كان مشهوراً آنذاك في الغوطة الشرقية وكفر بطنا، وله شعبية، استطاع أن يقنع الأهالي بعدم القتال مع الفصائل، يقول سامي، أحد سكان الغوطة، لروزنة.

وأضاف: "عندما رأى الضفدع قوات النظام وصلت إلى جسرين المجاورة لكفر بطنا، خرج في خطاب عبر فيديو على الانترنت، معلناً فيه تبعيته للنظام السوري".

ويتابع: "هناك شباب أعرفهم، أصيبوا بسببه وبسبب فصيله، الذي انقلب لتوجيه السلاح باتجاه أهالي المنطقة، فأصبح عدواً للمعارضة (...) سقطت كفربطنا بيد النظام بسببه، ووصل فصيله إلى عين ترما".

الضفدع كان مؤمناً بالثورة!

وتؤكد مها، شابة كانت تعيش في الغوطة خلال سنوات الحصار، وتربطها علاقة بالشيخ بسام ضفدع، الذي كان شيخ والدها، ما جاء على لسان حسان بأنه اتفق مع النظام السابق.

وتقول لروزنة: "كان الضفدع إنساناً مؤمناً بالثورة، لم يقتل أحداً طوال حياته وكان دائماً يحمي أعراض الناس".

وتضيف: "لكن قبل شهر من اقتحام النظام للغوطة عام 2018 ، وصلته تهديدات من النظام السوري السابق مضمونها: إذا ما وقفت معنا وسلمت الغوطة، رح نحرقها كلها ونقتل الرجال والنساء والأطفال، ولن نترك مخلوقاً على وجه الأرض".

التهديدات التي وصلت "الضفدع" هي ما دفعته للوقوف ضد الفصائل وأهالي الغوطة الشرقية في تلك الفترة"، توضح مها.

أحمد، أحد أهالي الغوطة الشرقية، يقول لروزنة إنّ "الضفدع انقلب ضد الثوار لصالح النظام السوري، وعندما دخلت قوات الأخير إلى كفر بطنا، توجه معها الضفدع وصولاً إلى منطقة عين ترما في الغوطة".

في المقابل هناك من دافع عن الضفدع وطالب بإطلاق سراحه، قائلاً إنه سعى لحماية أهالي المنطقة من خلال المصالحة.

وخرج ضفدع لاحقاً عبر شاشات القنوات الموالية للنظام السابق، وادعى أن "الثورة السورية" ما هي إلا  مؤامرة دبرت للبلد.

وشهدت الغوطة الشرقية بريف دمشق واحدة من أكثر الفصول دموية في المعارك، حيث خضعت لحصار خانق فرضته قوات النظام السابق وحلفاؤه بين عامي 2013 و2018، ووصفتها الأمم المتحدة آنذاك بأنها "جحيم على الأرض".

و أدى الحصار إلى نقص حاد في الغذاء والدواء، مما تسبب في أزمة إنسانية خانقة، تفاقمت مع استمرار القصف المدفعي والجوي، الذي استهدف الأحياء السكنية والبنية التحتية، وأسفر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى.

في مطلع عام 2018، شنت قوات النظام السابق بدعم روسي وإيراني حملة عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة على الغوطة الشرقية، تخللتها ضربات جوية مكثفة واستخدام أسلحة محرمة، منها الهجمات الكيميائية المزعومة في دوما.

أدت هذه الحملة إلى انهيار الفصائل المعارضة وانتهت بفرض اتفاقات تهجير قسرية، نقل بموجبها آلاف العناصر والمدنيين إلى شمال سوريا، بينما أعادت قوات النظام بسط سيطرتها على المنطقة بالكامل، وسط إدانات دولية وصمت من المجتمع الدولي.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض