تقارير وتحقيقات | 24 01 2025

"إعدامات ميدانية واعتقال وسرقات وتخريب منازل" مجموعة انتهاكات ارتكبتها فصائل مسلّحة بحق أهالي قرية مريمين شمال غربي حمص، ليخرج على إثرها، اليوم الجمعة، مظاهرة شعبية غاضبة طالبت بمحاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات والقصاص العادل.
وتعمل "إدارة العمليات العسكرية" التي دخلت دمشق في 8 كانون الأول الفائت، على تنفيذ حملات لملاحقة ما تصفه بـ"فلول النظام البائد" والبحث عن السلاح في مختلف المحافظات السورية، وسط تقارير صادرة عن المرصد السوري لحقوق الانسان عن انتهاكات بحق الأهالي والمدنيين وغيرهم.
"نحن هنا لحمايتكم" يقول أحد القادة الأمنيين لدى "إدارة العمليات العسكرية" في مقابلة نُشرت عبر منصة "تلغرام"، قبل يومين، موضحاً أنهم يعملون على ملاحقة "فلول النظام السابق" في غربي حمص، حيث اعتقلوا عدداً كبيراً من الضباط الفارين الرافضين للتسوية.
وطالب من الأهالي أن يكونوا عوناً لهم في الحملة.
انتهاكات واسعة
وأصدرت "مجموعة السلم الأهلي" حمص، بياناً، اليوم الجمعة، اتهمت فيه "إدارة العمليات العسكرية" في ارتكاب مجموعة انتهاكات بحق أهالي ريف حمص الغربي، في إطار حملة عسكرية نفذتها بهدف الوصول إلى مطلوبين وضبط السلاح في المنطقة.
ووثقت "السلم الأهلي" مجموعة انتهاكات رافقت الحملة وصفتها بـ"غير المبررة"، وقالت إنه بحسب شهود محليين، قتل 13 شخصاً وهم عزّل في حالات مختلفة ضمن الحملة.
إضافة إلى قيام بعض الجهات العسكرية باحتجاز أبناء المطلوبين كوسيلة ضغط على آبائهم لتسليم أنفسهم، وتعرض عدد كبير من المدنيين للإهانة والإذلال أمام عائلاتهم، وحالات اعتداء جسدي وسرقة ممتلكات ثمينة ومواشي.
ووفق شكاوى مواطنين لـ"مجموعة السلم الأهلي" في قرى "عرقايا، الشنية، حداثة، والهرقل" غربي حمص، هناك عدد من الإصابات بين المدنيين جراء استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
من جهته قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إنّ قرى وبلدات في ريف حمص يقطنها أبناء الطوائف "العلوية والشيعية والمرشدية" شهدت عمليات تصفية ميدانية خلال 72 ساعة الماضية، نفذتها مجموعة مسلحة محلية تعمل تحت قيادة "إدارة العمليات العسكرية".
ووثق "المرصد السوري" خلال 72 ساعة الماضية، 10 جرائم، راح ضحيتها 22 شخصاً، معظمهم جرى تصفيتهم على يد مجموعات مسلحة، دون تحديدهم.
الانتهاكات طالت المناطق والقرى في "حي الوعر بحمص وبلدة الغور الغربية وقرية الشنية شمال غربي حمص، وفي قريتي الغزيلة الغربية والحمام غربي حمص، وفي قرية تسنين شمالي حمص.
اقرأ أيضاً: هدوء بعد تظاهرات في الساحل السوري.. ومحافظ اللاذقية: "ملتزمون بالسلم الأهلي"
رواية محلية: "ضربوا شبابنا وأذلوهم"
في قرية مريمين شمال غربي حمص، ظهر أمس الخميس، دخلت فصائل مسلّحة بـ "الدوشكا والرشاشات" المنطقة، وبدأت بتفتيش منازل القرية التي ينتمي أهلها للطائفة المرشدية والعلوية، وفق مصادر محلية لروزنة.
أحد الأشخاص رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال لروزنة، إنّ معظم العناصر الذين دخلوا القرية أساؤوا معاملة الأهالي "فتشوا المنازل وسرقوها وضربوا الشباب ضرباً مبرحاً أمام عائلاتهم".
ويضيف: "أعدموا شاباً بشكل ميداني أمام عائلته كان ملتحقاً بالأمن لدى قوات النظام السابق (...) واعتقلوا الكثير من الشباب ممن كانوا في الشرطة والجيش، مع ضربهم بشكل مبرح".
وقال "المرصد السوري" في تقريره، اليوم الجمعة، إنّ أربعة أشخاص قتلوا وأصيب اثنان في قرية مريمين برصاص مسلحين مجهولين، اعتدوا على المصابين ببعض الشتائم اللفظية والجسدية عند رفضهم إزالة صور مراجعهم الدينية.
ولم تكتفِ تلك العناصر بذلك بل سرقت المنازل ودمرت أثاثها، يقول المصدر لروزنة: "سرقوا من منزل قريبي 12 عبوة زيت كبيرة، كذلك سرقوا 11 مليون ليرة سورية (نحو 850 دولاراً) وسرقوا من منزل آخر 20 ألف دولار (260 مليون ليرة سورية)".
كذلك وجه العناصر الأسلحة باتجاه رؤوس عدد من الشباب مهدّدين أمهاتهم بقتلهم أو تسليمهم ما بحوزتهم من ذهب.
ويتابع المصدر: "لا يوجد في كامل القرية ضابط كبير، وعدد الملتحقين بالجيش قليل، فيما قسم كبير منها من المعارضين للنظام السابق".
ويشير المصدر إلى أنّ العناصر أنزلوا صور رموز الطائفة المرشدية مثل صورة سلمان المرشد وطلبوا من الأهالي أن يقفوا فوقها، مع علمهم أنها من المقدسات لديهم، ومن لم يرضَ بفعل ذلك تعرّض للضرب الشديد.
صورة من مصدر محلي في مريمين، قال إنها لأحد العناصر خلال تعذيبه لشخصين
مظاهرات تطالب بالقصاص
انتفض الأهالي بعد ارتكاب تلك الانتهاكات وخرجوا اليوم في ساحة مريمين، إضافة لأهالي العديد من المناطق المحيطة، بمظاهرة منددة بما حصل طالبت بالقصاص ومحاسبة الفاعلين.
وعلى إثر ذلك أرسل محافظ حمص وفداً إلى القرية وعد بمحاسبة الفاعلين واسترجاع ممتلكاتهم التي سرقت.
وأشار المصدر لروزنة إلى أنّ الفصائل التي دخلت هي فصائل "أبو خالد وأبو سياف وأبو سفيان" ونفى المحافظ معرفته بهم، وهو ما أثار غضب الأهالي.
ولفت إلى أنّ مجموعة قليلة من العناصر ممن دخلوا المنازل وخرجوا منها بأدب دون أي تصرف مسيء.
كذلك قالت سيدة من مريمين، لروزنة إنّ عناصر لا يعلمون تبعيتهم، دخلوا القرية وفتشوا المنازل وأنزلوا صور سلمان المرشد مؤسس الطائفة المرشدية، واعتقلوا اثنين ممن كانوا مطلوبين لاتهامهم بارتكاب انتهاكات في ظل النظام السابق.
وفاة طفلة خوفاً!
وتداولت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، أمس الخميس، وفاة الطفلة "نايا محمود قاسم" تبلغ من العمر 3 سنوات، قيل إنها توفيت بعد حملة مداهمات واعتقالات، حيث تعرض والدها لضرب مبرح أمام أعينها، وعدد من أهالي القرية، على يد فصائل مسلحة في قرية التنونة غربي حمص، فدخلت بموجة حادة من البكاء والصراخ ولم تهدأ، وعندما نامت لم تستيقظ.
تحميل الإدارة الجديدة المسؤولية!
وحمّل بيان "مجموعة السلم الأهلي" الإدارة السورية الجديدة مسؤولية حماية المدنيين وضمان محاسبة كل من ثبت تورطه في هذه الانتهاكات وتعويض المتضررين.
وشدد البيان على ضرورة التزام القوات المنفذ لحملات التمشيط بالقانون واحترام حقوق الإنسان وكرامته، وطالبت بالسماح الفوري لفرق الإسعاف بالدخول إلى المناطق المتضررة لإنقاذ المصابين
وتعرف مجموعة السلم الأهلي بأنها مجموعة تضم عدداً من الناشطين الحقوقيين ومعتقلي الرأي السابقين في معتقلات النظام السابق.
وتكرّرت حالات الثأر والقصاص والإعدام الميداني، منذ نحو شهر في مختلف الأراضي السورية، وسط غياب المحاسبة والانفلات الأمني، في مشاهد توثّقها تسجيلات مصوّرة.
وتأتي تلك الحوادث والانتهاكات، بالتزامن مع قيام "إدارة العمليات العسكرية" بعمليات "تمشيط" في عدد من المحافظات مثل طرطوس وحمص وحلب وغيرها، بحثاً عن مجرمي الحرب والمتورطين بجرائم ممن رفضوا تسليم السلاح وإجراء التسوية.