تقارير وتحقيقات | 21 01 2025

رأى طارق العوس، المتحدث باسم سياسة اللاجئين في منظمة حقوق الإنسان الألمانية "Pro Asyl" (برو أسيل)، أن لا حياة كريمة ممكنة في سوريا حالياً، وذلك بعد أيام من إعلان السلطات الألمانية تقديم مبالغ مالية لكل شخص يرغب بالعودة بشكل دائم.
وبعد سقوط النظام السوري السابق، زادت المطالبات بمغادرة اللاجئين للأراضي الألمانية، بأسرع وقت ممكن.
لا يمكن العيش في سوريا حالياً
العوس وهو مرشح سابق لحزب الخضر للبرلمان الألماني، فر من سوريا قبل عشر سنوات، وزارها أواخر الشهر الفائت بعد سقوط النظام السابق، يقول إنه "لا يمكن إعادة الأشخاص إلا إذا تم ضمان حياة كريمة لهم هناك"، وفق موقع "evangelische-zeitung.de" الألماني.
ويصف العوس الوضع الحالي في سوريا قائلاً، إن المنطقة المحيطة بالعاصمة دمشق مدمرة بالكامل وغير صالحة للسكن "حتى في أجزاء المدينة التي لم تتعرض للقصف، يكاد يكون من المستحيل العيش".
ويوضح أنّ الكهرباء متوفرة فقط لبضع ساعات، فيما المياه غير متوفرة على الإطلاق في كثير من الأحيان.
ويضيف: "يتجمع حالياً مئات الآلاف من الأشخاص من أجزاء أخرى من البلاد في مناطق أقل أضراراً بسبب الحرب، وهذا يؤدي إلى تضخم مفرط في أسعار الماء أو البنزين أو المواد الغذائية، لم يعد من الممكن دفع الإيجارات بعد الآن".
وبحسب وزارة الداخلية الألمانية، يوجد حوالي 975 ألف سوري مسجل في ألمانيا، معظمهم يحملون وضعية لاجئ أو حماية أخرى، وفي عام 2024 قدّم حوالي 77 ألف سوري طلبات لجوء في ألمانيا، مع نسبة قبول بلغت حوالي 100 بالمئة، وفق موقع "مهاجر نيوز".
مناقشات تتجاهل الواقع
قال طارق العوس، وفق ما نشرت منظمة "برو أسيل" على منصة "انستغرام": "المناقشات التي كانت تشير إلى أن سوريا آمنة تتجاهل الواقع على الأرض، لا يمكن أن يكون هناك شك في الاستقرار في سوريا، ولا يزال المستقبل غير مؤكد".
وتابع: "يتسم الوضع بالافتقار إلى البنية التحتية والتوترات السياسية والشكوك العميقة".
ودعا سوريون مؤخراً الحكومة الألمانية للسماح لهم بإجراء زيارات قصيرة إلى سوريا مع الحفاظ على وضع الحماية، وتقول منظمات اللاجئين إن كثر يريدون "الذهاب وإلقاء نظرة" بعد سقوط النظام السابق لكنهم يخشون فقدان حقوق اللجوء، وفق صحيفة "الغارديان".
ورحب العوس بخطط الحكومة لتمكين السوريين من السفر إلى وطنهم دون فقدان وضع الحماية الخاص بهم في ألمانيا، قائلاً:"لكن بالطبع لا تكفي رحلة قصيرة إلى سوريا لمعرفة ما إذا كان بإمكانك العيش هناك مرة أخرى، يجب إعادة بناء المنازل والحياة بأكملها".
وكانت تركيا سمحت للاجئين السوريين المقيمين على أراضيها منذ مطلع العام الجاري، بزيارة سوريا 3 مرات خلال النصف الأول من العام الجاري بهدف ترتيب الحياة هناك تمهيداً للعودة الدائمة.
وتعرف منظمة "Pro Asyl" بأنها منظمة ألمانية غير حكومية تعمل في مجال حقوق الإنسان، وتركز بشكل خاص على حقوق اللاجئين والمهاجرين، وتهدف إلى الدفاع عن حقوق اللاجئين في ألمانيا وأوروبا، وتسعى لضمان معاملة عادلة لهم.
ما هي قيمة الدعم للراغبين بالعودة؟
قالت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، إن مذكرة رسمية أصدرتها السلطات الألمانية كشفت فيها إنها ستدفع ما يصل إلى 1700 يورو للسوريين الراغبين بالعودة إلى وطنهم، بعد سقوط النظام السوري السابق.
ويحاول المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (Bamf) تشجيع اللاجئين السوريين على مغادرة البلاد بالمال بهدف العودة إلى بلدهم بشكل دائم، وفق الصحيفة.
وبناء على ذلك أدرجت السلطات سوريا الأسبوع الفائت، كدولة مستهدفة في برنامج العودة وإعادة الإدماج (REAG/GARP).
وأشارت الصحيفة إلى أنّه يمكن للسوريين الذين ما زالوا في مرحلة إجراءات اللجوء أو المضطرين لمغادرة ألمانيا، التقدم بطلب إلى المكتب الاتحادي للهجرة لتغطية تذاكر الطيران أو تكاليف السفر الأخرى التي تمولها ألمانيا.
كذلك يمكن للشخص الحصول على 1700 يورو كدعم لمرة واحدة، والحد الأقصى للمساعدة هو 4 آلاف يورو لكل أسرة.
ووفق وصف الخدمة الخاص بالبرنامج، قد يكون هناك أيضاً دعم إضافي للخدمات الطبية في سوريا. ووفقاً للمبادئ التوجيهية، يمكن أن تصل هذه المبالغ إلى ألفي يورو كحد أقصى للشخص الواحد ويمكن الوصول إليها خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الوصول.
ولم تكن تلك المساعدات متاحة للسوريين منذ عام 2012، إذ كانت العودة إلى سوريا خطيرة في ظل الحرب.
وتهكم سوريون عبر مواقع التواصل، من المبالغ التي اعتبرت "كحوافز" لعودتهم إلى البلاد، معتبرين أن القرار لا يرتبط بالشأن المادي بل بالواقع الاجتماعي والأمني في سوريا وعوامل استقرارهم في ألمانيا.
كذلك، قارن البعض المبلغ "المتواضع" بدخله الشهري أو ما دفعه خلال رحلة الوصول بطريق الهجرة غير الشرعية حتى الوصول إلى ألمانيا.
وأعلنت الأمم المتحدة السبت الفائت، عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً) أن أكثر من 195 ألف لاجئ سوري عادوا إلى بلدهم منذ سقوط النظام السابق، ما بين الثامن من كانون الأول الفائت وحتى 16 كانون الثاني الجاري.
وتتوقع الأمم المتحدة عودة نحو مليون لاجئ سوري خلال الأشهر النصف الأول من العام الجاري.
وينتظر سوريون في ألمانيا استقرار الأوضاع في سوريا تحت إدارة الحكومة السورية الجديدة لتقييم وضع العودة إلى الوطن، فيما يفضل آخرون البقاء بعدما أسسوا حياتهم وحياة أطفالهم وأصبحوا جزءاً من المجتمع الألماني، وفق تقارير إعلامية.