أهالي حلب يشتكون من الانفلات الأمني: أين الشرطة ودوريات الأمن؟

أهالي حلب يشتكون من الانفلات الأمني: أين الشرطة ودوريات الأمن؟

تقارير وتحقيقات | 29 01 2025

إيمان حمراوي

تشهد مدينة حلب حالة من الفوضى الأمنية، حيث أصبح الخوف من السرقة والخطف والاعتداءات جزءاً من الحياة اليومية للسكان. ويرجع العديد من الأهالي هذا "الانفلات الأمني" وفق وصفهم، إلى النقص الحاد في أعداد الشرطة والدوريات الأمنية، مما ترك فراغاً استغلته جماعات مسلحة وعصابات إجرامية.

وفي ظل غياب الأجهزة الأمنية الكافية، لجأ بعض السكان إلى تشكيل لجان أهلية لحماية أحيائهم، في محاولة يائسة لتعويض غياب الدولة عن دورها الأساسي في حفظ الأمن، في ظل مناشدات بتكثيف أعداد الشرطة بما في ذلك شرطة المرور والدوريات الأمنية.

حلب تحت رحمة الفوضى

"نخاف الخروج من المنزل، خطف وسرقات وانعدام أمان، وكأننا في مدينة مافيات" تصف زهرة المقيمة في حي بستان القصر، حال المدينة الجديد منذ شهرين في ظل "عدم كفاية الجهاز الأمني لضبط الوضع وحماية المدنيين"، وفق قولها.

"أصبحنا نخاف من خيالنا، دوريات الأمن والشرطة لم نراها منذ أكثر من شهر ولا نعلم ما السبب"، وتطالب زهرة حكومة تصريف الأعمال السورية بـ"إعادة الأمان" إلى مدينتها.

وقبل سقوط النظام السوري السابق كانت يعاني أهالي المدينة من الخطف والسرقات والجرائم، لكن مع إعلان الإدارة السورية الجديدة، حل الأجهزة الأمنية، بما في ذلك جهاز الشرطة، ازدادت الجرائم من قبل مرتكبيها، في استغلال للوضع الحالي بالتزامن مع انعدام نشر عناصر الأمن والشرطة.

وتروي زهرة لروزنة، حادثة حصلت معها قبل أيام، ربما كانت تودي بحياتها، تقول: "خلال عودتي سيراً من منزل عائلتي إلى منزلي، كانت تسير بالقرب مني سيارة مفيّمة، حاولت الاقتراب مني، خفت كثيراً ولم أعرف ماذا أفعل، ظنوا أني وحيدة، ليخبرني زوجي الذي يسير أمامي بالإسراع والالتحاق به، عندما رأوه غادروا بسرعة".

تضيف بخوف وقهر: "اعتدنا على كل شيء، لكننا الآن نعيش في انتظار الموت، والدي اختُطف وبعدها انتهى به الأمر في صيدنايا، عشنا الخوف واللوعة، والآن نخشى من الخطف مجدداً".

اقرأ أيضاً: مفوضية اللاجئين: 30 في المئة من السوريين يريدون العودة إلى بلادهم

وأعلنت محافظة حلب عبر منصة "تلغرام" اليوم الأربعاء، القبض على خلية خطف داخل مدينة حلب كانت تبتز الأهالي وتهددهم بالسلاح.

وأشارت زهرة إلى ظاهرة انتشار السيارات المفيّمة: "كل سيارات حلب أصبحت مفيّمة، وهذا الأمر يثير الخوف. لماذا يُسمح بهذا؟ أين دوريات الأمن والشرطة؟".

وكانت وزارة الداخلية لدى حكومة النظام السابق أصدرت عام 2019 قراراً سمحت بموجبه بـ"تفييم" السيارات تحت عدة شروط ومقابل مبالغ مادية، أبرز الشروط أن يكون سجل الشخص الجنائي نظيف وخال من أية سوابق، وفق إذاعة "شام إف إم" المحلية.

هذا الواقع يعكس تحديات أمنية كبيرة يعيشها سكان المدينة، وسط تساؤلات عن غياب السلطات الأمنية وترك المجال لمظاهر تزيد من التوتر والخوف.

وتواصلت روزنة مع الأمن العام في مدينة حلب للاستفسار عن الوضع الحالي للمدينة والشرطة وخطتهم لضبط الوضع الأمني، دون وصول رد منذ أكثر من 24 ساعة.

وتسعى "حكومة تصريف الأعمال السورية" لتدريب دفعات جديدة من الشرطة، حيث تخرجت دفعة أولى من المتطوعين في جهازي الأمن والشرطة بمحافظة دمشق، منتصف الشهر الجاري، بينما يظل استقرار الأمن تحدياً كبيراً.

وبعد سقوط النظام في 8 كانون الأول الفائت، تعرضت معظم مراكز الشرطة في العاصمة للنهب، وتم تدمير المعدات والسجلات. وقد أعيد فتح نصف المراكز تقريباً، ولكن بموظفين أقل بكثير مما كانوا عليه سابقاً، وفق تقرير لوكالة "رويترز".

قد يهمك: "لسّاتها مستحيلة"... سوريون عاجزون عن العودة بسبب الدمار وغياب الأمن

مناشدات ومطالب

وناشد عشرات المدنيين من أهالي مدينة حلب عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الفائتة، "حكومة تصريف الأعمال السورية"، بإعادة ضبط الأمان.

وتلخّصت مطالبهم بـ"تكثيف عناصر الأمن في شوارع المدينة لإيقاف القتل والخطف والسرقات واستعادة الأمان"، ومنع تواجد السيارات "المفيّمة"، ومساءلة أصحابها.

"سرقات غير طبيعية، الدراجات النارية المختصة بالسرقات أرهقت الأهالي"، يقول محمد، شاب مقيم في حي صلاح الدين لروزنة.

ويشرح محمد الوضع الأمني قائلاً إنه يوجد "القليل من عناصر الأمن الموزّعين في المدينة لكن ذلك غير كافٍ للحفاظ على أمن وأمان مدينة كبيرة كحلب (...) قبل أيام سرقت سيارتي من أمام المبنى الذي أقيم فيه، أطالب باستعادة حقي ومعاقبة السارقين والمجرمين".

وطالب محمد المسؤولين بإقامة حواجز أمنية في مختلف المناطق: "لن تزعجنا الحواجز، نريد أن نشعر بالأمان قليلاً، الفلتان الأمني لا يوصف".

وقبل أسبوع، تعرّض زوجان في مدينة حلب للسرقة من قبل مجهولين انتحلوا صفة أمنية، وظهر الزوجان في فيديو مصوّر أكدا خلاله أنّ الأمن العام التابع لـ"حكومة تصريف الأعمال السوري" أعاد المسروقات لهما.

من جهتها تقول سمر، المقيمة في حي حلب الجديدة، لروزنة، إنها "منذ نحو شهرين حتى اليوم لم تر أي دوريات أمنية في المنطقة، ولا حتى عناصر شرطة، نزلوا كم يوم واختفوا" وفق قولها.

وكان رئيس الاستخبارات العامة، أنس خطاب، لدى حكومة تصريف الأعمال السورية، صرّح أواخر العام الفائت، أنّه سيتم إعادة تشكيل المؤسسات الأمنية من جديد بعد حل كافة الأفرع وإعادة هيكلتها، معتبراً أنّ الأفرع الأمنية بتنوعها لم يقم أي منها بدوره المنوط فيه، ألا وهو حفظ الأمن وإرساء الأمان، بحسب وكالة "سانا".

في المقابل يطالب عناصر الشرطة المفصولين، التابعين لوزارة الداخلية لدى النظام السابق، بإعادتهم إلى العمل.

ومساء الأربعاء الفائت، خرجت مظاهرة لعناصر الشرطة اعتصموا في ساحة الأمويين بدمشق احتجاجاً على فصلهم من عملهم، مؤكدين أنّ "وظائفهم كانت تقتصر على حفظ الأمن وملاحقة المطلوبين للعدالة في القضايا الجنائية، وأنهم أصحاب خبرة في ضبط الأمن وملاحقة الخارجين عن القانون".

لجان أهلية… هل تكفي لضبط الأمن؟

وفي ظل غياب دوريات الأمن، تشير سمر إلى أنّ أهالي الحي شكّوا لجنة أهلية لحراسة منطقة حلب الجديدة.

وعن آلية عمل اللجنة، تقول سمر: "كل ثلاثة شباب كمثال يحرسون شارعاً، وفي حال حدوث شيء يخبرون بعضهم البعض عبر مجموعة على الواتساب، فهم يعرفون وجوه أبناء الحارة وسياراتهم، وما إن وجدوا سيارة أو دراجة نارية غريبة أو أي أمر مريب، يتواصلون مع بعضهم ويسارعون لإيجاد حل ما، كما حدث منذ فترة حيث قبضوا على لص قرب منزلنا وسلموه للأمن".

وتوضح: "مناطق الزهراء والحمدانية وحلب الجديدة غربي حلب تكثر السرقات وعمليات الخطف".

وقبل أيام خطف شاب تحت السن القانوني في حي الزهراء، من قبل مجهولين في سيارة مفيّمة، سرقوا منه هاتفه وما معه من أموال ورموه في الشارع، تقول سمر.

وضع كارثي

اعتبر أهالي مدينة حلب أنّ "الوضع أصبح كارثياً"، وأطلقوا وسوماً عديدة تحت عنوان: "بدنا الأمان لحلب" و"أوقفوا عمليات الخطف" و"نريد تكثيف دوريات الأمن"، وطالبوا الأمن العام بإظهار وجوههم وإلغاء اللثام وذلك بسبب عدم القدرة على التمييز ما بينهم وبين المجرمين الملثّمين.

أحمد، شاب من مدينة حلب، يقول لروزنة: "الخطف ازداد خلال الأيام الأخيرة بشكل كبير، يجب أن تعود الشرطة إلى عملها بأسرع وقت ممكن".

وأضاف: "الأمن حالياً خط أحمر أهم من التصفيات ومتابعة فلول النظام السابق واستقبال الوفود (...) الأمن ومن ثم كل شيء يأتي بعده".

ودفع الوضع الأمني غير المستقر الأهالي بالتزام المنازل قدر الإمكان، "حلب التي لم تكن تنام حتى بعد منتصف الليل، أصبح أهلها يلتزمون منازلهم بعد الساعة الثامنة خوفاً على أنفسهم وعلى عائلاتهم من أي أذى محتمل" تقول مها سيدة مقيمة في حي سيف الدولة بمدينة حلب، لروزنة.

"كل يوم نسمع بجريمة مختلفة، لم نعد نعرف طعماً للحياة، وكأننا نعيش في غابة" وتضيف: "أصبحت لا أخرج من منزلي إلا للضرورة، وحتى أطفالي لا أسمح لهم بالخروج إلا مع والدهم أو معي (...) الوضع أصبح لا يحتمل ويحتاج إلى التدخل الأمني السريع".

وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لشخص من مدينة حلب، يروي خلاله حادثة اعتداء من قبل مجموعة مسلّحة ادّعت أنها من "إدارة العمليات العسكرية" على عدد من المدنيين، يقول: "صفّوا العالم على الحيط، وجوهنا على الحيط، وضربوني وضربوا العالم".

وعند الذهاب لتقديم شكوى في قسم شرطة الشهباء، لم يتلق أي نتيجة، يقول: "لمن نشتكي؟ جاؤوا ملثمين، عددهم نحو 40 شخصاً، وبدؤوا بضرب الناس وإطلاق الرصاص العشوائي".

جريمة قتل

قبل أيام تداولت صفحات على فيسبوك، خبراً عن مقتل شاب في منطقة الأنصاري بمدينة حلب، يدعى "منير سيخ" يبلغ من العمر 28 عاماً، قيل إنه اختطف من قبل مجهولين (5 أشخاص) يقودون سيارة ومعهم دراجة نارية، وعندما قاوم قتل، نقلاً عن أحد جيرانه.

ووثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" مقتل الشاب منير في الـ 25 من الشهر الجاري إثر إصابته بطلق ناري، في حي الأنصاري، فيما لم تتمكن من تحديد الجهة المسؤولة عن قتله.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض